قانون الإيجارات القديمة يستهدف طرد المستأجرين.. البرلمان يستعد لمناقشة قانون الإيجارات القديمة.. والحكومة «تتفرج».. طرد المستأجر.. الهدف فى المناطق الراقية بعد تضخم الأسعار

610

محاولات عديدة من قبل أصحاب العقارات، خاصة فى المناطق الراقية، لطرد السكان، بعدما شهدت أسعار العقارات أرقاما خيالية، ومع كل ارتفاع جديد تتعالى الأصوات والمشروعات لتعديل قانون الإيجارات القديمة، الهدف ليس رفع القيمة الإيجارية بل تحرير العلاقة وجعلها خاضعة لآليات السوق، وطرد المستأجرين.فى حين لم تتقدم الحكومة بأى مشروع لتعديل القانون.
ويستعد البرلمان لمناقشة قانون الإيجارات القديمة، حيث تقدم عدد من النواب بمشروعات لتعديل القانون، وتدور جميعها حول فكره تحرير العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر بعد مدة معينة، وهناك اقتراح أن تكون بعد 5 سنوات على أن تخضع كل التعاملات الايجارية للسوق وفقا للعرض والطلب.

ومن ضمن المقترحات أن يمنح المالك 60% من القيمة البيعية السوقية للوحدة وتصبح ملكا للمستأجر، وفى حالة رغبة المالك الحصول على الوحدة يمنح المستأجر40% من القيمة السوقية للوحدة وتصبح ملكا له، وفى حال عدم استطاعة أي من الطرفين دفع المبلغ المنصوص عليه يتم عرض الوحدة للبيع، ويحصل كل من المالك على 60% والمستأجر على 40% من قيمة الوحدة.
ووفقا للاحصائيات فإن إجمالي عدد الوحدات السكنية فى مصر تبلغ 45 مليون وحدة سكنية بينها 12 مليون وحدة سكنية مغلقة و33 مليون وحدة سكنية شاغرة بالسكان بينها 10 ملايين وحدة سكنية بالإيجار القديم.
وهناك اتجاه بمناقشة مشروع القانون على ثلاث مراحل، الأولى الوحدات المؤجرة من قبل الوزارات والهيئات الحكومية، والثانية وحدات النشاط التجارى، وفى المرحلة الأخيرة الوحدات السكنية.
وتثار حالة من الجدال والمناقشة حول التعديلات المقترحة لهذا القانون الذي يمس حياة أكثر من 15 مليون مواطن، والذى سيتم طرحه للحوار المجتمعى للمناقشة باستفاضة والاستماع لكل الآراء والمقترحات.
ويري البعض أن العلاقة بين المالك والمستأجر تتطلب ضرورة خروج قانون الإيجار القديم للنور، خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية بشأن عدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاصة بتأجير وبيع الأماكن، ومفاد هذا الحكم: «أحقية المؤجر فى أن يطلب من الشخص الاعتباري الذي يستخدم المكان لغرض غير سكني، أن يخلي المكان المستأجر، وعدم دستورية بقاء الشخص الاعتباري فى المكان إلى ما لا نهاية»
مخالف للقانون
وفى ذات السياق يري محمد عبدالعال «المستشار القانونى لرابطة المستأجرين بالقانون القديم» أن وضع فترة تمهيدية لإنهاء العقد بين المالك والمستأجر بقوة القانون يعد أمرًا مخالفًا لما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية التى حسمت الأمر بحكمها الصادر فى عام 2002 و 2004 والتى حصنت بذاتها الامتداد للايجار السكنى والتجاري للأفراد بشروط معينة للأسرة فى حالة السكن ولورثة المستاجر الأصلى فى حالة التجارى، حيث راعت المحكمة فى حيثيتها فيما يتعلق بالسكنى تحقيق ما يسمى السلم الاجتماعي، كما راعت استمرار المشروع الاقتصادى فيما يتعلق بالتجارى.. وأضاف أن هناك حملة إعلامية ممنهجة من كبار أصحاب رؤوس الأموال من الملاك بقصد إلهاء الرأى العام والضغط على البرلمان كالعادة فى بداية كل دور انعقادى للبرلمان لانهاء العلاقة الايجارية، الأمر الذى ينعكس تأثيره على مستوى منظومة التشريع المصرى بشكل عام والعلاقه الايجارية بين المالك والمستأجر على وجه الخصوص.
ولفت إلى أن حكم المحكمة الدستورية الصادر فى مايو الماضى الخاص بالأشخاص الاعتبارية، يفسره بعض النواب تفسيرًا خاطئًا، من حيث اعتبار القطاع التجاري ضمن الأشخاص الاعتبارية ولكن ذلك غير صحيح حيث إنها تلك الأشخاص التى تتكون بعيدا عن الاشخاص الطبيعيين وتشمل الشركات والهيئات، والمحكمة راعت البعد الاقتصادى وأعطت مهلة لتوفيق الأوضاع على أن يصدر البرلمان تشريعًا بأن يحق للمؤجر أن يطلب انهاء العقد قضائيا إذا كان العقد منتهيا.
