بعد توجيهات الرئيس : نقدم روشتة عاجلة لإصلاح منظومة الأجور في مصر

1٬632

ناقش الرئيس عبدالفتاح السيسي، يوم الخميس الماضي و في اجتماع وزاري المقترحات الخاصة المقدمة من اللجنة المشكلة لإصلاح منظومة الأجور، ووجه الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة في ذلك الصدد، على أن تنتهي اللجنة من أعمالها خلال شهر من الآن، ويبدأ التطبيق في الأول من يوليو 2019..وتقدم “الأهالي” عرضا لأحدث دراسة عن الأجور يمكن الإستفادة منها خاصة وأنها تحتوي على معلومات ورؤية بعض الخبراء الوطنيين ..الدراسة أعدتها  سكرتارية الأجور في الإتحاد العام لنقابالت عمال مصر برئاسة مجدي حسن علي، وتعد هي الدراسة الأحدث حول الأجور، والتي تزامنت تتزامن مع طلبات عديدة  تقدمت بها  لجنة القوى العاملة فى مجلس النواب للمناقشة ومطالبة الحكومة لإعادة النظر فى الرواتب لتتلاءم مع حركة الأسعار..الدراسة تتحدث عن الاجور فى الاتفاقيات الدولية، وأيضا تقترح سبل توفير موارد لتحسين معيشة الإنسان فى مصر..كما انها تتعرض لإنتقاد مباشر للدور الهزيل للمجلس القومي للأجور..

تحت عنوان “نظام الأجور فى مصر..تحديات وحلول” بدأت الدراسة بمقدمة جاء فيها: أنه و فى ظل ارتفاع الأسعار المتواصل عقب اتخاذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي، فإن المواطنين فى مصر وفى القلب منهم العمال باتوا يشكون من قلة مصادر دخولهم فى مقابل مصروفاتهم، خاصة أن المرتبات لم تتحرك منذ سنوات طويلة بالشكل الذي يتماشى مع جنون الأسعار..و بعد انتهاء جلسات النقاش فى مؤتمر الشباب الأخير، وتوضيح الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية الإعلاء من قيمة الإنسان المصري فإنه لابد أن تسعى الحكومة لبحث إجراءات رفع الأجور والمرتبات، كما أنه على منظمات المجتمع المدني والنقابات تقديم رؤيتها فى هذا الملف..وفى ذات السياق فإن تساؤلات عديدة تطرح نفسها خلال هذه الأيام أبرزها سؤال إلى الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، والمهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ووزير القوي العاملة محمد سعفان بخصوص عدم تفعيل المجلس القومي للأجور وما يترتب على ذلك من آثار، بعد أن ورد العديد من الشكاوى من جانب عدد كبير من العاملين بالقطاع الخاص، بسبب عدم صرف العلاوات السنوية الدورية الخاصة بهم منذ ما يقرب من 3 سنوات منذ عام 2015، ذلك الأمر الذي لا يتماشى إطلاقا مع نص المادة رقم 34 من القانون رقم 12 لسنة 2003 “قانون العمل الموحد” والصادر فى 7 إبريل من السنة ذاتها، وإن المادة نصت فى فقرتها الأولى، أن ينشأ مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط يختص بوضع الحد الأدني للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة، وإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، ونصت الفقرة الثانية باختصاص المجلس بوضع الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساسي الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية.و أن عدم صرف تلك العلاوة يتنافى تماما مع الدور الذي خوله القانون والدستور للمجلس، وهو تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر بها البلاد والتي أدت إلى ارتفاع كبير فى أسعار السلع والخدمات، مما أثر على المواطن البسيط بالسلب نتيجة عدم تحقيق تلك الحالة من التوازن.فالمجلس القومي للأجور لم يتم تفعيله ولم ينعقد إطلاقا منذ عام 2003 وحتى تاريخه، أي منذ ما يقرب من 15 عاما وذلك بداعي عدم اكتمال النصاب القانوني لانعقاده.وهنا تطالب الدراسة بإيضاح لماذا تم إيقاف صرف العلاوات السنوية الدورية الخاصة بالعاملين بالقطاع الخاص وفقا لنص المادة المذكورة؟.. وما الاستراتيجية الزمنية الخاصة باستئناف صرف تلك العلاوات؟..ومتى ينعقد المجلس القومي للأجور؟.. وما الاستراتيجية التي ينتوي تنفيذها من أجل تحقيق دوره والغرض الذي أنشئ من أجله؟
