قراءة في الأداء البرلماني.. 4 سنوات برلمان- الفرصة الأخيرة .. ( 2 : 3 )

760

*بقلم عبدالناصر قنديل

أربعة أدوار انعقاد مضت من عمر أول مجلس نيابى وتشريعى مصرى بعد تغيير مسماه من  (مجلس الشعب) إلى «مجلس النواب»، والذى جرى تشكيله بعد ثورة تصحيح المسار واستعادة قيم وتقاليد الدولة المدنية فى 30 يونيو 2013، وما صاحبها من إعادة فرز وتركيب للنخبة البرلمانية وفق معطيات وضوابط جديدة حاولت إصلاح ما تسببت فيه تجربة برلمان 2012 من كوارث وأزمات خلقتها هيمنة تيارات التأسلم السياسى على مقدرات المجلس «وقتها» ليستعد المجتمع.  (بعد أيام قلائل) ـ لاستقبال دور الانعقاد السنوى الخامس والأخير.

…………………………………

6 ـ الأداء التشريعي ومخاطر تفصيل القوانين

قانون كل ساعة ونصف… ومادة قانونية كل 8 دقائق

مناقشة وإقرار 43 مادة من قانون التأمينات والمعاشات خلال 15 دقيقة

 

تمثل عملية «اقتراح – مناقشة- إصدار» التشريعات عصب العمل البرلماني، ودور المؤسسة التشريعية الأبرز، والذي ربما كان سبب إطلاق مسمي«السلطة التشريعية»عليها، رغم أن الدستور قد سمح للسلطة التنفيذية بالحق في اقتراح التشريعات، بل ورسم لها مسارًا أكثر تميزًا ويسر من ذلك المسار الذي يتوجب علي أعضاء مجلس النواب السير فيه متي تقدموا بمقترح لمشروع قانون، ونصت المادة 122 من الدستور علي أنه لرئيس الجمهورية ولمجلس الوزراء ولكل عضو في مجلس النواب اقتراح القوانين، ويحال كل مشروع قانون مقدم من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس، ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوي الخبرة في الموضوع، ولا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء إلى اللجنة النوعية إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات ووافق المجلس على ذلك، فإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسبباً، وكل مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس لا يجوز تقديمه ثانية في دور الانعقاد نفسه.

بينما جاءت المادة 186 من اللائحة لتعطي امتيازا جديدا للسلطة التنفيذية بالنص علي أنه « يعتبر مشروع القانون المقدم من الحكومة أساسا لدراسة اللجنة إذا تعددت مشروعات القوانين والاقتراحات بقوانين المحالة إليها إذا كانت متفقة من حيث المبدأ وإلا اعتُبر المشروعُ بقانون أو الاقتراحُ بقانون المقدمُ أولاً أساساً لدراسة اللجنة وتعتبر المشروعات والاقتراحات الأخرى كاقتراحات بالتعديل وتقدم اللجنة تقريراً واحداً عنها».

وعلي عكس السائد عند تحليل الأداء البرلماني باعتماد مصطلح الكثرة كعلامة علي الايجابية، فإن كثرة التشريعات التي يصدرها البرلمان، بما تتضمنه من مواد،  يعد مؤشرا سلبيا يحمل دلالات علي التسرع في الإصدار وعدم الجدية في النقاش، بما قد يستتبعه من مخاطر عدم الدستورية أو صعوبات التطبيق الفعلي للتشريع، وهي مخاطر واقعية صاحبت الأداء التشريعي للمجالس النيابية في تجربتها الحديثة منذ 1971 وحتي اليوم، بل وكانت سببا في ظهور وانتشار مصطلح شعبي دارج « ترزية القوانين» عند وصف البرلمان، بل وكانت دافعا لسعي الدولة لإقرار قواعد جديدة تدفع نحو تبطئة وإيقاف عجلة التسارع التشريعي عن طريق استحداث غرفة ثانية هي مجلس الشوري ضمن تعديلات الدستور إبريل 1980، والتي أعادتها للوجود ثانية التعديلات الدستورية 2019 .

