لقطات: البشر و الحجر فى معرض الكتاب

3٬192

يوم السبت الماضى ذهبنا إلى معرض الفاهرة الدولى للكتاب يحدونا أمل كبير أن نغترف مما يقدمه من زاد ثقافى. فالمعرض هو الفعالية السنوية الأكبر التى يتطلع إليها الناشرون والمثقفون و عامة الناس. وبما أن هذه مناسبة اليوبيل الذهبى للمعرض، و أنه يقام لأول مرة بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، فقد ارتفع سقف تطلعاتنا إلى عنان السماء. و زاد من تطلعنا لزيارة المعرض أن الهيئة المصرية العامة للكتاب وضعت مناقشة كتابنا “حكاية مصرية” ضم البرنامج الثقافى للمعرض لذلك اليوم فى سلسلة “كاتب و كتاب”. كان حماسنا شديدًا للغاية. و لم لا؟، و نحن ذاهبون إلى “سوق عكاظ” الثقافة العربية! أيضا كان قلقنا شديدا من أن يكون نقل المعرض إلى هذا المكان البعيد و المعزول سببا فى ضعف الإقبال عليه.
فى البداية، تخوفنا من انخفاض أعداد الزائرين للمعرض بسبب انتقاله إلى هذا المكان البعيد. لكن عند اقترابنا من مداخل مركز المعارض، شاهدنا أعدادا كبيرة من زوار معرض الكتاب يصطفون فى طوابير طويلة عند البوابات: أسرا بأطفالها، و مجموعات من الشباب، رجالا و نساء، شبابا و شيوخا. فتحول الخوف و القلق إلى مزيج من الإطمئنان والسعادة.
دخلنا بالسيارة من البوابة الخارجية دون إبطاء بفضل تنسيق المسئولين فى هيئة الكتاب مع أمن مركز المعارض. لكن أصدقاءنا الذين وصلوا بمفردهم كان عليهم الانتظار فى طابور الدخول أكثر من ساعة و نصف الساعة، بل إننا علمنا أن أحد الكتاب المعروفين ذهب للمشاركة فى حفل توقيع أحد كتبه، لكنه ضاق بالانتظار الطويل عند بوابات الدخول فانصرف غاضبا. هذه طبعا خسارة كبيرة.
أخبرنا مسئولو هيئة الكتاب و دار الشروق أن ندوة مناقشة كتابنا ستكون فى “بلازا 1” الدور الثانى قاعة “كاتب و كتاب”. و لكن عند وصولنا لهذا المكان المحدد، اتضح أنه مخصص لنشاط آخر من أنشطة معرض الكتاب. و بعد عدة اتصالات اتضح أن مكان ندوتنا هو “بلازا 2” فى الدور الثانى قاعة “كاتب و كتاب”. مشينا طويلا طويلا، و سألنا كثيرا كثيرا، إلى أن بلغنا المكان الموعود. و نتيجة لهذا الارتباك و صلنا مكان الندوة متعبين متوترين متأخرين ربع ساعة عن موعد بدء الندوة- و هو الثانية بعد الظهر- رغم أننا دخلنا من البوابة الخارجية لمركز المعارض فى الثانية عشرة و النصف ظهرًا. و بسبب ذلك، ضاعت علينا فرصة التفاعل مع جمهور الندوة بصورة أفضل. و علمنا أن عددا من المشاركين فى أنشطة المعرض تعرضوا لتجارب مماثلة لتجربتنا.
فى الختام لا بد أن نمتدح الجهد الكبير الذى بذله مسئولو هيئة الكتاب فى إعداد برنامج ثقافى يليق حقا باليوبيل الذهبى لمعرض الكتاب. و يدل على ذلك المطبوع الذى يشمل البرنامج و الذى يحوى أكثر من مائتى صفحة. كذلك نحيى حسن اختيار جامعة الدول العربية ضيف شرف و اختيار الدكتور ثروت عكاشة و الدكتورة سهير القلماوى شخصية المعرض تأكيدا لدورهما الرائد فى إقامته لأول مرة عام 1969. كما نشيد أيضا بتيسير وصول الجمهور إلى مكان المعرض، و
بالمبانى والمرافق العصرية و الأنيقة لمركز المعارض حيث الزجاج الفيميه والرخام والسلالم المتحركة. لكن هذا الاهتمام بالحجر يجب أن يكمله الاهتمام بالبشر. و لذلك أقترح فتح عدد أكبر من بوابات الدخول، و وضع لافتاب إرشادية و خرائط لمساعدة الزائرين فى التنقل. كذلك أقترح وضع مقاعد يستريح عليها الزوار خصوصا كبار السن، و تسيير عربات أو طفطف لنقل الناس عبر المسافات الطويلة فيما بين الأجنحة المختلفة للمعرض.
حكمة اليوم: (للمتنبى)
أعز مكان فى الدنى سَرجُ سابح.. وخير جَلِيس فى الزمان كتاب

التعليقات متوقفه