منتدى خالد محيي الدين يفتتح أولى ندواته بمناقشة مشكلات الإعلام المصري

728

منتدى خالد محيي الدين يفتتح أولى ندواته بمناقشة مشكلات الإعلام المصري

طارق المهدي: الإعلام الحالي يصنع الجهل.. والعقل الجمعي المصري حاليًا غير مثقف

غياب السياسة الإعلامية في الدولة جعل الجماهير تتجه نحو القنوات الأجنبية الموجهة

انصراف الناس عن الإعلام المصري نتيجة وجود انتهازيين على الشاشات وفي القنوات متصدرين للمشهد  يزايدون على وطنية الناس

محمد المرسي: لدينا إعلام ضعيف..وغياب عدم الهوية الإعلامية المصرية

أيمن عدلي: نحتاج إلى مشروع تثقيفي تنويري والبحث عن المبدعين

كتب: أحمد مجدي

 

أكد اللواء طارق المهدي، وزير الإعلام الأسبق، أن العقل الجمعي المصري حاليًا غير مثقف، والإعلام الحالي يصنع الجهل، على العكس من إعلام الستينيات الذي سيطرت به مصر على دول كثيرة بـ 36 قناة موجهة ولم يكن هناك حينها فضائيات وكل هذه الإمكانيات المتاحة الآن، مضيفًا أنه فوجيء عندما كان وزيرًا للاعلام ان اذاعة صوت العرب ليس لديها عربة مخصصة للبث FM، وكل المعدات الخاصة بالاذاعة كانت في المخازن وهو أمر لم أفهمه، وتلك العقلية هي ما تساعد في تزييف الوعي المصري، وهو ما حاولت معالجته عندما كنت وزيرًا، وما أفهمه من خلال تجربتي العسكرية أن الدولة لا تخشى شيئا، اما ان تشرح قراراتها للناس واما ان تتراجع عن أي خطأ فعلته، ولا حاجة للتبرير أو التمادي في أي خطأ وذلك لا يتم الا عن طريق إعلاميين مدربين على المحاورة والبحث والوصول للحقيقة، فمثلًا موضوع التدخل التركي في سوريا لم أر إعلاميا مصريا يحلل المشهد ويشرح للناس ما يحدث، ووجدت ذلك في قنوات خارجية بعمق، بينما الإعلام المصري، يكرر ما تقوله الدولة اذا كان شجبا يشجب، وإذا كان شكرا يشكرون، ولكن لا أحد يشرح ما يحدث حقًا.

جاء ذلك خلال منتدى خالد محيي الدين، بحزب التجمع الأربعاء، فى ندوته الأولى، تحت عنوان «الإعلام المصري.. المشكلة والحل». أدار الندوة، الكاتب الصحفي خالد الكيلاني، منسق عام المنتدى، والدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، وأيمن عدلي عضو مجلس نقابة الإعلاميين ورئيس لجنة التدريب والتثقيف بالنقابة.

رأي عام صناعي

وأضاف «المهدي» أن الرأي العام في مصر هو رأي عام صناعي من قبل أقلية، ويزيفون وعي الشعب، والمفترض ان يكون الهدف هو عودة المواطن للإذاعة والتلفزيون المصري بدلًا من لجوء المواطن الى قنوات أجنبية، وذلك لا يمكن أن يكون عن طريق اعادة الوجوه التي لم يعد الناس يثق فيها، وعندما كنت وزيرا لم أوجه أي إعلامي في رأيه بل طلبت منهم ان يقولوا ما يريدون حتى وإن كانت آراء مخالفة لي، فالاختلاف جيد ولم أكن اهتم بمنصبي بل بخلق اعلام جيد، ولا يجب أن يكون كل من يتحمل المسئولية كبش فداء للاخطاء، فهناك أفكار عظيمة تواجه مشكلات في التنفيذ ولا يجب أن ننسف الفكرة ونذبح صاحبها لوجود أخطاء في التنفيذ، مشيرًا الى أن الجميع يعرفون الحلول الممكنة لمشكلات الإعلام ونكررها بشكل مستمر ولا يجب أن نعيد اختراع العجلة، ويجب في البداية الابتعاد عن الخطاب الاعلامي المحرض، والابتزاز، ولغة التخوين المستمرة.