وبالنظر الي الدور التشريعي للبرلمان في دور الانعقاد الرابع، نجد أن المجلس أقر 156 قانونا ما بين نص مستحدث أو تعديل علي نص قائم، بمتوسط 2 قانون في كل جلسة تقريبا بإجمالي عدد مواد 1701 مادة، تجعل من متوسط مواد كل قانون 11 مادة تقريبا، كما تخصص لكل جلسة 23,3 مادة قانونية ـ

هذا لو تفرغ البرلمان فقط لإقرار وإصدار مشروعات القوانين ـ وهو أمر يضع هذا الدور في المركز الثالث من حيث عدد التشريعات، حيث لا يقل عنه سوي دور الانعقاد الأول الذي شهد إصدار 82 قانون، وربما كان ذلك مرجعه انشغال المجلس في هذا الدور باعتماد القرارات بقوانين التي صدرت في غيبة السلطة التشريعية، إضافة إلى الوقت الذي استغرقه المجلس في إعداد لائحته الداخلية، وهو ما يمكن أن يبرر به البعض عند الحديث عن الدور الرابع لاعتبارات الانشغال بمناقشة وإقرار التعديلات الدستورية والسعي لتسويقها لدي الناخبين بوصفها منتجا برلمانيا خالصا، بينما كان دور الانعقاد الثاني هو الأعلى في إصدار القوانين بعدد 217 قانون يليه دور الانعقاد الثالث 197 قانون .

والواقع أن هذا التسارع في إصدار التشريعات قد أدي لحالة من عدم الرضاء الشعبي والجدل المصحوب برفض لأهداف وصياغات العديد من مشروعات القوانين، كنتيجة مباشرة لغياب الحوار المجتمعي المسبق أو المصاحب لعملية اصدار التشريع، وهو ما شهدناه عند اقرار قوانين مثل قانون دخول وإقامة الأجانب بسبب الجدل حول تناسب رسوم الاقامة وقانون التأمينات الاجتماعية بسبب الحديث عن ايقاف المعاش أو حرمان المستحقين.

وربما كان أبرز الأمثلة علي خلل تسارع إصدار التشريعات وما يصحبه من تأثيرات سلبية علي الاقتصاد والرأي العام المحلي وصورة الدولة في المحافل الدولية ما يتعلق بقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي الذي صدر ونشر بالجريدة الرسمية برقم 149 لسنة 2019 بعدما طالب رئيس الجمهورية بإصداره كنتيجة مباشرة لمطالبات وطنية وانتقادات من مؤسسات دولية متعددة للقانون السابق لتنظيم عمل الجمعيات برقم 70 لسنة 2017، والذي أقره مجلس النواب منفردا دون مشاورات مع السلطة التنفيذية أو السماح بحوار مجتمعي حول مسودته خلال دور الانعقاد الثاني لتكون النتيجة الحتمية لهذا المسلك هي فشل وعجز السلطة التنفيذية عن تطبيقه أو حتي القدرة علي إصدار لائحة تنفيذية تنظم العمل به ويصبح هذا القانون ( القديم والمعدل ) سابقة في تاريخ الحياة النيابية المصرية باعتباره أول قانون يصدره مجلس النواب بأغلبية ساحقة ثم يعود في نفس الفصل التشريعي لإلغائه وإقرار قانون بديل عنه بأغلبية ساحقة أيضا.

ولو اعتمدنا دور الانعقاد الرابع كنموذج لمأزق التسارع التشريعي، فإنه ليس من المتخيل أن مجلس تتنوع مهامه وأدواره ما بين التشريع والرقابة علي السلطة التنفيذية ورسم السياسة العامة للدولة وإقرار موازناتها وخططها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أن يتمكن خلال 57 يوم عمل حقيقي و73 جلسة عامة و220 ساعة و 13188 دقيقة من مناقشة وإقرار 156 مشروع قانون تتضمن في مجملها 1701 مادة .

فحتي لو تفرغ المجلس لمهمة التشريع القانوني فقط وترك كل أدواره الأخري فهل من المتصور اقرار 3 قوانين في كل يوم انعقاد؟ أو قانونين في كل جلسة؟ أو قانون كل ساعة ونصف ؟ أو مادة قانونية كل 8 دقائق ؟ بل وكيف يمكن أن نتوقع تشريعا منضبطا وكفأً ونحن نتحدث أن الجلسة 68 والتي اعقدت لمدة 15 دقيقة فقط بتاريخ 10 يوليو 2019 قد شهدت مناقشة وإقرار 43 مادة من قانون التأمينات والمعاشات، أو أن الجلسة 72 التي انعقدت لمدة 45 دقيقة بتاريخ 14 يوليو 2019 قد شهدت نقاشا جديا وحقيقيا قبل الموافقة علي 48 مادة من قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي .

……………………………………………………..

7- الدور الرقابي والنزوع إلى الشكلية

3487 سؤالا و 1379 بيانا عاجلا و 4647 طلب إحاطة والاستجوابات «صفر»

الاستجواب بين انعدام المهارة و الانسحاق أم السلطة التنفيذية؟

منح المشرع لعضو مجلس النواب عددا من الأدوات المحاسبية تتنوع ما بين الفردية التي يمكن لكل نائب استخدامها والجماعية التي تتطلب حدًا أدني من النواب لتفعيلها، وأيضا ما بين اللينة التي تلفت انتباه السلطة التنفيذية لعمل أو خدمة منشودة و الصلبة التي تنذر بعقاب حال عجز التنفيذيين عن استجلاء الحقائق المنشودة أو ثبوت تقاعسهم عن أداء أدوار تدخل في نطاق اختصاصاتهم، وذلك حتي يتمكن النائب من القيام بدوره في الرقابة علي السلطة التنفيذية.

وقد وفر الدستور غطاء تشريعيا لاستخدام تلك الأدوات، فتحدثت المادة 129 عن الأسئلة بينما نظمت المادة 133 آلية التقدم باقتراحات برغبة، والمادة 134 تقديم طلبات الاحاطة والبيانات العاجلة، وهي في مجملها أدوات رقابية يمكن توصيفها بالفردية باعتبارها حقا لكل نائب والليونة لعدم قدرتها علي ردع المسئول التنفيذي حال تجاهلها أو عدم التفاعل معها، الأمر الذي يفسر كثرة اعتماد النواب عليها في تعاملهم مع السلطة التنفيذية.

شهد دور الانعقاد الرابع توجيه النواب لعدد 901 سؤال للحكومة تمثل 25,83 % من جملة الأسئلة التي وجهها النواب للسلطة، وبلغت 3487 سؤالا كان أكثرها في دور الانعقاد الثالث 1090 سؤالا،  يليه دور الانعقاد الثاني 1024 سؤالا بينما كان أقل تلك الأدوار من حيث استخدام الأسئلة هو دور الانعقاد الأول 472 سؤالا.

ورغم كثرة الأسئلة الموجهة من النواب، فإن الأسئلة التي اهتمت بها السلطة التنفيذية وتمت الاجابة عنها شفاهة خلال الجلسات جاءت محدودة للغاية حيث بلغ مجموعها 217 سؤالا في كل أدوار الانعقاد، لاعتماد السلطة التنفيذية علي المادة 200 من لائحة المجلس والتي نصت علي أن تكون الاجابة «كتابة» عن الأسئلة إذا طلب العضو ذلك أو إذا كان الغرض من السؤال مجرد الحصول علي بيانات أو معلومات إحصائية بحتة، أو إذا كان السؤال مع طابعه المحلي يقتضي إجابة من الوزير المختص أو إذا وجه السؤال، فيما بين أدوار الانعقاد حيث تلقت الأمانة العامة خلال دور الانعقاد الرابع اجابات مكتوبة علي عدد 849 سؤالا، بينما تمت الإجابة شفاهة علي 52 سؤالا فقط تمثل 5,8 % من إجمالي الأسئلة .

أما فيما يخص البيانات العاجلة، وهي الأداة التي تسمح للنواب باستيضاح الأمور العاجلة ذات الأهمية، فقد تقدم النواب بعدد 347 بيانا عاجلا تمثل 25,2 % من اجمالي 1379 بيانا تقدم بها النواب خلال أدوار الانعقاد المختلفة، وبما يجعل هذا الدور يحتل المركز الثاني من حيث تفعيل تلك الأداة الرقابية، والتي يمكن القول بأنها تمثل أحد الايجابيات الفعلية للمجلس من حيث الوعي باللحظة المجتمعية والتفاعل مع قضاياها وطرحها علي مائدة النقاش بالبرلمان في صورة منسجمة مع الشأن العام ومستجداته رغم اشارات متفرقة، لكون بعض تلك البيانات العاجلة أتت شكلية وربما غير ناضجة وربما لا تستحق أن تفرض وجودها علي الجلسة العامة، إلا أن تلك الوقائع كانت محدودة وقليلة قياسا بالأداء العام للمجلس.

