خبراء يتوقعون صعود للحركة الصوفية فى مواجهة « الاخوان» فى السودان

عمرو فاروق: «الجماعة» تراوغ من أجل إعداد دور جديد لها فى المشهد السياسى ثروت الخرباوى: الصوفية ستصعد سياسيًا باعتبارها الأقوى فى السودان

335

بمجرد تنصيبه رئيسا للمجلس المجلس العسكري الانتقالي فى السودان خلفا لعوض بن عوف، الذى اعلن تنازله عن منصبه، دخل «عبد الفتاح البرهان» الرئيس الثاني للمجلس بعد الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير، فى مباحثات مع عدد من قوى المعارضة، حيث التقى بقادة من أحزاب الأمة القومي والشيوعي والمؤتمر السوداني والناصري والبعث، لبحث «مسألة تشكيل الحكومة المقبلة»، ويأتي ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه تجمع»المهنيين السودانيين»، الذي يقود الاحتجاجات فى البلاد منذ أكثر من 4 أشهر، عن استمرار الاعتصام أمام مقر قوات الجيش فى العاصمة الخرطوم، حتى الإسقاط الكامل للنظام الحالى بكل مكوناته الشمولية ورموزه الفاسدة، وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.
رفض شامل
ورغم القرارات التى اتخذها «البرهان» فور توليه والخاصة بالغاء حظرالتجول الليلي الذي فرضه سلفه، والإفراج عن كل من تم سجنهم بموجب قانون الطوارئ الذي فرضه الرئيس البشير، الا ان ساحات السودان مازالت ممتلئة بالمتظاهرين الرافضين بكل اوجه النظام على مختلف مستوياته، فلم يرضيهم تعهد «البرهان» بالتزام المجلس الانتقالي العسكري بإرساء الحكم المدني، خلال فترة انتقالية مدتها عامان كحد أقصى، يتم خلالها أو فى نهايتها تسليم حكم الدولة لحكومة مدنية مشكلة من قبل الشعب، حيث أصدر «تجمع المهنيين السودانيين» المعارض بيانا حول التطورات الأخيرة فى البلاد، عبر فيه عن رفضه تعيين عبدالفتاح البرهان رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي، خلفا لوزير الدفاع عوض بن عوف، مؤكدا خلال البيان «لا لأوجه تتبدل أقنعتها من البشير إلى ابن عوف والبرهان»، مشددا على أن مطالب الشعب من السلطات «لا تقبل المساومة أو التلاعب بها»، وقد دعا التجمع، الذي يعد إحدى القوى الأساسية التي تقود الحراك الشعبي ضد المنظمة السياسية القائمة، القوات المسلحة إلى «ضمان نقل فوري للسلطة إلى حكومة مدنية انتقالية عبر المجلس القيادي لقوى إعلان الحرية والتغيير، وإلغاء أي قرارات تعسفية من قيادات لا تمثلها ولا تمثل الشعب، والتحفظ على جميع رموز السلطة الماضية من المتورطين فى جرائم ضد الشعب حتى عرضهم على محاكمات عادلة يحاسبون فيها على ما فعلوه، مشيرا الى ان الاعتصام مستمرأمام مقرالقيادة العامة للقوات المسلحة فى العاصمة الخرطوم وفى الولايات، والإضراب الشامل قائم حتى نقل السلطة كاملة لحكومة مدنية انتقالية. واعتبر خبراء فى الشأن السودانى ان خروج جماعة الإخوان المسلمين فى السودان، فور الانقلاب على البشير، لتعلن ترحيبها بالخطوة، الأمر، «مراوغة سياسية» للجماعة، ومحاولة إعداد دور جديد لها فى المعادلة السياسية، فيقول الباحث فى شؤون تيارات الإسلام السياسي، «عمرو فاروق»، إن الشعب السوداني تحرك منتفضًا ضد الحركة الإسلامية السياسية، المكون الأساسي والممثل عن تنظيم الإخوان فى السودان، وليس ضد البشير فقط، وهو ما ينسحب بالضرورة على مصير التيار الإسلامي السوداني وغير السودانيين المقيمين على أراضي الخرطوم، مشيرا الى ان بيانهم الاخير يأتي فى إطار المراوغة والانتهازية السياسية التي تجيدها الجماعة على مدار تاريخها فى مختلف الأقطار العربية.