خلق الوعى

وأكد «المهدي»  أن ما يحدث في العالم هو تغيير شامل مخطط وإذا لم يكن لدينا ادوات اعلامية ترقى بالوعي العام المصري، فلن نستطيع النجاة في التغييرات التي تجري في العالم على قدم وساق، وهي مخططات مستقبلية ليست سرية بل معروفة ستغير موازين القوى في العالم، بينما الإعلاميون يعتقدون أن الوطنية هي أن نشتم فلانا الذي يعادي مصر، او الدولة الفلانية ولكنهم لا يشرحون الأمور ولماذا ذلك يحدث، ولماذا نحن أصحاب قضية عادلة، ويعتقدون أن هذا هو دورهم دون أن يخلقوا وعيا للشعب المصري بما يحدث حولنا في العالم.

قال اللواء طارق المهدي وزير الإعلام الأسبق، إن أول مؤتمر شارك فيه كوزير كان منتدى مصر الإعلامي، وناقش المنتدى أمورا عديدة مثل كيفية التمويل، وكيفية المحافظة على التراث السمعي والبصري، وأصول الإعلام المصري من أراضٍ وممتلكات وكيفية تعظيم قيمتها، ومثلها من الامور، مضيفًا ان الحديث عن مشكلة الإعلام يجب أن يناقش امرا وحيدا وهو عدم وجود سياسة اعلامية لدى الدولة، وهو ما جعل حادثة ارهابية مثل حادثة الواحات تكون أمرا غامضا يتكاثر فيه الأقاويل بينما عشنا فترة 36 ساعة بلا معلومة اعلامية موثقة، والحوار اليوم يجب أن يكون أكثر تحديدًا عن عدم وجود سياسة اعلامية تسمح بادارة الامور في الدولة وتلبية رغبة المتلقين، مما جعل المتلقي يلجأ إلى إعلام خارجي حتى وإن كان موجهًا، وإذا وجد المشاهد اعلاما مصريا سيلجأ له بدون تردد.

وأضاف المهدي أنه خلال عمله كوزير للاعلام حاول اعادة هيكلة القنوات المصرية المملوكة للدولة، ووجد مقاومة شديدة من القائمين على الأمر، مما اضطره الى التدخل بنفسه في كل الأمور حتى في حادث أطفيح الطائفي نزل بنفسه مع التغطية التلفزيونية على الرغم من المخاوف حينها من استهداف المعدات وطاقم التصوير، ولكن كان هناك مسئولية وطنية حتمت عليه النزول للتأكد من وجود تغطية مناسبة، مؤكدًا أن دور المسئول هو عدم الخوف على منصبه بل خدمة الوطن، وما يحدث الآن من انصراف الناس عن الإعلام المصري هو نتيجة وجود انتهازيين على الشاشات وفي القنوات متصدرين للمشهد، و يزايدون على وطنية الناس، وما يشغلني أن المجتمع المصري لا يعرف كيف يميز الوطني من غير الوطني، ويجعلون من ناس عديمي القيمة ايقونات، وهناك حالة فرز وتخوين للجميع، وعانيت شخصيًا من هجوم من بعض القنوات عندما شغلت موقع المحافظ وترويج أكاذيب لا اساس لها من الصحة.

