الكوتة النسائية.. تثير الجدل فى البرلمان

■ المؤيدون: تتيح للمرأة تمثيلًا مقبولًا فى المجالس النيابية ■ الرافضون: وضعت من أجل تمرير الاستفتاء على الدستور

533

أثار اقتراح زيادة تمثيل المرأة فى البرلمان بحصة محجوزة دستورياً لا تقل عن الربع، ضمن التعديلات الدستورية التى يناقشها مجلس النواب حاليا حالة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض..وأيضا استمرار المعاملة التفضيلية لتمثيل كل من العمال والفلاحين والشباب والأقباط والمصريين بالخارج، والأشخاص ذوي الإعاقة فى المجالس النيابية، بعد أن كانت مؤقتة..

فيرى المعارضون لفكرة تخصيص كوتة من المقاعد للمرأة أنها تتعارض مع الدستور، الذى ينص على المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، كما يرون أنها لم تأت رغبة فى التمثيل ولكنها وضعت من اجل المصالح الشخصية وتمرير الاستفتاء على الدستور، وأن ذلك يفتح الباب لاستغلال نظام الكوتة، من قبل أى حزب لكسب المزيد من المقاعد، فيما يرى المؤيدون لنظام الكوتة، أنه يتيح للمرأة تمثيلا مقبولا فى الحياة النيابية، فى ظل وجود قيود اجتماعية وسياسية، لا تمكن المرأة من النجاح فى الانتخابات، فى حالة خوضها السباق الانتخابى، مما يعوق بروز كوادر نسائية فى الحياة السياسية، فى ظل عدم اهتمام أغلب الأحزاب بتصعيد النساء.. والسؤال الآن..هل كوتة المراة هى الحل لزيادة تمثيل النساء فى المجالس النيابية؟!
فى الدستور الحالي اشترطت المادة 11 أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية، إلا أنها اشترطت اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تمثيل النساء فى المجالس النيابية، لكن لم يحدد الدستور النسب المكفولة للمرأة فى البرلمان أو غيره من المجالس المنتخبة سواء على المستوى المحلي، أو غيره،ونصت المادة “244” على أن: “تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة، والمرأة، والمصريين المقيمين بالخارج، تمثيلًا ملائما، وذلك على النحو الذى يحدد القانون”
واشترطت التعديلات الدستورية الجديدة أن تحصل المرأة على كوتة واضحة تقدر بنحو ربع مجلس النواب حيث نصت التعديلات فى المادة 102 فى الفقرة الأولى يشكل أعضاء مجلس النواب من 450 عضوا، يتم انتخابهم بالاقتراع السري المباشر، وزادت المادة بأن يخصص ربع المقاعد للمرأة اى نحو 112 مقعدا.
فى حين يضم البرلمان الحالي أكبر نسبة مشاركة للنساء فى تاريخ الحياة النيابية المصرية بدون النص على الكوتة، حيث ضم فى عضويته 89 نائبة، منهن 75 منتخبات و14 معينات، بنسبة 14.9% من إجمالي عدد المقاعد.
وخصص قانون الانتخابات فى الانتخابات البرلمانية الماضية كوتة لخمس فئات أخرى من الشعب كلهم كانوا ضمن القائمة الانتخابية التي ضمت 120 مقعدًا، بما فيها مقاعد المرأة، لتوزع بقية المقاعد على الفئات التالية”الشباب، الأقباط، المصريين بالخارج، ذوي الإعاقة، المرأة، شخصيات عامة”
وكان من المفترض أن تكون هذه الكوتة الانتخابية لفترة واحدة على أن تجرى الانتخابات بشكل متساوٍ فى السنوات المقبلة دون تخصيص كوتة معينة إلا للنساء فقط، وفقا لما جاء فى المادة 244 من الدستور، لتأتي التعديلات الدستورية بمنح جديدة للشباب والعمال والفلاحين، والمصريين بالخارج، وذوي الإعاقة ففى التعديلات المقترحة حولت التعديلات مواد الفئات المستثناة لمواد دائمة بدلا من كونها انتقالية.
