ملاحظات جوهرية حول مصادرة جريدة الأهالي والمواقف الثابتة لحزب التجمع

1٬436

*بقلم :عبدالناصر قنديل الأمين العام المساعد لشئون التثقيف والتدريب وعضو المكتب السياسي بحزب التجمع

تابعت ( تقريبا ) كل ما كتبه البعض، تضامنا أو تشفيا، حول مصادرة العدد الأخير من جريدة ( الأهالي ) الناطقة بلسان حزب التجمع، ليس اهتماما بردود الأفعال وقياس ما قد تجلبه من مناصرة، أو حتى انغماسا في حرب طواحين هواء، مع المكايدين والمتربصين ( وما أكثرهم )، لكن متابعتنا كانت بالأساس، وكدرس تعلمناه في حزبنا للتيقن من صحة بوصلتنا، و قراءتنا للواقع المجتمعي، و تحليلنا للأحداث، وهو ما وضعنا أمام مجموعة أساسية من الملاحظات يمكن أن نجملها فيما يلي
:أولا : أثبت التجمع عبر مواقفه وانحيازاته المتتابعة تفرده كحزب سياسي يمتلك رؤية خاصة ومستقلة، تجاه الأحداث والوقائع المتتالية، وهو ما جعلنا في كل مرة نتمايز بموقف يدهش أنصار المواقف السطحية والارتجالية، (فأيدنا) السلطة التنفيذية في مواقف وقرارات رأيناها صحيحة، (و عارضناها) في اختيارات أخرى، رأينا فيها خطراً علي تماسك المجتمع، أو مخالفة لقيم التجمع ورؤيته الاشتراكية، رفضنا الموازنة العامة وتشكيل الحكومة وبرنامجها، ورفضنا اتفاقية تيران وصنافير وغيرها، وفي المقابل ايدنا المرشح الرئاسي (السيسي) وساندناه مرة ومرة، ووافقنا على التعديلات الدستورية في صيغتها النهائية، (بعدما صوتنا برفضها مرتين قبل إدخال تعديلاتنا عليها)، ودعمنا الدولة في حربها ضد الإرهاب، وسعيها لاستقلالية القرار الوطني، وهي جميعا مواقف نعتز ونفخر بها، لأنها أتت عبر القيادة الجماعية للحزب، وبعد نقاش داخلي عبرت فيه كل الأطراف عن وجهات نظرها قبل التصويت النهائي، الذي نتحول بعده جميعاً لبوتقة تتبناه وتنشره، (وهو درس لغيرنا حول ديمقراطية القرار الحزبي نتمني أن يتعلموه

ثانيا : أن غالبية المواقف والأراء التي شهدها فضاء التواصل الاجتماعي حول مصادرة العدد الأخير من جريدة الأهالي، وإصدار تعليمات لمطابع الأهرام بعدم طباعته وتوزيعه، أتت متضامنة ومساندة لحق الجريدة في ممارسة حريتها في التعبير عن مواقفها، وانحيازاتها (حتى لو كانوا مختلفين معنا) فيما نقول (وهو ما نشكرهم عليه)، لكن في المقابل ظهرت أراء وبوستات مكايدة و متشفية، وأحيانا (متطاولة)، كان الغريب فيها أنها صدرت من تكوينات يسارية أو تدعي يساريتها، ومن بعض المتلحفين بشعار (الحقوقيين)، وهي أصوات لا تتوقف ليلا أو نهارا عن الدفاع عن متهمين و مدانين في جرائم الإرهاب، والتلاعب المالي والضرائبي، (وغيرها الكثير)، بل والصراخ كلما تعرض موقع أو صحيفة تناصرهم للتضييق، لكنهم مع (الأهالي) كانوا سعداء ومناصرين لما قالوا أنة استبداد مع غيرها، وهي (ازدواجية) نتفهمها منهم، وإن كنّا نرفضها بل ونحتقرها .