غياب الهوية الاعلامية

من جانبه، قال الدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الإعلام أصبح جزءا من اهتمامات رجل الشارع العادي، الذي يكرر مقولة «هو احنا عندنا إعلام»، والاجابة: نعم لدينا اعلام ولكنه ضعيف ولذلك نشخص المشكلة حتى نجد علاجا لمشكلة الإعلام، ونستطيع أن نلخص أن مشكلات الإعلام تنقسم الى مشكلات عامة تخص الإعلام العام والخاص، ويمكن تلخيصها في عدم وجود هوية اعلامية مصرية، وعدم وجود فلسفة في إطار المرحلة الحرجة، وعدم تحديد حدود الحرية الاعلامية، وهل هو إعلام اقتصادي ام خدمة عامة، وما طبيعة العلاقة بين الإعلام والسلطة والنظام، وكل هذه المشكلات تتلخص في عدم وجود سياسة عامة، وحل المشكلة هو بإيجاد سياسة إعلامية واضحة للمنظومة الإعلامية، فهي تختلف عن السياسة التحريرية فهي أعم وأشمل، والسياسة الاعلامية يقوم بها وزير الدولة للاعلام وممثلو البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي حال عدم وجود وزير يقوم بها المجلس الاعلى للإعلام.

وأضاف «المرسي» أن الإشكالية الثانية في الإعلام المصري هي غياب التنوع والتعدد والرأي والرأي الآخر، وحين يغيب ذلك فنحن نخالف الفطرة الإنسانية، فالإعلام المصري يتجه الآن نحو الصوت الواحد، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون حلا لمشكلات الإعلام بل عائق في حد ذاته، والآن الاعلام الخاص أصبح إعلاما عاما بنفس الصوت الواحد، وهو ما يغيب المصداقية، ووجود رأي مخالف ليس بالضرورة أن يكون ضد الدولة بل على العكس هو دليل على قوة النظام والشفافية، واشكالية الصوت الواحد خلق مفهوم مجتمعي ان من ينتقد هو ضدنا، وهو أمر خاطئ كليًا، فمن ينتقد يعين الدولة على أداء مهامها بشكل أفضل، ولذلك نرفض التخوين للرأي الآخر.

وقال أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن الإشكالية الثالثة، في الإعلام المصري هي عدم فعالية الهيئات والجهات المنظمة للإعلام، سواء المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام، ونقابة الصحفيين، ونقابة الاعلاميين، وتلك المشكلة هي التي جعلت بعض الناس تطالب بوجود وزير للإعلام، يكون حلقة الوصل بين السلطة، والمجتمع الإعلامي، واعتقد ان نقابة الاعلاميين تحت التأسيس عليها مهام ضرورية وهي تأسيس النقابة، ووجود جمعية عمومية ومجلس إدارة منتخب، ونقيب منتخب.

غياب المعلومات الرسمية

وأضاف «المرسي» ان رابع اشكالية تواجه الاعلام هي، غياب المعلومات الرسمية، أو تأخرها، فالمادة الخام للإعلام هي المعلومات، فإذا كان ليس هناك معلومات لا يوجد إعلام، واذا تأخرت المعلومات سينصرف المشاهد لقنوات أجنبية، وإذا كنا نريد أن يعود المشاهد للإعلام المصري يجب توفير المعلومات في وقتها المناسب، وهي العملية التي تستطيع مواجهة الشائعات، وتعطيل عمل المنصات الاعلامية المعادية، فحين تغيب التفاصيل تستطيع تلك المنصات المعادية أن تشوه الصورة، ونذكر ان الحادثة الارهابية التي حدثت في قصر العيني تم معالجتها بشكل خاطئ، وإن كان الإعلام المصري ليس لديه معلومة لماذا لم تنزل الكاميرات فورًا الى مكان الحادث لتوضيح جوانبه قبل أن يستغل اخرون هذا الغياب ويشوهون المشهد، ويزيدون من أرقام الضحايا، وذلك فقط مثال على تلك الاشكالية التي تواجه الاعلام، وهو ما يدعونا إلى ضرورة إصدار قانون حرية تداول المعلومات والذي يعمل به في أكثر من 93 دولة حول العالم منها دول كثيرة عربية.

