من «إخوان النازى» إلى «معجزة البقاء»

603

عشنا زمنا طويلا على افلام جيل من السينمائيين، رجالا ونساء، قدم لنا الافلام التسجيلية ووثق أحداث حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر، عبر افلام خالدة، كان انتاجها متاحا عبر المركز القومي للسينما، والتليفزيون المصري، بل ان هذا الجيل من صناع السينما اتجه الكثيرون منه الي عالم السينما الروائية الطويلة، لكن بقي نبض الابداع فى السينما التسجيلية يتجدد دائما بمبدعين ومبدعات جدد، تفاجئنا أعمالهم فى كل مهرجان للسينما يقام فى مصر، خاصة مهرجان الاسماعيلية الدولي، المناسبة الاهم لهذه الاعمال، والذي كشف فى دورته الاخيرة التي انتهت منذ أسبوع، عن صعود جيل جديد، يصنع أفلاما صعبة، ومهمة، تناقش ما يحدث فى الحاضر مثل (الجحيم الابيض) الذي يقدم صورة للعمل فى المحاجر وظروفه القاسية على العمالة، وافلام تعود الى الماضي للكشف عن أحداث واسرار لم نعرفها عن الجماعة الارهابية مثل فيلم (إخوان النازي) وأفلام تتابع بدأب دواخل المجتمع المصري والجماعات التي التحقت به كالغجر مثل فيلم (معجزة البقاء)، تسعة افلام مصرية شاركت فى المهرجان، ستة منها فى مسابقاته الرسمية الأربعة، وهي (.رمسيس راح فين) الذي كتبنا عنه هنا فى الاسبوع الماضي، والذي حصد جائزة افضل فيلم تسجيلي طويل حصل عليها مخرجه (الذي كتبه وأنتجه وشارك فى تصويره عمرو بيومي)، والفيلم الثاني هو (يأتون من بعيد) لمخرجته وكاتبته أمل رمسيس، والذي حصل على جائزتين مهمتين، الاولي هي جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما (الفيبريسي)، والثانية هي جائزة النقاد الافريقيين، اما فى مسابقة الفيلم التسجيلي القصير فقد شارك فيلمان أيضا هما (الجحيم الابيض) الذي صنعه ثلاثة من الاصدقاء، درسوا السينما فى كلية الفنون التطبيقية وصنعوا افلاما قبله، وهم محمود خالد واحمد عاصم وعمر شاش، وثلاثتهم تشاركوا فى الاخراج والتصوير والمونتاچ والإنتاج لفيلم يدق ناقوس الخطر عن المسكوت عنه فى تأمين ظروف عمل آدمية لعمال المحاجر فى مصر والذين يواجهون سُحب التراب النافذة الي الرئتين بدون أجراءات تمنع التليف، والعجز، الفيلم يقدم صورة مختلفة عن الافلام التي تصدت لهذه الموضوعات من قبل، فلا يركز على استجواب الضحايا او العاملين فى قطع الأحجار، او حملها الي السيارات، وانما على الطبيعة الصعبة التي تحول وجوه العاملين وملابسهم الي كائنات ملثمة بالبياض، (٣٥ ألف عامل يتعرضون لهذه الظروف).
الغجر..معجزة البقاء
معجزة البقاء، هو اسم الفيلم المصري الثاني فى مسابقة الفيلم التسجيلي القصير، والذي اخرجه حسن صالح واني، وهبة الحسيني، وكلاهما من خريجي الجامعة الفرنسية فى مصر، وقد تشاركا فى كتابة السيناريو ايضا،. وقام حسن بالتصوير كما شارك فى المونتاچ مع چورج سمير، وأنتج الفيلم قناة ( الغد) فى سابقة جيدة ومهمة تعبر عن اهتمام هذه القناة العربية التي تنطلق من مصر بالفيلم الوثائقي والتسجيلي، وتدور رحلة الفيلم الطويلة-52 دقيقة-حول عالم الغجر فى مصر، وأبوابه