قانون تنظيم هيئة الأوقاف تحت قبة البرلمان.. رئيس هيئة الأوقاف: نمتلك تريليونًا و37 مليارًا.. والإيرادات مليار و210 ملايين.. «دينية النواب»: نستعين بفتوى رسمية من دار الإفتاء لإجازة التصرف فى أموالها

191

يسعى مجلس النواب،لاعداد مشروع قانون جديد معني بإدارة هيئة الأوقاف، يهدف المشروع الجديد لبحث إمكانية الفصل وإسناد التبعية لإحدى الحقائب الاقتصادية أو الاستثمارية، مع الإبقاء على الوزارة كجهة إشراف لا إدارة، حيث وافقت اللجنة الدينية بالمجلس مبدئيًا على مشروع القانون المقدم من الحكومة، فى ظل قصور قانون 80 لسنة 1971 عن التجاوب مع متغيرات العصر الحالي، مع انتظار بعض التعديلات التي قد ترد من قبل الأوقاف أو الافتاء، على أن يسمح مشروع الهيئة بإدارة واستثمار أموال الأوقاف على أسس اقتصادية وحصر وتقييم أموال الأوقاف؛ لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حقوق الهيئة فى مواجهة المستأجرين أو المستبدلين أو واضعي اليد، كما حدد الحالات التي يجوز فيها الاستبدال والبيع لهذه الأوقاف، نظير إعطائها 15% من إجمالي الإيرادات، ويمنح المشروع الهيئة الحق فى التعاقد وإبرام كل التصرفات المتعلقة بإدارة واستثمار أموال الأوقاف.

كان سيد محروس، رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب قد أعلن أن اجمالى أملاك الهيئة تبلغ تريليونا و37 مليارا و370 مليونا و78 ألف جنيه.
وأكد محروس أن مساحة الأطيان الزراعية للهيئة تبلغ 390 ألف فدان بقيمة تقديرية تبلغ 759 مليارا و181 مليون جنيه، وهناك أطلس خاص بأراضى الأوقاف وبلغت مساحة الأملاك « مبانى وعقارات « المملوكة للهيئة بلغت 7 ملايين و391 مترا مسطحا وبلغت قيمتها التقديرية 136 مليارا و824 مليونا و95 ألف جنيه، بينما بلغت مساحة الأرض الفضاء المملوكة للأوقاف 9 ملايين و714 ألف متر بقيمة 141 مليارا و364 مليون جنيه، وبذلك تتخطى أملاك الهيئة التريليون.
فيما قال محمود الزيات، مدير الشئون المالية بهيئة الأوقاف، إن إيرادات الهيئة فى العام المالى 2017/ 2018 بلغت مليارا و210 ملايين و55 ألف جنيه، منها 450 مليون جنيه ايرادات أطيان زراعية و400 مليون جنيه إيرادات إيجار أرض فضاء ومساكن ووحدات وهناك استثمارات اوراق مالية وأخرى 550 مليون جنيه.
مشروع القانون
جاء المشروع فى 20 مادة، ينص أولها على منح الشخصية الاعتبارية لهيئة الأوقاف المصرية بكونها هيئة عامة تتبع وزير الأوقاف، ونصت المادة «2» على حق الهيئة فى التعاقد وإبرام كل التصرفات المتعلقة بإدارة واستثمار أموال الأوقاف.
بينما جاءت المادة الرابعة تفصيلا التصرفات التى تختص بها الهيئة فى سبيل إدارة واستثمار أموال الأوقاف الخيرية والتصرف فيها على أـسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالا خاصة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظرا عن الأوقاف الخيرية، كما أعطت للهيئة حق حصر وتقييم أموال وأعيان الأوقاف التى تختص الهيئة بإدارتها واستثمارها واستلام هذه الأموال عن طريق اللجنة النوعية المختصة، ويتضمن هذا الحصر كل ما يتعلق بهذه الأموال من بيانات وذلك لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حقوق الهيئة فى مواجهة المستأجرين أو المستبدلين أو واضعى اليد.
وأحالت المادة الخامسة لمجلس إدارة الهيئة ما للجنة شئون الأوقاف وللمجالس المحلية من اختصاصات متعلقة بالبدل والاستبدال والاستثمار فيما خولت ذات المادة لمجلس وكلاء وزارة الأوقاف منضما إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة باقى اختصاصات لجنة شئون الأوقاف.
وعنيت المواد من 13 حتى 19 بتفصيل موارد الهيئة وتحديد الرسوم المستحقة والنص على استقلال موازناتها وكيفية التصرف فى أموالها، وتنظيم حساباتها وما تلتزم بأدائه من صافى ريع الأوقاف الخيرية لوزارة الأوقاف، وما يحق لها مقابل ما تديره من أعيان.