وعلى الرغم من دفاع غالبية نائبات البرلمان عن ضرورة زيادة مقاعد المرأة داخل البرلمان، فإن عددًا كبيرًا من النواب تحفظوا على النص خاصة نواب حزب النور السلفى، وأنهى الدكتور “علي عبدالعال”، رئيس المجلس، حالة الجدل المثارة حول الموضوع، خلال جلسة البرلمان- أثناء التصويت نداء بالاسم على مبدأ تعديل الدستور- بالتأكيد إن نسبة الـ25% المقترحة فى التعديلات الدستورية المعروضة لتمثيل المرأة فى مقاعد البرلمان، ستكون محل نقاش داخل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية التى تُعنى بدراسة التعديلات، وستخضع للحوار المجتمعى والصياغة قائلا: “أقول للمتحفظين على المادة 102 لا داع للتحفظ عليها لا أحد يتحفظ على أمر لم ينته بعدـ ما زال الطريق طويلا أمامنا”
رشوة سياسية
من جانبه يوضح د”عمرو هاشم ربيع” نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن النص على تخصيص مقاعد للمرأة فى التعديلات الدستورية ما هى الا رشوة سياسية حتى توافق السيدات على هذه التعديلات، موضحا الى ان نظام الكوتة سيخلق العديد من المشكلات عندما تتم صياغة النظام الانتخابى الذى ستجرى الانتخابات البرلمانية القادمة وفقا له، وهل ستجرى بالنظام الفردى ام القائمة النسبية.
وأشار الى وجود العديد من المعوقات التى تؤثر على مشاركة المرأة منها على سبيل المثال النظام الانتخابى وتأثيره على المشاركة الانتخابية للفئات المهمشة، والثقافة السائدة والنظرة السلبية للعمل بالسياسة لدى المرأة.الا أن الحل ليس فى الكوتة وانما هناك حلول اخرى منها ضبط ادارة العملية الانتخابية عن طريق وضع ضوابط لاستخدام المال فى العملية الانتخابية ومنع استخدام العنف وتجريم شراء الاصوات وتنفيذ الضوابط الخاصة بنزاهة العملية الانتخابية، بالاضافة الى ضرورة الاعداد السياسى للكوادر النسائية.
أزمة النظام الانتخابى
أوضح “عبدالناصر قنديل” أن حزب التجمع طوال تاريخه وهو يطالب بضرورة ضمان حد أدنى من التمثيل العادل للمرأة فى المجالس النيابية، وخلال وجوده فى لجنة الخمسين عن طريق الراحل “حسين عبدالرازق “عضو المكتب السياسى للحزب كان الحزب شريكًا فى صياغة المادة11 التى تحدثت عن ضرورة تمثيل عادل للمرأة فى المجالس النيابية المختلفة، ولذلك عندما تقدمنا برؤية للمواد التى تستحق اعادة النظر، تكلمنا عن ضرورة أن يكون هناك تمثيل للمرأة فى المقاعد البرلمانية، وهو بالفعل ما تحقق فى تعديل المادة 102بالنص على تخصيص ربع مقاعد البرلمان للمرأة على غرار ربع عدد المقاعد المخصص لها فى المجالس المحلية، وهذه النسبة جيدة جدا، ولكن التحدى سيكون فى شكل النظام الانتخابى، وسوف نفكر فى الآلية التى نضمن بها تحقيق هذه النسبة، هل يمكن اقامة دوائر تنافسية خاصة للمرأة، ام أن نظام انتخابات مع تخصيص ارقام بعينها فى قوائم الترشح، أم نظام تنافسي مع تخصيص مقعد دائم للمرأة ضمن قوائم كل دائرة.
