هل تعرفون الفونسو كوران؟

ماجدة موريس

4٬200

بكل الثقة والاعتزاز بالنفس،وقف الفونسو كوران يشكر كل من صوت له ولفيلمه «روما» بعد إعلان فوزه بجائزة أفضل مخرج، وفوز فيلمه بجائزة أفضل فيلم غير أمريكي عن عام ٢٠١٨، أى ان كوران وفيلمه كانا نائبين عن كل افلام دول العالم وصناعها فى هذه المسابقة السنوية المهمة التي تقيمها رابطة الصحفيين الاجانب فى هوليوود، والتي بدأت عام ١٩٤٢ بإقامة مسابقة خاصة لأفضل افلام العالم، ثم تطور عملها بإضافة جائزة تكريم واحد من كبار السينمائيين بعد عشر سنوات «١٩٥٢» وهاهي تدخل جائزة جديدة هذا العام مخصصة لكبار المبدعين فى مجال العمل التليفزيوني باسم جائزة إنجاز العمر، لكن فى نفس الوقت فقد فتحت الرابطة أبوابها للصحفيين العاملين فى متابعة ونقد الاعمال السينمائية فى البلاد الاخري ليشاركوا فى اختيار أفضل الافلام ولتتسع دائرة التصويت لتضم ٤٤ فرعا للرابطة يختار أعضاؤها الافلام الافضل، وكذلك المبدعين الافضل ليحصلوا على جوائز «جولدن جلوب» التي اصبحت ندا لجوائز الاوسكار الشهيرة فى المستوي وفِي الشهرة، بل ان جوائزها غالبا ما تعبر عما سوف تسفر عنه جوائز الاوسكار التي تتلوها بشهرين.
روما وذكريات مكسيكية
فى فيلمه الفائز «روما» يحكي الفونسو كوران جزءا من تاريخه وتاريخ بلاده معا، فهو مخرج مكسيكي شغوف ببلده التي تقع على حدود أمريكا ويحاول الان الرئيس الأمريكي ترامب إقامة سور عال يفصل بينهما،حتي يمنع المكسيكيين من عبور الحدود، لكن هل يستطيع ترامب ان يمنع الأمريكيين أنفسهم من رؤية الافلام المكسيكية والتأثر بها؟
لقد دأبت السينما المكسيكية على اختراق امريكا والعالم كله بأفلامها ومبدعيها، وآخرهم كوران الذي وقف ليلة توزيع الجوائز سعيدا لأن حصول فيلمه على الافضلية جاء بسبب نسب المشاهدة العالية له عبر دور العرض السينمائي، وعبر أجهزة التليفزيون فى البيوت من خلال شركة نيتفليكس التي ساهمت فى انتاج الفيلم-وهي أمريكية-، ليقدم بعدها رؤيته المهمة للسينما، وهي انها تهدم السدود بين البشر وتبني الجسور الي ثقافات أخري، وتجعلنا نفهم أوجه التشابه بيننا، ومن المؤكد أنها رسالة مهمة لا يقولها كوران اعتباطا، وانما من خلال تجربة عمرها ربع قرن فى صناعة الافلام الطويلة ككاتب وسيناريست، ومونتير، ومخرج ومنتج، وبعد دراسة للسينما فى بلده،،وبعد تقديمه فيلمه الاول«أميرة صغيرة»عام ١٩٩٥، ثم فيلمه الثاني «جاذبية» عام ٢٠١٣، ليحصل به على كل الجوائز المهمة مثل البافتا، والجولدن جلوب، والاوسكار كأفضل مخرج،وليبدأ فى التحضير لهذا الفيلم الجديد.
كليو وصوفيا
يختار المخرج المؤلف لفيلمه تاريخ السبعينات ليقدم من خلاله عائلة من الطبقة المتوسطة المستريحة، والتي تمتلك منزلها، وسيارة، وتعمل لديها خادمتان، لأسرة لديها أربعة اطفال وجدة، وزوج مشغول دائما بأبحاث تبعده عن البيت والزوجة «صوفيا» التي تشعر بتباعده عنها تدريجيا،غير انها تجد السلوي فى رعاية أطفالها،،وفِي التفاعل مع الشغالات خاصة «كليو» الشغوفة بالأطفال الذين يبادلونها المحبة، تتعرض كل من المرأتين لموقف صعب،اذ يترك الزوج المدينة والاسرة، بينما تفقد كليو جنينا من شاب أحبته.بصدق،بينما كان يغرر بها،،خاصة مع اندلاع موجة من الاحتجاجات على الأوضاع السياسية فى البلاد، وتصدي قوات الحكومة لها، وتجد كل من «صوفيا»، و«كليو» الحل فى الاتحاد وفى التمسك بالحياة مع الاطفال، ومع طاقة الحب التي تبثها حياة الاسرة خاصة بعد ان ترك الاب المنزل، وأثبتت كليو أصالتها..حرص المخرج على ان يكون فيلمه بالابيض والأسود، مفضلا ألوان كلاسيكيات السينما التي لا ينساها احد، وحرص ايضا على لغة سرد حميمة تجمع بين جماليات التصوير والأداء والحوار ومعالم المكان المهمة،سواء البيت بملامحه المميزة او ما حوله من ملامح الحي المسمي. «روما» فى مدينته المكسيكية، وحرص أخيرا على قيادة أداء الممثلين والممثلات الي أفضل طرق التعبير عن أزمات مجتمعه كما قدمها، فبدا الفيلم وكأنه رسالة منتظرة تهمنا او هذا ما شعرت به أثناء عرضه فى مهرجان القاهرة السينمائي فى دورته الاخيرة، وحيث وقفت مع الجمهور الذي ملأ قاعة المسرح الكبير عن آخرها لنصفق لهذا العمل الفني الرائع ونبدي سعادتنا به، وبعد أربعين يوما يقف مخرجه يتلقي جوائزه فى امريكا سعيدا بمشاهديه، ومؤكدا ان اهم ادوار السينما هي بناء الجسور الي ثقافات اخري، وكأنه كان معنا فى مسرح دار أوبرا القاهرة الكبير.

التعليقات متوقفه