شكشكة: متى نتعلم من التاريخ؟

516

المشكلة الأساسية للأنظمة العربية أنها لا تتعلم من التاريخ ولا تتعظ بالأحداث. لم يتعظ رئيس مصر الأسبق مبارك بما حدث لزين العابدين بن على فى تونس، ولم يتعظ القذافى رئيس ليبيا السابق بما حدث لمبارك ولم يتعظ عبد الله صالح فى اليمن بما حدث لهما، وتجاهل البشير، حاكم السودان المخلوع، الزلزال الذى رج العالم العربى وتهاوت على أثره أربعة أنظمة عربية قمعية كانت تعمل على البقاء فى الحكم الى الأبد، وتخطط لتوريث الحكم. لم يتعظ رؤساء البلاد العربية بدروس التاريخ وبادروا بتصحيح الأوضاع فى بلادهم للقضاء على الفساد وإصلاح الوضع الاقتصاديّ وتحسين الأحوال المَعيشية، ولكنهم استمروا فى التضييق السياسيّ والأمني وتزييف الانتخابات وكافة التجاوزات التى تزينها الطغمة المتحلقة حولهم حتى اقتنعت الشعوب الغربية بأن العرب يستعذبون الظلم ولا يضيقون بالقمع السياسى بل يستسلمون له كأنه قدرهم المحتوم. ولعل خبراء السياسة كانوا يتساءلون عام 2011م لماذا لم يشارك السودان فى الربيع العربى ولم تقم فيه ثورة للتخلص من رئيس لم يأت إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، ولا إثر انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وإنما استولى على السلطة بانقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية منتخبة برئاسة الصادق المهدي، وأحكم قبضته على البلاد والشعب لأكثر من ثلاثة عقود «منذ 30 يونيو». لقد سكت الشعب السودانى طويلا على رئيس يتعرض للانتقادات والاتهامات من قبل معارضيه ومنظمات حقوق الإنسان الدولية؟ وتورط بعض الموالين له فى جرائم حرب سواء فى دارفور و فى جنوب البلاد وفشل فى الحفاظ على وحدة البلاد، وأساء تدبير مواردها الطبيعية وعجز عن تأمين الخدمات الاجتماعية الضرورية، الى جانب ما يعانيه الشعب من قمع واستبداد وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية ؟! إن انتفاضة الشعب السودانى الحالية تثبت مقولة مالكوم إكس «لا يستطيع أحد أن يمنحك الحرية، ولا يستطيع أحد أن يمنحك المساواة أو العدالة أو أي شيء آخر، فإن كنت رجلا فعليك أن تأخذها بنفسك». وهذا ما يفعله الشباب السودانى هذه الأيام. إنه ببساطة يدافع عن حقه فى حياة كريمة و تأمين مستقبل أبنائه فى مجتمع مدنى ودولة ديمقراطية تكون الكلمة الأخيرة فيها للشعب كله، لا لجماعات أو طوائف أو عروق. والسؤال الذى يفرض نفسه اليوم ماذا قدمت مصر للشعب السودانى فى أزمته الحالية؟ هل سنتعلم من التاريخ ونعيد العصر الذهبى للعلاقات المصرية الإفريقية التى ازدهرت تحت قيادة الرئيس «جمال عبد الناصر» و دوره المحوري فى دعم كفاح وحركات التحرّر الوطني فى الدول الإفريقية، هل نتذكرما حدث عام 1960 عام التحرّر الإفريقي، حين حصلت 71 دولة إفريقية على استقلالها وكانت القاهرة تستضيف الثّوّار الأفارقة، الذين صاروا رؤساء فى بلادهم، مثل الزعيم الغاني «كوامي نكروما»، الذي صار رئيساً لدولة «غانا»، والزعيم الجنوب إفريقي الراحل «نيسلون مانديلا» الذى قضى فى مصر ما يقرب من عامٍ كاملٍ، وخلال تلك الفترة الناصرية، شهدت مصر والدول العربية التزاماً إفريقياً بمقاطعة الدولة الصهيونية، حيث لم تعترف دولة إفريقية بإسرائيل، باستثناء دولة «جنوب إفريقيا» العنصرية وقتها، ولم تشهد أيّ توتّر فى علاقات مصر وإثيوبيا، حتى فى ظلّ حُكم الإمبراطور الإثيوبي «هيلا سيلاسي»، رغم موالاته للغرب. هل سنكتفى بالتصفيق والتشجيع لثورة الشعب السودانى الشقيق أم نسارع بمد العون اللوجيستى والمادى وخبراتنا المتراكمة له حتى لا تنتكس ثورته كما حدث للشعوب العربية الأخرى؟.

التعليقات متوقفه