وعن احتمالية الطعن على نظام الانتخابات الذى يخصص مقاعد للمرأة دون غيرها اوضح “قنديل”أن دستور 71 لم ينص على تخصيص مقاعد للمرأة، ولذلك عندما خصصت مقاعد للمرأة فى عام 1984 تم حل البرلمان، وأيضا عندما خصصت مقاعد فى 1987 تم حل البرلمان، لكن فى 2007 تم تغيير المادة 62 من الدستور، والنص على امكانية تخصيص عدد من المقاعد للمرأة، وبناء عليه تم عمل القانون 149لسنة 2009 وتم تخصيص عدد من المقاعد للمرأة فى انتخابات 2010، وبالتالى هذا النص كان محميا دستوريا، هذه المراة نحن لدينا حماية دستورية سواء بنص المادة 11 أو بنص المادة الجديدة 102، ولا اعتقد انه سيكون هناك مشكلة على الاطلاق فى فكرة ضمان تمثيل المرأة، ولكن الأزمة الحقيقية هى أن المقاعد الخاصة بالمرأة كيف يتم تخصيصها، ونحن نفكر نحاول التفكير فى نظام تنافسى حقيقى يسمح للناخبين بالادلاء بأصواتهم،وفى نفس الوقت يعطى للمرأة فرصة لعدالة التصويت وعدالة التمثيل.
تمثيل عادل
ومن جانبها أكدت د”منى مكرم عبيد”البرلمانية السابقة واستاذ العلوم السياسية انها ضد الكوتة النسائية، ولكنها مع تمثيل عادل للشباب والمرأة والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة فى المجالس النيابية، مشيرة الى انه ليس من الضرورى النص على تخصيص ربع المقاعد للمرأة،بل من الضرورى البحث عن آلية تمكن الفئات المهمشة من التمثيل الانتخابى.
تعديلات مرفوضة
أما “جورج إسحاق” عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان فأكد انه رافض التعديلات الدستورية،مؤكدا أن التعديلات المطروحة غير دستورية، كما أن كل المحاولات السابقة لتعديل الدستور باءت بالفشل.
ودعا الشعب للتوقيع على بيان بعنوان “لا لتعديل الدستور” الذى وقع عليه عشرة أحزاب وبعض الوزراء وأعضاء من لجنة الخمسين والعشرات من الشخصيات العامة موضحا إن جوهر عملية تعديل الدستور المطروحة الهدف النهائي منها هو تمكين الرئيس الحالي من الإستمرار فى الحكم لأكثر من دورتين رئاسيتين، وذلك بالمخالفة لما أقره الدستور الحالي، و هو ما يعني القضاء على أي إمكانية للتداول السلمي للسلطة، وتجميد مشروع بناء الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة.
تمرير الاستفتاء
اما الناشطة السياسية “نور الهدى زكى” فأوضحت انه منذ مشاركة المرأة المصرية فى انهاء حكم الاخوان وتصدرها الصفوف الاولى وخروجها بمئات الالاف الى لجان الاستفتاء على الدستور فى عام 2014 للموافقة على الدستور، وايضا فى انتخابات رئيس الجمهورية..ورغم دورها التاريخى والمشرف فى ثورة 25 يناير وثورة 30 من يونيو، نجد انه تم تهميشها واقصاء دورها عند صياغة الدستور الحالى حيث لم تتضمن لجنة الخمسين سوى خمس سيدات من 50 رجلا، وتابعت: ما يثار الآن بشأن التعديلات الدستورية وتخصيص ربع مقاعد البرلمان للمرأة فأعتقد أن هذه مجردة رشوة فجة ورخيصة لكسب أصوات المرأة وخروجها للاستفتاء وتمرير التعديلات.
وأكدت “الناشطة السياسية أن الفكرة ليست بعدد المقاعد التى تحصل عليها المرأة فى البرلمان، ولكن القضية مرتبطة بالكيف، ودور المرأة فى البرلمان وأدائها وارتباطها بمشكلات الناس.مشيرة الى أن البرلمان الحالى به عدد كبير من النائبات ولكن ليس لهن دور ملموس وكانهن غير موجودات..
