في مقر حزب التجمع ..اتحاد الشباب التقدمي ينظم حلقة نقاشية  حول “ثورة يوليو  1952 والدولة الوطنية”:”الثورة” اتخذت التنمية هدفًا ..وتحقيق السيادة المنقوصة والتحرر من التبعية ضرورة ..وإعتبرت دعم الجهاز الإداري للدولة بمجانية التعليم وبناء الدولة الوطنية والحريات العامة قضية امن قومي 

518

متابعة وتصوير  أحمد مجدي:

نظم اتحاد الشباب التقدمي، الجناح الشبابي لحزب التجمع، حلقة نقاشية بعنوان، ثورة 23 يوليو والدولة الوطنية، وذلك احتفالًا بذكرى الثورة، بحضور الكاتب الصحفي أحمد الجمال، د. عبد العليم محمد. مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وعصام شيحة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، وعاطف المغاوري نائب رئيس حزب التجمع، وهاني الحسيني عضو المكتب السياسي بحزب التجمع.

وجه أحمد الجمال الكاتب الصحفي، التحية لارواح قادة التجمع التاريخيين، ولروح القائد خالد محي الدين، قائلًا أن مصطلح الدولة الوطنية بدأ في اوروبا بعد انحدار الامبراطورية الرومانية، ولكن الوضع المصري يختلف فهي دولة منذ آلاف السنيين، وبها شعب مندمج كسبيكة ديموجرافيا وثقافية هائلة، ونشأت الدولة في مصر في الأساس للسيطرة على النهر، وليس لاي اهداف غزو او توسع، وعندما نأتي الى ثورة يوليو، فهي استردت الدولة الوطنية، ولم تؤسسها، فالدولة قديمة قدم الزمن، فمنذ دخول الأجانب فقدت مصر السلطة فقط ولكن بقى أركان الدولة الاخرى مثل الشعب والإقليم، ومصر هضمت القادم اليها ومصرته، واعطته مثلما أخذت منه.

وأضاف “الجمال” أن ثورة يوليو سعت الى استرداد السلطة، و أدركت أن الأهم من أي شيء هو علاقة الدولة بالنهر، وهو المشروع الذي يهدف في الأساس إلى توحيد الشعب، وتوزيع الماء بالعدل، ومن نتائج يوليو أن مصر أصبح لها اسم يتردد في جميع العالم الى اليوم وهي الفائدة، التي تفيد مصر نفسها، وليس عبد الناصر، وأن هناك من يحاول ان يشوه يوليو ويقول ما الذي آلت إليه ثورة يوليو، وبهذا المنطق نستطيع ان نقول ان ما آلت إليه الأفكار ليست معيار للمحاسبة، فالإسلام وصل إلى ابو بكر البغدادي، وخيرت الشاطر، والحويني، وغيرهم، كما وصلت المسيحية الى صكوك الغفران، و اليهودية إلى الصهيونية، وغيرها، وهناك الان حملات تحاول تشويه عبد الناصر، وفترته وأفكاره، في مناسبات عديدة، ونكتشف أن هذه رسائل الى من يحكم الآن، الى يحذو حذو الدولة الوطنية التي أرادها عبد الناصر، واعتقد ان الصراع مازال مفتوح مع الطبقية، ومع الصراع الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية، مضيفًا لا نريد ان يعود عبد الناصر، او أن يكون السيسي عبد الناصر، ولكننا نأمل التمسك في المنهج العلمي والأفكار لبناء دولة وطنية، ونشر العدالة الاجتماعية.

قال عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن عندما نناقش الثورات المصرية، يجب أن نناقشها بهدف التقييم، وتعلم الأخطاء، ولدي اعتقاد أن الثورات المصرية هي حلقات تكمل بعضها البعض، ولذلك بمفهوم بناء الدولة يمكننا ان نقول ان محمد علي بناء دولة وطنية، ويمكننا البدء بثورة 19 وعدم إغفالها، ولا يمكن أن ينكر أحد دور ثورة يوليو التي استكملت مشوار الثورات المصرية الاخرى مثل ثورة 19 ولكن لها اخفاقات ايضًا، ويجب أن نرى البناء الثوري الوطني متواصل، ومشروع الإصلاح الزراعي كان مطروح ما قبل يوليو، والمنهج الاشتراكي كان موجود، ولكنه افتئات على حقوق الناس، وعندما تأمم قناة السويس يجب على الجميع تحية ذلك، ولكن عندما تأمم ممتلكات الناس فالأمر يختلف فهو خلق مساوئ لم نجد لها حل الى الان، وعندما تحدثت يوليو عن بناء دولة وطنية حديثة، وذلك معناه أن يكون هناك ديمقراطية رأي ورأي آخر، ولكن عندما أتت الثورة ألغت الأحزاب، وكان هناك فقط الاتحاد الاشتراكي، وأصبح هناك صوت واحد، وهو ما يتناقض مع أهداف الثورة التي أعلنت عنها نفسها.

