د. جابر عصفور بعد حصوله على جائزة النيل فى الآداب.. التنوير يشهد حالة من الازدهار فى الوطن العربي

1٬592

د. جابر عصفور – الحاصل مؤخرا على جائزة النيل وهي ارفع الجوائز الثقافية فى مصر. اهتم بقضايا التنوير،، اصدر العديد من المؤلفات الخاصة بالتنوير منها: محنة التنوير، دفاعاً عن التنوير، هوامش على دفاتر التنوير. إضاءات، أنوار العقل، آفاق العصر، زمن الرواية، أوراق ثقافية، النقد الأدبي، والهوية الثقافية، وغيرها من المؤلفات.

انه الدكتور جابر عصفور، الذي عمل بالسلك الأكاديمي بكلية آداب جامعة القاهرة منذ عام 1966، وعين معيداً بقسم اللغة العربية بالكلية فى العام ذاته، حصل على درجة مدرس مساعد، ثم مدرس فى 1973، عمل أستاذاً مساعداً زائراً للأدب العربى بجامعة ويسكونسن-ماديسون الأمريكية، عمل أستاذاً زائراً للنقد العربي بجامعة ستكهولم بالسويد فى سبتمبر 1981، ثم أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للثقافة عام 1993، ثم وزيرا للثقافة فى 2011 خلفا للوزير السابق فاروق حسني،انضم لعضوية المكتب التنفيذى بالمجلس القومى للمرأة منذ تأسيسه، عضو لجنة الآداب والدراسات اللغوية بمكتبة الإسكندرية منذ تشكيلها فى مارس 2003، أسس المركز القومي للترجمة، وعضو الجمعية الأدبية المصرية بالقاهرة، سكرتير عام الرابطة المصرية لاتحاد كتاب آسيا وأفريقيا بالقاهرة.
وكان لـ «الأهالي» معه هذا الحوار…
* بداية.. كيف ترى مستقبل التنوير فى الوطن العربي؟
** نحن نقابل قوى ظلامية كبيرة فى الوطن العربي، ومع تلك التحديات فأن مستقبل التنوير حافل بالأمل، والنور قادم من بعيد، ولكنها مسألة وقتية، خاصة مع النهضة الانفتاحية التي قامت بها دولة السعودية والخليج فى الجزيرة العربية فى الوقت الراهن، وكانت البداية لنشر التنوير وانهاء الفكر المتحجر، فهذه المنطقة هى التي صدرت الفكر الظلامي الي كل العالم العربي فى وقت سابق، تتحول الي رائدة فى التنوير فى مساحتها الجغرافية، ومن ثم فإن ذلك يدعم قضايا التنوير فى المناطق الاخرى، وهذا يدل على ان جهود التنوير خارج هذه المنطقة لم تكن عبثية وانما كانت مؤثرة، ولم تضع هباءً ولا هدرًا.
تفاؤل حذر
* وماذا عن مستقبل التنوير فى مصر؟
** المستقبل قادم بالامل والسرور وبشكل أقوى مما هو عليه الان، ولكن علينا الا ننظر الى مراحل الاضطراب، ولا سطو الأزهر على الفكر الديني، ولا العفوانية الاخطوبوطية التي يتحرك بها الفكر السلفي، خاصة ان ذلك يسير الي زوال
بعد مرور 6 سنوات على ثورة يونيو كيف ترى المشهد الثقافى الان؟
نحن مررنا بمراحل مضطربة ومرتبكة، لكن بعد مرور سنوات، أصبحنا نسير فى طريق نحو الهدوء، فالدولة كانت فى حالة حرب معلنة، مع الإخوان، وحرب غير معلنة مع جماعات الاسلام السياسي «السلفيين» إلى جانب الأزهر، فالخطورة تقل تدريجيًا يوم بعد يوم.
تجديد الخطاب
* تقييمك لأداء الأزهر فى عملية تجديد الخطاب الديني؟
** الأزهر لا يمكن أن يقوم بتجديد الخطاب الديني، فبعد مرور اربعة سنوات من دعوة الرئيس السيسي بضرورة تجديد الخطاب الديني لم يحرك ساكنًا، متسائلًا: كيف لمن أفسد الخطاب الديني أن يجدده، وأن المؤسسات الدينية تحتكر المعارف الدينية على علمائها، فليس فى المعارف الدينية احتكار او وساطة، ولذلك فاننا لا نقدر أن نقول لا يكتب الشعر الا واحد ممن تخرجوا من قسم اللغة العربية، لا يمكن ان يكون التخصص التعليمي هو الأصل فى الممارسة الفكرية، فلدينا مفكرون كبار أمثال الراحل فرج فودة، الذي اهتم بقضايا التنوير والخطاب الديني رغم تخرجه فى كلية الزراعة، وكتب مقالات اكفئ من الازهريين انفسهم، فلا يوجد وساطة بين الانسان وربه، هى علاقة مباشرة.
* هل نحن بحاجة إلى تجديد خطاب ثقافى وإعلامي بجانب الديني؟
