شكشكة: الزى الشرعى واختلاط الجنسين (3/3)

192

ونستكمل معا دراسة الدكتور محمود سلام زناتى حول قصة السفور والحجاب. يقول د. زناتى إن العرب الفاتحين كانوا قلة بالنسبة للسكان الأصليين، لذلك احترموا عادة الحجاب واقتبسوها عن أهل الشام، وأن خلفاء بنى أمية و أشرافهم الذين فرضوا الحجاب على نسائهم قد أخذوهاعنهم، ولكن كانت هناك بعض الاستثناءات، وقد ترتب على استقرار عادة الحجاب أن انقطعت صلة المؤرخين بنساء المتأخرين من خلفاء بنى أمية، إذ أصبحن يعشن حياة خاصة على هامش المجتمع الذى يحيط بهن.
إن نظام الحجاب الاسلامى بدأ يغرز جذوره فى العصر العباسى وأصبح تقليدا متبعا ونظاما عاما يخشى الناس الخروج عليه، رغم أنه لم يصدر به أمر من خليفة أو حاكم، لذلك بدأت الحياة الاجتماعية تتشكل على أساس جديد و تظهر آداب اجتماعية وقيم أخلاقية جديدة تناسب الوضع الجديد. فاختفت النساء عن الأنظار ولم يعد صاحب البيت يدعو زوجته لمجالسة ضيوفه، وأصبحت الحواجز تقام بين الجنسين للحيلولة دون اتصالهما فى الأماكن العامة، وأصبحت المرأة التى تنزوى عن الأنظار وتبتعد حتى عن ساحة الدار تُمتدح، وتحولت المرأة من إنسانة مشاركة فى الحياة العامة الى أنثى تعيش على هامش الحياة.
ويرى الدكتور زناتى أن الانقسام حول تفسير آيتى الحجاب وكل الآراء التى قيلت بصدده لا تنبع من الآيتين نفسيهما بل بين المفسرين، فمن هيأته ظروف نشأته وأصله وثقافته ومزاجه الى الترحيب بالدعوة الى الحجاب فسرهما تفسيرا يلائم هذه الدعوة، والعكس صحيح. و من رأيه أن الزمن «القرن الثالث الهجرى» لم يكن فى صالح أنصار اختلاط الجنسين، وأن الظروف جميعها كانت تلعب لصالح أنصار الحجاب، وقد انعكس ذلك على فتاوى المفسرين والفقهاء فتسابقوا نحو وضع القيود الثقيلة على المرأة والحد من حريتها والتضييق عليها «حتى وصلوا الى نتائج ينفر منها الذوق، وتشمئز منها العدالة والانسانية، وتنبو عنها الشهامة والمروءة» وأورد على ذلك العديد من الأمثلة و الفتاوى التى انساق اليها بعض الفقهاء «معتمدين على استدلالات فاسدة ومغالطات واضحة وتفسيرات مغرضة للآيات القرآنية الكريمة لتبرير الحجاب وفرض الصبغة الدينية عليه».
والخلاصة «أن معظم رجال الدين المحدثين استمد ثقافته و تكوينه العقلى من مؤلفات الفقهاء القدامى الذين نشأوا على نظام حجاب المرأة الذى استقر لقرون طويلة فى المجتمعات الاسلامية، واعتادوا على تبريره وتأييده. وأن اختلاط الجنسين.. كان عادة عربية أصيلة لم يتعرض لها الإسلام بتحريم أو الغاء. وعودة العرب الى اختلاط الجنسين ليس سوى وضع للأمور فى نصابها بعد فترة انحراف».
هذ ه خلاصة رأى أستاذ قانون انشغل بالبحث العلمى ودراسة القانون والفقه طول عمره العملى، واشتغل بالتدريس فى أكثر من سبع جامعات مصرية وعربية.
وفى النهاية ومن حق المرأة المعاصرة أن تطلع على كل مانشر من أفكار مستنيرة وآراء عصرية، ثم تختار بكامل حريتها أى طريق تسلك وأى زى يناسب عصرها ولا يخرجها عن دينها.

التعليقات متوقفه