وأضاف “شيحة” ان ليس هناك جدال أن ثورة يوليو سعت الى التحرر الوطني، وساندت حركات التحرر في كل أفريقيا، ولكن ارتكبنا بعد الأخطاء، وهي خسارة منطقة الخليج بالكامل، ولكن نستثمر تاريخنا مع أفريقيا، ومساندة حركة يوليو للعمال كانت أمر طيب، ومصر هي دولة كبيرة في محيطها الإقليمي، وعمود الخيمة في مصر هي القوات المسلحة، ولذلك انتبه لذلك محمد علي، ثم عبد الناصر، واستشعر أن هناك من يقدس عن ثورة يوليو وعبد الناصر، ولا يجب تقييمهم وهذا في اعتقادي أمر خاطئ فمن يريد التعلم يجب أن يقيم كافة الأمور، وموضوع التعليم المجاني، ليس صحيح أنه أتى مع يوليو فهو كان موجود قبل ذلك فعبد الناصر نفسه ورفاقه تعلموا في هذا التعليم، والهدف من كلامي ان يوليو هي حلقة من حلقات النضال الوطني، وليست مقدسة ويمكن أن نناقشها ونقيمها للتعلم من أخطائه فيما يخص مستقبل بلادنا، ويجب علينا أن نسعى ونحافظ على الحريات العامة، والسعي الدائم لبناء الدولة الوطنية الحديثة.

قال د. عبد العليم محمد. مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن في الحديث عن ثورة يوليو نستطيع ان نقول ان دراسة التاريخ، أمر يجب أن يتم في سياقه التاريخي، ويجب أن ندرس تلك الحقبة الناصرية، في زمنها، الم تكن تلك الحقبة هي حقة صراع شديد بين الاشتراكية والرأسمالية، والصراع بين الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي، إذن هناك خيارات محدود ومربوطة سياقها التاريخي.

وأضاف أن الدولة في الفكرة الفلسفي والسياسي والقانوني حظيت بنقاشات كبير جد، واعتبر أن الدولة هي أهم تطور في حياة البشر عمومًا لأن جوهرها هي العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وتطور للمجتمع البشري الذي كان يطغى فيها القوة وكان لابد من هذا التنظيم ليضمن حقوق البشر سواء الضعفاء والأقوياء، وفي حياة المصريين الدولة هي قديمة قدم المجتمع نفسه، وهي أول دولة مركزية في التاريخ، وكانت ضرورة ولا يمكن الاستغناء عنها، والاهم من هذا أن الدولة في مصر هي مصدر كل التغييرات وهي التي تتحكم في كل تفصيلة من تفاصيل حياة المواطن، ولا تزال ضرورة كما هي، ومن بنى الدولة الحديثة بناها محمد علي، ولحق به كل الطبقات فيما بعد، وذلك لاهتمام الجميع بالدولة، ولم يكن غريبا أن تأتي ثورة يوليو من داخل القوات المسلحة، وليست الأفكار التي طبقت هي أفكارهم ولكنها كانت مطروحة في المجتمع، وعبقرية يوليو هي استيعاب هذه الأفكار ونسجها في نسق واحد.

