الليرة التركية في مواجهة ضغوط خارجية وداخلية

318

انخفضت الليرة التركية بنحو 3% خلال تعاملات يوم الثلاثاء الماضى بعد أن تناولت وسائل الإعلان أخبار عن تعليق الولايات المتحدة تسليم المعدات المتعلقة بطلب تركى للطائرات المقاتلة من طراز F-35 محذرة من أن إصرار أنقرة على شراء أنظمة دفاعية روسية سيُجبر الولايات المتحدة على فرض عقوبات على تركيا.

يأتي هذا الانخفاض بعد فترة مضطربة في أسواق تداول العملات الأجنبية حيث بلغ معدل اقراض الليرة الرئيسى 1200% وسط مطالبات بالتدخل الحكومى، وقد فقدت العملة التركية ما يقرب من 30% أمام الدولار خلال العام الماضى في عمليات بيع مكشوفة متتابعة بسبب المخاوف من استقلال البنك المركزى وتفاقم الأوضاع عقب تدهور العلاقات مع واشنطن.

وعلى ما يبدو أن العوامل التي خٌلفت أزمة الليرة التركية العام الماضى أعادت الاهتمام مرة أخرى، حيث تشعر واشنطن وحلفاؤها الآخرون في حلف الناتو بالقلق من أن الرادار على نظام الصوايخ الروسية S-400 الذى تشتريه تركيا سوف يتعلم كيفية تتبع الطائرة F-35، مما يجعلها أقل قدرة على التهرب من الأسلحة الروسية.

وقال مسؤول أمريكى رفيع المستوى أن ما تفعله تركيا من شراء طائرة S-400 يعرضها لخطر فرض عقوبات، وأضاف أن هناك الكثير من التوقعات أن يتم حل هذا النزاع.

وقد عرضت الولايات المتحدة على تركيا نظام باتريوت المضاد للصواريخ في صفقة مخفضة في محاولة لإقناع تركيا بالتخلى على خططها لشراء S-400، فيما أبدت تركيا اهتمامها بنظام باتريوت ولكن ليس على حساب التخلي عن نظام S-400.

فيما رفض الرئيس التركى “رجب طيب أردوغان” التراجع عن شراء أنقرة لنظام دفاع صاروخى روسى من طراز S-400.

يعتبر الخلاف الأحدث في سلسلة من النزاعات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا هي المطالب التركية بتسليم الولايات المتحدة رجل الدين الاسلامى “فتح الله غولن”، بالإضافة إلى الاختلافات حول سياسة الشرق الأوسط والحرب في سوريا وقضية هضبة الجولان.

أزمات داخلية
تعرضت الليرة التركية أيضًا لضغوط من التطورات السياسية الداخلية، حيث دفع تقلب العملة في الفترة التي سبقت الانتخابات المحلية يوم الأحد الماضى لقيام البنك المركزى التركى بتعليق آلية الريبو لمدة أسبوع وهى خطوة ينظر إليها المحللون على أنها “باب خلفى” للتشديد النقدى مما أثار المخاوف من أن البنك المركزى كان تحت ضغط من الساسة لتخفيض معدل الفائدة.

وقد فقدت الليرة التركية ما يصل إلى 2.5% أمام الدولار الأمريكي يوم الاثنين بعد أن أظهرت النتائج أن حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه الرئيس “رجب طيب أردوغان” في طريقه لفقدان السيطرة على كل من أنقرة وإسطنبول، ليعانى أردوغان من أكبر خسائر انتخابية منذ عقود في الانتخابات المحلية، في إشارة إلى تأثر شعبيته بالركود الذى تسببت فيه خسائر الليرة في جزء كبير منها.

وقال مسؤولون في الحزب يوم الثلاثاء الماضى إن حزب العدالة والتنمية قدم اعتراضات على النتائج في جميع مقاطعات المدينتين.

ويرى المحللون أن الليرة تتعرض للضغوط بسبب المشاكل الهيكلية للاقتصاد التركى، خاصة وأن العجز المتزايد في الحساب الجارى قد يعمق الركود من خلال المزيد من انخفاض في قيمة الليرة بما سيتسبب في ارتفاع معدلات التضخم وتكاليف الاقتراض.

وقد أدى الانكماش المحتمل للاقتصاد في الربع الأول من عام 2019 ومشاكل الديون الخارجية الثقيلة للشركات إلى محادثات حول الحاجة إلى برنامج لصندوق النقد الدولى بعد الانتخابات المحلية، وعلى الرغم من أن الوضع الاقتصادى يبدو أنه يؤثر على حزب العدالة والتنمية الحاكم إلا أن الحكومة نفت بشدة الحاجة إلى تمويل من صندوق النقد الدولى.

ومن جهة أخرى إن التباطؤ الاقتصاد العالمى وتزايد التوترات مع الولايات المتحدة يجعل آمال تركيا في تحسين اقتصادها من خلال زيادة الصادرات أكثر صعوبة.

التعليقات متوقفه