٢٠١٩ ومواصفات جديدة للدراما

342

بعد أيام من اليوم يبدأ العام الجديد ٢٠١٩،ويبدأ معه زيادة الاهتمام الاعلامي بقضية الدراما المصرية، وما سوف يعرض فى شهر رمضان القادم من أعمال تؤكد كل الاخبار أنها قليلة العدد بالنسبة لعدد الاعمال التي كان يتم إنتاجها فى هذا الموسم السنوي للدراما المصرية، والذي أصبح أمرا واقعا على امتداد سنوات طويلة، تقترب من عقدين من الزمان، شارك فيه اتحاد الاذاعة والتيفزيون المصري فى عز مجده من خلال قنواته الإنتاجية الثلاثة «قطاع الانتاج- شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات- ومدينة الانتاج الاعلامي»، لكن الاتحاد انسحب منذ سنوات،وتوقفت جهات الانتاج الثلاثة لديه، والتي كانت تنتج أعمالا درامية قوية وطموحة وقادرة على التفاعل مع قضايا الماضي والحاضر والمستقبل من خلال جيش من المبدعين الذين صنعوا للدراما التليفزيونية شموخا كفن نافس السينما المصرية العريقة على اجتذاب قلوب وعقول المشاهدين المصريين والعرب، وهو ما يدركه جمهور عريض الان من مشاهدي التليفزيون يتابع قناة «ماسبيرو زمان» التي أطلقت لتعرض انتاج التليفزيون المصري فى زمن إزدهاره، فإذا بها تصبح طريقا لأصحاب القنوات الخاصة الحديثة لجذب المشاهدين اليهم عن طريق عرض المسلسلات القديمة، التي لا تنسي وليس لها مثيل، بل ان الامر تعدي هذا الي موقع اليوتيوب الذي يعرض هو الاخر هذه المسلسلات بالاضافة طبعا لموقع اتحاد الاذاعة والتليفزيون نفسه،ولتصبح أعمال مثل «رأفت الهجان» و«أبو العلا البشري » و«زيزينيا» و«بوابة الحلواني » وغيرها من الاعمال التي تغلغلت فى قلوب وعقول أجيال منا، قادرة على جذب الاجيال الجديدة من الشباب، ومنذ ساعات، تابعت كاتبة هذه السطور حوارا عبر السوشيال ميديا حول مسلسل «هند والدكتور نعمان» أحد أجمل وأهم مسلسلات التسعينات للكاتب الكبير لينين الرملي،ومن إخراج المخرج الصاعد وقتها رائد لبيب، كان الحوار يدور حول اعجاب شابة به بعد متابعتها له وشغفها بأداء بطله نجم السينما الكبير كمال الشناوي أمام طفلة كانت تمثل للمرة الاولي وقتها وكان مضمون العمل تقريبا أن الانسان يظل يتعلم طوال حياته،حتي من الأصغر منه، وفِي هذا الحوار «الفيسبوكي» سأل آخرون عن القناة التي تعرض المسلسل، ومن المؤكد أن هذا العالم الافتراضي أتسع ويتسع يوميا لهذه المبادرات التي يقوم بها البعض للتعبير عن أرائه فيما يعرض من أعمال فنية تم إنتاجها فى زمن مختلف لكنها لازالت صالحة للعرض، وللتعبير عن الكثير مما يحدث الان فى حياتنا والوصول بالمشاهد الي رسائل قادرة على دعمه انسانيا واجتماعيا وهو ما تفتقده الكثير من الاعمال التي تم إنتاجها فى السنوات القليلة الماضية، والتي تسببت فى ارتفاع الشكوي من الدراما، ومن النماذج التي تقدمها فى أدوار البطولة، والتي تركز على البطل السوبر القادر على الدخول فى معارك متتالية مع دستة أشرار والخروج منها سليما سعيدا ومنتصرا او البطل الماهر فى استخدام السلاح الأبيض،والأسود والقفز من كل الأسوار الصعبة اوبطل الحارة المغوار الذي يتباهي بقوته البدنية و قدرته فى التعامل مع المكيفات وطبعا فإن نماذج البطولة النسائية هي أيضا خارقة سواء فى استخدام أسلحة الانوثة أو اللوك الملفت والمستفز!. لكن ما الذي يحدث الان فى الساحة ؟
