سكك حديد مصر.. ديونها تجاوزت الـ 43 مليارًا.. وتحتاج 55 مليارًا للتطوير.. %85 من القطارات متهالكة.. %50 عجزًا فى العمالة.. وتراجع الإنتاجية إلى %30

291

تشهد هذه الفترة حراكا واضحا من الدولة تجاه مرفق السكة الحديد، خاصة بعد حادث قطار محطة مصر،وقد اكد الفريق” كامل الوزير” وزير النقل على ضرورة ان يكون هناك مهلة على الاقل شهرين او ثلاثة حتى يرى الجميع تطور ما فى كافة قطاعات الوزارة بشكل عام وهيئة السكة الحديد بشكل خاص، مشددا على أنه يتم العمل على تطوير الورش وتوفير قطع الغيار الأصلية للجرارات، واصفا ورش الصيانة بـ” عصب” السكك الحديدية، لذلك تسعى الوزارة لتصنيع قطع غيار أصلية، مؤكدًا أن الورش قوية وعلى مستوى جيد ولكن تنقصها الأدوات وقطع الغيار، ورغم ذلك لايزال الحديث عن تدهور أوضاع الهيئة مستمرًا، والمثير للازعاج هو مجىء مصر فى المرتبة 78 على مستوى العالم فى مجال السكك الحديدية بعد أن كانت رقم 2 بعد بريطانيا، بعدما تجاوزت ديون الهيئة 43 مليار جنيه،فى حين تحتاج إلى 55 مليار جنيه، لتطوير المنظومة وتشمل المحطات والوحدات المتحركة.
وبرصد عقبات ومشاكل الورش يأتى فى المقدمة، عدم توافر قطع الغيار التى تحتاجها القطارات خلال صيانتها وتجهيزها فى الورش، العاملون يعانون معاناة كبيرة خلال تجهيز القطارات للقيام برحلاتها اليومية بسبب عجز قطع الغيار وتقادم حالة القطارات85% منها متهالكة، فالعربات والجرارات متقادمة مما يصعب تجهيزها وصيانتها قبل القيام بكل رحلة، ومن يصدق ان جرارات “هنشل الالمانى” هى التى تضمها ورش الهيئة حتى الان منذ عام 1974و1977، وأغلب أجزاءها توقفت الشركات المصنعة لها عن إنتاجها نهائيا على مستوى العالم، ومن أبرز قطع الغيار الناقصة فى الورشة، الفرامل بأنواعها خاصة الفيبر، وسيلندرات الروابط، وبلوف التقسيم، بجانب عدم توافر عجل بديل للعربات، فالعربات من نوعية “بواجى جانز” تحتاج قطع غيار، أما عربات الـ”يو.آى.سى” فتحتاج إلى تشريك وإحلال وتجديد، فرغم ان عمرها الافتراضى انتهى من عشرات السنين، إلا أنها ما زالت فى الخدمة حتى الآن، اما عن قسم الدفاع والحريق بالورش،فلا توجد إمكانات كافية لتجهيز عربات القطار بالطفايات، وهناك حاجة لـ 500 طفاية لسد العجز على سبيل المثال فى احدى الورش، واجهزة اللاسلكى التى تتواصل بها مع الأبراج لمعرفة حركة القطارات اغلبها اما مكسور واما متهالك وكذلك الكشافات لا تعمل فى بعض الأحيان، والاخطر هو ان الجرارات الجديدة التى نجحت الهيئة فى احضارها والمقدرة بـ40 جرارا جديدا فى كل ورشة تكلفة الواحد منها 15 مليون جنيه، إلا أن القديمة أفضل منها فى قوة الجر ومستواها عال ما يجعل الرؤية أفضل على عكس الجديدة المنخفضة والتى لا تزيد على كونها مجرد هيكل، الامر الذى قد ينذر بكارثة جديدة فى أى لحظة بسبب تكرار أعطالها. ورغم انه من الطبيعى والمعتاد ان يتم قبل قيام كل قطار برحلته تجهيزه داخل الورش والكشف عليه وفحصه جيدا لاصلاح أى ملاحظات أو عوارض يتم اكتشافها به خلال تجهيزه، الا أن كافة ورش الهيئة تعانى من عجز فى العمالة الفنية بها بشكل كبير،الوضع الذى ينعكس بشكل واضح على سير العمل داخل الورش،كما يجعلهم يعملون تحت ضغط ظروف صعبة، فورشة التجهيز اليومى للعربات تعمل على مدار 24، من خلال ورديتين كلا منهما يعمل 12 ساعة والوردية فيها 9 عاملين فقط رغم أن قوتها يفترض 17 عاملا، بينما انخفض عددها بعد خروج أغلب العاملين على المعاش وعدم تعيين غيرهم، ما يعنى العجز تقريباً فى الوردية 50%، من جانبه، اشار”مصطفى محمد حسن” المهندس بإدارة التجديدات بالهيئة، الى ان هناك نقصا فى العمالة التى تقوم بأعمال