واكد» فاروق» ان الجماعة تحاول غسل يدها من جرائم نظام البشير على مدار حكمه، فأنضمت لصفوف المتظاهرين فى محاولة منها لإيجاد مساحة لها داخل المشهد السياسي والعودة لسدة الحكم فى نسخة جديدة مختلفة تحاول من خلالها عقد صفقات سياسية مع النظام السياسي الجديد، مشددا على أن المشهد داخل السودان ما زال مقلقًا، نظرًا لارتباط وتشعب قيادات الحركة الإسلامية داخل مؤسسات وكيانات الدولة والحزب الحاكم، ما يعني وجود تدخلات غير معلومة لصالح التغاضي عن جرائم نظام البشير وأعوانه من قيادات المكون الإسلامي، موضحا ان التوافق على البرهان باعتباره غير موال لجماعة الإخوان، مجرد خطوة، فالتنظيم الدولي للإخوان لن يترك المشهد داخل السودان يمر دون تدخلات تحقق مصالحه، ما يعني أن ترتيبات المشهد السوداني ستشهد الكثير من المفاجآت نتيجة تعدد الولاءات السياسية، فالإخوان سيسعون لتحويل السودان خلال الفترة المقبلة إلى قبلة لمختلف تيارات السلفية الجهادية، وتحويلها لغرفة عمليات جديدة بعد سقوط معسكر سوريا والعراق، واستهداف خصومهم السياسيين، كنوع من الترويج بأن الإخوان يمثلون المنهج الوسطي، ولا بد من تواجدهم للقضاء على الفكر المتشدد فى مقابل داعش والقاعدة.
الصوفية
بينما توقع «ثروت الخرباوي»، القيادي الإخواني المنشق، صعودًا سياسيًا للحركة الصوفية باعتبارها الأكبر والأقوى فى السودان والعالم، مشيرا إلى أن تنظيم الإخوان ليس بالقوة التي يتصورها الكثيرون، فى ظل انقسامات ضربت التنظيم أكثر من مرة، والتي كان أكبرها انقسام حسن الترابي، مضيفا أن جماعة الإخوان استمدت قوتها من تولي البشير الحكم، حيث كان عضوًا فاعلًا فيها، فى ظل عدم قدرتها على اختراق الحركة الصوفية السودانية، فقد كان له الدور الاكبر فى حماية تنظيم الإخوان خلال حكمه، وكان يتخذ مواقف معادية ضد من يهاجم الإخوان مثل حسن الترابي، زعيم حزب المؤتمر الشعبي، وصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي، ويدعم بعض المعسكرات لتدريب بعض الإخوان المصريين جهاديًا وإرسالهم إلى مناطق المنازعات العربية مثل سوريا وليبيا.
واضاف « الخرباوى» انه من المقاربات الشائعة فى فهم تجربة الحركة الإسلاميّة السودانيّة فى الوصول إلى الحكم، تلك المقاربة التي تنظر إليها كتجربة وصول إلى الحكم عن طريق استغلال أو توظيف للجيش السودانيّ واحتواء لكبار قادته وكوادره داخل الحركة الإسلاميّة، علاوة على مقاربة أخرى، أكثر نقديّة ودقة، تفسر التجربة على أنها «تحالف» تم بين الحركة الإسلاميّة السودانيّة وقيادات فى الجيش السودانيّ ولكنها كثيراً ما تتغافل عن أثر هذا التحالف فى التطور التاريخيّ للنظام الحاكم فى السودان وموازين القوى داخل ذلك النظام فى الثلاثين سنة الماضيّة.
فيما يرى»طارق العلى» الاعلامى السودانى ان تنصيب»عبدالفتاح البرهان» رئيسا للمجلس المجلس العسكري الانتقالي فور تنحي وزير الدفاع عوض بن عوف عن رئاسة المجلس العسكري الانتقالي وإقالة نائبه كمال عبدالمعروف من منصبه، عقب إعلان الجيش السوداني عزل الرئيس عمر البشير، وضع له وجهان، الاول هو رفض الشعب له باعتباره احد رجال البشير، حيث ورد اسمه ضمن القرارات الرئاسية التي أصدرها الرئيس السوداني عمر البشير فى شهر فبراير الماضى، والتى شملت تعيينات وتعديلات فى رئاسة الأركان والجيش السوداني، حينها قام البشير بترقية عبدالفتاح البرهان من رتبة الفريق الركن إلى رتبة الفريق أول، وعيَّنه مفتشاً عاماً للقوات المسلحة.
والثانى من يوافق عليه لتشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى قيادة البلاد خلال فترة انتقالية مدتها عامان، خاصة بعد ان ظهر البرهان فى ميدان الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلحة، وانتشرت صورته على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يتحدث إلى الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني المعارض إبراهيم الشيخ، الذي كان يهتف مع المعتصمين بسقوط النظام، وكان ضمن المجموعة التي أبلغت البشير بعزله من رئاسة البلاد، فيما لا يعرف عنه سوى أنه لا يرتبط بأي تنظيم سياسي ولا ينتمي للتيار الإسلامي، مشيرا الى الجميع ينتظر الوضع الذى سننتهى اليه هل مجلس انتقالي عسكري أم مجلس انتقالي مدني أم مجلس انتقالي مشترك مدني عسكري؟ بناء على علاقات القوى وتحديات وتناقضات الواقع السوداني بعد 30 سنة من حكم الجبهة الإسلامية، وان كنا كشعب لن نسمح بعودة الفاشية الدينية للحكم فى السودان تحت أي مظلة كانت عسكرية أو مدنية بعد 30 عاما من القتل والافقار والفساد وفصل الجنوب.

التعليقات متوقفه