مرفت رجب:الترياق فى الكنز

589

الترياق فى الكنز

مرفت رجب

ولما كان الترياق هو الشافى المعافى من اثر السم الزعاف ، فإن مكونات فيلم الكنز 2 المضافة الى الكنز 1 تندرج فى هذا التصنيف ، بل انها تتكفل بعلاج الحالات المستعصية لمن يسيطر عليهم داء الطمع فيوردهم موارد التهلكة ، و يكون لهم مثل مصير حتشبسوت فى الزمن القديم او قادة الدرك فى الزمن الوسيط او راس امن الدولة فى الزمن الحديث

اما عن حتشبسوت ، فبعد ان اعتلت عرش البلاد كوصية، لان زوجها تحتمس الثاني رحل عن الدنيا وابنه الوريث لم يزل فى المهد صبيا، دخلت فى اهاب الملك واستقر امرها على البقاء ، واستدعت كبير الكهنة لينطق بالفتوى المقدسة اللازمة لإفهام الجميع ان حتشبسوت تحكم بأمر الرب ؛ آمون  .. وتمضى السنون وهى تنعم بعز وولاء شعبها وكهنتها ، لكنها غفلت عن صاحب العرش الذى كان صبيا صغيرا  فلما شب عن الطوق وشبت فى قلبه أحلام السلطة

كان كبير كهنة آمون الذى اعتمد لحتشبسوت الفتوى المقدسة هو اول من تقدم لمعاونته  ليعلن نفسه ملكا على البلاد، ويكون تحتمس الثالث هو التالى على عرش مصر بعد ازاحة حتشبسوت

..

أما اذا انتقلنا الى الزمن الوسيط فالصراع بين البطل الشعبي على الزيبق ورأس الدرك على اشده والمبارزات تدور وتحتدم لان راس الدرك لا يصارع من اجل أموال اغتصبها من قوت الناس فقط ، فكل خوفه ان ينتصر عليه على الزيبق فيطيح بسطوته و يفوز بابنته الغارقة فى حب على، وكان الفيلم يشدنا لتأمل فعل الزمن ، فصحيح ان على الزيبق ينتصر على راس الدرك ويصرعه ولكنه يخسر حبيبته ، فقد سقطت هى الأخرى فى أتون المعارك..

ولما كان الخط الثالث فى هذا الفيلم هو خط الزمن الحديث والمعاصر فالأحداث اقرب إلينا، ولكنها ليست منبتة الصلة عما شاهدناه ، سواء مع حتشبسوت او على الزيبق ، فهنا أيضا نجد الطمع فى التشبث بالسلطة والجاه وراء ماتنزله الأقدار على رأس بطل هذه الحكاية المضفرة فيما سبقها ، ولقد ملء ‘ بشر’ مكانه كضابط مباحث بالكفاءة والصرامة اللازمة لترقيته الى اعلى المناصب ، ولم تقترب اللوعة من قلبه الا بفعل الصراع بين العاطفة والواجب والذى حسم لصالح الواجب ، فقد انصاع ‘ بشر’ لاوامر الملك وسافر الى صعيد البلاد فى مهمة للقضاء على اعتى مجرميها المعروف باسم الخط ، ولما كانت الحبيبة نعمات فى المستشفى للعلاج من اثر الحروق التى اصابتها حين قام الإخوان بتفجير الملهى الليلى الذى كانت تغنى فيه بحضور الحبيب  بشر  ذلك الذى نجا بأعجوبة خروجه من الملهى قبل وقوع الانفجار ، تركها لاخيه وأوصاه برعايتها فترة غيابه فى الصعيد . يطول الغياب بما يمكن لبشر من الإمساك بالخط ولأخيه بان يتزوج نعمات .

الكنز.. لمن

هل ينفع القول بأن الحكاية كلها حكاية رجل كانت له فى حياته سلطة البطش التى جرت عليه من العداوات ما اضطره لابعاد ابنه عن البلاد حماية له من العازمين على الانتقام لكنه ينص فى وصيته ان يشاهد ابنه شريطا مسجلا يحكى له فيه قصة حياته  وان يطلع على مخطوطات تحكى تاريخ البلاد التى غادرها قبل ان يشب عن الطوق !!..

وهل ينفع القول بأن راس جهاز الأمن ‘بشر’ أراد ان يبيض صفحته أمام ابنه ‘ حسن’  وفى نفس الوقت يترك له من المخطوطات والخرائط وحكايات الكنز الموعود ما يربكه لكن يكبله بإغراء الوصول للكنز ..!!

هل هذا ملخص للفيلم ؟  بالطبع لا ، وان قراناه على هذا النحو فهو تلخيص مخل ، ذلك ان الأفلام لا تلخص ، والا فما دور تنسيق المناظر وسلاسة تعاقب المشاهد وهى تشبك الازمنة دون ان تعقد متابعتنا لتطور الشخصيات مع تقدم الأحداث ، وماذا عن الإضاءة واختيار الملابس ، والديكور والموسيقى والغناء الذى هيأنا لأجواء الملحمة

وقبل كل شىء وبعده ؛ ان كنا قد فتنا ، أليس هذا ما عودنا عليه عبد الرحيم كمال كاتبا وشريف عرفة مخرجا

وكيف لى الا أتحيز لهذا الكنز الترياق الذى هو الشغف بالمعرفة وحب الوطن. !! وكيف لى ان أنهى هذا المقال دون تقديم التحية اعزازا وتقديرا لفريق عمل الكنز ..

 

التعليقات متوقفه