شكشكة: الشخصية المصرية 4 نحن و أرضنا الواسعة..

458

ظل المصريون طوال الحكم العثمانى يتخذون من المحتل التركى العثمانى قدوة، فإذا ارتدى العمامة ارتدوها، وإن خلعها خلعوها. تخلوا عن العمائم اذعانا لأوامر السلطان الخليفة، فلما خُلع السلطان وحل محله كمال أتاتورك، أصدر حكما بالتخلى عن الطربوش وارتداء القبعات الأوروبية. ولكن المصريين احتفظوا بالطربوش عِندا فى أتاتورك الذى تسبب فى انحسار الهيمنة العثمانية على مصر!
وبعد صدور قانون أتاتورك احتار المصريون حول ما يجب أن يرتديه الرجل المسلم كغطاء للرأس وثار بين المثقفين فى مصر وبعض الدول العربية جدال واسع، فاقترح البعض ارتداء القبعة «البرنيطة»، وعلى الفور اتجهت لهؤلاء سهام الاتهام بالكفر، لأنهم تخلوا عما يُعتبر الغطاء الإسلامى لرؤوس الرجال!. لم يحاول أحد البحث فى تاريخ وأصل الطربوش، وبالتالى لم يكتشفوا أن الطربوش ولد أصلا فى اليونان، وبعد أن احتلها الأتراك أخذوه عن اليونانيين، ثم غيروا فيه وبدلوا. ولم ينقذهم من ذلك الزى الذى لا يتفق مع طقس بلادهم ولا علاقة له بالاسلام من قريب أو بعيد، الا ثورة يوليو 1952م، التى ألغت لبس الطربوش كما ألغت الألقاب التركية أيضا «أفندى وبيه وباشا».
الذى أراه سببا لتلك التحولات فى الشخصية المصرية هو أننا كما لا نعرف تاريخنا فنحن أيضا نجهل جغرافيتنا..كم منا طاف بأرض بلاده طولا وعرضا ولم يترك شبرا فيها الا وزاره وبحث فى كل تفاصيله ؟! كانوا يرددون مثلا غريبا عن المصرى «اذا عزل من شبرا الى مصر الجديدة يحلف بغربته»!. كنا شعبا يعشق الاستقرار، ويولد المرء ويموت فى نفس القرية ونفس الشارع ربما نفس البيت. وبعد خروج الإسرائيليين من سيناء فى ابريل 1982م اكتشفنا جزءا عزيزا من أرض مصر كنا قد أسقطناه من ذاكرتنا تماما، و لم نكن درسنا شيئا عنه فى المقررات الدراسية.. سيناء.. أرض الفيروز «مساحة سيناء 61 ألف كيلومتر مربع، أو نحو 3 أمثال مساحة الدلتا».
.. بعد رحيل الجيش الإسرائيلى هرعنا الى سيناء لنكتشفها جميلة و ثرية بكل أنواع الجذب السياحى. كيف أُهملت عبرسنوات ماقبل الثورة ثم بعدها؟!. هذا الكنز المجهول لم نكتشفه نحن واكتشفه نيابة عنا العدو الذى احتلها فترة، إسرائيل.. وقلنا يومها أن سيناء هى البوابة التى ستعبر منها مصر الى التنمية الشاملة والتطور السريع. وحلمنا بأن تتحول كل رقعة من الشمال والجنوب الى مدن جديدة على أحدث الطرز المعمارية، وقرى عصرية تحيط بها آلاف الفدادين التى تنتج أفضل أنواع الفاكهة والخضر مثل الكنتالوب و الفراولة والخيار والطماطم الخ. وعندما دعانا محافظ شمال سيناء اللواء منير شاش، رحمه الله، لزيارتها وتجولنا معه فى أنحائها وسمعنا تغزله فيها كأنها عذراء يسعى لزفافها، كتبت عدة مقالات عن سيناء تفيض بالتفاؤل قلت فيها إن العريش سوف تصبح العاصمة الثانية بعد القاهرة من حيث الاتساع والثراء والجمال وفرص العمل. الذى حدث أن منير شاش عين فى منصب فى القاهرة و حاول أن يقنع المسئولين بأهمية تلك الرقعة الرائعة من بلادنا ولكن أحدا لم يستمع اليه! وفى الاسبوع القادم نكمل مسيرتنا مع المصرى.

التعليقات متوقفه