المغلقة على قوانين وقواعد خاصة تلزم أفراده باتباعها، ومعاملات وقيم، وأعمال برع فيها الغجر الذين يكشف الفيلم عن تعدد أصولهم، وتعدد عوالمهم واسمائهم من بلد لآخر، كما يقدم تنوعهم فى مصر واختلاف نظرة المصريين اليهم وفقا لظروف عديدة، تاريخية وانسانية ارتبطت بهم، فأصبحوا، (النور ) فى اماكن، و(الغجر) فى مناطق اخري، و( الهنجرانية) كأسم ثالث، وكيف يحاولون، بعضهم التكيف مع الحياة لغالبية المصريين، فيلم رائع يوثق جانبا نسمع عنه جميعا، لكننا لا نعرفه وفِي مسابقة الافلام الروائية القصيرة شارك فيلم واحد من انتاج المعهد العالي للسينما هو (باب الله ) للمخرج أحمد البيلي الذي كتب السيناريو، وقام بالمونتاچ، وتصوير محمد عكاشة، وتدور الاحداث فى منطقة المقابر حيث يعيش الأحياء ايضا، وبينهم رجل يعاني الفقر، ومرض ابنته الذي لا يعرف كيف يواجهه، ولا يجد غير المسجد للصلاة، والشكوي الي الخالق، وتموت الابنة المريضة، وامام الازمة الانسانية والمادية، يقرر الاب انتزاع احد أبواب المسجد ليكون الضلع القوي فى الصندوق الذي يحمل جثمان الابنة، والفيلم الاخير فى المسابقات كان فى مسابقة افلام التحريك وهو (العرض الاخير) اخراج وتحريك محمد الصالحي خريج المعهد العالي للسينما منتج هذا الفيلم ايضا، ومونتاج محمد هشام. والذي يقدم من خلال تكوينات بصرية مميزةالصراع بين الماضي والحاضر، وكيف تتجدد باختلاف الزمان.
إخوان النازي
ونأتي الي الافلام الثلاثة خارج المسابقات، فيلمان منهما عن التجارب الانسانية فى المجتمع المصري لاول تسجيلي كفيلم ( يوميات ماسح أحذية) اخراج وسيناريو كريم مكرم عن يوميات ماسح أحذية عجوز يتجول طوال يومه فى شوارع القاهرة ويقابل كل نوعيات البشر، اما الفيلم الثاني (الحلم) فهو روائي ومن تأليف احمد صبحي وإخراج عبدالعزيز حشاد فيقدم موقفا يعيشه طفلان يستعدان للخروج فى نزهة مع المدرسة، لكنهما يواجهان بمن يعرض عليهما تحقيق أمنية عزيزة، ويصبح عليهما اتخاذ القرار، ويأتي الفيلم الثالث، الوثائقي، مفاجأة كاملة، واسمه (إخوان النازي) اخراج چيهان يحيي توفيق، التي كتبته بالاشتراك مع توحيد مجدي، وتشارك الاثنان فى إنتاجه، ويضم الفيلم الذي قام بمونتاچه امير احمد وثائق سينمائية، ومكتبية نادرة عن علاقة جماعة الاخوان المسلمين بحكومة النازي فى ألمانيا فى زمن صعود الفاشية، وعلاقة مؤسس الجماعة (حسن البنا) بالجيش، وبجهاز الاستخبارات الألمانية النازية قبل و أثناء الحرب العالمية الثانية، وكيف جند البنا 55 ألفا من العرب والمسلمين من كافة المجتمعات العربية والأوربية للقتال ضمن القوات النازية بقيادة هتلر، وتقدم وثائق الفيلم، غير المسبوقة ومستنداته الكثير من الأسرار عن أساليب الجماعة فى تجنيد المقاتلين وفِي محاولات خلخلة المجتمعات من الداخل بالاعتماد على المخابرات التي كانت الاقوي وقتها، الفيلم كان مفاجأة حقيقية لمخرجة شابة تعمل فى التليفزيون المصري، وكاتب صحفى ومؤرخ قام بجهد كبير فى جمع الوثائق من مصادر عديدة داخل وخارج مصر.

التعليقات متوقفه