الموقف الرسمي :
وتتعرض الدراسة إلى بعض المواقف والاحداث والمعلومات الرسمية، حيث تدرس وزارة المالية بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي رفع الأجور وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين..وكان ذلك ضمن عدد من الأخبار السارة التي جرى الاعلان عنها مع قدوم عيد الأضحي الماضي ..فوزارة المالية قررت تشكيل لجنة بالتنسيق مع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري لإعادة هيكلة الأجور للعاملين بالجهاز الإداري للدولة ومعالجة التشوهات والفجوات بين الدخول.. وقال د. محمد معيط وزير المالية على هامش افتتاح مجمع الضرائب العقارية بمدينة الطور فى اغسطس 2018 الجاري : “إن هناك اهتمامًا من جانب الوزارة والحكومة بتحسين مستوي معيشة المواطنين دون زيادة الأعباء على الموازنة وتفعيل الحدود الدنيا والقصوي للأجور بما يتناسب مع معدلات التضخم”.وأشار الوزير إلى أن الوزارة ستبحث أفضل الإجراءات لتحسين هيكل الأجور والمزايا النقدية لهم بما يتوافق مع القوانين المنظمة كالخدمة المدنية والكوادر الخاصة مع دراسة العبء المالي على الموازنة العامة، مشيرًا إلى أنه سيتم الانتهاء من دراسة هيكلة الأجور خلال العام المالى الجاري، بهدف الوصول إلى معالجة الخلل الحالى فى مستوى الأجور..وهو ما يؤكد أن نظام الأجور الحالي به تشوهات بإعتراف الدولة نفسها..
الاجور فى الموازنة
يحدث ذلك التوجه حسب الدراسة- من جانب الدولة وحسب المعلومات الرسمية الحديثة تزامنا مع ما قالته حكومة مدبولي بأن ما تم إنفاقه لدعم بند الأجور وبند المعاشات يعادل 60 مليار جنيه، وهى نفس القيمة التى تم توفيرها بعد خفض نسبة الدعم على المواد البترولية والكهرباء، حيث تم رفع باب الأجور من 240 إلى 270 مليار جنيه، كذلك تم رفع حجم الإعفاء الضريبى من 7200 جنيه إلى 8 آلاف جنيه بقيمة 9 مليارات جنيه، فيما تم رفع المعاشات بنسبة 15% بقيمة 28 مليار جنيه.فبقراءة سريعة ايضا فى التصريحات الرسمية نجد ان الحكومة التي تعلن انها تعمل حاليًا على تطوير منظومة الأجور، بعد تكليف الرئيس السيسى لها رسميا، تؤكد ان جملة الأجور وتعويضات العاملين بمشروع الموازنة العامة للدولة بلغت نحو 270 مليارًا و89 مليونًا و671 ألف جنيه، مقابل نحو 239.9 مليار جنيه بموازنة السنة المالية 2017-2018 بزيادة بلغت حوالى 30.1 مليار جنيه ونسبة زيادة بلغت نحو 12.5%…وتمثل اعتمادات الأجور وتعويضات العاملين 18.9% من إجمالى المصروفات بمشروع الموازنة العامة للدولة البالغ مقدارها تريليون و424 مليار جنيه، كما تمثل نسبة 15.7% من إجمالى الاستخدامات لمشروع الموازنة العامة للدولة والمُقدر بمبلغ تريليون و724 مليارًا و700 مليون جنيه.كما أن “جهاز التنظيم والإدارة” طالب قطاع الخدمة المدنية بإعداد دراسة وافية عن أجور العاملين بالجهاز الإدارى فى كل المصالح الحكومية، والخدمية منها والمنتجة الخاضعة لقانون الخدمة المدنية، والتى ينطبق عليها الحدان الأدنى والأقصى للأجور، لتحقيق العدالة الاجتماعية بين 7 ملايين موظف بالحكومة أكثر من نصفهم يمثل عبئا على الجهاز الإدارى للدولة حسب رؤية الحكومة، مع مراعاة للآثار السلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى..