ثالثا : أن مجمل صفحات المكايدين والمتشفين – فيما يتم لنا – والذين هم بالأساس أتباع غاب قادتهم ورموزهم، تهربا (مقصوداً)، انصبت تعليقاتهم وشماتتهم علي ( التجمع والأهالي ) دون أي حرف أو كلمة عن قضية العفو عن ارهابيين وقتلة، واستنكار قرار العفو أو إدانته، وهو تأكيد عن صحة موقف التجمع منهم ومن أبنيتهم التنظيمية، وأنهم ما هم الا خطوط خلفية تابعة للجماعة الإرهابية ولمحركيها وصناع قرارها، بل إن ازدواجيتهم في التعامل مع (الأهالي) نفسها ظهرت في موقفهم من الموضوع المصادر بالعدد الماضي، والذي تعلق بفساد وزيرة سابقة، فما ان تبنته إحدى أبواقهم الإعلامية (القطرية) حتي سارعوا بتبنيه ونشره هجوماً وتشهيراً بالدولة والنظام القائم، أما عندما ارتبطت المصادرة هنا بقرار العفو عن قيادات وعناصر التنظيم الإرهابي الذي يتحالفون معه ويتحدثون ويتحركون لتعليماته، فقد أكلت القطة ألسنتهم .

رابعا : أن البعض تصور الموضوع (أو توهمه) علي أنه انقلاب من السلطة علي أحد مناصريها، أو هو ادعاء منا للثورية بأثر رجعي، بل وتحدث السذج منهم عن مؤامرة وتنسيق بيننا وبين السلطة، تمهيدا لما هو قادم، وهم في هذا كله يعبرون عن سياق يثير الاشمئزاز ويستدعي الرثاء والشفقة، فالتجمع كان وسيظل دائماً منبراً يعبر عن قناعات ومواقف عضويته، (دون أن ينشغل باستقبال الآخرين لها) ولا يكون موقفاً تجاه قضية إلا عبر حوار داخلي، وهو ما حفظ لنا تماسكنا ووحدتنا الداخلية، بعكس عصبيات وتكوينات تفتتت وتشرذمت، لصراع القيادة داخلها، أو لافتقادها للرؤية أو البرنامج الموحد (سوى كراهيتهم لنا) وهو ما لم ولن يشغلنا
.
خامسا : أن موقفنا من السلطة الحالية ومن إدارة الرئيس السيسي يظل كما هو، فما زلنا نراه (حليفا) ندعمه ونسانده (فيما يتوافق مع قناعاتنا)، سواء رفض الفاشية الدينية والعمل على استقلالية وسيادة قرارها الوطني، وتنوع مصادر قوتها واستعادتها لدوائر نفوذها الإقليمي، وفي المقابل نناضل (مختلفين معه) لتغيير سياساته الاقتصادية، ولتحقيق رؤيتنا لسياسات العدالة الاجتماعية، وطبيعة المشروعات القومية . وهو ما يفرض علينا أدواراً ومساحاتٍ للاختلاف والاشتباك، (ربما لا نري غيرنا جديراً أو كفؤاً للقيام بها) سواء لرفض قرارات تنفيذية، أو تعرية صور للفساد الإداري، لكننا نفعلها بمهنية وبمعلومات موثقة ومدققة (حتى لو عجزت أجنحة من السلطة عن تفهمنا) بعيدا عن المكايدة السياسية، واعين أننا (أداة إصلاح) من داخل بنيوية الدولة، ولسنا (معول) لإضعاف تلك الدولة أو هدمها تنفيذا لتعليمات (متجاوزة للوطنية)، أو راغبة في استعادة مساحات للوجود والتأثير لصالح تنظيم إرهابي لفظه المجتمع، (ويستخدمون) من يزعمون عن أنفسهم أنهم نخبة (مدنية) لإعادة غرسه في التربة المصرية ثانية .

تلك كانت انطباعات أولية، حول واقع ما جرى في أعقاب الإعلان عن مصادرة عدد جريدة (الأهالي) الأخير، وما تضمنه من معلومات حول قرار العفو الرئاسي، وتضمنه للمدانين في قضايا الإرهاب وحرق الكنائس، حاولنا خلاله وضع (مزيد) من النقاط على الحروف، ليعلم الجميع أين نقف ؟ وما هي رؤيتنا للصورة كاملة ؟ لكنها تبقى انطباعات شخصية، ربما أسعى لاستكمالها أو تدقيقها، ليستفاد بها لقراءة الواقع المجتمعي والسياسي عند تكرار المواقف أو إعادة فرز تلك النخبة .

التعليقات متوقفه