وحددت المادة  «13» موارد الهيئة من أربعة مصادر هى: الهبات والتبرعات والإعانات والمنح التى يقبلها مجلس إدارة الهيئة فى ضوء القواعد المقررة فى هذ الشأن، وذلك بما لا يتعارض مع أغراض الهيئة وتتمثل فى القروض التى تعقد لصالح الهيئة بما لا يتعارض مع أغراضها وحصيلة الرسوم والمصاريف والعوائد التى تستحق لها وفقا لأحكام هذا القانون وأية حصيلة أخرى لنشاطها وإدارتها واستثمارها لأموال الأوقاف.
وحددت المادة  «14» قيمة رسوم الفحص والمعاينة وتحرير العقود لطلبات تقنين الأوضاع من الباطن بالنسبة للوحدات السكنية والمحلات التجارية والأراضى الزراعية والأراضى الفضاء المستبدلة، فيما نصت المادة 15 على أن يكون للهيئة موازنة مستقلة تعد على نمط موازنات الهيئات الاقتصادية ويكون للهيئة حساب خاص لدى البنك المركزى بعد موافقة وزارة المالية تودع فيه مواردها.
فى حين نصت «17» أن تعطى الهيئة إلى وزارة الأوقاف صافى ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقا لشروطه الواقفين وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالى الإيرادات المحصلة من هذه الأعيان.
ضوابط شرعية
وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون «إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية» منضبط بالضوابط الفقهية والقانونية، وجاء فى وقته بكل المقاييس، مشيراً إلى أن الأوقاف قامت بتسليم المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون للجنة الدينية تشتمل فلسفته وسد كل الثغرات التى تتواجد فى القانون الحالي.
وتابع، أن هيئة الأوقاف الحالية تضم مجموعة مختارة من القامات، وأن الوزارة انتهت من وضع التقدير المبدئى لأصولها، وقامت بوضع الخطة الكاملة، للقيمة التقديرية النهائية للأصول، والخطة الاستثمارية أمام الرئيس السيسى، مضيفاً أن القيمة تتخطى مئات المليارات، إلى جانب أصول الأراضي الزراعية وأراضي الفضاء.
وشدد وزير الأوقاف، على أن العام الحالى شهد زيادة كبيرة  فى العائدات تتراوح فى حدود 50%، ومن المتوقع أن تحقق الهيئة مليارا و400 مليون جنيه، لافتاً إلى أن عائدات الوقف تتراوح بين 400 و600 مليون جنيه، مقارنة  بالعام الماضى الذي وصل لــ 850 مليون جنيه، يخصم منها 15% حصة هيئة الأوقاف بشرط ألا يتقاضوا رواتبهم من موازنة الدولة، مؤكداً أن مال الأوقاف لا يدخل فى الخزانة العامة للدولة.
فتوى رسمية
وقال الدكتور عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، إن اللجنة وافقت مبدئيا على المشروع، موضحاً أن أموال الوقف من الأمور العظيمة التي لا يمكن التهاون بحقها، وأن إدارتها على الأسلوب الأمثل من شأنه أن يساهم فى تخفيف الأعباء الاقتصادية التي تتحملها الدولة، حال التوجيه السليم لعائدات الوقف فى مصارفها التي حددها الواقفون، مؤكداً استعانة اللجنة بدار الافتاء فى الحصول على فتوي رسمية فى مدي امكانية التعديل أو الاستثمار وغيرها من الأمور فى ظل وجود اعتبارية قائمة بأن شروط الواقف كشروط الشارع.
وأشار حمروش فى تصريحات خاصة لـ»الأهالي»، إلى أن وزارة الأوقاف شريك أساسي فى إدارة الوقف باعتبارها ناظرا عليه، ولا يوجد مانع من الابقاء على وجودها كمشرف، والعمل على اسناد تبعيتها لجهة أخري اقتصادية أو استثمارية، مشدداً وزارة الأوقاف تبذل جهداً كبيراً لا يمكن تجاهله، ولا نقصد بذلك وزيراً بعينه بقدر ما نقصد الوزارة ككيان.
وشدد أمين سر اللجنة الدينية، أن اللجنة حتي الآن لم تشهد عرضاً كاملاً لرؤية مشروع الحكومة، ومن ثم يتم التأني والانتظار قبل الموافقة على المشروع تمهيداً لعرضه على اللجنة العامة، مؤكداً نسعي لتكوين مشروع قانون متكامل يكفل حماية الوقف وتحقيق الاستفادة منه فى ضور توجيهات الشرع وشروط واقفيه.