قلق
وتشير الدراسة الى انه على الرغم من برنامج الحماية الاجتماعية الحالي لا يزال المواطن يشعر بالقلق بسبب ارتفاع الاسعار التي تلتهم الاجور مطالبة الدولة بالبحث عن حلول لتدبير موارد وتحسين الأجور التي لا ننكر – حسب الدراسة- انها تشهد ومعها تعويضات العاملين بالجهاز الإداري للدولة فى موازنة 2018/ 2019 أكبر زيادة لها فى الأربع سنوات الماضية إلا أن تلك الزيادة لا تضاهي الارتفاع الحاد فى معدلات التضخم، ما يعني استمرار انخفاض المستوى المعيشي للأسر المصرية المعتمدة على موظفين فى الدولة..فمنذ بداية السنة المالية السابقة، فى شهر يوليو 2017، وحتى نهاية مارس 2018، شهدت البلاد ارتفاعا فى معدلات التضخم فى أسعار المستهلكين بنحو 25%، ومن المتوقع أن تستمر الأسعار فى الارتفاع خلال الأشهر المقبلة..ويعني عدم رفع الأجور بنفس قدر ارتفاع أسعار السلع والخدمات أن الموظفين العاملين بالدولة سيواجهون اختيارًا من اثنين، إما الاستغناء عن سلع وخدمات يستهلكونها حاليًا أو محاولة إيجاد مصادر أخرى للدخل..وكان قانون الخدمة المدنية الذي تم إقراره عام 2016، نص على زيادة سنوية فى الأجور تبلغ 7% على الأقل، وهي نسبة تقل عن المعتاد للزيادة السنوية للعاملين فى الدولة، ما خلق جدلا أثناء نقاش القانون عندما حذر نقابيون وبرلمانيون واقتصاديون من الأثر السلبي لانخفاض نسبة الزيادة السنوية للأجور على معيشة الأسر المصرية التي تعتمد على وظائف حكومية.وتجدر الاشارة هنا انه يبلغ عدد موظفى الدولة حاليًا حوالي 5.6 مليون موظف، ما يعكس انخفاض أعداد الموظفين بنحو مليون شخص بين عامي 2015 و2017، بحسب مصدر بوزارة التخطيط…وكانت الحكومة تعهدت فى اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، الذي اقترضت بمقتضاه 12 مليار دولار، بالحد من ارتفاع قيمة الأجور فى الموازنة كجزء من برنامج اقتصادي لتحرير الأسواق…ما هي الحلول إذن ؟
رؤية الخبراء
الدراسة الحديثة نشرت استطلاع لرؤية عدد من المتخصصين من خلال مقالات لهم أو تصريحات حديثة منشورة فى بعض وسائل الاعلام، تعليقا على ازمة الاجور..فالدكتور عبدالمنعم السعيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، يرى إن هيكلة الأجور فى مصر تتطلب العديد من الإجراءات والتفكير خارج الصندوق فى زيادة موارد الدولة، ومنها رفع معدلات إنتاجية العامل فى القطاعات الخدمية والإنتاجية فى مصر، ولذلك تستهدف الحكومة تطوير منظومة الأجور، وتحجيم فاتورة تضخم الأجور عن طريق تحويل البدلات والمكافآت إلى قيمة مقطوعة بدلا من ربطها كنسب إلى المرتب الأساسي، وذلك مع الحظر التام للتعاقد على بند “أجور موسمين” ضمن اعتمادات الباب الأول للأجور وعلى اعتمادات الباب الثانى والرابع وتخصيص الاعتمادات الواردة بهذه الأبواب للأغراض المخصصة لها، مع حظر كل الجهات الإدارية الداخلة فى الموازنة العامة للدولة، ومنع إصدار أى قرارات مالية من شأنها زيادة الحوافز أو المكافآت أو أى مزايا مالية أخرى معتمدة.
