الأهم في زيارة السيسي إلى أمريكا !

587

تقرير :عبدالوهاب خضر

لا يوجد عندي أدني شك ان الرئيس عبدالفتاح السيسي أبلغ الإدارة الأمريكية بأن موقف مصر ثابت من بعض القضايا والملفات المصيرية في منطقة الشرق الأوسط ، خاصة وأن مصر في عهد السيسي غيرت جذريا من سياستها الخارجية من التبعية للدول الغربية إلى سياسة الاختلاف في المواقف السياسية والاستراتيجية مع الاحتفاظ بالشراكة المبنية على أسس واضحة،لهذا سنجد مواقف مصرية معارضة تماما لقرارات الإدارة الأمريكية في ضم القدس والجولان المحتل تحت السيادة الإسرائيلية،إضافة إلى موقف مصر الرافض لصفقة القرن، رغم “خباثة” ترامب و”الاعيبه”،ومحاولة الضغط على مصر لدعم “بلاده” في هذا الإتجاه .. فحسب رؤية للباحث الأمريكي من أصول مصرية نزيه جرجس والتي أعلن عنها منذ ساعات للتليفزيون الروسي ،بأنه لا يثق بالمرة بالرئيس الأمريكي وألاعيبه وكذبه المستمر،فأن علاقة “ترامب” بإسرائيل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، علاقة مزعجة للغاية، خاصة بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وضم الجولان لإسرائيل، ومحاولات توطين الفلسطينيين في سيناء، والتي تمت مناقشتها بين دونالد ترامب ونتنياهو في زيارته الأخيرة لواشنطن،مستشهدا بأن دونالد ترامب قام باقتطاع وتأخير 250 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر بعد الزيارة السابقة  للرئيس السيسي للبيت الأبيض مباشرة، بناء على دعوة خاصة من “ترامب”، مما يعكس غضب الأخير من شيء ما، و مما لاشك فيه أن ذلك الغضب كان بسبب عرض فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء، ورفض الرئيس السيسي القاطع لها. ويرى بعض المحللين أن “ترامب” يريد لنتنياهو أن يفوز في الانتخابات الإسرائيلية بالإضافة إلى إقناع مصر بتوطين الفلسطنيين في سيناء ،للإستمرار في مافعله سابقا بشأن نقل السفارة الأمريكية وإعطاء الجولان لتل أبيب، ليضمن استمراره في الحكم،وهو ما سيقابل بالرفض “الديبلوماسي” من جانب “السيسي” الذي يلعب على وتر نقد سياسات الرئيس الأمريكي السابق”أوباما” وهو ما يكون له وقع الموسيقى في أذن “ترامب”.

وفي نفس السياق ،فقد يرى البعض أن تعهد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مصر حال شرائها مقاتلات روسية من “طراز سو-35″،وقول بومبيو، في جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي المختصة بميزانية العام 2020 أن “الإدارة الأمريكية” أكدت بوضوح أن شراء مثل هذه المنظومات سيتسبب في تطبيق عقوبات بالتوافق مع قانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات..فالرؤية الصائبة لهذا الملف ،وهو الأهم والأخطر من وجهة نظر “امريكا”، فإن القيادة السياسية والأمنية المصرية سوف تستخدمها كورقة ضغط على “الإدارة الأمريكية ” للحصول على اكبر مكاسب من تلك الزيارة التاريخية خاصة في الملف الإقتصادي ،ويجب هنا أن نوضح أن زيارة الرئيس السيسي لأمريكا تتزامن مع قيام الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى،اليوم الأربعاء ،وخلال مشاركتها فى اجتماعات الربيع للبنك الدولى، بالعاصمة الأمريكية “واشنطن”، بعرض التجربة المصرية في الاصلاح الاقتصادى والتشريعي، والفرص الاستثمارية فى المشروعات القومية الكبرى منها محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، وذلك فى ضوء توقع ” البنك” مؤخرا أن مصر ستحقق ثانى أعلى نمو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا خلال العام الجارى، بنسبة 5.5 % وذلك فى ضوء الاصلاحات الاقتصادية والتشريعية التى نفذتها مصر خلال الفترة الماضية.