وعلي ذات المسار السابق من حيث كثافة الاستخدام، أتت طلبات الاحاطة التي تقدم بها النواب، والتي بلغت 1700 طلب تمثل 36,6 % من اجمالي 4647 طلب إحاطة تقدم بها النواب جعلت هذا الدور يحتل المركز الأول بين كافة أدوار الانعقاد، وناقش المجلس في جلساته العامة 388 طلب إحاطة بنسبة 22,8 % ، بينما ناقشت اللجان النوعية 1312 طلب احاطة بنسبة 77,2 % الأمر الذي يوضح حجم حرص النواب علي الاستفادة من تلك الأداة، والتي تماثلها في الأهمية لديهم أداة الاقتراحات برغبة حول موضوعات عامة، والتي استخدمها النواب خلال دور الانعقاد الرابع بعدد 793 اقتراحا تمثل نسبة 33,24 % من إجمالي 2385 اقتراحا تقدم بها النواب خلال الفصل التشريعي جعلت هذا الدور يحتل المركز الثاني من حيث استخدام تلك الأداة .

والحقيقة أن حرص النواب البالغ علي الاستفادة من طلبات الإحاطة والاقتراحات برغبة وكثرة استخدامهما خصوصا مع اقتراب انتهاء الفصل التشريعي والدعوة للانتخابات أمر يمكن تفهمه لطبيعة تلك الأدوات الرقابية لطبيعتها الخدمية وتأثيراتها في استكمال مشروعات البنية الأساسية والتوسع في المنشآت الحكومية داخل الدوائر الانتخابية والتي تمنح النائب حظوة ومكانة لدي ناخبيه وأبناء دائرته، وبالتالي تزايد شعبيته وقدرته علي حسم معركته الانتخابية مبكرًا اضافة لكونها أدوات سلبية لا تثير جدلا مجتمعيا أو يمكنها أن تتسبب في غضب السلطة التنفيذية أو الأجهزة السيادية من النائب لو حاول الظهور عبرها داخل المجلس أو خارجه في صورة المؤثر علي القرار البرلماني.

لكن في مقابل تلك الأدوات الرقابية البسيطة والتي يمكن للنائب وللمجلس أن يستخدمها دون أن تعبر إلي قاعته الرئيسية فإن هناك أدوات أخري يمكن توصيفها بـ «الصلبة» نظرا لطبيعتها التي تستوجب عرضها والنقاش حولها في الجلسات العامة، إضافة لما يمكن أن يستتبعها من تطوير أو اتخاذ اجراءات عقابية تجاه السلطة التنفيذية قد تصل لسحب الثقة أو توجيه الاتهام لمن استخدمت الأداة الرقابية بحقه وهو ما أكدته النصوص الدستورية.

وبالنظر لمدي تفاعل النواب مع تلك الأدوات الرقابية نجد أن دور الانعقاد الرابع قد شهد قيام النواب باستخدام الحق في طلب المناقشة العامة بـ 54 طلبا تمثل 50 % من مجموع طلبات المناقشة التي استخدمها نواب المجلس في كل أدوار انعقاده وعددها 108 طلبات، بما يكشف عن تفاعل واضح من النواب في هذا الدور مع قضايا الشأن العام ورغبتهم في إثبات وتوثيق وجهات نظرهم ومواقفهم تجاهها، خاصة ما كان يتعلق منها بعمليات الإرهاب الأسود أو الأحكام القضائية غير المسبوقة في دفاعها عن حقوق قطاعات مجتمعية واسعة مثل الحكم الخاص بضم علاوات أصحاب المعاشات أو توغل شركات توظيف الأموال بعيدا عن القانون والأجهزة الرقابية.

أما علي مستوي الزيارات الميدانية، فقد قامت لجان المجلس بتنفيذ 32 زيارة خلال دور الانعقاد الرابع بنسبة 32,65 % من إجمالي الزيارات الميدانية التي نفذها المجلس وعددها 98 زيارة تجعل هذا الدور يحتل المركز الثاني من حيث تفعيل الزيارات بعد دور الانعقاد الثاني الذي نفذ 40 زيارة، وكانت أكثر اللجان تفعيلا للزيارات التفقدية هي لجان النقل والمواصلات والإدارة المحلية والسياحة والشباب والرياضة والتعليم، بينما كانت أكثر المحافظات استقبالا للزيارات هي مرسي مطروح والبحر الأحمر والإسكندرية وأسوان والقاهرة .

