ضد التيار.. بين كلب جونسون وكلب ترامب

936

اعتاد معظم الرؤساء الأمريكيين منذ جورج واشنطن وحتى أوباما على اصطحاب الحيوانات الأليفة معهم إلى البيت الأبيض عند بدء توليهم لموقعهم. وكانت “الكلاب” من أكثر تلك الحيوانات ظهورا معهم، ليس فقط حين يدخلون البيت الأبيض، بل أيضا أثناء حملاتهم الانتخابية، أو حتى أثناء إجراء مقابلاتهم الصحفية والتليفزيونية، وحين يرغبون فى إرسال رسالة للرأى العام تشى بأنهم يمتلكون مشاعر الرحمة و الحنان على الكائنات الحية الضعيفة والبكماء، رغم أن سياساتهم لا تمد تلك المشاعر إلى البشر والشعوب!
ويعد الرئيس “دونالد ترامب “ هو الوحيد من بين الرؤساء الأمريكيين الذى لم يكن يقتنى كلبا فى البيت البيض. لكنه ماكاد يعلن بزهو نبأ اغتيال زعيم تنظيم داعش، حتى تبين أن رواية الاغتيال تتضمن كلبا!
ولأنه تاجر فى المقام الأول والأخير، يضع “ترامب” دوما حسابات الربح والخسارة فى قراراته، فقد قام بإخراج مشهد الإعلان عن مقتل “أبو بكر البغدادى” على طريقة أفلام الإثارة الأمريكية. ولفرط ما احتوته الرواية من ارتباك، فقد دفعت وزارة الدفاع الروسية للتشكيك بها، مؤكدة أن أجهزتها لم تكشف عن وجود طيران فى المنطقة التى تم هدم المجمع الذى كان يختبئ به البغدادى وزوجاته وأطفاله.وبين تلك الروايات المرتبكة، أن البغدادى صرخ ورفض نداء بتسليم نفسه، وعاد البيت الأبيض لتكذيبها.
وبينما رفض الجيش الأمريكى الكشف عن اسم الكلب الذى صاحب القوات الأمريكية الخاصة التى قتلت البغداى، ذهب ترامب إلى تويتر، لينشر صورة للكلب، مستخدما الحيل الأليكترونية ليبدو وكأنه يكرمه بتقليده شريطا فوق عنقه، قبل أن يصفه بالبطل الأمريكى الموهوب، ولتكشف الصحافة الأمريكية أن الكلب أسمه “كونان”، ولتعلن إدارته أن جثة البغدادى قد القيت فى البحر، كما فعل أوباما بجثة ابن لادن عام 2011، برغم أن قتله بحزام ناسف، يحول الجثة إلى أشلاء، فضلا عن أن المجمع قد سوى بالأرض من جراء القصف مما يصعب معه إخراج جثث!
حدث مهم فعلا قتل البغدادى، لكن المؤكد أن خطر تنظيم داعش مازال باقيا، لاسيما إذا صحت الأرقام التى توردها الصحف عن عشرات الالآف الذين ينضون فى عضويته، والذين كانوا تحت الحماية التركية والأمريكية سواء فى السجون التى هربوا منها فى سوريا أو فى خارجها.
قبل الكشف عن تلك العملية بساعات، كان ترامب يقول أنه سحب قواته من سوريا، وأبقى على الفى جندى لحراسة حقول البترول، وسيبحث فيما بعد ماذا سيفعل بالنفط، الذى سطا عليه، وكأنه ليس ملكا لسوريا ولشعبها.
ذكرتنى تلك الرواية، برواية أخرى لكلب الرئيس” جونسون” أوردها محمد حسنين هيكل فى كتابه “الانفجار 1967” نقلا عن سفير مصر فى واشنطن. ففى الأيام الأولى لهزيمة يونيو، استدعى “جونسون “السفراء العرب فى واشنطن لمقابلته، دخل جونسون على السفراء مصطحبا كلبه وكان يسمى “بيجل” وأخذ السفراء يتحدثون عن مشاعر الأسف لهزيمة ثلاث دول عربية أمام إسرائيل، وبدلا من الرد عليهم، التفت جونسون ناحية كلبه وراح يحدثه قائلا:
– اسمع يا بيجل حكاية رجل شرير اتخانق مع جاره الطيب، متصورا أن هذا الجار لا يستطيع الرد عليه، لكن الجار الطيب استجمع كل قواه، ولكم جاره الشريرلكمة طرحته أرضا، أليس له الحق يا “بيجل؟ “لماذا يحق لأصحاب الرجل الشرير أن يشتكوا بعد ذلك للآخرين؟. وانصرف جونسون تاركا السفراء العرب فى حالة ذهول !
نهب علنى لثروات سوريا والعراق وليبيا، وصمت أمريكى وأوروبى عن الانتفاضات الشعبية العابرة للطوائف فى كل من العراق ولبنان. ووساطات ومفاوضات تجرى فى الخفاء بين إيران واشنطن، لحل الأزمة اليمنية، فى مقابل غض الطرف عن النفوذ الإيرانى المتمدد فى السلطتين العراقية واللبنانية.
ولكى لا نظل أسرى بين كلب جونسون وكلب ترامب، فلا بديل عن نوبة صحيان فى النظام العربى، تنهى الوصاية الخارجية للتحكم فى مصيره، ليصبح مستقلا فى قراره وقائدا لطموحات شعوبه وحاميا لموارد وثروات بلادها، التى باتت مطمعا لقوى الاستعمار العالمى.

التعليقات متوقفه