الصيانة والتجديدات للسكة الحديد بنسبة 50%، موضحاً أن “البوسطة” وتعنى مساحة 10 كيلو مترات فردى و5 كيلو مترات مزدوج بالسكة الحديد تحتاج إلى 10 أفراد للمتابعة والتأكد من سلامة السكة وإصلاح ما يجب إصلاحه أو تجديدهبينما على ارض الواقع فأن البوسطة بها واحد أو اثنان فقط وهو ما يؤثر على الأداء ويترتب على ذلك تراجع الإنتاجية إلى 30%، وفى ظل هذا العجز مطلوب من العامل أن يتأكد من سلامة خط السكة الحديد، خاصة وان20% من الخطوط بحاجة إلى تجديدات نتيجة الأحمال المتزايدة للقطارات التى تسير عليها ونقص العمالة التى تقوم بصيانتها، فيما اشتكى عدد كبير من العاملين بالورش من انخفاض المرتبات والحوافز رغم أنهم يتعرضون لمخاطر كبيرة خلال عملهم، وبعضهم يتعرض لإصابات مستديمة، ورغم ذلك يحصلون على بدل مخاطر أقل من باقى طوائف التشغيل، وذكر”زكريا شحاتة” “فنى تكييف” بورش الهيئة ان من يقومون بأعمال الصيانة بالورشة عمال عاديون وليسوا فنيين متخصصين، مشيرا الى انه نحو 80% من العاملين بورش السكة الحديد غير فنيين،ومع ذلك يحاولون ان “ يعملوا من الفسيخ شربات” فى ظل نقص الإمكانيات ونضطر للاستعانة بأجزاء من “الجرارات العطلانة” لتجهيز القطارات قبل الرحلات يوميًا، وللتغلب على مشاكل الأعطال المتكررة للجرارات.
من جانبها، بدأت الهيئة فى دراسة تطبيق نظام جديد على سائقي القطارات، ومراقبي أبراج الإشارات، يعرف باسم” نظام الرُخصة” من أجل زيادة الانضباط، واتباع إجراءات السلامة والأمان فى التشغيل، يشبه هذا النظام الرُخصة فى قانون المرور الجديد، حيث يمنح السائق رخصة، وبها نقاط تجدد كل عامين، بحيث سيتم خصم نقاط على كل خطأ يرتكبه سائق القطارعلى ان يتم الكشف على السائق طبيًا ونفسيًا، وإذا اجتاز الامتحان تجدد له الرخصة، وإذا فشل فى الاختبار وتم استهلاك رصيده من النقاط يدخل فى دورة تدريبية وتأهيلية أخرى، وتمنح هذه الرخصة من قبل قطاع السلامة والمخاطر بالهيئة والموارد البشرية، بحيث يتم مراجعة قرارات الجزاء فى حالة وجودها قبل استصدار أو تجديد الرخصة للعامل للتأكد من سلامة استمرار وجود العامل فى تلك الوظيفية من عدمه، على ان يتم تطبيق هذا النظام بشكل تدريجي على الدفعات، التي التحقت بالعمل فى السكة الحديد فى السنوات الثلاث الماضية، ومن المخطط أن يتم تطبيقه فى يناير من العام المقبل على جميع السائقين ومراقبي الإشارات، وكل ما يتعلق بالتشغيل والأمن والسلامة، وهذا النظام مطبق فى معظم دول العالم، والهدف منه مزيد من الضوابط فى الأمن والسلامة خاصة، وأن السائقين ومراقبي الإشارات مسؤولون عن ٣٠٠ مليون راكب يستخدمون القطارات سنويًا، ويستهدف حماية أرواح الركاب والعاملين، بالاضافة الى خضوع نحو 4500 سائق قطار لتحليل المخدرات وكشف طبى ونفسي أول إبريل المقبل، بحيث يكون هناك عقوبات رادعة تصل للفصل النهائي من العمل حال ثبوت نتائج إيجابية بين السائقين لتعاطى المخدرات، وسط تعليمات مشددة من الوزير بعدم التهاون فى الكشف على سائقى القطارات بشكل خاص لأنهم مسؤولون عن أرواح بالقطارات التي يقودنها، وأنه لا يوجد أي تلاعب فى نتائج هذه التحاليل، حفاظا على العمل بالمنظومة، اما عن لائحة جزاءات العاملين بالسكة الحديد فقد تم تعديلها بحيث تبين عقوبات المخالفين لتعليمات التشغيل، لردع المخالفين، وتحدد عقوبة المهمل والمتسبب فى الإضرار بأرواح المواطنين أو ممتلكات المرفق، وبها عقوبات جزائية وتصل إلى المحاكمة التأديبية فى حالة حدوت ضرر جسيم بسبب الخطأ،والفصل النهائى من العمل بجانب ما تقرره النيابة العامة والمحكمة تجاه المخالفات التى تصل إلى درجة العقوبات الجنائية.

التعليقات متوقفه