هل تنقرض الدراما المصرية ؟
فى بداية عروض مسلسلات رمضان الماضي، ألغت قنوات شبكة «أون» فجأة من خريطة العرض مسلسلين هما «لدي أقوال أخرى» بطولة يسرا، «أرض النفاق» بطولة محمد هنيدى، المسلسلان من إنتاج العدل- جروب أحد أهم شركات صناعة الدراما المصرية، بل ربما أهمها من واقع اعمالها وقتها قيل أن هذا القرار هو قرار الرئيس الجديد لشركة أعلام المصريين التي تمتلك القنوات المذكورة والذي يمتلك شخصيا شركة انتاج كبري للدراما هي «سينرچي» قبل ان يصبح رئيسا لاعلام المصريين وكان من المفترض ان يصدر الرئيس الجديد «تامر مرسي» بيانا حول خطته فى الإتاحة للأعمال التي عرضت، وفِي حجب مالم يعرض «وان عرض المسلسلين المذكورين على شاشة قناة سعودية جديدة» وقد أعلن بعدها ان سبب الحجب هو إقامة موسم جديد للد راما التليفزيونية بعد رمضان وذلك حتي تستمر الاعلانات وتقل الخسائر للمنتجين والقنوات معا غير ان هذا الكلام لم يصدر من خلال بيان واضح، وواف من المسئول،وانما من خلال حوار صحفي، وبعدها بدأ الحديث عن تخفيض عدد المسلسلات، وعن البنود الرقابية الجديدة،اي لائحة الممنوعات من قبل المسئولين الجدد عن القنوات التي تغيرت ملكيتها من مالك لآخر وأيضا عن النجوم الذين لن يعملوا فى الموسم القادم، لم تقترب الاقاويل من الكتاب الذين سوف يكتبون تلك الاعمال ولا من خطة كان المجلس الاعلي للاعلام قد وضعها لتطوير المحتوي الدرامي، ولا من جيش العاملين فى هذه الصناعة من فنيين ومختصين فى كل مجالات العمل الفني، والذي لن يعملوا لمدة عام،وبدا واضحا ان التغيير المطلوب يخص فقط تخفيض نفقات الانتاج وأجور النجوم الكبيرة والمحاذير الرقابية، وأيضا ديون القنوات التي لم تدفع ما عليها،فماذا عن نوعية الموضوعات؟، وعن القصص المؤثرة والقضايا المهمة. التي لا بد من تقديمها من خلال الدراما الان مثل تنظيم الاسرة التي رأينا عنها مسلسل «ما زال النيل يجري » من ٢٦ عاما لأسامة عكاشة ومحمد فاضل، وما زالت القضية موجودة بشكل أكثر الحاحا تحتاج للمزيد من المعالجات الدرامية، ومثل تعليم البنات الذي رأيناه فى مسلسل «هي. والمستحيل» من ربع قرن للكاتبة فتحية العسال والمخرجة أنعام محمد على واعمال أخري متعددة غيرهما فهل فكر المسئولون عن الانتاج الان فى ماذا يقدمون للناس؟. وهل فكروا فى أهمية دفع عملية الانتاج من خلال تنافس الشركات التي قدمت من قبل أعمال رائعة ومهمة، بدلا من هذه الإجراءت التي قد تقلل النفقات ولكنها قد تقتل الدراما وبذلك نبكي على ايام الانتاج القوي والأعمال الملهمة على كل الشاشات الرمضانية وحيث تظل هذه الاعمال تعرض طوال العام، بعد رمضان، على الشاشات المصرية والعربية يلحقها من لم يرها فى العرض الاول، او من يريد استرجاعها وبالطبع فأن هذا يحدث فقط مع الاعمال الجيدة وليس مع كل الاعمال ماذا يحدث وما الذي سنراه وهل اصبحت الخسارة المادية هي القضية الاهم أسئلة كثيرة لن نعرف إجاباتها الان.

التعليقات متوقفه