الغلاء
وتحت عنوان :”المواطن بين غلاء الأسعار وزيادة الأجور” يرى الباحث المالي والاقتصادي الكبير عبدالفتاح الجبالي أن الإحصاءات الاقتصادية التى نشرت أخيرا تشير الى بوادر التحسن فى الاقتصاد المصرى وبالتالي الاجور، وعلى الرغم من ذلك فإن المشكلة تظل فى الجزء الغائب عن الصورة، فالحكومة بالإجراءات الاصلاحية فى هذا المجال لاتخاطب المجتمع ككل ولكنها تخاطب شريحة معينة من العاملين بالدولة والجهاز الإدارى والهيئات الاقتصادية والقطاع العام، وهؤلاء جميعا يشكلون نحو 2٫15% من اجمالى المشتغلين ويتوزع الباقى على القطاع الخاص المنظم بنسبة 31٫3% والقطاع غير المنظم بنسبة 45٫8%، وبعبارة اخرى فان اى سياسة لتحسين الأجور والدخول يجب أن تشمل المجتمع ككل ولاتقتصر على فئة دون اخري. وهنا تجدر الإشارة الى ان إجمالى قيمة الأجور المدفوعة فى الاقتصاد المصرى تشكّل نحو 31% من الناتج المحلى الإجمالى وهو ما يمثّل خللاً هيكلياً فى «التوزيع الأوّلى» للدخل لصالح أصحاب الأعمال ورءوس الأموال والأصول (الأرباح والفوائد والريع) ولغير صالح العمال (الأجور) علما بأن هذه النسبة تصل إلى نحو 60% مثلا فى البلدان المتقدمة وهى المسألة التى لم تحظ بالاهتمام حتى الآن خاصة أن العاملين بأجر يمثلون 66٫5% من اجمالى المشتغلين خلال الربع الأول (يناير مارس) عام 2017، مقابل 108% اصحاب اعمال ويستخدمون آخرين، و13% يعملون لحسابهم. وهذه المسألة من الأهمية بمكان ويجب أن تحظى بالاهتمام من جانب المهتمين مع تأكيد ضرورة أن يكون النمو متوازنا وقادرا على توليد وظائف وخدمات كافية تسمح للجميع بالعيش فى أمن وكرامة وبالتالى يجب ان تعود بالنفع على جميع شرائح المجتمع.
