ضد التيار: الردع بالديمقراطية

3٬284

كان الرئيس الفرنسي “ إيمانويل ماكرون “ يطالب الرئيس السيسي فى القاهرة باحترام حقوق الإنسان، وقد سبق زيارته بقرار فرنسي، يدعم تمرداً فى فنزويلا على رئيس شرعي منتخب، مما يدفع إلى التساؤل أليست الحريات الديمقراطية، جزءاً من حقوق الإنسان التي يدافع عنها الرئيس الفرنسي ؟
لم يكن هذا هو التساؤل الوحيد الذي تطرحه الأزمة الفنزولية التي تعد نموذجاً للتدخل الفظ والغليظ فى الشئون الداخلية للدول، بزعم الدفاع عن الديمقراطية، وكأن ثروة فنزويلا النفطية ومخزونها من المعادن النفيسة ليس هو الهدف الاول والأخير.
من بين تلك الأسئلة ما الذي كان يفعله رئيس البرلمان “ خوان جوايدو “ فى زيارته السرية إلى واشنطن، غير أخذ دعمها له لكي ينصب نفسه رئيساً بالوكالة فى البلاد؟
وهل كان من باب المصادفة، أن يعلن الملحق العسكري الفنزويلي فى العاصمة الأمريكية واشنطن إنشقافه على الرئيس “ نيكولاس مادورو” وتأييده للرئيس بالوكالة لو لم يكن ذلك جزءًا من مخطط أمريكي، يدعم التغيير السياسي بالقوة داخل فنزويلا، حتى لو أدى إلى استخدام القوة العسكرية، الذي لوح باستخدامها الرئيس الأمريكي ترامب، وكشف مستشاره للأمن القومي “ جون بولتون” عن خطة لإرسال قوات أمريكية إلى كولومبيا الجديدة، إستعداداً لتنفيذ ذلك المخطط، الذي سبق أن استهدف الزعيم الاشتراكي الراحل “ هوجو شافيز “ الذي أعادته الجماهير إلى سدة الحكم، بعد محاولة أمريكية فاشلة لإزاحته ؟.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية لا تكف عن الإعلان أن كل الخيارات مطروحة فى التعامل مع فنزويلا، بما فيها بطبيعة الحال الخيار العسكري، فهل ستقبل الدول الغربية، أن يكون الانتقال إلى الديمقراطية بأسرع وقت ممكن عبر التدخل العسكري ؟، وماذا ستفعل فرنسا واسبانيا وألمانيا والبرتغال وبريطانيا وهولندا، بعد أن تنتهي مهلة الأيام الثمانية السبت القادم التي منحتها للرئيس “ مادورو” لإجراء انتخابات مبكرة، بعد أن رفض الرئيس الفنزويلى اقتراحها ؟.
وما هو دور قوة الكوماندوز الإسرائيلية التي ذهبت مؤخراً إلى البرازيل، إذا لم يكن ذلك فى سياق التنسيق مع الإدارة الأمريكية، لإسقاط مادورو بالقوة العسكرية ؟
أليس المنتظر من السيناريو الأمريكي السابق، هو ما حذر منه بابا الفاتيكان “ فرنسيس “ من حمام دم فى فنزويلا، إذا لم نساعد فى التوصل لتسوية ؟
هل يريدون لنا أن نصدق أن ارتفاع نسب التضخم وتزايد الأزمة الاقتصادية، والمعاناة المعيشية سوف تدفع مواطني فنزويلا للترحيب بتدخل خارجي مسلح لتغيير النظام ؟
واقع الأمر أن الإدارة الأمريكية لا تتعلم من تجاربها الفاشلة، فبعد 17 عاما من غزو أفغانستان، أضطرت تحت ضغط الفشل لخوض مباحثات مع تنظيم طالبان الإرهابي فى العاصمة القطرية الدوحة لدفعه للدخول فى حوار مع الحكومة الأفغانية، لوقف الحرب، لكن قادة طالبان يفرضون شروطاً لوقف الهجمات على الولايات المتحدة الأمريكية، بأن يكون التنظيم شريكا فى الحكومة الأفغانية الجديدة !.
المحاولات الأمريكية الجارية لتحريض الجيش على التمرد على سلطة مادورو، وعلى الدهس بالأقدام على نصوص الدستور، ستنتهي فعلا بحرب أهلية بين الفريقين المتصارعين، ولا حل لوقف تصعيد التوتير فى منطقة أمريكا الجنوبية الحيوية، سوى مساندة الدعوة للحوار بين الطرفين، بعيداً عن التدخلات الخارجية، ذلك أن حربا عسكرية لإزاحة الرئيس مادورو، سيكون مآلها فشل كارثى، كما هو المصير الذي آلت إليه حروب أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا.

التعليقات متوقفه