ضد التيار: الأمن العربى واحد لا يتجزأ

417

من الممكن للقمتين الطارئتين، العربية والخليجية، اللتين دعت إليهما المملكة العربية السعودية نهاية مايو الجاري، ليتفق عقدهما مع موعد الانعقاد الدوري لقمة منظمة التعاون الإسلامي فى مكة المكرمة، من الممكن لتلك القمم الثلاث، أن تفضي إلى نتائج إيجابية فى الأزمة الخليجية الراهنة، تتصدى بطرق عملية وواقعية للتهديد الإيراني لدول الخليج، وتمنع أذرع إيران من التمدد فى دول الإقليم، والقيام بحروب بالوكالة، لا تهدد فقط دول الخليج، بل تشكل خطراً على أمن الطاقة العالمي، بعد الهجمات الحوثية على ناقلات البترول فى الإمارات والسعودية.
ويظل التوصل لنتائج مثمرة لتلك القمم، مشروطاً بعدة حقائق، أولها وأهمها، العودة للنظر إلى الأمن القومي العربي كقضية واحدة لا تتجزأ، بعد أن أثبتت تجارب دول المنطقة أن التخلي عن تلك القاعدة، والتحلل من الالتزامات التي تفرضها لأسباب قطرية قصيرة النظر، قد أضرت بالجميع. وما حروب صدام حسين والحروب الأهلية التي تعصف بمقومات الدولة الوطنية فى كل من اليمن وليبيا وسوريا والعراق وحتى لبنان سوى دليل واحد على مآل التفريط فى تلك القاعدة، وكان من تجليات ذلك الخلل الموافقة العربية على ضرب حلف الناتو لليبيا لتصبح موطنا للإرهابيين من كل أصقاع الأرض، وغزو العراق، واحتلاله وتمركز نحو 50 ألف جندي أمريكي على أراضيه حتى الآن، ونهب ثرواته وتسجيله كنموذج للدولة الفاشلة.
وعلى القمم الثلاث، أن تفصل بين أهدافها فى لجم الطموحات الإيرانية، المهددة لدول الخليج، وبين الأهداف الأمريكية الساعية لاستخدام التصعيد ضد إيران كأداة فى الصراعات الداخلية التي تتعرض لها إدارة ترامب، فضلا عن توافق ذلك التصعيد، مع تحريض إسرائيل الدائم لشن حرب عليها.
تبقى الأنظمة، وتجري حمايتها بالدعم الشعبي لسياساتها، وليس هناك من ضمانة لأمن دول المنطقة، أكثر من الاعتماد على الذات، وعلى وحدة الموقف العربي فى حماية أمن دول المنطقة بقوة عربية مشتركة بديلا للفكرة التي يجري تسويقها عن ناتو عربي، يغير بوصلة العداء العربي من إسرائيل إلى إيران.
وعلى القمم الثلاث أن تتحاشى أي تصعيد يقود إلى حرب مع إيران، لن ينجو من مخاطرها أحد، وعليها أن تتذكر أن دعاة الحرب فى الإدارة الأمريكية، هم أنفسهم من سوغوا غزو العراق واحتلاله، كما عليهم إدراك أن إدارة ترامب تسعى للتفاوض سرا مع إيران، وأن مشروعاً يجري تداوله من ديمقراطيين فى الكونجرس الأمريكي لاتخاد إجراءات بعزل ترامب من منصبه، هذا بالإضافة إلى نشوء تحالف دولي يقف فيه معظم دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، يرفض تصعيد تلك الأزمة والوصول بها إلى حرب مع إيران.
انتهاء القمتين العربية والخليجية بالعودة للاقتراح المصري بإنشاء قوة عربية مشتركة، والتوسط عبر القمة الإسلامية للتفاوض لوقف التمدد الإيراني، وتجديد التمسك بمبادرة السلام العربية القائمة على تبادل الأرض بالسلام مع إسرائيل، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ورفض التوجه الأمريكي لعقد ما يسميه ورشة عمل اقتصادية فى البحرين لتنفيذ الشق الاقتصادي من صفقة القرن، من شانه أن يعزز الدعم الشعبي العربي للسعودية ودول الخليج، ويبطل الذرائع لإندلاع حرب فى المنطقة لن تحقق سوى مصالح وأهداف خصوم يسعون لنهب ثرواتها، بذريعة حماية دولها !.

التعليقات متوقفه