هيكل الأجور
وقال نصا :”وعلى الجانب الآخر فقد لعبت السياسات الحكومية المطبقة فى الفترة السابقة دورا أساسيا فى تغذية هذه العملية، فعلى سبيل المثال مازالت سياسات الأجور لدى القطاع الحكومى والعام أفضل بكثير من السائدة لدى القطاع الخاص وخير دليل على ذلك قيام الحكومة بتطبيق الحد الأدنى للأجور والذى وصل الى 1200 جنيه شهريا لدى القطاعات المنطوية تحت الموازنة العامة للدولة والهيئات الاقتصادية ولكنها لم تتمكن من تطبيقها على القطاع الخاص ناهيك عن عدم الالتزام بقوانين العمل وتنظيماته وتوفير التأمين للعاملين ضد الصدمات. وهنا تشير البيانات إلى أن المتوسط الشهرى للأجور النقدية لدى القطاع العام والحكومة أعلى من مثيله فى القطاع الخاص. وعلى الرغم من ان قانون العمل الحالى رقم (12) لسنة 2003 أنيط به تنظيم هذه المسألة لأنه هو القانون العام الذى يحكم علاقات العمل فى المجتمع وفقا لما جاء فى المادة الثالثة منه. حيث يطبق على جميع العاملين فى المجتمع باستثناء العاملين بأجهزة الدولة، كما افرد القانون المذكور الباب الثالث بكامله للحديث عن الأجور فأشارت المادة ( 34 ) الى المجلس القومى للأجور والذى أنيط به وفقا لهذه المادة، وضع الحد الأدنى للأجور، على المستوى القومي. وكذلك وضع الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7 % من الأجر الاساسي. فى هذا السياق صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 بإنشاء المجلس القومى للأجور، وأشار فى مادته الثالثة إلى مجموعة من المهام يأتى على رأسها وضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومى بمراعاة نفقات المعيشة والوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار. ووضع الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7 % من الأجر الاساسى الذى تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية. مع تحديد هيكل الأجور لمختلف المهن والقطاعات والأنشطة بالدولة لتحقيق التوازن المطلوب فى توزيع الدخل القومي، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن للعديد من الأسباب ياتى على رأسها الازمة الاقتصادية التى مرت بها البلاد على مدى السنوات السابقة وغيرها من الامور. ولكن الآن وبعد ان استقرت الاوضاع فقد اصبحت الحاجة ملحة إلى ضرورة تفعيل دور المجلس فى جميع هذه الامور حتى يحظى العاملون بالقطاع الخاص بنفس المزايا التى يحظى بها العاملون فى القطاع الحكومى.”.
تبرير خاطئ!!
وحول تبرير الحكومة عدم تحديد الحد الأدني للأجور بانخفاض انتاجية العامل المصري، يرى الخبير الاقتصادي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أحمد سيد النجار ان هذا المبرر غير صحيح، وعرض البيانات التي تكذب تلك الدعاوي قائلا: ان انتاجية العامل المصري فى الفترة من 1980 إلى 1985 كانت 3670 دولارا سنوياً، و ارتفعت إلى 5960 فى الفترة (1990 – 1995)، بينما انخفضت الأجور فى نفس الفترات من 2220 دولاراً سنويا إلى 1860 دولاراً. وهو ما يعني أن الأجر ينخفض على الرغم من زيادة الانتاجية وليس العكس. وأشار “النجار “ إلى أن تجاهل المطالبة برفع الحد الأدني للأجور لعقود طويلة، والاكتفاء بالمطالبة بالأجور المتغيرة والبدلات جعل فجوة الأجر تتسع بشكل رهيب، وسيصبح من الصعب الوصول لحد أدني حقيقي مكافئ للحد الأدني الذي كان معمولا به حتي السبعينيات.
