بعد قرار الرئيس : «تشكيل لجنة لمواجهة الأحداث الطائفية».. فؤاد علام: تطبيق القانون ضرورة لتنفيذ قرارات اللجنة

وباحثون: الخطابات الإعلامية والثقافية والفنية تصعد الأزمة.. والتجديد والرقابة ضرورة.. حاتم صابر: مهام اللجنة قراءة التهديدات والأخطار لتفادي وقوعها

3٬979

تحت شعار، حفاظا على وحدة ونسيج أبناء المجتمع، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضي قرارا بتشكيل “اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية”، برئاسة مستشار رئيس الجمهورية لشئون الأمن ومكافحة الإرهاب، وعضوية ممثل عن كل من: «هيئة عمليات القوات المسلحة، والمخابرات الحربية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، والأمن الوطني». ووفقًا للقرار، يمكن للجنة أن تستعين بما تراه مناسبا لحضور اجتماعاتها، لوضع إستراتيجية عامة لمنع ومواجهة الأحداث الطائفية، ومتابعة تنفيذها، وآليات التعامل مع الأحداث حال وقوعها، وتعد اللجنة تقريرا دوريا بنتائج أعمالها، وتوصياتها، وآليات تنفيذها، يعرضه رئيسها على رئيس الجمهورية.
أشاد عدد من الخبراء الأمنيين والباحثون، باللجنة، مؤكدين أنها تعالج القضايا الطائفية التي ظلت مستمرة منذ ثورة يناير حتى الآن، مشددين على ضرورة أن توجد آليات تحت مظلة هذه اللجنة، يقوم بتنفيذ قراراتها حتى لا تلقي مصير اللجان الأخرى التي لا تجدي بالنفع على المجتمع، فى الوقت نفسه فتح القرار العديد من التساؤلات حول مستقبل عمل “بيت العائلة”، وهل إنشاؤه يعد نهاية للبيت، خاصة وأنه ليس لديه دور ملموس على أرض الواقع، موضحين انه مجلس عرفي، يقف ضد تطبيق القانون.
تطبيق القانون
أكد الخبير الأمني، فؤاد علام، أن قرار الرئيس بتشكيل لجنة لمكافحة الفتنة الطائفية، خطوة مهمة لمعالجة الأعمال الطائفية، شريطة أن تنتقل تلك اللجنة لكافة المناطق، وتقوم بدراسة الأفكار الطائفية لكل منطقة، ويتم عمل اجتماعات منفردة مع جميع الجهات بالمناطق لتطبيق العلاج الحاسم ووضع حلول من شأنها الانتهاء من تلك الأزمة.
خاصة أن اللجنة قادرة على ضم التشكيل السياسي، الاجتماعي، الثقافي، والديني لها، لتظل هي الهيئة المنوط بها حل تلك المشكلات.
وشدد علام، على ضرورة أن تدعم تلك اللجنة بقانون لتنفيذ قراراتها، ليبقي الخروج عليها جريمة يعاقب عليها القانون، مؤكدا أن مشاكل الفتنة الطائفية وان كان لها جانب ديني فهي من الدرجة الأولي لأسباب اجتماعية، ثقافية، وأمنية.
وأضاف علام، من يدعي أن إنشاء تلك اللجنة تعد بمثابة إعلان رسمي بـ”الفتنة الطائفية” فى مصر فان المدعي “خياله مريض ويجب أن يعالج”، موضحا لا يمكن أن نحمل أشياء مكان الأشياء الأخرى.
التهديد والمخاطر
بينما قال اللواء حاتم صابر، الخبير الأمني، أن هذا القرار جاء فى التوقيت المناسب، خاصة أننا بحاجة إليه بعد تصاعد أزمة الفتنة الطائفية منذ عام 2011 وحتى الآن، التي لم تشهدها مصر من قبل، لافتا إلى أن الفتنة الطائفية هي عملية أمنية من الدرجة الأولي، وتندرج تحت بند مكافحة العمليات الإرهابية الخاصة بإشاعة البلبلة والفتن فى المجتمع، مؤكدًا أن اللجنة سوف تتعامل مع التهديدات والخطط والأخطار، الخاصة بدرء الفتنة، والغرض منها دراسة الخطر، وقراءات التهديدات المزمع تطبيقها على المجتمع، لتفادي الحدث قبل وقوعه، خاصة أن أعضاء هذه اللجنة أمنيون من المقام الأول، مشيرا إلى أن بيت العائلة دوره مهم وقوي كونه يتعامل من الشق الديني، ويقتصر دوره على ذلك خاصة أن المؤسسات الدينية قوة ناعمة لا يمكنها فعل أكثر من ذلك.
