خبراء الاقتصاد: زيادة رهيبة في الأسعار بعد تمرير الدستور …قمع الاحتجاجات بموجب «قوانين الرئيس» تنفيذا لشروط الصندوق

53

عبد الحميد عطا: الإصلاح الضريبي الحقيقي يأتي بفرض ضرائب تصاعدية علي الدخل

رشاد عبده: النظام ضحي بالشعب من أجل إرضاء صندوق النقد الدولي

د. سلوي العنتري: عدم وجود حد أدني للأجور أو ضبط الأسواق يساعد علي تفشي ظاهرة الغلاء

تحقيق:ألفت مدكور – هـبـة صـلاح

اصدر د.محمد مرسي قانون جديد للضرائب، سيتم تطبيقه في الفترة القادمة شمل الضرائب ، علي المبيعات التي يندرج تحتها بعض السلع ، والكهرباء و الماء و الغاز الطبيعي والبوتاجاز بالاضافة للضريبة العقارية ، ولكنه اوقف العمل به مؤقتا حتي يمرر الاستفتاء كما يقول الخبراء الاقتصاديون.

فسرت د.سلوي العنتري ،رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الاشتراكي المصري ، تأجيل القرار وعدم الغائه بسبب اشتعال الشارع بالاحداث، ولذلك اجلت مصر عقد الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي لنهاية يناير المقبل ، وذلك لانه بالرجوع لنص بيان الحكومة والاتفاقات المنشورة بين الحكومة والصندوق سنجد ان من بينها توسيع نطاق ضريبة المبيعات التي هي بالاساس تضاف علي اسعار السلع والخدمات.

مشيرة الي ضرورة ربط الاحداث بعضها البعض ، خاصة إن اهم شروط الصندوق رفع الدعم وتقليله علي الطاقة والتي يندرج تحتها “البنزين- السولار- الغاز الطبيعي – البوتاجاز- المازوت”.

متوقعة ان ما سيحدث فور انتقال السلطة التشريعية بعد انتهاء الدستور الي مجلس الشوري الذي يسعي الرئيس لاستكماله من المقربين للجماعة وبالتالي فسيصدر قرار نهائي بباقي المواد التي تتعلق بزيادة الضرائب ، ويدعي ان تأجيله لاجراء حوار مجتمعي الا ان الحقيقة هي لتمريره عبر مجلس الشوري ، وبالطبع ستتم الموافقة علي جميع قرارات الرئيس وبالتالي فسترتفع الاسعار تلقائيا.

وقالت العنتري ، ان زيادة اسعار الكهرباء كانت له مقدمات في يناير الماضي عندما تم تخفيض دعم الطاقة التي انعكست علي المازوت الذي يستخدم في توليد الكهرباء ، وبالتالي فانعكس في الفواتير التي ارتفعت قيمتها ، ولكن لم يعلن عن هذا الارتفاع في الاسعار، ولكن بعد اعلان هذا القانون سترتفع الفواتير بصورة اكبر وبشكل معلن خاصة بعد تطبيقها في فواتير نوفمبر الماضي وديسمبر الجاري ليتم اعلانها وزيادتها في يناير القادم.

مضيفة ان الحكومة تنتظر مرور الاستفتاء ويتم تطبيق كل من الضرائب علي المبيعات ودعم الطاقة الحكومية ، وسيكون وقتها قد حصن الرئيس نفسه وقراراته، خاصة بعد ان اصدر قانون حماية الثورة الذي يعد بمثابة قانون طوارئ جديد يسمح للسلطة بقمع الاحتجاجات والاعتصامات ، وتتوقع “د. سلوي ” ان يتم التأجيل الي ما بعد الدستور وستفرض هذه الزيادة في الاسعار وسيقمع الاحتجاج عليها ، مؤكدة ان تلك الزيادات في الاسعار التي تمس حياة كل المصريين ستؤدي لانفجار شعبي لن تستطيع السلطة تحمله مضيفة : ان القمع لن يتمكن من مواجهة شعب جائع.