لتبقي الأداة البرلمانية الأخطر والأهم في محاسبة السلطة التنفيذية وضبط أدائها، والتي تمثل الحاضر الغائب عن العمل البرلماني وهي الاستجواب والذي يظل مجلس النواب يعاني من صفر كبير في استخدامه بعد أربعة أدوار انعقاد لم تشهد القاعة العامة خلالها عرض أو مناقشة له رغم كثرة عدد الأحزاب وممثليها الذين يفترض أنهم يسعون للوصول للسلطة وتطبيق أفكارهم الخاصة وأيضا وجود العديد من الأحداث الجسام التي كانت تستدعي تطبيقها إلا أنها الاستجوابات ظلت غائبة سواء كدليل علي فقدان نواب مجلس بأكمله لمهارات صياغة وتقديم الاستجوابات أو ذيلية المجلس للسلطة التنفيذية وعدم قدرته علي تحمل تبعات مواجهة حقيقية معها .

وباستثناء دور الانعقاد الأول الذي شهد تقديم النواب نظريا لعدد 11 استجوابا، لعدم مناقشة أي منها، ارتبط 7 منها بقضية فساد القمح التي وجهت أصابع الاتهام فيها للدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية لتسقط تلك الاستجوابات بعد قبول استقالة الوزير المختص، وتعيين الدكتور علي مصيلحي في موقعه، إضافة لاستجواب سقط تلقائيا نتيجة قيام مقدمه بسحبه وانتهاء بسقوط الاستجوابات المتبقية وعددها 3 استجوابات بنهاية دور الانعقاد وعدم تجديد مقدميها لها بحسب المادة 225 من اللائحة الداخلية والتي تنص علي أن يسقط الاستجواب بزوال عضوية مُقَدِمه أو صفة من وجه إليه أو بانتهاء الدور الذى قُدم خلاله لتتأكد الشكلية وعدم الجدية في استخدامه من النواب اضافة لكون البرلمان لم يشهد في أدوار الانعقاد التالية وعبر 213 جلسة تقديم النواب لأي استجواب جديد حتي ولو كان شكليا وغير مستوف للإجراءات .

يأتي كل هذا رغم أن الحالة المصرية قد شهدت وما زالت تفجر العديد من الكوارث والأزمات وأيضا قضايا الرأي العام مثل اتهام وزير الزراعة بالرشوة وإقالة وزير النقل بعد كارثة حريق محطة السكك الحديدية بالقاهرة والقبض علي محافظ المنوفية والعديد من كبار موظفي الدولة لوقائع تتعلق بالفساد المالي واستغلال للوظيفة العامة للتربح والثراء وهي في مجملها قضايا كانت تمثل مجالا خصبا لتطبيق أداة الاستجواب واستخدامها في محاسبة السلطة التنفيذية وتقييم سياساتها وبرامجها وهو ما لم يحسن البرلمان استغلاله والاستفادة منه في تصحيح العلاقة وضبطها مع السلطة التنفيذية للدرجة التي جعلت الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم يشتبك لفظيا مع الدكتور جمال شيحة رئيس لجنة التعليم أثناء مناقشة نظام التعليم الجديد ليرفض الوزير بعدها الذهاب إلي البرلمان أو المشاركة وحضور اجتماعات للجنة التعليم وبدلا من مساءلة الوزير عن سياساته وعن المشكلات والأزمات التي تسبب فيها التطبيق المتسرع للنظام التعليمي غير مدروس رأينا اللجنة في تصرف يصعب تفسيره تستبدل رئيسها بأخر كمحاولة لاسترضاء الوزير.

………………………………………………

8_ اللجان البرلمانية : البرلمان كما كان ينبغي

 

تمثل اللجان البرلمانية المطبخ الحقيقي لصناعة التشريع وصياغة مواده والوصول الي رؤية توافقية في مجال العمل المتخصص لكل لجنة للدرجة التي دفعت العديد من المراقبين والمتابعين لأداء البرلمان يعتبرون أن اللجان النوعية هي البرلمان الحقيقي وأن كفاءة الأداء النوعي وجدية النقاشات داخل تلك اللجان تفوق بكثير ما تشهده الجلسات العامة خاصة مع التوسع في عدد اللجان ومجالات عملها .

