أمينة النقاش تكتب:تونس فى قبضة الإخوان

1٬055

ضد التيار

تونس فى قبضة الإخوان

أمينة النقاش

بفارق أربعة أصوات عن منافسه من التيار الديموقراطى ، وبدعم من 38 صوتا  لنواب حزب “قلب تونس” فاز رئيس حركة النهضة “راشد الغنوشى “برئاسة البرلمان التونسى، بعد أن كان قد أعلن عقب فوزه فى الانتخابات البرلمانية ،انه قادم إما لرئاسة الحكومة، أو لرئاسة البرلمان!

ويوم الجمعة الماضى أعلنت حركة النهضة -الفرع التونسى لجماعة الإخوان المسلمين – بصفتها الحزب الحائز على أعلى الأصوات فى البرلمان، مرشحها لرئاسة الحكومة، لتقع تونس بعد ثمانى سنوات من ثورتها الداعية للعدالة الاجتماعية والحرية والمساواة التى تضمنها حقوق المواطنة، وتعميق المكاسب الحداثية التى أقرها منذ الاستقلال نظام بورقيبة، فى قبضة حكم جماعة الإخوان ومشروعها العقائدى ،الذى يعتبر الأوطان إمارات فى سياق أوهام جماعة الإخوان عن الأممية الإسلامية  ،التى لا تتحقق إلا  بدولة الخلافة !

والجدير بالملاحظة أن حزب “قلب تونس ” الذى منح أصوات كتلته البرلمانية  للغنوشى ، كان رئيسه نبيل القروى مرشحا فى الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها مؤخرا ” قيس سعيد”، بعد أن أفرج القضاء عنه لخوض تلك الانتخابات استنادا للقاعدة القانونية التى تقضى بعدم  صدور حكم بإدانته بالتهم الموجهة إليه بغسيل الأموال والتهرب الضريبى . والمفارقة فى ذلك التصويت المشار إليه، أن الحزب  الذى يشكل فى البرلمان التونسى الكتلة الثانية بعد كتلة الغنوشى، سبق ان حمَّل  حركة النهضة ، وما أسماه بالممارسات الفاشية، المسئولية  عن اتهامه وحبسه !

وسواء صحت الأنباء التى تحدثت عن المهندس الزراعى الحبيب الجملى مرشح  حركة النهضة لرئاسة الحكومة أنه مستقل  لا ينتمى لأى حزب ، أو لم تصح، فالمؤكد أن حركة النهضة لن تقبل بأى شخص غير قريب منها ، ومن منهجها المحافظ .

بالإضافة لما سبق فإن القضاء التونسى  يحقق فى الملفات والوثائق التى تثبت امتلاك  حركة النهضة لجهاز سرى مسلح وعلاقات وثيقة بتنظيمات الإرهاب الجهادى داخل تونس وخارجها ، ومسئولية ذلك الجهاز عن اغتيال المعارضين اليساريين شكرى بالعيد ومحمد البراهمى . وكانت هيئة الدفاع عنهما هى من تقدمت بتلك الوثائق للنيابة العامة . وتفضح تلك الأدلة  استغلال نفوذها فى فترة حكم الترويكا بقيادتها، فيما بين عامى 2012و2013، لدعم الجهاز السرى ومحو الأدلة و التستر على المعلومات التى تثبت مسئوليتها عن الأغتيال ، ومنع التحرك البرلمانى ، والضغط على سلطات التحقيق و حتى تهديد رئيس الجمهورية قايد السبسى لعرقلة كل أشكال  المحاسبة  القانونية على تلك الجرائم، وهو تهديد سخر منه السبسى ببيت شعر عربى قديم موجها حديثه لحركة النهضة : إذا خلا لك الجو، فبيضى وإصفرى  !

ها هو الجو يخلو لحركة النهضة  بما لم يكن يتمناه الرئيس السبسى .فقد تولى راشد الغنوشى رئاسة البرلمان، واختارت حركته رئيسا للحكومة، وقبل ذلك فاز الأكاديمى المحافظ قيس سُعّيد بمنصب رئيس الجمهورية ، وهو خطيب مفوه ذرب اللسان ، لا يخلو حديثه من شعبوية وحسن امتلاك لقواعد اللغة العربية، يفخر بأنه مستقل فى دولة برلمانية يقوم نظامها على التعدد الحزبى . لكن استقلاله لم يمنعه من استخدام خطاب جماعة الإخوان. فلوح بتعديل الدستور وعارض المساوة المشروطة فى الميراث، ونفى أن يكون هناك مفاهيم عن الدولة الدينية والدولة المدنية. ولا يعكس ذلك سوى  نقص فى الخبرات السياسية، ومعابثة  للتيار الدينى المحافظ الذى غزا الساحة التونسية مع سقوط نظام بن على ، ومنذئذ لم تحظ تونس باى شكل من الاستقرار المجتمعى أو السياسى .

ولم يكن خاليا من المعنى أن يصف قيس سعيد النظام المصرى بأنه نظام إنقلابى ، إذ بات من المعروف أن جماعة الإخوان هى التى تنفرد الآن بوصف ثورة الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو والثالث  من يوليو  2013 على  حكمها بالإنقلاب .

هل من المتوقع أن تلقى تونس مصيرا أفضل من  ذلك الذى جرى فى مصر أثناء حكم الجماعة ؟ نتمنى ذلك بقوة، لكن الوقائع على الأرض تخالف ذلك التمنى .فقد فشلت جماعة الإخوان فى إقامة حكم رشيد يقوم على الدستور والقانون ورضا  الناس، وليس على القتل و الترويع الإرهاب، فى مصر والسودان وسوريا وليبيا والجزائر !

لكن الشعب التونسى قادر أن يصنع مصيرا مغايرا وقتما يريد ذلك.

التعليقات متوقفه