تخفيض الجنيه

ولفتت “د. سلوي” الي اخطر شروط البنك الدولي وهي تخفيض قيمة الجنيه المصري والذي سينعكس بدوره علي جميع السلع المستوردة وبصفتنا دولة مستوردة للقمح والدقيق سيرتفع سعر رغيف العيش.

واضافت قائلة اننا مقبلون علي موجة جديدة من غلاء الاسعار والضرائب ، وكذلك فان ارتفاع الضريبة علي إحدي السلع والخدمات التي تقدمها الدولة فبدوره سينعكس علي المشروعات الانتاجية فسترتفع اسعار مستلزمات الانتاج وتكاليف الوقود ، وبالتالي نتوقع زيادة الركود خاصة في ظل غياب عدم كفالة حد ادني للأجور او سياسة ضبط الاسعار بالاسواق دون اي رادع.

اما هاني الحسيني خبير المالية العامة ، والقيادي بحزب التجمع ، فيجد التعديلات الخاصة بزيادة الضرائب سيئة جدا فيما عدا ما يخص الضريبة العقارية ، فيري انه قانون عادل ولكن من المهم البدء في تطبيقه والاستفادة من حصيلته في تطوير العشوائيات ولصالح الفقراء ،كما لا يوجد له اثر سلبي علي الطبقات الشعبية مضيفا انه كان قائما من قبل 25 يناير وتم تأجيله اكثر من مرة لاسباب غير واضحة ،ومن المتضح ان التأجيل كان وراءه مصالح كبار الملاك العقاريين ومافيا الاراضي.

اما ما يخص ضريبة المبيعات ،فيري “الحسيني” ان اي زيادة في عبء الضريبة يتحمله المستهلك النهائي خاصة في السلع الشعبية مثل السجائر ، فلا يجب التعلل بأنها سلعة ضارة بالصحة ولكنها تتعلق باستهلاك معين ومن المعروف انها من السلع غير المرنة فهي مهما ارتفع سعرها فمستهلكها قائم .

وكذلك تؤثر هذه الضرائب تأثيرا سلبيا علي صناعة الحديد والاسمنت ونشاط المقاولات ومواد البناء.

كما يري “الحسيني” ان زيادة ضريبة المبيعات التي تلجأ لها الحكومة دائما اثبتت فشلها بالتجربة مع المجتمع المصري لانها تفرض علي المنتجات والسلع المستوردة والمنتجة محليا او خدمات محلية مثل النقل والمقاولات وتشغيل الغير ، وبالتالي فهي غير مناسبة للمجتمع المصري والبيئة الاقتصادية المصرية لانها تؤدي الي تغيرات بالتضخم في السوق بباقي السلع المرتبطة بها ، وتحدث بدورها موجة تضخمية في المجتمع وتلقي العبء علي المستهلك النهائي.

واضاف “الحسيني ” ان ما يزيد الوضع سوءا هو ضعف الكيان التنظيمي والاداري لمصلحة الضرائب علي المبيعات ..مشيرا الي ان ضريبة المبيعات ليست هي الضريبة المناسبة في ظل غياب العدل الاجتماعي وسوء توزيع الدخل وعدم وضوح المعاملات المالية في مصر ، وغياب نظم حسابية وتقع الاعباء علي الناس مباشرة.

اما بخصوص ضريبة الدمغة وهي الضريبة علي المحمول فيجدها “الحسيني” ايضا استهلاكا شعبيا خاصة علي الشباب الذين لا يملكون دخلا واصبح المحمول سلعة شعبية ، وتعد الدمغة اكبر تعديل يمس الطبقات كلها لانه يقرر ضريبة 3 قروش علي استهلاك كل كيلو كهرباء وهو ما سيضر كل البيوت المصرية .

وأضاف: ان هناك ضرائب جديدة علي المجتمع المصري وهي وصلات الغاز والبوتاجاز وانواع جديدة من الضرائب كانت معفاة مثل انارة البيوت، فتلك الضريبة تتشابه مع ضريبة المبيعات في العبء ولكنها تلقي عبئا زائدا علي ميزانية الاسرة المصرية.

واشار الحسيني الي ان صدور قوانين الضرائب بشكل عام هو لابد ان تصدر من البرلمان وليس من حق الرئيس ان يصدره ولابد من ان يسبقه حوار مجتمعي واسع لانها تمس كل قطاعات الشعب المصري فهي تعتبر صادرة عن غير ذي صفة .