وأشار لوجود ما يقرب من 15 مليون أسرة ساكنة بالايجار القديم، وما يقرب من 15 مليون مواطن اخر فى القطاع التجارى، وبالتالى اى تعديل يمس مالايقل عن 30 مليون مواطن سواء فى سكنهم أو فى أرزاقهم، فى مقابل أن يكون التشريع المقترح بتحرير العلاقة الايجارية لصالح فئة قليلة وهم الملاك.
مقترحا تشكيل لجنة بوزارة الاسكان تشمل كافة المعنيين بالأمر لدراسة الوضع ووضع قواعد محددة يمكن من خلالها أن يتم وضع إجراءات موضوعية تحقق الحد الادنى من ارضاء الطرفين سواء المالك أو المستأجر الأمر الذى يهدف بذاته لنزع فتيل الفتنة بين أفراد المجتمع.
السلم الاجتماعي
ويرى د.حسن الخولى «أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس» أن الايجار القديم يعد ضمانة للاستقرار الاجتماعي أيام العهود السابقة وان غالبية المستأجرين بالايجار القديم من أصحاب المعاشات وذوى دخول محدودة، معتبرا أن تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر يعد بداية «أنياب» المجتمع الرأسمالي.. وأضاف أن ترك المستأجرين فريسة للملاك بانهاء العلاقة الايجارية وخضوعها للعرض والطلب، يهدد السلم الاجتماعي ويعرض ثلثي المجتمع للخطر، فى ظل عدم كفاية المساكن التى تنفذها الدولة لملايين من المواطنين ذوى الدخول البسيطة.
ولفت إلى أن التعديل بالشريع لزيادة القيمة الايجارية يمكن أن يقتصر على الوحدات المؤجرة للأغراض الإدارية والتجارية بعيدًا عن القطاع السكنى، خاصة أن الملاك ليسوا فئة مظلومة لأنهم حصلوا على تكلفة بناء العقار ومكسبهم منذ سنوات وبالتالى حصل كل مالك على حقه.
وأشار إلى أن السوق الحر أصبح فوضى خاصة من النواحى العقارية والسكنية لغياب دور الدولة فى ضبط السوق، محذرا من المساس بالاستقرار السكنى للافراد لتأثير ذلك سلبيا على المجتمع.
الوحدات المغلقة
وقال د. وليد جاب الله «خبير التشريعات الاقتصادية» أن قضية الإيجار القديم لم تغب يوما عن الساحة البرلمانية منذ أن تدخل البرلمان فى قواعد الإيجار القديم منذ عام 1946، واستمر تداول تلك القضية بالبرلمان عبر السنوات، يرجع ذلك إلى أنه دائما ما يتبنى البرلمان حلول جزئية يراعي فيها مصالح فئوية على حساب الحل الشامل، ومنذ انتخاب البرلمان الحالى قدم النواب الكثير من مشروعات القوانين فى محاولة إصلاح تلك العلاقة ومؤخرا تصدت المحكمة الدستورية ومنحت المجلس مهلة لدور الانعقاد الحالى لإصدار تشريع بتحرير عقود الإيجار التى أحد طرفيها شخص معنوي.
وأضاف أن مشروعات القوانين المقدمة يمكن دمجها وصياغة تعديل شامل داخل لجنة الإسكان بالمجلس مع الاستعانة بالخبراء فى هذا الشأن لصياغة تعديل منصف يراعي المستأجر غير القادر ولا يترتب عليه منازعات قضائية تستهلك طرفى العلاقة المنهكين ماليا ونفسيا من الأساس.
ولفت إلى أهمية تقرير حكم بإنهاء فوري للعلاقات الإيجارية للوحدات المُغلقة وكذلك التي يمتلك المُستأجر فيها أو أحد أفراد أسرته سكن آخر، أو يتجاوز دخله الحد الأقصى للأجور، ووضع حد أقصى لمُدة العقد لا يجوز أن يورث بعدها حتى لو لجيل واحد، الأمر الذى يؤدى بذاته لفتح ملايين الشقق المُغلقة ونزولها سوق التأجير مما يزيد العرض فتنخفض القيمة الايجارية، فضلاً عن إزالة التشوه فى تقرير الضريبة العقارية بحيث تُطبق بصورة عادلة وفقاً لمبدأ المساواة فى تحمل التكاليف بين المواطنين.
انهيار العقارات
ويري عمرو حجازى «نائب رئيس جمعية المضارين من قانون الايجار القديم» أن العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر تعتبر فى أسوأ وضعها ولابد من ضبط هذه العلاقة التى يشوبها نوع من الخلل وعدم التوازن.
وأضاف أن انهيار العقارات فى الفترة الماضية معظمها خاضعه لقانون الايجار القديم بسبب غياب  الصيانة لهذه المبانى الأمر الذى يعود إلى ضآلة ما يتحصل عليه معظم الملاك لاجراء أعمال الصيانة.
ولفت إلى أن جهاز التعبئة العامة والاحصاء حصر ما يقرب من 661 حالة انهيار للعقارات خلال اخر ثلاث سنوات حتى عام 2017، منها 214 حالة انهيار كلى و 447 حالة انهيار جزئى، بالإضافة الى انهيار 121 عقارا أخر بعد صدور قرار ترميم أو ازالة ولم ينفذ، الأمر الذى تضرر بشأنه ما يقرب من 1450 أسرة.

التعليقات متوقفه