وأضاف صابر، أن المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، رغم صدور قرار بإنشائه منذ عام أو أكثر إلا أن دوره لم يفعل على أرض الواقع، موضحا إذا كان دوره خاص باستطلاع رأي أو أبحاث وخلافه وعرضه النتائج على الرئيس، فهو فى نهاية الأمر لم يتم تسليط الضوء عليه، لتبقي الرؤية الكاملة للمجلس غير واضحة، مطالبا بضرورة الاعلان عن ما يقوم به تلك المجلس، واظهار نتائجه.
وشدد صابر، على ضرورة تفعيل قانون مكافحة الإرهاب لمحاسبة مرتكبي الجرائم، وردع المخالفين، بجانب اللجنة وبيت العائلة للتصدي لتلك التحديات التي تواجه المجتمع.
التنفيذ والمتابعة
بينما أشاد الخبير الأمني رضا يعقوب، بإنشاء اللجنة، مؤكدا أنه قرار مهم ولكنه تأخر كثيرًا فى ظل استمرار أعمال الفتن الطائفية بين المصريين وبعضهم، مشددًا على ضرورة أن يتم متابعة تلك اللجنة وتنفيذ قراراتها حتى يكون لها مردود ملموس على أرض الواقع لإنهاء الفكر الطائفي، مؤكدا أن الفتنة الطائفية لا تقتصر على الأفكار الدينية فحسب، بل تمتد لتشمل النوبيين، أهل سيناء، البدو، أهل العريش، والبشارية التي تلتف حولهم الفتن بسبب مصريتهم، وأضاف يعقوب، أن المواجهة تتطلب الفكر والثقافة والدين وأخيرًا المواجهة الأمنية.
توعية المجتمع
وفى السياق ذاته قال الدكتور ربيع الغفير منسق بيت العائلة، إن هذا القرار لم يتعارض مع مهام بيت العائلة، خاصة أنهما يسيران فى طريقين متوازيين يكملان بعضها البعض بأهداف واحدة، مؤكدًا الوقت الراهن يستدعي إنشاء تلك اللجنة، خاصة أن الظروف والمنطقة العربية تتطلب ذلك لإطفاء نار الفتن داخل المجتمع، وسوف نسعى للتواصل مع اللجنة بعد ذلك.
ونفى الغفير، الحديث عن أن بيت العائلة يعتبر بمثابة مجلس عرفي، ويقوم بتعطيل القانون، مؤكدا انه هيئة من الهيئات الخدمية، ويحض على تنفيذ القانون، كونه مشروعًا فكريًا وتوعويًا من المقام الأول، وليس مشروعا تنفيذيا، مهمته هو توعية المجتمع من خلال الشرائع السماوية التي جاءت لحفظ حقوق الإنسان واحترام عقائده، ومن أجل الحث على استمرار اللحمة الوطنية والنسيج المصري الفريد القائم على التآخي والمحبة والتعاون والرحمة والود المستمد من الشريعتين الإسلامية والمسيحية.
وأوضح ربيع، أن التوعية تتم من خلال قوافل ولقاءات وندوات، وتلقي قبولًا واستجابة قوية من قبل الجميع سواء المواطنين، أو المسئولين، مشيرًا إلى أن المجالس العرفية لم تحدث إلا فى بعض الأمور الخلافية غير التجاوز والقتل والخطأ والتعدي، لافتًا إلى أن من مهام البيت أيضا هو تنفيذ القانون على مرتكبي الجرائم وردع المخالفين، لافتًا إلى أن عام 2018 الماضي، شهد افتتاح 4 فروع للبيت فى المحلة الكبرى، كفر الشيخ، أسوان، إلى الجانب فروع الأخرى تحت الإنشاء، فى محافظتي البحر الأحمر ومرسي مطروح.
وتابع منسق بيت العائلة، أن مواجهة الفتنة الطائفية قضية مشتركة بين كافة الاتجاهات والهيئات والمؤسسات، مشددًا على ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بالإحصاء والدراسة لرصد القضايا والظروف الطارئة والمستجدة على المجتمع فى الآونة الأخيرة، ليتم تحليلها ودراستها من قبل مختصين فى كل المجالات السياسية، النفسية، الثقافية، الدينية، والأمنية لمواجهتها والتصدي لها، خاصة أن مصر من بين الدول التي لا تعرف فتنة طائفية.