وأضاف “عبد العليم” ان هناك امرين انجزتهم بالشكل الكافي، في اتفاقية الجلاء 1954 والذي بعده انسحبت القوات البريطانية من مصر بعد احتلال 80 عام، ويمكننا ان نقول ان افكار يوليو هي علمنة الدولة بالمفهوم الحديث، حيث تشرع الدولة وتراقب ولا تتدخل في السوق، وهو ما لاتنجزه حتى الآن، ونستطيع أن نقول فيما يخص الملكية الزراعية كان 11 ألف مالك يملكون نصف الأراضي في مصر، أي عندما قال جمال عبد الناصر مجتمع النصف في المائة لم يكن يبالغ، وأدركت الثورة أن لا يمكن أن يستمر هذا الوضع، ومبدأ العدالة الاجتماعية كان يقتضي، إصلاح زراعي، وتملك المعدمين في مصر، ورأيت بعيني احتفال المزارعين بتملك 5 افدنة، واستهدفت يوليو في مجال التصنيع، ولكن الرأسمالية عزفت عن ذلك، فتدخلت الدولة بالصناعات التقليدية عن طريق الدول نفسها.

وأضاف، أن أهم ما يمكن رصده في يوليو، أن لأول مرة في التاريخ الحديث، حكم مصر، مصريين لا اجانب، وأصبحت مصر لأول مرة فاعل اقتصادي وسياسي، ولاول مرة أن تكون الدولة دولة تنموية لانها اتخذت التنمية هدفًا، وتحقيق السيادة والتي كانت منقوصة، ودعمت الجهاز الإداري للدولة بمجانية التعليم، والتي كونت طبقة وسطى في مصر، وطورت مؤسسات الدولة المصرية، مثال جهاز المخابرات المصرية، والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والذي صدر به قرار عام 1956، وأكاديمية ناصر، انشئت 1956، وغيرها.وقال إن الفرنسيين يتشدقون بالثورة الفرنسية انها ثورة الحرية، ونستطيع ان نقول ان ثورة يوليو هي ثورة التحرر من التبعية، وكانت لها اهم الرسالات التحررية في العالم.

قال عاطف المغاوري، نائب رئيس حزب التجمع، أننا نقع في كثير من التناقض، في حين نتحدث عن محمد علي، الذي يقول عنه البعض أنه بنى دولة حديثة، فمحمد علي ذهب بالجيش المصري إلى شبه جزيرة القرم، والى المكسيك، ولكن عندما يفعل ذلك عبد الناصر الى اليمن لمصلحة مصر، ينتقده البعض.

واضاف، ان هناك من ينتقد مصر الان لشرائها الاسلحة وحاملات الطائرات، ويقولون من ستحارب مصر، ولا يدركون أن بامتلاك القوة نمنع الحرب، ولا يمكن أن نغفل حدود مصر، التي كانت يحيط بها تقسيمات الدول باتفاقية سايكس بيكو، وكانت قرارات الإصلاح الزراعي كان لتدعيم الصفوف الداخلية للحفاظ على وحدة الدولة المصرية، وغمرتني القشعريرة من احتفالات فرنسا لثورتها، التي استعبدت شعوب اخرى، ولكن ثورة يوليو لم تستعبد شعوب اخرى ولم تغتصب حقوق الآخرين، ولذلك لا يجب ان نجلد ذاتنا فنحن لدينا تاريخ عظيم، وفي فرنسا هناك إجماع وطني على يوم الثورة الفرنسية، وهنا لا نجد اجماعًا على تاريخنا الوطني.

وقال ان مشروع الاصلاح الزراعي دار حوله الكثير من الجدل في حينها، فهناك من قال تبقى الأرض مع ملاكها، ويؤخذ منه ضرائب تصاعدية، ولكن الثورة رفضت ذلك وقالت انه اذا بقى المصري اجيرًا في الأرض سيربى ابنه بعقلية الأجير، وذلك يعطينا معيار في موضوع يوليو هي استعادة الحكم، للمصريين، واذا اردنا ان نتحدث عن الديمقراطية، يمكننا ان نقول ان هتلر انتصر في أوروبا ديمقراطيًا، وإذا حدثنا بعض الليبراليين عن أن مجانية التعليم اتت ما قبل عبد الناصر، ويستشهدون بجملة طه حسين عندما كان وزيرًا وقال أن التعليم كالماء والهواء، مع العلم ان هذا التعليم كان ما قبل الجامعي، ولكنهم يعودون ويناقدون انفسهم الان يقولون إن مجانية التعليم هي من خربت التعليم.

