شكشكة: متى يتم توثيق ثورة 25 يناير؟!

3٬770

ظلت ذكريات ثورة 1919 على لسان أجدادنا الذين عاصروها يتوارثها الابن عن أبيه ويورثها لابنه كوسام على صدر العائلة. وقد فجرت تلك الثورة طاقة الإبداع لدى الشعب المصرى و بدأ بعدها عصر ذهبى من الابداعات الفنية والأدبية التى ظلت تتدفق لتروى ظمأ الشعب العربى كله للموسيقى و الشعر والنثر والمسرح والسينما والأغنية، على اتساع العالم العربى مكانا ونصف قرن زمانا. من رحم ثورة 1919 ولد كل الذين تبوأت بهم مصر صدارةَ العالم العربى بالتزكية، بدءا من سيد درويش وسعد زغلول والإمام محمد عبده وتوفيق الحكيم والموسيقار محمد عبد الوهاب وطابور طويل من نجوم الفن والأدب والسياسة والصحافة الذين نعتز بهم.
وبالمثل فإن الأحداث والمشاهد التى عشناها وتابعها العالم بشغف طوال ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ولمدة ثمانية عشر يوما وحبست الأنفاس وأذهلت الجميع، لن تنمحى صورها من ذاكرة من شاهدوها ولابد أن تُحفظ للأجيال القادمة كنموذج لأروع وأول ثورة اليكترونية سلمية شعبية تلقائية. تلك المشاهد على كثرتها وتراكمها جعلت الثورة أروع من أى مسلسل وأجمل من أى فيلم، فهى أول ثورة يتابعها العالم عبر الشاشات الفضائية من خلال صور التقطت بالكاميرات العادية والفيديو، حتى بعد أن اعتدى أمن النظام الأسبق على المراسلين الصحفيين وحطم كاميراتهم، سجل الكثيرون بهواتفهم المحمولة الاعتداءات التى ارتُكبت بكل تفاصيلها. لذلك أتمنى أن يقام فى العاصمة الادارية الجديدة متحف يضم كل ما التقطته الكاميرات من صور متحركة «فيديو» وثابتة حول تلك الأيام الخالدة، والمقالات التى نُشرت بجميع لغات العالم وكل الصحف، والأغانى و الخطب وأقوال رؤساء العالم ومانشيتات الصحف العربية والأجنبية، وتتصدره لوحة ضخمة لصوركل الشهداء الأبرار الذين بذلوا أرواحهم فداء لحرية لن يتمتعوا بها، وتحت صورة كل شهيد اسمه ومعلومات عنه. وأتمنى أن يقوم أحد المخرجين بإبداع فيلم من المشاهد الرائعة لتلك الأيام يبدأ بالمسيرة السلمية ثم هجوم البلطجية على المسالمين ثم معركة الجمال والحمير الهمجية ثم الصمود فى الميدان و كل تفاصيله خاصة فى الليل وحراسة الشباب المسيحيين عن الثوار وهم يصلون صلاة الجمعة، والشخصيات العامة التى زارت الثوار وخطبت فيهم من كتاب وسياسيين وفنانين، وأمهات الشهداء وعائلاتهم، والانتصارات التى أحرزها الثوار وبيانات الرئيس السابق ونائبه ورئيس الوزراء ثم البيانات العسكرية ولقاءات المعارضة بالثوار.الخ لقد أحدثت الثورة تصالحا بين كل فئات الشعب بعد نفور كاد أن ينقلب الى عداء سافر بين الرجال والنساء، وبين المسلمين والأقباط، وبين الأثرياء والفقراء. ذاب الكل فى بوتقة الوطنية، وتحولوا جميعا إلى رجل واحد يهتف بحب مصر ويطالب بكرامتها حتى أن بعض الكتاب من خارج مصر اقترحوا أن تٌمنح جائزة نوبل للسلام لشباب الثورة المصرية، لأنهم أثبتوا لأول مرة فى التاريخ إمكانية نجاح ثورة شعبية بدون إراقة دماء أو أى عنف، وأعتقد أن الفيلم الوثائقى عن الثورة الذى يجب ألا تقل مدته عن ساعتين، سوف يفوز بالعديد من الجوائز فى المهرجانات العالمية.

التعليقات متوقفه