وأَضاف الغفير، أن هناك خطة أيضاً لعمل برامج تلفزيونية من شأنها إطفاء نار الفتن، بحضور شيوخ من الأزهر والقساوسة، بهدف إعطاء صورة صحيحة عن سماحة الأديان السماوية وقبول الآخر والتنديد بما يحدث من أعمال إرهابية وإجرامية فى حق المصريين بعضهم البعض، بهدف الحفاظ على الوحدة الوطنية.
الثقافة والإعلام
فى حين أكد عبد الغني هندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن مواجهة الفتنة الطائفية تأتي من الجانب الثقافى فى المقام الأول، كون أن الثقافة المسئولة عن تغير الأفكار والاتجاهات التنوير والتحضر واحترام وقبول الأخر، إلى جانب الإعلام الذي فقد قدرا كبيرا من مصداقيته، من استضافة غير المختصين وعدم تقديم نماذج وطنية تعبر عن تماسك المجتمع، خاصة أنه تراجع بدوره فى الآونة الأخيرة ليقوم بتسليط الضوء على السلبيات وترك الايجابيات، مطالبا بضرورة تجديد الخطابين الثقافى والإعلامي، قائلا: “ليس من الممكن أن تحارب الدولة من أجل الحفاظ على الأمن القومي ليقوم الإعلام والثقافة والفن بدورهما الراهن بالتراجع والتصدي للانجاز بتصدير نماذج سيئة لا تتناسب مع عادات وتقاليد مجتمعنا وإشعال البلبلة فى المجتمع.
وشدد على ضرورة، تصدير شخصيات وطنية تخلق نماذج التقريب بين المصريين وبعضهما بشكل عملي، على غرار الشخصيات المرموقة والوطنية التي شهدها التاريخ مثل مكرم باشا عبيد الذي كان فى يوم محامي الأزهر الشريف، رغم قبطيته، مطالبًا الكنيسة بعودة برنامج “جسور” التي قامت بإنشائه منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكان البرنامج يحاضر فيه علماء من الأزهر، وقساوسة.
وتابع هندي، أن هذه اللجنة خطوة جيدة من أجل المكافحة التي تحدث فتن بين المصرين وبعضهما، خاصة إذا قامت بدورها المنوط بها، فمن حقها أيضا الاستعانة بالجانب الديني، الثقافي، الإعلامي، والفني، مؤكدًا أننا فى الوقت الراهن نحتاج لكل مجال يقوم بدوره المكلف به، للنهوض بالمجتمع، خاصة فى ظل تربص بعض الدول والمجموعات لمصر، مشيرًا إلى أن الظروف والتحديات التي شهدها بيت العائلة منذ إنشائه جعلت دوره شبه معدوم، وليس له شئ ملموس على أرض الواقع.
خطابات متنوعة
بينما أكد ماهر فرغلي الباحث فى الشأن الإسلامي، أن الفتنة الطائفية ليست بحاجة إلى تشكيل لجان، خاصة أن الفتنة لديها أسباب كامنة فى المجتمع منذ زمن بعيد يمكن أن تتعلق بالظروف الاقتصادية، أو الاجتماعية، والثقافية أو حالة التهميش التي يتعرض لها البعض فتتحول من مشكلة نفسية اجتماعية إلى فتنة طائفية يغلب عليها الطابع التمييزي ضد بناء كنيسة أو بناء جامع، ومن هنا فأن اللجنة المشكلة لمواجهة الفتنة تقف عاجزة للتصدي لتلك المشكلات المتعلقة بالتاريخ، والهوية، أو التراث وغيره.
وأوضح أن المصريين تربوا على الطائفية، لم يؤمنوا بالتعددية وقبول الآخر، ولديهم ازدواجية طوال الوقت، فتتحول جميع مشكلاتهم التي يدخل بينها الدين كعامل مشترك إلى فتنة طائفية، وهي فى الأساس ليس لها علاقة بالطائفية.
وتابع فرغلي، قد يكون الهدف من تشكيل هذه اللجنة، الصلح فى المقام الأول وعدم تدخل جهات خارجية فى حالات التمييز والمشكلات المتعلقة بالفتن الطائفية.
وشدد الباحث فى الشأن الديني، على ضرورة تجديد الخطابات الدينية كافة، الإعلامية، الثقافية، خاصة أننا بحاجة إلى تطوير شامل للمنظومة بأكملها خاصة أن جميع الرسالات لا تؤدي فى الوقت الراهن ولاتعرض بشكل صحيح، مؤكدًا إذا لم يتم تطوير كل الخطابات فأن اللجنة لم تقم بدورها كون أن المسئولية مشتركة بين الجميع.

التعليقات متوقفه