إن “الإدارة الأمريكية” مجبرة الأن بالتعامل مع مصر كدولة محورية ومستقرة ،وحققت نجاحا غير مسبوق في مواجهة الإرهاب ،وأصبحت ورقة رابحة في التعامل معها ،وأرضا خصبة للإستثمار ،في ظل تلك المشروعات العملاقة التي تشهدها مصر ،وحسنا فعل المركز الأعلامي لمجلس الوزراء عندما نشر أمس الثلاثاء تقريرا مفصلا سلط خلاله الضوء و”بالإنفوجراف”،على أبرز جوانب التعاون بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية والتي شهدت تطوراً كبيراً لاسيما خلال الفترة الأخيرة في عدد من المجالات.وأوضح أنه فيما يتعلق بحجم الاستثمار بين البلدين، فإن الولايات المتحدة تعد ثالث أكبر مستثمر في مصر في 2017/2018، بينما تعد مصر أكبر متلقي للاستثمار الأمريكي في أفريقيا، والثانية بالشرق الأوسط، حيث بلغت نسبة الاستثمارات الأمريكية في مصر 17.7% من إجمالي الاستثمارات الواردة، كما ارتفع حجم استثمارات الولايات المتحدة في مصر بنسبة 22.5%، لتصل إلى 2244.4 مليون دولار عام 2017/2018 مقارنة بـ 1832.9 مليون دولار عام 2016/2017.

