ضد التيار: تونس تحظر النقاب.. عقبال عندنا

918

من الأخبار السارة ما يشير إلى أن تيار الإسلام السياسي فى المنطقة أخذ فى الترنح، ويتلقى صفعات موجعة كل يوم، منذ نجح المصريون فى ثورتهم الشعبية فى الثلاثين من يونيو، فى إسقاطهم من عروشهم قبل ست سنوات.حلموا خلالها بالبقاء فى حكم مصر خمسمائة عام !
آخر تجليات ذلك، كان قرار تونس بحظر النقاب فى المؤسسات العامة، فى أعقاب العمليتين الإرهابيتين الإنتحاريتين فى قلب العاصمة، نُسبت إحداهما لامرأة منتقبة، تبين فيما بعد أنه رجل يرتدى حزاماً ناسفاً، مكونا من عناصر بدائية، وأعلن «داعش» مسئوليته عنهما !.
وكانت ظاهرة ارتداء النقاب قد تصاعدت فى تونس مع ظهور حركة النهضة الإخوانية فى المشهد السياسي، ثم صعودها طرفا مشاركا فى الحكم.
ولم يكن مفاجئاً، أن تزامن ذلك الصعود الإخواني، مع تعثر المسارين الديموقراطي والتنموي فى تونس، مع المناورات المعهودة والأكاذيب التي تروج لها التيارات المتأسلمة. وليس سراً أن تقارير أممية، قد أدرجت تونس فى قائمة الدول الأكثر تدريباً وتمويلاً للإرهابيين فى المنطقة، والزج بهم فى معارك سوريا وليبيا، ولاينسى التونسيون هروب زعيم ما يسمى بأنصار الشريعة إلى ليبيا قبل عدة أعوام متخفياً فى زي نقاب، برغم أنه كان محاصراً من قبل قوات الشرطة.
لا يستطيع أحد أن يجادل أن النقاب زي مصطنع ودخيل على ثقافة الشعب التونسي، وأن حظره سوف يساعد على التصدي لظواهر الإرهاب، لكن المتأسلمين والتعبير يعود للدكتور رفعت السعيد، للتفرقة بين المتدين الحقيقي التلقائي، وبين التدين المصنوع لأهداف سياسية لا تنقصهم الذرائع لرفع خطاب المظلومية، فى مواجهة قرار رئيس الوزراء التونسي بحظر النقاب فسارعوا بالاعتراض عليه، ووصفوه بالانتهاك الصارخ للحريات الفردية، وحرية الضمير اللتين يصونهما دستور 2014، وهو الدستور الذي سبق أن وافقوا عليه على مضض، لأن نصوصه تعزز مدنية الدولة التونسية، وعلمانيتها !
ولا يجد المتأسلمون حججاً لرفضهم قرار حظر النقاب الذي دخل حيز التنفيذ، سوى حديث الهوية الذي يشهرونه فى وجه كل من يجادلهم بأن غطاء الرأس والجسد ليس فرضاً، بل عادة اجتماعية قبيحة تنسب زوراً للإسلام برغم، أن علم الآثار يؤكد وجودها على التماثيل والمعابد والحفائر، منذ عهد الفراعنة.
ولأن النقاب يستخدمه المتأسلمون كرمز ثقافى للدلالة على نفوذهم السياسي فى المجتمعات التى ينشطون بها، فهم يتمسكون به، ويدافعون عن بقائه، إن فى تونس، أو فى مصر، وحين يعجزهم خيالهم المريض، وأفكارهم التافهة عن حشمة المرأة وعفتها، يقفزون للدفاع عنه بزعم حماية الإسلام والدين بعدما أثبتت التجارب، أنهم لا يفهمون شيئاً لا فى الدين ولا فى السياسة !.
فى مصر، خاض دكتور جابر نصار معارك طاحنة لمنع ارتداء النقاب فى مدرجات جامعة القاهرة ومعاملها، حين كان رئيساً لها، لكن القوى الرجعية المتدثرة بالدين داخل الجامعة وخارجها حاصرته، حتى دفعته للتخلى طوعا عن رئاستها، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه.
ولاتزال السلطات التنفيذية فى مصر عاجزة، عن حظر النقاب فى مؤسسات الدولة وفى المستشفيات والمدارس والجامعات، لتهتز سلطة القانون، أمام سلطات خفية تزعم التحدث باسم الله، لتظل المبادرة فى يد الشعب التونسي، الذي يشكل بوعيه، وتدينه التلقائي حائط صد أمام هؤلاء الإرهابيين الذين يختصرون الإسلام فى زي، بات مؤكدا أنه يستخدم لحماية الإرهاب والإرهابيين، ولارتكاب الجرائم والتحلل من الالتزام بالقانون!.
بالعودة إلى بداية المقال، فإن تيار الإسلام السياسي يترنح، ويحاصر، بالإجراءات الإصلاحية الجسورة على المستويين الاجتماعي والسياسي التي يقودها ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» والتي انتهت بوضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية. هذا فضلا عن مراجعات فقهية تحرر الخطاب الديني من بدع المتأسلمين وسطوتهم.
وقبل أسابيع خسر حزب العدالة والتنمية الإخواني فى تركيا الانتخابات المحلية فى أنقرة وأزمير وأسطنبول، وحين ضغط أردوغان على الهيئات المختصة لإعادة الانتخابات فى المحافظة الأخيرة، تأكدت خسارته مرة ثانية، برغم تحذيره المضحك للناخبين الأتراك قبل يوم الاقتراع بأن مرشح المعارضة فى إسطنبول هو مرشح السيسي، فى محاولة لحثهم على عدم التصويت له، لكن نجاح المرشح المعارض بفارق نحو نصف مليون صوت بينه وبين مرشح أردوغان، مؤشر على تصدع الإخوان حتى فى تركيا، التي يعود الحنين لمواطنيها إلى رؤية بلدهم دولة ديموقراطية علمانية حديثة كما هو حال المصريين والتونسيين.

تعليق 1
  1. ahmed amer يقول

    مع تحياتى و تقديرى …الحمد لله الامر عندنا تغير بنسبة معينة ترجع الى الثقافة الموروثة من بداية عصر السادات و حتى نهاية عصر الاخوان – طيور الظلام – فيمكن تحديد النسبة ببساطة يعنى من بداية السبعينات الى 2014 …..حوالى 45 سنة و فترة سقوط الجماعة اياها و المتمسحين بهم ..حوالى 5 سنوات تقريبا ..ربا يسهل المشوار و يمكن تطبيق ذلك ببساطة فى كل مؤسسة بشكل خاص بعيدا عن العلانية …بالطبع يلا يجوز لطبيبة منقبة ان تشرف على علاج مريض باى منطق …..و يمكن تمثيل المستشفى بالعديد من المؤسسات ذات الحالات الخاصة

التعليقات متوقفه