وأكدت ضرورة توافر بعض الشروط فيمن يرشحن أنفسهن مثل أن تكون مارست العمل العام من قبل، وقدمت خدمات ملموسة من خلاله، والإلمام بالقضايا والمشكلات التي يواجهها المجتمع المصري، وصاحبة رأي وإرادة، إلى جانب تمتعها بشخصية جريئة وصريحة ومرنة.. واشارت الى أن مشكلتنا مع المشاركة الفعالة للمرأة فى الحياة السياسية لن تحل بمجرد إقرار مادة فى الدستور أو النص على مادة فى قانون و إنما هناك مشكلة جذرية فى داخل العمق والثقافة المصرية التى تنفر من خروج المرأة للعمل السياسى والمجال العام منها تغيير نظرة المجتمع الذكورى لمشاركة المرأة فى الحياة السياسية..وتفعيل مشاركة النساء فى الاحزاب وصنع الكوادر التى تستطيع خوض الانتخابات البرلمانية والمحلية..
وردا على موقف حزب النور السلفى ورفضه للكوتة النسائية اوضحت أن التيارات الإسلامية المتشددة، والتى ترى الكوتة أمرًا مخالفًا للشرع يهدف الى تحجيم و تهميش المرأة بحجج واهية لا تمت للشرع بصلة تعتبر أن مشاركة النساء فى الانتخابات مفسدة ووضعها على القوائم وضع المضطر وتضع بدلا من صورتها وردة.
تمييز ايجابى
ومن الناحية الدستورية يرى د”جمال جبريل” أستاذ القانون الدستورى ان اغلب الرافضين لاقرار مبدأ الكوتة فى الدستور يرى انها تتعارض مع مبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور مما لا يضمن تنافسا نزيها ومتكافئا، فى حين أن النص على مبدأ الكوتة فى الدستور سوف يضمن دستوريتها وسيتم تطبيقها خاصة ان الكوتة لا تميز بل تعوض المرأة ايجابيًا عن المعوقات المجتمعية الحائلة دون المشاركة العادلة للنساء فى العمل السياسي.
ويقول د”جبريل” بعيدا عن دستورية الكوتة، فالنص على كوتة نسائية فى الدستور سوف يجعل مسألة الترشح والفوز فى الانتخابات أمرا سهلا، ووقتها لن يكون الدافع للترشح هو خدمة الوطن، بل سيجعل الامر أشبه بالوظيفة التى تتولاها المرأة وتؤديها بشكل روتينى، ولن يكون هناك سيدات فاعلات فى الحياة السياسية، لافتا الى أن برلمانات الدول المتقدمة لا تعتمد على الكوتة فى دساتيرها، ومع ذلك السيدات لهن دور فعال، وبالتالى فأن النص على الكوتة ليس فى صالح المرأة..اما من الناحية الدستورية فهو تمييز ايجابى غير مخالف للدستور وأقرت بذلك المحكمة الدستورية العليا.
أما أغلب نائبات البرلمان فرحبن بهذه المادة وطالبت النائبة “منى منير” بأن تكون كوتة المرأة ليست فقط فى مجلس النواب، ولكن يجب أن تكون أيضا فى المجالس المحلية. وقالت النائبة “عبلة الهوارى”أن نسبة كوتة المرأة فى التعديلات لا تتفق مع نص المادة 11 من الدستور، والتى تفيد بضرورة التمثيل العادل للمرأة فى المجتمع، ونسبة الـ25% لا تتناسب مع هذا النص.
وأكدت النائبة “مي محمود” أن تعديل الدستور يضمن كوتة للمرأة فى مجلس النواب بواقع 25%، وسط دور كبير للمرأة داخل البرلمان والوزارات المختلفة لاسيما وأنها أثبتت كفاءة وتستطيع أن تصل بصوتها إلى كل الأماكن.طالبت “سحر طلعت مصطفى” بزيادة كوتة المرأة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، إلى 30% بدلا من 25% المنصوص عليها فى التعديلات الدستورية المقترحة حاليا، مؤكدة أن المرأة حرمت من حقها السياسي لفترة كبيرة وهو الأمر الذي يتطلب تعويضها.

التعليقات متوقفه