وخلال دور الانعقاد الرابع عقدت 25 لجنة برلمانية نوعية 2133 اجتماعا تمثل نسبة 31,76 % من اجمالي 6715 اجتماعا خلال الفصل التشريعي بمتوسط 86 اجتماعا لكل لجنة نوعية تجعل هذا الدور هو الأكثر كفاءة في أداء اللجان يليه دور الانعقاد الثالث 2110 اجتماعات ثم دور الانعقاد الثاني 1696 اجتماعا انتهاء بدور الانعقاد الأول 776 اجتماعا وهو أمر يتماشي ويتسق مع تزايد الكفاءة البرلمانية وتطور أداء النواب بمرور الزمن بما يسمح بفعالية حقيقية للجلسات العامة في ظل ما تصدره لها اللجان من تقارير .

حيث أصدرت اللجان النوعية مجتمعة خلال الفصل التشريعي 5543 تقريرا كان من نصيب دور الانعقاد الرابع منها 1561 تقريرا بمتوسط 63 تقريرا من كل لجنة نوعية فيما بلغ عدد تقارير تلك اللجان التي ناقشها المجلس خلال جلساته العامة 1466 بمتوسط 20 تقريرا في كل جلسة بما يظهر تنوع الأداء البرلماني وقدرة اللجان علي امداد المجلس بالأوراق والتقارير التي تمكنه من اتخاذ قراراته بموضوعية وإصدار التشريعات بالصورة التي تلبي الطموحات الشعبية .

أما علي مستوي ساعات عمل اللجان فقد بلغ عددها في هذا الدور 3253 ساعة بمتوسط 130 ساعة لكل لجنة و91 دقيقة لكل اجتماع منها وهي أرقام تضع دور الانعقاد الرابع في المركز الثالث من حيث أزمنة العمل بعد دور الانعقاد الثاني 3700 ساعة ودور الانعقاد الثاني 3501 ساعة، وهو ما انعكس أيضا علي قدرة اللجان علي القيام بأدوارها خاصة فيما يتعلق بدراسة طلبات الاحاطة والبت فيها والتي بلغت 1312 طلبا في الدور الرابع بنسبة 43 % من جملة 3052 طلب احاطة ناقشتها اللجان خلال كل الأدوار السابقة .

علي أن تحليل الأداء الفعلي لعدد من اللجان النوعية يكشف بوضوح تفاوت الأداء بحسب طبيعة عمل ومهام كل لجنة اضافة لحجم الخبرات التي يمتلكها الأعضاء فيها وهو ما يمكن رصده من خلال مراجعة تقارير انجاز كل لجنة فعلي سبيل المثال عقدت لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال دور الانعقاد الرابع 65 اجتماعا قامت خلالها بمناقشة 6 اتفاقيات و 9 طلبات احاطة اضافة لعدد من جلسات الاستماع مع مستثمري المدن الجديدة أما لجنة النقل والمواصلات فقد عقدت 104 اجتماعات ناقشت خلالها 3 مشروعات قوانين هي قانون انشاء جهاز تنظيم خدمات النقل البري للركاب والبضائع وقانون انشاء جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي وقانون الملاحة الداخلية اضافة لعدد 108 طلبات احاطة في حين عقدت لجنة السياحة والطيران المدني 77 اجتماعا استغرقت 114 ساعة ناقشت فيها 25 طلب احاطة و 16 مذكرة اضافة لتنفيذ 2 زيارة ميدانية لمحافظة جنوب سيناء وميناء القاهرة الجوي الدولي .

يبقي في النهاية التأكيد أنه رغم انجازات اللجان النوعية فإن هناك بعض من الغموض الذي يحيط بأداء عدد من اللجان النوعية وعلي رأسها لجنة الادارة المحلية والتي عجزت طوال أدوار الانعقاد السابقة عن اصدار قانون منظم للمحليات يسمح باستكمال المؤسسات الشعبية المنتخبة ويغل يد السلطة التنفيذية عن التصرف منفردة في الخدمات العامة وأجهزتها التنفيذية ضاربة كلجنة عرض الحائط بالمادة 242 التي نصت علي أن يستمر العمل بنظام الادارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه وهي المدة التي انتهت فعليا في 17 يناير 2019 رغم أن اللجنة نظمت عددا كبيرا من جلسات الاستماع مع مختلف أطياف المجتمع حول مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة والنواب علي حد سواء اضافة لانجاز اللجنة لمشروع قانون نهائي يصلح لإقراره من الجلسة العامة .

 

***الحلقة الأولى …قراءة  فى الأداء البرلمانى:الفرصة الأخيرة.. 4 سنوات برلمان

قراءة  فى الأداء البرلمانى:الفرصة الأخيرة.. 4 سنوات برلمان

 

التعليقات متوقفه