شكشكة: فى سيريلانكا..المرأة هى الضحية

534

«زوجة الإرهابي نجل تاجر التوابل الذى ارتكب احدى جرائم تفجير الكنائس صبيحة عيد القيامة،فجرت نفسها وطفليها عندما أطبقت الشرطة فى مداهمة لإلقاء القبض عليها بمنزلها، وكانت تحمل بين أحشائها جنيناً». ! خبر أذهل العالم فى الاسبوع الماضى ) ‏27‏/04‏/2019 (أعلنته وزارة الدفاع السريلانكية.والأم المنتحرة تنتمى الى الأقلية المسلمة فى سيريلانكا التى يدين نحو 70 فى المئة من مواطنيها بالبوذية والهندوسية، بينما نحو 7% مسلمون غالبيتهم أحفاد التجار العرب والفارسيين الذين استقروا فى الجزيرة.
فمالذى أوصل سيدة حامل و أم لطفلين الى أن تفجر نفسها بسترة ناسفة عند قيام رجال الشرطة المدججين بالسلاح بمداهمة منزلها؟! هل أرادت أن تلحق بزوجها الذى نفذ وشقيقه احدى الهجمات المتزامنة على الفنادق والكنائس المزدحمة يوم عيد القيامة ؟ وكيف ضحى الزوج وشقيقه ( إنصاف وإلهام إبراهيم ) بحياتهما الرغدة، و هما ابني تاجر توابل واسع الثراء، فى سبيل هدف زائف هو الانتقام لمقتل مواطنين أجانب فى دولة بعيدة (أيسلاندا)!! وتتلاحق فى الذهن تساؤلات بلا إجابة. ولكن المنطق فى حالات الجرائم الارهابية لا يجوز تفسيرها، فهى جرائم خارج العقل بعيدة عن المنطق. والمعروف أن دولة سيريلانكا كانت أول دولة فى التاريخ الحديث تشغل فيها امرأة منصب رئيس الوزراء هى سيريمافو راتواتي دياس باندرانايكا ( 17 أبريل 1916 10 أكتوبر 2000 م) التى رأست الحكومة فى سريلانكا من 1960 إلى 1965 ثم من 1970 إلى 1977ثم من 1994 إلى 2000 ! وقد تابعنا بإعجاب شديد أخبار تلك السيدة التى رأست أيضا حزب الحرية السريلانكي لسنوات طويلة. كانت باندرانايكا أرملة لرئيس الوزراء السريلانكي الأسبق سولومون باندرانايكا (الذي رأس الحكومة من عام 1956 وحتى اغتياله على يد راهب بوذي سنة 1959). وكان من الطبيعى أن يتأثر ابناء تلك السيدة الفذة بأمهم و يسيرون على دربها فيُنتخب ابنها الراحل أنورا باندرانايكا رئيسا للبرلمان السريلانكي وتصل ابنتها تشاندريكا كماراتونغا الى منصب الرئيسة التنفيذية الرابعة للبلاد.. وقد حازت تشاندريكا، الابنة، عام 1975م على ميدالية سيرز الذهبية للأمم المتحدة بوصفها من أميز ثلاث نساء فى العالم إلى جانب رئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي و السودانية الدكتورة فاطمة عبدالمحمود.
وعندما فازت تشاندريكا بانتخابات الرئاسة فى عام1994 قررت على الفور تعيين والدتها فى منصب رئيسة الحكومة. و لايمكن القول بأن المرأة السيريلانكية تعيسة و مضطهدة فى بلدها، فكل من الأم و الابنة لم يصلا إلى السلطة إلا عن طريق انتخابات حرة ونزيهة تماما، أى بأغلبية أصوات المواطنين!. فهل انتحرت الأم السيريلانكية المسلمة بسبب حملات الكراهية ضد الأقلية المسلمة التى يقودها منذ سنوات الرهبان البوذيون( وعدهم 500 ألف راهب) الذين يقومون بتنظيم مسيرات مناهضة داعين إلى تحرك مباشر ومقاطعة أنشطة الاعمال التي يديرها المسلمون، خاصة و أنهم يثيرون حقدهم وشكواهم المستمرة بسبب زيادة حجم الأسر المسلمة!. ولابد أن مشاعر كراهية البوذيين للمسلمين قد تأججت بعد أن قامت جماعة طالبان التى سطرت على أفغانستان سنة 1998 بتدمير تمثالى «بوذا» العملاقين فى «وادى باميان» بواسطة الديناميت فى 2 مارس 2001 بحجة أنها مخالفة للشريعة الإسلامية. و نتيجة لهذا اندلعت احداث عنف عديدة يقودها رهبان بوذيون بين البوذيين و المسلمين، و راح ضحيتها آلاف المواطنين من الجانبين ومنهم تلك العائلة المسكينة. وهكذا يعملوها الصغار و يدفع ثمنها الأبرياء والكبار.

التعليقات متوقفه