وأوضح النجار ضرورة وضع حد أقصي للأجر المتغير، بحيث لا يزيد على مثل الأجر الأساسي حتي تضيق الفجوة بين الأجور العليا والدنيا، ويكون للكبار مصلحة فى المطالبة برفع الأجر الأساسي، لافتاً النظر إلى أن نسبة الأجر الأساسي للمتغير فى الموازنة العامة للدولة قليل جدا، هو ما يفتح باب الفساد والمحسوبية. وحول ما يقال من جانب الحكومة من صعوبة تدبير الموارد لزيادة الأجور، قال “النجار” إنه فيما يتعلق بالقطاع الخاص يجب تطبيق درجة من العدالة حول تقسيم ناتج العمل، و قال ان الادعاء الدائم بالخسارة والتعثر تكذبه الثروات المتراكمة، وأوضح أن نسبة الدخول المتحققة من العمل إلى الدخول المتحققة من التملك فى مصر أصبحت 20% و 80%، بعد أن كانت فى الثمانينيات 49% و 51% على التوالي.. وعن تدبير الموارد لزيادة الأجور قال “النجار “ : أما فيما يتعلق بالحكومة فان اعادة تسعير الغاز المصدر لأسبانيا واسرائيل والأردن ليصبح بالسعر العالمي، بدلا من سعره الحالي، الذي يساوي خُمس السعر العالمي، سيوفر أكثر من 15 مليار جنيه ترفع الأجور بنسبة 90%، وبيع الغاز والمازوت والكهرباء لشركات الأسمنت بالسعر العالمي، والتي هي نفسها تبيع انتاجها فى مصر بأعلي من السعر العالمي سيوفر عشرة مليارات أخري، كما دعا النجار إلى تغيير النظام الضريبي وفرض ضرائب تصاعدية على الدخل، وعدم المساواة فى الشريحة الضريبية بين من يحقق دخل 40 ألف جنيه سنوياً، ومن يحقق دخل 40 مليون جنيه، وأكد النجار أن نظام الشرائح التصاعدية معمول بها فى كل الدول الرأسمالية، ومن الطبيعي أن أصحاب المصانع والمؤسسات هم الأكثر استفادة من البنية الأساسية والطرق والمرافق لذا ينبغي أن تكون مساهمتهم فيها أعلي عن طريق الضرائب.
تدبير موارد
ويري الباحث الاقتصادي أحمد عبد الحليم حسين أن الحل فى تدبير الموارد يكمن فى ادماج المكافآت والحوافز والبدلات ضمن الأجر الأساسي فى أي جهة فى اطار الحدين الأدني والأقصي المنشودين مع ابقاء مالا يزيد على 20% من الأجر الأساسي الجديد للأداء المتميز ويتم تعويض جميع العاملين سنويا وتلقائيا عن الغلاء برفع أجورهم الشاملة بنسبة التضخم، ويعاد النظر فى الحدين الأقصي والأدني كل ثلاثة سنوات بالتفاوض بين الحكومة و اتحاد نقابات العمال بدلا من الوهم المسمي المجلس القومي للأجور الذي لم يفعل ولن يفعل شيئا، ويتم تخفيض مخصصات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشوري والوزراء إلى النصف، وتحديد سيارة واحدة للوزير أو لمدير البنك أو لرئيس الهيئة والقطاع والمصلحة، وفرض ضريبة على أرباح الأنشطة الكمالية والترفيهية والاحتكارات تصل إلى 60% بدلا من 20%، وتخفيض الانفاق الحكومي الترفى والمظهري مثل الحفلات والاعلانات والمهرجانات والجوائز وسفريات المسئولين، وانهاء بذخ مآدب الغداء الرسمية، وتحديد سقف دخول كبار العاملين من الوظيفة وانهاء النظام المملوكي الحالي فى الأجور.
خطى ثابتة ولكن.
وكشف الخبير الاقتصادي هاني توفيق،عن طرق لمساعدة مصر على الإصلاح الاقتصادي وتجنب زيادة الأسعار ورفع الدعم عن المواطن المصري وزيادة الاجور.وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر تسير بخطى ثابتة على مسار تحقيق الإصلاح الاقتصادي، وهذا الأمر يستلزم طبقا لاتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي تقليل عجز الموازنة عن طريق خفض الدعم تدريجيا، ولكن الدولة تعمل فى هذا الاتجاه وكأن خفض الدعم هو الطريقة الوحيدة لخفض عجز الموازنة.وقال هاني توفيق:” كنت أتمنى أن تسير الدولة فى اتجاه آخر بالتوازي مع توسيع قاعدة المجتمع الضريبي، حيث يدفع الضرائب الأطباء والمهندسون والتجار والمقاولون وكل من لا يدفع، لأن هناك هدرا سنويا حوالي 400 مليار جنيه (224 مليون دولار)، ولذلك لا ينبغي الاتجاه بقدم واحدة.”وأضاف الخبير الاقتصادي المصري ان هناك طرقا أخرى تساعد الدولة على النهوض، منها التصدير وتقليل الاستيراد والإنتاج والعمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وأخطر ما يواجه مسألة الغلاء هذه هي البطالة، لذا يجب على الدولة أن تتجه إلى تشجيع الإنتاج وتشغيل المصانع المتوقفة أو فتح المجال للصناعات الجديدة..وأكد أن قناة السويس تجلب أرباحا لمصر بقيمة 5 مليارات دولار سنويا، ولكن مساعدتها للدولة تتضاءل، ولذلك يجب اتخاذ حلول أخرى مثل السياحة، التي كانت تجلب لمصر 13 مليار دولار فى السنة.