مهنة من لا مهنة له

واختتم محمد المرسي كلامه، بأن الاشكالية الخامسة هي تعريف من يعمل في مجال الإعلام، فهناك إحساس عام لدى الشارع أن الإعلام أصبح مهنة من لا مهنة له، وهذا الشعور، يأتي من أخطاء بعض الاعلاميين، الذين لا يعرفون المهنية، ولا الضوابط، ولا حتى صياغة جملة، بل هناك من لا يستطيعون الكتابة، وخلال الـ 15 عاما الماضية، لا نجد قناة اعلامية واحدة تجري اختبارات لمن يعملون بالإعلام، ولا يوجد هناك تدريب، وأي مؤسسة غير إعلامية تجري عمليات اختبارات وتدريب ولكن الإعلام به فوضى كبيرة بين الإعلاميين، وأكبر مثال تجده في الإعلام الرياضي، والمجلس الاعلى للإعلام ينتظر حدوث شكاوى للتحقيق بدلًا من فرض قيم للتدريب قبل الظهور.

مشكلات عديدة

وأكد أيمن عدلي، عضو مجلس نقابة الاعلاميين، وأمين لجنة التدريب والتثقيف، ان الاعلام المصري يعاني من مشكلات كبيرة، مثل عدم وجود مصداقية، ووجوه غير ذي ثقة، وعدم وجود قواعد اساسية للإعلام، وماسبيرو كمثال به إعداد موظفين كثيرين، ولكنه مازال بخير رغم ذلك، فنشرة الساعة التاسعة مازالت الأكثر مشاهدة، وبرنامج صباح الخير يا مصر مازال مشاهدا، ولكننا إذا تحدثنا عن حل لمشكلات الاعلام يجب ان نأتي بالكفاءات والخبرات، فالإعلام المصري في عصر عبدالقادر حاتم، خلال حرب 73 كان له تقدير من الشعب، والإعلام هو الإعلام الرسمي، وحزنت عندما عرض فيلم الممر على القنوات الخاصة، بينما لم يعرض على الاعلام الرسمي، واذا كنا نتحدث عن 28 ألف موظف في ماسبيرو فهؤلاء اذا تم تدريبهم يمكن الاستفادة منهم بشكل جيد، كما يجب أن نفتح الباب لتعيين كفاءات جديدة شابة، مشددًا على ان الاعلام المصري هو مؤسسة مثلها مثل الجيش والشرطة ويجب الاهتمام بها بشكل أكبر، من خلال وجود ارادة سياسية.

نقص الكفاءات

وأضاف«عدلي» أن الدولة المصرية الآن تعاني من نقص في الكفاءات والشخصيات العامة التي لديها القدرة على التحدث والاقناع والذي لا يتعدي عددهم الـ 300 شخص وهم ضيوف كل القنوات الاعلامية، ونحن في أشد الحاجة إلى مشروع تثقيفي تنويري، والبحث عن المبدعين، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وذلك يتطلب وجود استراتيجية للدولة لإيجاد المبدعين والكفاءات، وانا لا اعرف اين يعمل خريجو الإعلام المبدعين كل سنة، إذا كان لا يتم الاستعانة بالمبدعين منهم، واعتقد ان الازمة الحالية هي ازمة كوادر بشرية، ونذكر ان مذيعة ما أفسدت العلاقة بين الشعبين المصري والمغربي خلال احدى حلقاتها، وغيرها أفسد العلاقة مع السعودية، وآخرون أفسدوا العلاقة مع إثيوبيا.

وأكد «عدلي» ان نقابة الاعلاميين، أعطت الفرصة للاعلاميين حتى تاريخ 1 نوفمبر المقبل، للحصول على التصريح او عضوية النقابة للظهور على الإعلام، كما أوقفت النقابة 7 مذيعين من الظهور على الشاشة، وسيكون هناك لجنة موافقات من النقابة على اي برنامج إعلامي جديد، وتلك الاختصاصات هي اختصاصات أصيلة للنقابة، والعام المقبل سنعمل على وجود جمعية عمومية وانتخابات لمجلس الإدارة ومنصب النقيب.

 

التعليقات متوقفه