شكشكة: عفوا ياسيدى لا نستطيع تكريمك !

187

لايمكن أن ينفصل فن الفنان عن فكره و مواقفه فى الحياة. بل إن فنه هو المرآة التى تعكس هذا الفكر و تعلن الموقف. لذلك سعدت كثيرا بقرار السيناريست و المنتج محمد حفظى رئيس مهرجان القاهرة السينمائى التراجع عن تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش بجائزة فاتن حمامة التقديرية عن مجمل أعماله. القرار يعكس احترام مسئولى المهرجان للرأى العام المصرى و لمسيرة المهرجان و تاريخه قبل كل شىء. و رغم إعجابى الشديد بالمخرج االفرنسى و ابداعاته السينمائية،فمن غير المعقول أن يقوم أكبر مهرجان سينمائى عربى بتكريم فنان معادى للعرب و مؤيد و داعم لاسرائيل على طول الخط، رغم ما يراه من اعتداءاتها المتكررة و المستمرة على الأطفال و الشباب الفلسطينيين و استهتارها بكل القرارات الدولية. و كان أمرا طيبا أن يناشد رئيس المهرجان الاعلاميين بتقديم الدليل على الموقف السلبى لذلك المخرج، و أن يسرع عدد كبير منهم لتقديم الأدلة. و قد تابعت ما قاله مالك خوري رئيس قسم السينما فى الجامعة الأمريكية فى مداخلة هاتفية لبرنامج “كل يوم”، المُذاع عبر فضائية ONE، تقديم الإعلامي وائل الإبراشي، والإعلامية خلود زهران. قال إن ليلوش زار إسرائيل أكثر من 12 مرة. إذن فليس الأمر مجرد تكريم إحدى الجامعات، تل أبيب، لمخرج فرنسى شهير، و لكن الأهم هو سبب التكريم و هو مواقفه الداعمة للكيان الصهيوني على مدار سنوات فى أمور عدة، أهمها تشجيع الهجرة إلى إسرائيل، والتبرع بالأموال لدعم الاستيطان الصهيوني فى فلسطين وأراضي الضفة الغربية، خاصة خلال التسعينيات من القرن الماضي.!! موقفه واضح لا لبس فيه، و علينا أن نتخذ موقفا واضحا، ليس منه فقط، بل من كل من يناصبنا العداء.
مازلنا نذكر فيلمه البديع « رجل و امرأة « الذى أثار اعجاب العالم كله بما فيه من إيحاءات مثيرة و مشاعر راقية بين رجل وامرأة فى الثلاثينات من العمر جمعتهما المصادفة بينما كل منهما يقوم بإيصال ابنه الى احدى المدارس الداخلية. لم يكن الفيلم الرومانسى أمرا جديدا على السينما العالمية فى منتصف الستينيات، و لكن اخراج ليلوش المميز الذى رصد العواطف الجياشة لرجل و امرأة و الصراع الداخلى بين الحنين و الوفاء للماضى و المشاعر الجياشة التى تباغت القلب و تأسره. لذلك ترك الفيلم علامة لا تنمحى فى نفوس مشاهديه و قد أجاد المخرج الذى كان شابا فى ذلك الوقت اختيار كل عناصره من ممثلين، أنوك إيمييه و جان لوى ترانتينيان، و موسيقى للمغني فرانسيس لى الذى أبدع أجمل الأغاني والموسيقى التصويرية.، لذلك استحق الفيلم أن يحصل على العيد من الجوائز لصانعه ككاتب و سيناريست و مخرج فى العديد من المهرجانات الدولية، وكان من الافلام النادرة فى تاريخ السينما التى جمعت السعفة الذهبية والأوسكار معاً.الأمر الغريب أن يتعامى مخرج فنان و مبدع و ذو مسيرة فنية طويلة عما يرتكبه الكيان الاسرائيلى من جرائم ضد الانسانية و انتهاك مستمر للقوانين الدولية !!.
إن تقديرنا لأى فنان على المستوي الفني واعترافنا بقيمته كمبدع لا يجيز له أن يقف موقفا معاديا صريحا لقضية عربية هى أهم قضايانا على الإطلاق كما و انها قضية حياة أو موت للشعب الفلسطينى الشقيق.

التعليقات متوقفه