مخالفة دستورية
بينما اعتبر الخبير الاقتصادي شريف الدمرداش، خطوة ضم أموال ممتلكات الوقف للدولة بهدف الاستثمار الاقتصادي إخلالا بالحق الدستوري للمواطن، ووجوب على الغرض الأساسي لشروط الوقف، خاصة أن مال الوقف قائم بذاته لهدف معين، ولأناس أوقفت أموالها وممتلكاتها للعمل الخيري، أي صاحبها يحق له أن يوجهها كيفما يشاء كونه ملكية خاصة وليست ملكية عامة.
وأكد الدمرداش، اتفاقه مع رأي الأزهر القاضي بعدم جواز استبدال مال الوقف أو استثماره، مشدداً على ضرورة أن يتم إعادة تنظيم لهيئة الأوقاف، بضخ عدد من الكفاءات وإحكام الرقابة عليها، إلى جانب حسن إدارة المال الموقوف، القضاء على الفساد والبيروقراطية، وضع أسس اقتصادية لإنفاق الأموال فى الأوجه التي أوقفت عليها بصورة اقتصادية ورقابية أفضل بهدف الحصول على الأموال وحمايتها من الفساد.
وفى السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، إن عزم الحكومة على تقديم هذا المشروع يوحي بأنها تسير نحو الطريق الصحيح للقضاء على الفساد وإصلاح الهيئة، خاصة أن أموال الوقف مهدرة ولم تستفد منها الدولة أو أصحاب الوقف أو مستحقيه. لافتا إلى أن صندوق «مصر السيادي» كفيل بالقيام بتلك الإجراءات كونه تحت رقابة سياسية مُحكمة، مؤكدا إذا أرادت الدولة الوصول للهدف ألت إليه بكل الوسائل والطرق.
ونوه الشافعي، بأن نترك كيفية استثمار أموال الوقف للمؤسسات الدينية التي تحدد وجوبية ذلك، قائلا: لسنا فقهاء فى الدين لنحدد كيف ومتى نقوم باستبدالها واستثمارها؟.
وشدد الشافعي، على ضرورة أن تقوم الهيئة بعمل حصر كامل لكل ممتلكاتها سواء فى الداخل أو الخارج والرجوع لأرشيف الحجج وإعادة ترتيبها مرة أخرى، خاصة أن هذه الحجج تؤكد وجود هذا الوقف من عدمه والاعداد الهائلة التي تقع تحت طائلة الوزارة،  لكي تستفيد الدولة من الاستثمار وجميع العقارات والأراضي التابعة لها، على أن يصب ذلك فى نهاية المطاف داخل الموازنة العامة للدولة، خاصة أن معظم تلك الممتلكات إما أن تكون متروكة أو منهوبة أو مهدرة، إلى جانب ضرورة استغلال الإمكانيات والموارد فى تحقيق فوائض للصندوق، ولمستحقي هذا الوقف.
لجنة عليا للحصر
فى حين اعترض وائل النحاس الخبير الاقتصادي، على المشروع، معتبراً منح الهيئة الاستقلالية بالقرار الخاطئ. ولفت إلى أن ذلك يمكنها أن تصبح مثلها مثل البنك المركزي، وهيئة الرقابة الادارية مستقلة بذاتها ولديها حصانة، مؤكداً ان هذه المادة تبيح  لها  إهدار المال العام، خاصة انها فى الوقت الراهن تقوم بإهدار المليارات بشكل غير طبيعي متساءلا فيكف يمكن استقلالها أكثر من ذلك؟.
واشار إلى أن هناك شركات كثيرة مثل المحمودية والمعمورة وبرج العرب يهدر بها أموال كثيرة، والأوقاف هي المسئول الأول عن ذلك ولم يقم أحد بمحاسبتها.
وطالب النحاس بضرورة أن يتم وضع أموال الوقف تحت إشراف صندوق «تحيا مصر»، إلى جانب فصل الهيئة عن الوزارة، ونقل تبعية المساجد للأزهر كونه المرجعية الدينية والمسئول الأول عن الدعوة على ان تبقي هيئة الاوقاف فقط، وإلغاء الوزارية، مشدداً على ضرورة تكوين لجنة عليا للإشراف على هيئة الأوقاف، لحصر الممتلكات والأصول، متسائلاً: كيف تقدم هيئة الأوقاف الحصر وهي مسئولة عن الأموال المهدرة؟
وطالب الخبير الاقتصادي البرلمان بضرورة إعادة النظر فى هذا المشروع، خاصة أن هناك ملفات فساد عدة تم التكتم عليها دون معرفة السبب، متسائلاً فى الوقت نفسه، أين ذهبت لجنة استرداد الأراضي التي كان يرأسها المهندس إبراهيم محلب؟، وأين ذهبت صلاحيتها؟.

التعليقات متوقفه