ضد التيار: التطبيع.. سلاح وحيد لا تسقطوه

195

أعادت زيارات مسئولين وفرق رياضية وثقافية إسرائيلية إلى عدد من دول الخليج، فتح ملف تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، والذي رهنته مبادرة السلام العربية التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبدالله حين كان وليا للعهد فى قمة بيروت عام 2002 وتبنتها كل الدول العربية، بعودة الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.
رفضت إسرائيل المبادرة، وذهبت لتنفيذ الشق الخاص بتطبيع العلاقات مع العرب دون أي مقابل، ساعدها على ذلك حالة الفوضي التي لحقت بدول المنطقة خلال ما سمى بثورات الربيع العربي، هذا فضلا عن الانقسام الفلسطيني الذي نجم عن انقلاب حماس على السلطة الوطنية فى رام الله، وإقامتها لإمارة إسلامية بقيادتها فى قطاع غزة، ورفضها لكل محاولات تجري لإتمام المصالحة الفلسطينية.
وفى أعقاب توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، تأسست بمبادرة من حزب التجمع الحركة الشعبية لرفض التطبيع مع إسرائيل، وانضمت إلى هذه الحركة الأحزاب والقوى السياسية والنقابات العمالية والمهنية والاتحادات النوعية، ورفعت الحركة شعار رفض التطبيع حتى تجلو إسرائيل عن الأراضي المحتلة وتقام الدولة الفلسطينية المستقلة.
كما تشكلت فى نفس العام بدعوة من التجمع أيضا وبرعايته، لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، وأصدرت باسمها نشرة «المواجهة» التي كانت ترصد أوجه التطبيع الثقافى مع إسرائيل وتحذر من مخاطره.
من المعروف أن الجامعة العربية أصدرت فى عام 1950 قرارات بمقاطعة إسرائيل، أستثنت منها منظمات وهيئات الوكالات التي تتبع هيئة الأمم المتحدة التي تتواجد بها إسرائيل، حتى لا تنفرد بتوظيف المؤسسات الدولية لصالح أهدافها على حساب المصالح العربية.
والزمت اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993 ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994 الفلسطينيين والأردنيين بإقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل، وإذا كان مفهومًا أن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل، قد بادلت تلك العلاقات بالمحافظة على مصالح لها، فلم يكن مفهوماً أن تبادر بعض الدول العربية الأخرى بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بفتح مكاتب لها على أراضيها، برغم أن إسرائيل لا تحتل أرضا لها، وليس بينها وبين تلك الدول معاهدات للسلام.
وبعد أن سكتت المدافع، وانشغل الربيع العربي بتحطيم الدولة الوطنية فى سوريا واليمن وليبيا والعراق واتسع نطاق الانقسام الفلسطيني بفعل الدور الذي تلعبه فى غزة حركة حماس الإخوانية وتعيش تونس فى حالة من الإرباك المتعمد، تقودها هناك حركة النهضة الإخوانية التي تسعى للتكويش على مقدرات البلاد، والضغوط الدولية المصنوعة على المملكة العربية السعودية على أصداء جريمة قتل الصحفى جمال خاشقجي، والتي تستهدف ابتزازها ونهب ثرواتها، لم يعد لدى العرب من أدوات ضغط على الجانب الإسرائيلي سوى سلاح رفض التطبيع، الذي يغدو مفلولا لا قيمة له، بالهرولة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل مجاني، ولن تخسر الدول العربية التي تقدم على ذلك، لو أنها ربطت بين التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل وإقامة الدولة الفلسطينية طبقا لمبادرة السلام العربية.
لكن المؤكد فى ظل هذه الأجواء المضطربة، أن الشعب الفلسطيني الذي تدخل انتفاضة العودة التي يقوم بها، أسبوعها الخامس والثلاثين، لن يتخلى عن حقوقه المشروعة فى العودة وإقامة دولته المستقلة طبقا لقرارات الأمم المتحدة، وأن دول المنطقة لن تهنأ بأي استقرار دون تحقيق المطالب العادلة للشعب الفلسطيني، الأمر الذي يتطلب الوقف الفوري لخطوات التطبيع المجاني مع إسرائيل، والالتفاف فى القمة الخليجية القادمة حول الموقف السعودي الذي أعلنه الملك سلمان مؤخراً وأحيا به مبادرة السلام العربية، وأكد فيه أن المملكة لن تقبل سوى بحق الشعب الفلسطيني فى إقامة دولته المستقلة.

التعليقات متوقفه