.. ولما تمسك حزب التجمع  بإسقاط حكم المرشد

882

*بقلم محمود الدسوقي أمين شباب حزب التجمع .

كان موقف معظم الأحزاب ( المدنية ) والشخصيات ( العامة ) التي اتخذت موقفاً معادياً من التظاهر ضد مرسي في 24 أغسطس 2012 أي بعد حوالي 54 يوماً من توليه الرئاسة ،موقفاً مُتسقاً مع قناعتهم ورؤيتهم السياسية التي تعتبر الإخوان فصيل سياسي (وطني) ،ولم يكن موقفهم محض صدفة أو مواءمة سياسية بل هو موقف تاريخي بدأ منذ التحالفات الانتخابية بينهما مع بداية عصر مبارك مرورا بالجمعية الوطنية للتغيير التي تأسست بدافع التخلص من الحركة المصرية من أجل التغيير ” كفاية ” والتي كانت تهدف إلي إحداث تغيير شامل للنظام السياسي أساسه رفض استمرار مبارك في الحكم ومناهضة مشروع التوريث ،الأمر الذي فَرَضَ علي الحركة في بداية 2010 مناقشة فكرة مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة وهو الأمر الذي لم يلقي قبولاً لدي جماعة الإخوان والممثلة في مجلس الشعب بـ 76 نائباً والتي كانت تطمح في زيادته مع صفقة الانتخابات القادمة ،فاتفاق القوي السياسية علي المقاطعة من خلال ” كفاية ” سيكشف الغطاء السياسي عن الصفقة الموعودة والحالمة للجماعة مع الحزب الوطني علي غرار صفقة 2005 ،فكان لابد من طرح بديل لحالة الإجماع الوطني التي نجحت حركة كفاية في تحقيقه والرافض بشكل واضح لمبارك ومشروع التوريث المرتقب .
هنا يظهر البرادعي ــ الذي سبق استقبال شباب 6 ابريل له بالمطار حملة ترويجية مارسها صحفي مهني شاطر كان يرأس تحرير جريدة اعتادت علي بدأ افتتاحيتها بما تيسر من الآيات القرآنية وكانت الصحيفة بمثابة منصة إعلامية حصرية لابنة خيرت الشاطر ورسائل والدها التنظيمية من خلف القضبان وكانت الجريدة الوحيدة التي تنفذ من الأسواق وبلغت مبيعاتها الأسبوعية حوالي 250 ألف نسخة لدرجة أن اعتبرها طلاب الإخوان منشور أسبوعي يتم توزيعه مجاناً في الجامعات وهي جريدة الدستور ــ باعتباره المُخَلِص والمُلهم وصاحب الإجماع الوطني ، وعُقد مؤتمر الإعلان عن الجمعية الوطنية للتغيير من أجل ” الضغط على نظام الحكم لإجراء تعديلات دستورية وتحقيق العدالة الاجتماعية” بحضور شخصيات عامة مثل (حسن نافعة، ، وسعد الكتاتنى، أيمن نور، حمدين صباحي، عصام سلطان ، محمود الخضيرى،جورج إسحق ، جمال زهران ، أبو العز الحريري، عبد الخالق فاروق، عبد الجليل مصطفى، علاء الأسواني، حمدي قنديل ) وقد غاب عن الحضور أحزاب التجمع والوفد والناصري وكان حضور أبو العز الحريري بصفته نائب سابق لدرجة أنه أعلن استيائه من عدم مشاركة الأحزاب الثلاثة ،
وكان التجمع دائم التنسيق والمشاركة مع القوي الوطنية الديمقراطية في كل ما يتعلق بقضايا الوطن منذ تأسيسه وحتى حركة كفاية والتي ساهمت في فتح سقف المعارضة السياسية لدرجة المطالبة بإسقاط مبارك علناً في المظاهرة التاريخية ـ التي قُدرت وقتها بحوالي 30 ألف متظاهر ـ التي شارك فيها كل القوي السياسية عقب إعلان نتيجة أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر في 2005 والتي قاطعها حزب التجمع ووصفها مُسبقاً بـ ” المسرحية الهزلية ” ، لكن هذه المرة ومع وصول البرادعي لمطار القاهرة علي متن طائرة بالتأكيد فخمة ولا أعلم تحديداً تبعيتها إلي أي خطوط جوية ،هنا استشعر العقل الجمعي لأعضاء وقيادات الحزب الخطر ،ومع تصريحه بالهجوم علي الحياة الحزبية ورأيه في حق قيام الأحزاب السياسية علي أساس ديني تحسس كل منا مسدسه ،واعتبر التجمع هذا التصريح هو بمثابة التنازل عن فكرة الدولة المدنية وفتح أُطر أمام احتمالية وجود أحزاب دينية، وهي قضية لا يقبل