ماجدة موريس تكتب:الزهور تملأ الحديقة

878

الزهور تملأ الحديقة

ماجدة موريس

هل يعني الخروج الي المعاش ، الخروج من العالم نفسه والركون الي نوع من الراحة الإجبارية؟ سؤال مهم طرحته الكاتبة ماجدة خير الله في عمل درامي جميل بعنوان «الزهور تملأ الحديقة » عرضته قناة النايل لايف منذ أيام، وفيه تطرح افكارا مهمة لا زلنا نطرحها اليوم ونتأرجح بينها وبين افكارنا التقليدية،وهو ما قدمته هذه التمثيلية التي أنتجها التليفزيون المصري،ومدتها ساعتان من خلال «ستديو الجيب»، وأخرجها ياسر زاهر وبطلتها هي الممثلة الكبيرة سناء جميل في دور الكاتبة الصحفية التي خرجت علي المعاش،وشعرت بالفراغ واتساع الوقت فبدأت حركة لمحاولة تنشيط النفس بالذهاب الي منزل صيفي تملكه في العجمي، ومحاولة الاستمتاع بأجازة هادئة لم تفلح لهجوم ذكريات رحلاتها مع الزوج الراحل الي هذا المكان،لكن أمر آخرمختلف،شغلها في فراغ المنتجع،هو ذلك الشاب الذي حاول سرقة احد الشقق،وضبطه البواب،وأوشك ان يسحله حتي تدخلت هي من بلكونتها طالبة منه إحضاره،والحقته بالعمل عندها،ولتعرف منه مأساة أسرة فقيرة رحل عائلها وترك الام وولدين وابنة،بدون مورد،فخرج الابناء من مدارسهم،ولَم تجد الام عملا،وزادها الجهل فقرا فرحبت بتزويج ابنتها المراهقة من رجل يكبرها كثيرا،متزوج وله اولاد،حتي تتخلص منها،وهكذا بدأالابن الاكبر «سيد» رحلته للبحث عن اي نقود حتي بالسرقة وتدرك زينب مختارـ الصحفية-عمق المأساة، فتسعي فورا لتشغيل الشاب ليجد موردا للحياة هو وأسرته، وتسعي للتعرف علي الاسرة لإدراكها ان الام هي مفتاح اللغز وبالفعل،تشهد بعينيها معركة بين الام وابنتها بسبب العريس المفروض عليها،والذي فرض نوعا من الحصار علي الاسرة مستغلا فقرها الشديد،وسكنها في منطقة عشوائية مفتوحة،وتدرك السيدة زينب ان القضية لها ابعاد أخري،فتسعي من خلال الشاب للقاء الاسرة بعيدا عن ظروفها الصعبة،وتستمع للام «قامت بدورها سوسن بدر» تعرف كيف تزوجت وهي في سن الطفولة، ولم تدخل مدرسة لان اهلها لم يجدوا للدراسة أهمية ثم كيف ضاق الرزق علي الزوج الارزقي،فبدأ يمرض وأدركت المرأة التي تعمل بالكتابة منطق الاخري «ام سيد» في تزويج ابنتها من هذا الشحط المتباهي فقررت ان الكلام فقط لن يفيد،وعرضت علي الابنة تعليم أمها الكتابة مقابل مبلغ مالي يدفعان منه جزء من النقود التي اخذتها الاسرة من طالب الزواج،والذي ما ان رأي الرفض من الام-بعد ان تعلمت كتابة اسمها اولا- حتي هاجمها وصمم علي اتمام الصفقة، وفِي قسم البوليس،توقع أم سيد -للمرة الاولي في حياتها بأسمها كتابة-وتكتشف ان الرجل يبصم! وتخرج الاسرة من القسم بعد أخذ تعهد عليه بعدم تعرضه لهم وقد شعر الجميع بأن الحياة لها وجه آخر افضل وان تعلم الام سيوفر لها عملا تعول الاسرة وهو ما حدث بالفعل وهو ما دفع زينب بعد عودتها للقاهرة بالذهاب وراء الفكرة الي ابعد مدي، والقيام بمبادرة يقوم بها أصحاب المعاشات بما يمتلكونه من طاقات وخبرات لتعليم غيرهم ممن لا يعرفون القراءة والكتابة وعلي شاشة التليفزيون تشرح «زينب»فكرتها النبيلة،ويراها رئيس تحرير المجلة التي كانت تعمل بها «توفيق عبد الحميد»ويهاتفها سعيدا بها،ويطلب منها العودة للكتابة بعد اكتشافه ان رئيسة القسم الذي كانت تكتب فيه أوقفت نشر مقالتها مؤكدا لها ان افكارها لابد وان تجد مسارا طبيعيا للنشر وهكذا تدور الدائرة ويتزايد عدد المعلمين الجدد،الذين انهوا خدماتهم الوظيفية،ويطمحون الي الاستمرار في خدمة مجتمعهم بتعليم غيرهم والشعور بأن لهم قيمة وأهمية واحتياج من الوطن والناس.تري هل يمكن لاحد كتاب الدراما الان ان يفكر علي هذا النحو؟ وهل في الإمكان تقديم عمل في ساعة اوساعتين وليس ٣٠ أو٦٠ حلقة اجباري هل هذا ممكن ونحن في الطريق لموسم درامي جديد في العام الجديد؟

التعليقات متوقفه