وكشف “الحسيني” عن ان وضع هذا القانون ياتي تنفيذا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي لانه يشترط ضمن شروطه تقليل عجز الموازنة وبالتالي يكون علي الحكومة اما زيادة الضرائب او تقليل النفقات بشكل ملموس ، ولم يلجأ الي تخفيض اعتمادات المباني الحكومية الفاخرة ، واذا كان حتي اللجوء لزيادة الحصيلة الضريبة فهو لجأ للأدوات التي تلقي اعباء علي الشعب، وكان امامه ان يلجأ لادوات اخري مثل الضريبة علي الثروة المترتبة علي “تسقيع” الاراضي الفضاء في خلال فترة زمنية معينة ولم يستثمرها ، ولم يقم عليها مشاريع.

ضريبة التركات

اما البديل المناسب كما يقترح “الحسيني” فهو موجود في الضرائب المباشرة علي الدخول وعلي الثروة ، وعلي الارباح ورؤوس الاموال بنسب متعارف عليها ضريبيا بحيث لا تؤدي للضغط علي الانتاج ووضع نظام للضريبة التصاعدية والدخل المباشر في اعمال العدالة.

متسائلا لماذا لم تتم العودة لضريبة التركات التي تم الغاؤها لاصحاب الثروات وهي قد الغيت منذ 30 عاما، وهي ضريبة عادلة ادعي بعض رجال الدعوة انها تمس الشريعة وكانت مطبقة في مصر منذ 48 الي 89 ، او فرض ضريبة علي تحويلات الاموال للخارج ،وفرض الضرائب علي الاموال والصفقات الساخنة في البورصة، خاصة الاجنبية بدلا من فرض ضريبة علي تداول الاوراق المالية بشكل عام فكان لابد من قصر الضريبة علي الصفقات الكبري.

واختتم حديثه بقول ان ” الضرائب دائما تكون جزءا من احد دوافع الاحتجاج الاجتماعي وستزيد من سخط الجماهير”.

وصف د. رشاد عبده رئيس المنتدي الاقتصادي المصري والخبير الاقتصادي قرار الحكومة المصرية برفع قيمة الضرائب علي المبيعات بأنه قرار غريب و فضيحة اقتصادية وادعاء ” خايب ” لمجموعة اقتصادية تدير البلاد بفكر تجار الشنطة بحجة انه سوف يصب في صالح الفقراء في حين ان النظام ضحي بالشعب من اجل ارضاء صندوق النقد الدولي.. كما يدل ايضا علي غياب الرؤية الواضحة لتحقيق العدالة الاجتماعية التي ينادي بها النظام الحالي.

وقال عبده ان تأجيل القرار من جانب الرئيس محمد مرسي ليس لادارة حوار مجتمعي فعلي حوله ولكن الي ما بعد انتهاء عملية الاستفتاء علي الدستور لكي لا يقلب الجماهير علي النظام لتمرير الدستور اولا مبينا انه تم تحديد قائمة ب (1200) سلة سيتم رفع اسعارها بالتزامن مع تطبيق القرار في الغالب في شهر يناير القادم .. بجانب الزيادة التي تمت اضافتها علي اسعار الكهرباء وما يتبعها من رفع لباقي الخدمات الاخري مثل المياه والزيت والطاقة لارضاء صندوق النقد الدولي لتنفذ مشروع القرض الذي طلبته مصر، واشترط عليها مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية مقابل هذا القرض ومنها رفع الضرائب والجمارك واسعار الخدمات الاجتماعية.

واضاف عبده ان مبررات الحكومة في رفع الضرائب بحجة عجز الموازنة الي 1400 مليار جنيه والذي يطالب صندوق النقد بتخفيض هذا العجز كان ممكن حلها من خلال مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية الداخلية دون الاقتراض من الخارج ومنها اعادة الامن وتنشيط السياحة وتقليل حجم النفقات النقدية الاجنبية في السفارات الخارجية وجذب الاستثمار الذي انخفض بنسبة 10 مليارات جنيه خرجت خارج مصر خلال العام الحالي، وايضا تقليل حجم الاستيراد للسلع الاستفزازية والتي تبلغ 56 مليار جنيه فقط في حين حجم الصادرات المصرية للخارج تشمل 26% فقط.

