إفريقيا كانت هناك

3٬129

هناك، فى هانوفر بألمانيا، إفريقيا كانت حاضرة، بتاريخها وتراثها، بفنونها وفلكلورها، فى أكبر معرض دولى للسجاد فى العالم، وبمشاركة مائة دولة، وما يزيد على ألف وستمائة شركة عالمية، وبزائرين من شتى بقاع العالم، يقترب عددهم من نصف مليون زائر، كنتُ هناك، وعلى مدى خمسة أيام، وكم كانت سعادتى بتمثيلى لبلدى الغالى مصر، فى ذلك المحفل الذى ينتظره العالم كله، عاماً بعد عام، وبنظرات الاعجاب التى كنت ألمحها فى وجوه الزائرين، تتويجاً وترسيخاً لمقولة (صنع فى مصر) وبأيدٍ مصرية وأفكارٍ مصرية، وتصميماتٍ مصرية، لم تنسَ مصرُ فيها عمقها الافريقي، وجذورها الممتدة فى قلب القارة السمراء، فكانت مصر إفريقيا، هى كلمة السر فى هذا المحفل العالمى الرائع. وكنتُ فخوراً كذلك بمستوى الكلمات، التى ألقاها عمداء الدبلوماسية الافارقة هناك، التى تلخصت فى أن فضل إفريقيا يغمر العالم كله، وأن مستقبل القارة قادم بالأفضل لا محالة.
إن العالم كله الآن، يعيد اكتشاف إفريقيا، تماماً كما اكتشفها فنانون مشهورون، أوائل القرن العشرين، مثل بيكاسو، وماتيس، وموديلياني، وحررتهم، وبشكلٍ كبير، من تأثيرات الفنون الغربية. وتحمل الألوان فى الفن الإفريقى معان مهمة، قد تختلف، باختلاف العرقيات، لكنها تتفق فى مدلولات الألوان، فالأصفر يرمز للخصوبة، والأخضر يرمز للتجديد والنمو، والأزرق يرمز للسماء ووجود الرب، والأسود يرمز للوحدة والجدية. ومن هنا كنا حريصون على تقديم مصر للعالم كله، وبإلهام إفريقى خالص، فى تشكيلات السجاد، وتصميماته وألوانه، التى استشعر معها الحاضرون جميعاً أن إفريقيا تناجيهم: هأنذا، الأصالة عنواني، والتاريخ شاهدي، والجمال طريقي. وعدتُ لآمالى القديمة، أن ترجع مصر إلى أحضان قارتها، فهي، كما أؤكد على الدوام، أرض الفرص الواعدة، وبيننا وبينها وحدة تاريخ، ووحدة أهداف، والرئيس السيسى لديه قناعة كاملة، مبنية على المعرفة، بأن مصر يجب أن تعود لقلب قارتها، تلك القناعة التى حولها بالأفعال لا بالأقوال إلى واقع عملى بدأنا جميعاً نستشعره، ونمشى فى ركابه.
هى إفريقيا، الساحرة السمراء، أرض الخير والنماء، تزخر بالموارد الطبيعية والبشرية، التى قل أن يجود الزمان بمثلها 30 مليون كيلو متر مربع، أى 20% من مساحة اليابسة بالعالم، وثانى أكبر قارة من حيث عدد السكان، مليار نسمة أى 15 % من جملة سكان العالم، كما أن ثلثى العرب يعيشون فى إفريقيا. لقد أدركنا فى الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أهمية إفريقيا لمصر، وكذلك مصر لإفريقيا، فتعددت الدراسات، وتنوعت اللقاءات والمؤتمرات، ومنها مؤتمر: (مصر فى القلب الإفريقي) مستهدفا تحقيق الشراكة المنشودة بين رجال الأعمال المصريين، ونظرائهم فى باقى دول القارة، وفتح آفاق جديدة لتعزيز الوجود المصرى هناك. كما أستهدف إقامة علاقة شراكة، وليس علاقة أحادية المصالح، فى مختلف القطاعات، وبين جميع الدول، وكذلك عرض التجارب الناجحة فى القارة، ودور الدولة فى توفير المناخ المؤدى إلى تسهيل حركة رجال الأعمال من وإلى الدول الافريقية. واقترحتُ فى المؤتمر إنشاء شركة قابضة، تشارك فيها الشركات العاملة فى السوق الافريقية، ويتم تجميع مليار جنيه رأس مال عن طريق الاكتتاب. إن مصر، بعد عهد الزعيم جمال عبد الناصر، فقدت كثيراً من مكانتها الافريقية، سياسياً واقتصادياً ولكن حلم التكامل مع القارة السمراء، مازال ممكناً، لو توافرت الإرادة، خاصة مع ما تزخر به إفريقيا من ثروات طبيعية مذهلة، ومواد خام وفيرة، كذلك العنصر البشري، والسوق الكبيرة، وتعدد فرص الاستثمار المشترك مع مصر، بما يعود بالنفع على الطرفين. إن إفريقيا تتقدم يوماً بعد يوم، والجميع يبحث عن شراكة اقتصادية معها، لما لها من عائد اقتصادى متميز، وقد آن الأوان لتلحق مصر بالركب العالمى فى هذا الصدد.
إن إفريقيا تنادينا جميعاً، وبات لزاماً علينا توحيد الجهود، لتحقيق شراكة حقيقية، تعود بالخير على الجميع، نفتح أسواقا، نقيم صناعات، نوفر بها الآلاف من فرص العمل، والحياة الكريمة.

محمد فريد خميس

التعليقات متوقفه