وقال المغاوري أن، من حمى مصر فيما يسمى بالربيع العربي، هو القوات المسلحة المصرية، التي لم تؤسس على عقيدة طائفية، او مذهبية او غيرها وانما وطنية خالصة، ومضيفًا، ان اخر مرة انتشر وباء في مصر كان عام 1947 وهو وباء الكوليرا الذي اطاح بالملايين من المصريين، وكافحته الدولة المصرية، ومن اراد ان يعرف اهمية ثورة يوليو فليذهب الى سجلات المستشفيات وليرى ما كانت الأمراض التي تطيح بالمصريين، فكان هناك الاف من المصريين تطيح بهم سوء التغذية.

قال هاني الحسيني ان هناك صراع مفتوح، وهو جوهر حلقات الثورة الوطنية من أجل بناء الدولة الوطنية الحديثة، وهو الاستخلاص الأساسي الذي نستطيع ان نصل اليها، وهو يدور حول السيادة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبناء مشروع اجتماعي للغالبية العظمى من المصريين، الذين استمروا في بناء دولتهم في حركات ثورية مستمرة، وهذا المشروع الذي نجاهد من اجل بناءه، ويبقى سؤال ماهو المطلوب، هل دولة دفاعية غير متدخلة، اعتقد ان الامر عكس ذلك فنحن نريد دولة تتدخل، فكافة التجارب والإحصائيات تتحدث عن تزايد كبير في أرقام أعداد الفقراء، وفي هذا السياق هناك طرح متناقض يلعب به الخصوم، الداخليين، مثل الاخوان، ومن الخصوم الخارجيين، وهو طرح فكرة التناقض بين المدني والعسكري، وتستخدم لاخفاء التناقض الحقيقي، وماهو مطروح على مصر والاقليم، هو مشروع رجعي، وهو مشروع الخلافة الشمولي، وبين الدول الوطنية، والدفع بفكر التناقض بين العسكري والمدني، هو إخفاء الصراع الحقيقي.واضاف “الحسيني”، ان المشكلة التي تواجه النخبة المصرية، منذ المرحلة الليبرالية التي لم تكتمل، ولم يكتمل مشروع مصري خالص، وذلك ما نحن في أمس الحاجة الينا، وما تم في مصر اننا اخذنا افكارًا صنعتها أوروبا في قرون طويلة وحاولنا تطبيقها في واقع مصر لم يكن نضج بالحد الكافي، ومسألة التناقض بين رأس المال والعمل، لا توجد بالشكل الكلاسيكي فالطبقة الرأسمالية غير ناضجة، والطبقة العمالية لم تتشكل ايضًا بالشكل نفسه، ولذلك نعاني من تعثر المشروع، لأن الظاهرة غير مكتملة، ومكونات هذه العلاقة غير مكتملة، والاجندة الليبرالية، كل ما يطرح علينا هو حقوق الانسان وحق التصويت وغيرها وباقي القيم لا تنتبه لها هذه الأفكار غير المكتملة.وشدد “الحسيني” على ان يجب ان يكون هناك واقعية سياسية في الممارسة، ولا يوجد حركة سياسية مصري تطرح واقعية كاملة في التعامل مع الواقع المصري، ونحن بحاجة الى جبهة وطنية ديمقراطية تجمع كل الأطراف نحو غايات وطنية محددة، فنحن لم نعد امام مشروع اشتراكي كلاسيكي، او مشروع رأسمالي كلاسيكي ولكن كل الافكار تطورت نحو المستقبل ويمكن أن يحدد ذلك تلك الجبهة الديمقراطية التي يجب أن تتشكل، فنحن أمام وضع ثقافي مجتمعي متخلف، تسيطر عليه قيم سلفية، وقيم الخروج عن القانون، والفساد، وهي ثقافة العصور الوسطى السائدة، ويجب أن تتبنى القوى السياسية التقدمية الوطنية سواء الاشتراكية او الليبرالية.كما أن هناك مسألة أخرى تغيب عن الحياة الحزبية، وهي مسألة بناء الكادر، للدولة ولا يجب ان تقتصر التدريبات الحزبية على البرنامج، واللائحة الداخلية، ولكن كيف تعد لتكون صانع قرار وكيف تفكر كصانع قرار، وان تضع نفسك في نفس الموضع تدريبًا على أن يكون هناك في الحسبان الوصول الى السلطة.

التعليقات متوقفه