فيها التجمع أي مواربة أو مهادنة ،وأعلن موقفه وصدر بيان رسمي عن المكتب السياسي للحزب دعا فيه البرادعي لزيارة مقر الحزب لإجراء حوار معه يمكن أن يتوصل إلى نقاط اتفاق مهمة تصلح لكي تكون أساساً لبرنامج الجبهة الوطنية المقترحة حتى تُُوحد الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات الوطنية قواها فى معركة تعديل الدستور والحد من سلطات رئيس الجمهورية ، وتحديد فترة الرئاسة وحرية ونزاهة الانتخابات ، وفرض الإرادة الشعبية والرقابة الجماهيرية على كل المؤسسات ،لكنه لم يقبل الدعوة وخيراً فعل ، واستمرت جمعية البرادعي في أداء دورها الوقتي المحدد لها حتى اقتراب موعد انتخابات الشعب نهاية 2010 ،وصدر بيان عن حركة كفاية للدعوة لمقاطعة الانتخابات التي لم يهنأ ناجحوها بفرحة النصر المُزيف .
والملاحظ أن في كل محطة مجالسة سياسية أو مؤانسة انتخابية تحدث بين ( الأحزاب ،الشخصيات العامة ) والإخوان لا ينفك بعضهم عن الإعلان عن اختلافه مع الجماعة ،ومع تفشي حالة المراهقة والميوعة السياسية يتم استحضار العديد من المبررات لهذه التحالفات المشبوهة التي انكشف عنها الستار وتجلت بوضوح بعد 25 يناير 2011 ،
وجاء اجتماع فيرمونت والذي شهد حفل إشهار وثيقة الزواج العرفي بين الإخوان وشُعبهم في التيار المدني من خلال صياغة أبشع وأحط اتفاق ليس فقط لكونه تم بين أحزاب مدنية وجماعة دينية يمينية رجعية تنتهج العنف والقتل باعتبارهما وسائل سياسية ،بل لأن الاتفاق بالأساس كان في مواجهة الشعب المصري بهويته التاريخية وتراثه الحضاري ،فقد صيغ هذا الاتفاق قبيل إعلان نتيجة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بيومين ، وكان موقف المجتمعين يحمل نفس موقف الجماعة الذي أعلنه محمود غزلان عشية الاجتماع “بأن هناك مواجهة خطرة ستكون بين الشعب والجيش في حال الإعلان عن فوز أحمد شفيق برئاسة مصر في نتيجة الانتخابات المقرر إعلانها رسميا خلال الساعات المقبلة ” في حالة من البلطجة السياسية اعتاد عليها تنظيم الإخوان علي مدي تاريخه لكن هذه المرة برعاية ودعم ومشاركة أحزاب مدنية وشخصيات عامة ، هذه الوثيقة التي كانت بمثابة المانع الشرعي للتيار المدني ـ مجازاً ـ لمشاركته في مظاهرات 24 أغسطس ،وكان أمل الحصول علي مؤخر الصداق السياسي التي تعهدت الجماعة بدفعه في فيرمونت ثم تراجعت عنه بعد إعلان فوز مرسي هو المقابل للهجوم علي الداعين للتظاهر ،أملاً في رقة قلب خيرت الشاطر .. لكنه لم يَرِقْ ..
ونظراً لأن السياسة هي فن الممكن ، فبعد تشكيل جبهة الإنقاذ وفي يناير 2013 يبحث البرادعي من جديد عن الأمل المنشود ويعلن منفرداً عن دعوة محمد مرسي، والقائد العام للقوات المسلحة، ووزير الداخلية، والحرية والعدالة، والأحزاب السلفية، إلى اجتماع عاجل مع جبهة الإنقاذ، ويُسرع التجمع من خلال بيان رسمي أعلن من خلاله أن الدعوة للحوار التي أطلقها البرادعي، رئيس حزب الدستور ومنسق جبهة الإنقاذ الوطني، هي بشكل شخصي، أو بصفته كرئيس لحزب الدستور، ولا تعبر عن الجبهة ،
ويأتي مشهد النهاية لمرحلة بائسة ،في اجتماع جبهة الإنقاذ قبل 30 يونيو مباشرة ويتحدث الدكتور البرادعي معلناً موافقة جميع الحاضرين علي المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة ،وهنا يعلن رئيس حزب التجمع سيد عبد العال رفضه انتخابات رئاسية مبكرة ويؤكد أن حزب التجمع ورئيسه وقياداته وأعضائه ذاهبون لميادين مصر لإسقاط حكم المرشد وجماعته الارهابية .. فإما أن نُسقط مرسي وجماعته .. وإما أن يكون مصير أعضاء حزب التجمع المشانق وهذا أشرف وأكرم لهم .. وقد كان

التعليقات متوقفه