واكد رشاد عبده الخبير الاقتصادي ان الحكومة استسهلت ولجأت الي القرض من الصندوق بمبلغ 8,4 مليار دولار من اجل منح مصر شهادة يمكن من خلالها اقتراض 4 مليارات دولار اخري من دول ومؤسسات دولية بقيمة فوائد 3 مليارات تسدد بعد خمس سنوات يكون الرئيس محمد مرسي ترك السلطة وترك عوائق قراراته يدفع ثمنها النظام الذي يليه في الحكم ويتحمل نتائجه من تقشف وفقر شعب مصر لمدة سنين لا يعلمها الا الله.

اما عبد الحميد عطا وكيل وزارة المالية السابق وخبير الضرائب فيري ان ما تم رفعه من ضرائب بمقتضي قرار الحكومة الاخير هي عملية رفع للضرائب غير المباشرة التي يتحمل عبؤها الفقراء ولم تمس ضرائب الدخل التي يحققها رجال الاعمال.

وقال عطا ان الاصلاح الضريبي الحقيقي ياتي بفرض ضرائب تصاعدية علي الدخل تبدأ من 15% الي 35% حسب حجم الارباح بالاضافة الي فرض ضرائب علي الشركات مبينا ان رفع الضرائب غير المباشرة التي سيتم تطبيقها فيما بعد علي السلع التي تنتجها الزراعة والصناعة سوف تؤدي الي رفع اسعار السلع الاساسية التي يستخدمها الفقراء ومحدودو الدخل وسوف يسارع التجار بعد تطبيق القرار الي تحميل قيمة الضرائب الجديدة علي السلع والمواطن مضطر لشرائها باي ثمن.

واكد عطا ان الحكومة استسهلة برفع الضرائب غير المباشرة علي المبيعات لانه يحقق نتائج سريعة في توفير النقد لان الضريبية المباشرة لا يمكن تحقيق دخل نقدي ثابت منها بسبب التهرب وعدم الالتزام في الدفع.

السجائر والإعلانات

يذكر ان قانون الضرائب الجديد قد تضمن فرض ضريبة نحو 50%علي السجائر علي سعر بيعها للمستهلك بالاضافة لاضافة 250 قرشا علي سعر العبوة المستوردة و 200 قرش علي سعر العبوة محلية الصنع او المستوردة ، وفرض ضرائب علي المشروبات الكحولية ، والمعسل والادخنة ،وفرض ضريبة 25% علي المياه الغازية ( محلي او مستورد ) ،وتعديل ضريبة الدمغة 0.4% علي التسهيلات البنكية و القروض ،وكذلك ضريبة الاعلانات 10% حتي مليون و 15% حتي 25 مليونا و 25% لاعلي من الـ 25 مليونا ويتم اعفاء تلك الاعلانات بأوامر السلطة العامة وإعلانات البيوع الجبرية ، وإعلانات التحذير، والإعلانات الخاصة بالمفقودين والمفقودات ، وإعلان طالب الحصول علي عمل.

اضافة زيادة اسعار التراخيص الخاصة بالمحال والملاهي والمصانع والجزارات والمحلات الصناعية ورخص السيارات ، وكذلك البناء، وفرض ضريبة 3 جنيهات لتوريد المياه والكهرباء و 3 قروش ضريبة علي كل كيلو وات مستهلك من الكهرباء المستعملة للإضاءة في أي مكان بالاضافة لفرض ضريبة 6 مليمات علي كل متر مكعب من استهلاك الغاز وذلك في غير الأغراض الصناعية باضافة 25 قرشا علي كل متر مكعب استهلاك زائد، واضافة 9 قروش علي كل كيلو جرام يتم استهلاكه من استهلاك البوتاجا علي ان يكون إجمالي الضريبة 3 جنيهات للطن من استهلاك الغاز والبوتاجاز في الأغراض الصناعية.

التعليقات متوقفه