وأشار التقرير، أن إجمالي رأس المال الأمريكي في مصر بالقطاعات غير النفطية بلغ 2.6 مليار دولار موزعة على 1268 شركة، في حين بلغت إجمالي الاتفاقيات الثنائية الموقعة في إطار برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية 600 مليون دولار منذ عام 2014 وحتى الآن، وأخيراً تم تخصيص 200 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال من خلال صندوق الأعمال المصري– الأمريكي منذ عام 2014 وحتى الآن.وبشأن التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، فقد كشف التقرير عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 34% ليصل إلى 7.5 مليار دولار عام 2018 مقارنة بـ 5.6 مليار دولار عام 2017، كما ارتفعت كذلك الصادرات المصرية غير البترولية للسوق الأمريكي بنسبة 14.8% لتصل إلى 1658 مليون دولار عام 2018 مقارنة بـ 1444 مليون دولار عام 2017.أما فيما يتعلق بأبرز الولايات الأمريكية المستوردة من مصر عام 2017، فقد احتلت ولاية نيوجيرسي المرتبة الأولى بقيمة واردات بلغت نحو 270.4 مليون دولار، تلاها كاليفورنيا بقيمة 231.6 مليون دولار، وجورجيا بقيمة 193.7 مليون دولار، ونيويورك بقيمة 189.5مليون دولار، وأخيراً ولاية تكساس بقيمة 135.4 مليون دولار.وعلى الجانب الآخر، فإن أهم الولايات الأمريكية المصدرة إلى مصر عام 2017، هي على الترتيب ولاية لويزيانا بقيمة صادرات بلغت نحو 835.1 مليون دولار، تلاها تكساس بقيمة 720.5 مليون دولار، وواشنطن بقيمة 375.9 مليون دولار، ثم ماريلاند بقيمة 243.4 مليون دولار، وأخيراً بنسلفانيا بقيمة 157 مليون دولار.كما جاء في “الإنفوجرافات” إشادات المسئولين الأمريكيين بالأداء الاقتصادي المصري، حيث أشاد وزير الخارجية الأمريكي بالتقدم الذي حققته مصر على مدار السنوات الأخيرة من أجل تلبية تطلعات الشعب المصري نحو مستقبل أكثر ازدهاراً، مبرزاً الإنجازات في مجال الطاقة، فيما أقر الوفد الأمريكي خلال لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي بالخطوات الاستباقية التي اتخذتها مصر نحو تهيئة بيئة ملائمة للأعمال وأشاد الوفد بالإصلاحات التي تبنتها الحكومة لتعزيز النشاط الاقتصادي وجذب الاستثمار ، وأعرب عن رغبته في توسيع وجودها في البلاد.وفي نفس السياق، فقد أشارت الإنفوجرافات إلى أن أبرز الشركات الأمريكية المستثمرة في مصر، هي شركة أباتشي والتي تعد واحدة من أكبر شركات إنتاج النفط والغاز في العالم، وأكبر مستثمر أمريكي في مصر، حيث بلغ إجمالي استثماراتها 17 مليار دولار، وتعتبر أكبر منتج للنفط في مصر عام 2017، وقد وصل حجم إنتاج الشركة في مصر عام 2017 نسبة 35% من إجمالي إنتاجها، فضلاً عن ‏30 مليون دولار منحة توقيع بالإضافة إلى 9 مليون دولار استثمارات تمثل قيمة اتفاقية بترولية جديدة ‏عقدتها الهيئة المصرية للبترول مع أباتشي لحفر 7 آبار بشرق البحرية بالصحراء الغربية في يوليو 2018.‏ فيما تعد شركة جنرال إلكتريك واحدة من أهم الشركات المستثمرة في مصر, حيث تشارك منذ أكثر من 40 عام في المشروعات المصرية الخاصة بالتنقيب عن البترول والغاز وتوليد الطاقة، وتضيف الشركة 2.6 جيجا وات من الطاقة إلى شبكة الكهرباء في مصر بالتشارك مع الشركة المصرية القابضة للكهرباء (EEHC) في إطار “برنامج تعزيز الطاقة المصري”، فضلاً عن تعاونها مع Carbon Holdings لبناء أكبر مصنع لتكسير النفتا في العالم بمصر بقيمة 3.8 مليار دولار أمريكي،ومن المقرر أن يوفر 20 ألف فرصة عمل خلال تنفيذه، وكذلك زيادة صادرات البلاد من النفتا بنسبة 25%، كما قامت الشركة بتركيب 140 توربين غازي وبخاري متطور في مصر حتى الآن مما يولد 15.5 جيجا وات من الطاقة الكهربائية لتلبية احتياجات أكثر من 15 مليون منزل، وأخيراً بلغت تكلفة الاتفاقية التي عقدتها الشركة مع وزارة النقل وهيئة سكك حديد مصر 575 مليون دولار لتوفير القاطرات وقطع الغيار والخدمات.وبشأن شركة آبل، فقد أكد “تيم كوك” الرئيس التنفيذي للشركة على اعتزام الشركة القدوم إلى مصر للاستثمار المباشر، ويتم حالياً دراسة الخطط والهياكل المقترحة لمجالات الاستثمار المستهدف، مضيفاً أن هناك 38 ألف شخص يعملون مع شركة آبل داخل مصر في مجال تطوير تطبيقات برامج iOS.أما فيما يتعلق بشركة أكسون موبيل، فقد أشارت الانفوجرافات، إلى أنها أكبر شركة بترول عالمية تدخل مجال البحث والاستكشاف لأول مرة في مصر، وقد فازت بالقطاع رقم ٣ شمال شرق العامرية البحرية في مزايدة «إيجاس» لعام 2018 باستثمارات حدها الأدنى 220 مليون دولار، لحفر 4 آبار، وأخيراً توفر الشركة 416 محطة وقود على مستوى محافظات الجمهورية.

ورغم محاولات “القلة” تشوية والتقليل من أهمية زيارة السيسي إلى أمريكا إلا أنها زيارة ناجهة 100 % ،وعلينا ألا نقلق من تلك المحاولات الفاشلة “فالشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحجارة ،كي يأكل منها العجزة” .

*عبدالوهاب خضر.

التعليقات متوقفه