شكشكة: علماء المسلمين رحمة؟ «3» والحديث القدسى!

308

و انتقل اليوم الى الحديث القدسى وهو الحديث الذى أسنده النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الله عز وجل ومرتبته تأتي بين القرآن الكريم والحديث النبويّ الشريف. وقد وُصف بالقدسى لنسبة كلامه إلى الله تبارك وتعالى، ورغم قداسته فقد يكون صحيحاً، وقد يكون ضعيفاً أو موضوعاً. والفرق بين القرآن الكريم و الحديث القدسى أن الأول، أى القرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر، فالقرآن قطعي الثبوت، وأما الأحاديث القدسية فمعظمها أخبار آحاد، فهي ظنية الثبوت، لذلك فيها الصحيح والحسن والضعيف.ولم يسلم الحديث القدسي من اختلاف أهل العلم فصالوا فيه و جالوا وبحثوا هل هو من كلام الله تعالى بلفظه ومعناه، أم أن معانيه من عند الله وألفاظه من الرسول- صلى الله عليه وسلم؟! فذهب بعضهم إلى القول الأول وهو أن ألفاظ الحديث ومعانيه من الله تعالى، أوحى بها إلى رسوله- عليه الصلاة والسلام – بطريقة من طرق الوحي غير الجلي – أي من غير طريق جبريل عليه السلام-، إما بإلهام أو قذف فى الروع أو حال المنام، إلا أنه لم يُرِد به التحدي والإعجاز، وليست له خصائص القرآن. ومال آخرون الى أنه كلام الله بمعناه فقط، وأما اللفظ فللرسول- صلى الله عليه وسلم. ثم اختلف العلماء حول عدد الأحاديث القدسية.فذكر البعض أن عددها يتجاوز المائة، وقال آخرون أنها 272 حديثا قدسيا وقيل 863 حديثا وأن عددها – بغض النظر عن صحتها – أكثر من ذلك فهو يجاوز الثمانمائة !! بل قد يقارب الألف !!
وأكتفى بهذه الأمثلة من اختلافات العلماء الأجلاء، فعلماء اليوم يعرفونها جميعا وقداعترف الأولون أن المجتهد قد يصيب و قد يخطيء، و أجازوا من يخطىء منهم، وفى حديث أخرجه «الدارقطني» فى سننه عن عمرو بن العاص «إذا حكم الحاكم فاجتهد فاخطأ فله أجر واحد، وإذا حكم فاجتهد فأصاب فله أجران». ولكن المتأمل فى تاريخ الاسلام يجد أن اختلافات العلماء مزقت نسيج الأمة إلى طوائف و مذاهب وجماعات، وصلت بالأمس إلى حافة الحرب وتقاتلت بالسيوف و أراقت دماء المسلمين، و مازالت تتصارع اليوم بالاتهامات و التكفير وأحيانا بالمدافع الرشاشة والطائرات..! و ما «القاعدة» و«داعش” و«بوكو حرام» وأشباههم إلا دليل دامغ على أن اختلاف علماء المسلمين لم يورث أمة محمد الا التعصب والصراعات وشلالات الدماء. وشباب اليوم قد تحولت وسيلة المعرفة لديه من الكتب والمجلدات الى الكومبيوتر و التابلت والموبايل وأصبح يستقى معلوماته من مواقع الشبكة العنقودية «الانترنت»، فإذا رغبوا أن يتعرفوا الى دينهم سيجدون أنفسهم وقد غرقوا فى دوامة من الحيرة لا قرار لها. فكيف لشاب مسلم أن يعرف الحديث الصحيح ويتجنب الموضوع؟ وكيف له أن يميز بين الحديث القدسى والمختلق؟ وسؤالى الذى حاولت الإجابة عنه فى هذه السلسلة من المقالات موجه الى علماء المسلمين المحدثين: من يغسل وجه الاسلام مما علق به من تشوهات انحرفت بأبنائه وضاعفت أعداءه؟ من يحمل شعلة الايمان اليوم لينير الطريق ويهدى المسلمين الى الايمان الايجابى المثمر الخالى من الشوائب،حتى يباهى بهم الرسول الأمم يوم القيامة؟

التعليقات متوقفه