الأجور والأسعار
وترى الدراسة إن ما سبق هي حزمة من المقترحات والأراء المتوازنة لمساعدة الدولة فى إيجاد حد أدنى عادل للأجور بشكل علمى حيث إن الوضع الراهن ينذر بكارثة حقيقية على المدى القريب والبعيد نظرا لثبات الرواتب وارتفاع الاسعار الجنوني فى كل السلع، فمنذ اقل من شهرين شهدت اسعار الطاقة ارتفاعات جديدة، وتصاعدت معها باقي أسعار السلع الغذائية التي تمس الاسرة المصرية، فبجولة فى الاسواق المصرية تجد صرخات المواطنين المتتالية والمستمرة، حيث تتحرك الاجور ببطء بينما تسير الارتفاعات فى الاسعار بقوة و التي وصلت خلال عام إلى أكثر من 100% خلال السنوات القليلة الماضية، سواء فى الطاقة من كهرباء ومياه وغاز أو فى السلع الاساسية كالارز والسكر والزيت والخبز أو فى العقارات، وغيرها، فلا يخفى على أحد صرخات أولياء الامور عند دخول المدارس حيث تمثل عبئا كبيرا على كاهل الاسرة فى ظل ارتفاع الاسعار..واستشهدت الدراسة بمعلومات المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تأتي تحت عنوان «مطالبنا من الحد الأني للاجور» والتي كشفت فى مضمونها عن حالة تطور الحد الأدني للأجر الاسمي والحقيقي، والذي يشهد تراجعا ملحوظا مخالفا كل الكلام عن التطوير وتحسين حياة المواطن ومتنافيا مع كافة الاتفاقيات والمواثيق العربية والدولية التي وقعت عليها مصر..
اتفاقيات
ويجدر بالذكر فى هذه الدراسة أن هناك بعض التوصيات والاتفاقيات الدولية والعربية والتي تدعو وبشكل عاجل إلى وجود حد ادني عادل وتلزم الحكومة بوضع حد ادني للأجور يتماشى مع الأسعار، حيث تضع منظمة العمل الدولية بعض المحاور لوضع حد ادني عادل يتمثل في:1- المساهمة فى وضع السياسات الشاملة والمستقرة والعادلة للأجور فى القطاعين العام والخاص مع الأخذ فى الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية والمالية للدولة. 2- إعمال مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي وتأكيد مبدأ الأجر كحافز للانتاج وذلك بغرض الاستقرارالوظيفي.3-وضع موجهات وأسس ومعايير ازالة المفارقات فى الاجور.4- تكوين مركز للمعلومات والبيانات التي تستخدم فى الدراسات والبحوث المتصلة بالأجور. 5-اقتراح الحد الأدني للأجور ومتابعة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على ذلك.6- معالجة الأجور فى اطار متكامل ومتوازن يراعي النواحي الاقتصادية والاجتماعية وتكاليف المعيشة والأسعار.
المواجهة
وفى النهاية رأت سكرتارية العمل والأجور فى الاتحاد العام لنقابات عمال مصر انه فى ظل التحديات السابقة من الارتفاعات المتواصلة فى الأسعار والسير ببطء فى عملية رفع الأجور، فلابد من حد ادني للأجور يكون مناسب لكي يعيش عامل فى بداية حياته بشكل أدمي وفى بيئة عمل لائقة .

التعليقات متوقفه