** نعم نحن بحاجة إلى تجديد كافة الخطابات، ولكن لا يمكن لهذا التجديد أن يتم الا بعد أن تزول الاخطار التي نشهدها فى الوقت الراهن من عمليات ارهابية فى الداخل والخارج، وخوض الدولة حروبًا على الارهاب، الأمر الذي يضطرها أن تسن قوانين استثنائية، ومن ثم فان ذلك يقلص الحريات، فبعد الانتهاء من المخاطر الداخلية والخارجية، نشهد تجديدا حقيقيا فى كل المؤسسات.
ولم يتم وجود طفرة فى كل الخطابات المرتبطة بالفكر، الا بعد انتهاء الحروب والصراعات.
فمصر الآن تختلف كثيرًا عن الوقت السابق، فكانت الحريات المتاحة فى ذلك القوت أكثر بكثير من الحريات المتاحة لنا الان، وان جماعة الاخوان المسلمين أنشأت سنة 1928 بدعم من السفارة البريطانية، الا أن تاثيرها كان بالغ الضآلة، خاصة فى زمن الوفد لم يستطع حسن البنا أن يدخل البرلمان، خاصة أن المجتمع المصري حينئذ أكثر رفضًا الى هذا النوع من التفكير.
دور المثقف
* ما الأزمات التي يواجهها المثقف فى الوقت الراهن؟
** المثقف مثل «الرأس الواقعة بين المطرقة والسندان» فيواجه الدولة من ناحية، والجماعات المتطرفة من ناحية اخرى.
كان لكتابك «زمن الرواية» أثر واضح فى تهميش بعض الفنون الابداعية لصالح فن الرواية.. فما تعليقك؟
هذه مغالطة كبيرة، فلا يمكن لأي ناقد أن يغير فى تراتب الانواع الادبية الا اذا كان هناك مجموعة من العوامل الثقافية والادبية تؤدي الى هذا، وعلى الناقد أن يشير إلى الهدف الذي يريده من كتابه، أو مقاله فقط، وأنا لا أذكر شيئًا غير موجود فى «زمن الرواية»، خاصة ان البعض كان يظن أن الشعر هو ديوان العرب، وأن رأيت أن الرواية صعدت، وبعد ذلك أكدت أن هناك صعودا فى جميع أشكال السرد وليست الرواية فقط، فالظاهرة كانت موجودة بالفعل وذكرت ذلك بالادلة.
* كيف بدأت رحلتك مع النقد الأدبي؟
** بدأت رحلتي مع النقد وأنا طالب فى كلية اللغة العربية، وقرأت لكتاب ونقاد كبار، أمثال الدكتور طه حسين، فأردت أكون مثلهم، عرفت أن ذلك يأتي بالتفوق، وبالفعل تخرجت بتقدير امتياز، وكنت الأول فى قسم اللغة العربية عام 1965، ومن هنا بدأت رحلتي العلمية والثقافية إلى «جائزة النيل العربية»؟
بمناسبة الجائزة.. كيف يراها جابر عصفور؟
هذا أعلى تقدير منحته لي الدولة، والمثقفون وهو مصدقا للجملة القرآنية الجميلة، «أن الله لا يضيع أجرا من أحسن عملا».
أسست المركز القومي للترجمة، هل قدم إضافة للثقافة العربية؟
بالفعل قدم إضافات كثيرة، فانا تركت المركز وهو يحوي 2000 كتاب من 35 لغة بما فيها الانجليزية، الصينية، الفرنسية، ولغات افريقية ترجمت للغة العربية لأول مرة، وهو الان يشمل 8 الاف كتاب، وهذا انجاز كبير ويعد أهم مركز للترجمة فى الوطن العربي، فأنا افخر بإنشاء هذا المركز.
* للثقافة عامل كبير فى نشر الوعي.. ما هو دور المثقفين تجاه هذه القضية؟
** الثقافة هي القوة الناعمة، لذلك فلابد وان يقوم الروائي بدوره تجاه كتابة الرواية، بالافكار الجديدة بما فيه الصالح للمجتمعات، ونشر الوعي والفكر التنوير والابتعاد عن الافكار المتحجرة، وكذلك الشاعر، والكابت، والناقد كل فى تخصصه.
* دور الدولة فى دعم الثقافة؟
** الوقت الراهن يشهد حالة من التهميش والإغفال عن القضايا الثقافية، خاصة أن المبلغ الذي يصرف على الفرد فى الثقافة يساوى تقريبًا 150 قرشا، وهو مبلغ ضئيل جدًا مقارنة بالدول الاخرى، ولذلك فانا أطالب بضرورة زيادة ميزانية وزارة الثقافة مقارنة بالوزرات الاخرى كالتعليم والصحة، فالثقافة لا تقل اهمية عنهما، خاصة إن 85 % من الميزانية المخصصة للثقافة تهدر كرواتب للموظفين لديها، ويتبقى 15 % تذهب إلى الانشطة الثقافية المختلفة وهى نسبة ضئيلة جدًا.

التعليقات متوقفه