حركة أنتيفا… تعرف علي قادة التظاهرات في الولايات المتحدة

786

إعداد و ترجمة مارك مجدي

 

أعلن دونالد ترامب من خلال صفحته علي تويتر أثناء التظاهرات التي انتشرت في أرجاء الولايات المتحدة الآن أنه يعتزم إعلان حركة ANTIFA- أنتيفا كحركة إرهابية, و هي الحركة التي يعتقد كثيرين أنها تقود التظاهرات الجارية الآن و تصبغها بصيغتها العنيفة.

 

 

 

 

و هي حركة أعلنت تواجدها علي مدار أحداث متعاقبة كان أبرزها التجمع الاحتجاجي في مدينة تشارلوتسفيل عام 2017. و قبل أن نجيب علي سؤال من هم أعضاء هذه الحركة و إلى ماذا يهدفون يجب أن نشير إلى السبب  الرئيسي في نشأتها و هو تصاعد السلوك العنيف من حركات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة.

نبذة عن الإرهاب اليميني في الولايات المتحدة

بعد قرار المحكمة العليا بعدم جواز الفصل بين الطلاب في المدارس علي اساس العرق عام 1954, اطلقت جماعة الكوكلوكس كلان- و هي الجماعة التي تقود العنف ضد اصحاب الأصول الأفريقية  و حقوقهم في الولايات المتحدة منذ عام 1856-  حملة عنيفة قاموا بها بتفجير كنيسة أسفرت عن قتل 4 أطفال من اصول أفريقية, ثم قاموا بعمليات اغتيال 8 نشطاء من أصول أفريقية.

حماعة كوكولكوس

و كان هذا الحدث الأعنف من قبل اليمين المتطرف  في القرن العشرين حتي أبريل 1995 حين قام شخصين بقتل 168 شخص من خلال سيارة مفخخة كرد فعل انتقامي من الحكومة الفيدرالية التي حاصرت الجماعة اليمنية التي انتموا إليها و أعدمت بعض أعضائها أثناء الاشتباك معهم.

و عام 2019 قتل 50 شخص في الولايات المتحدة من قبل متطرفون محليون. 78% من هذه الجرائم ارتكبها أشخاص من أنصار التفوق العرقي الأبيض 16% أرتكبها يمينيون مناهضون للحكومة و 4% منها ارتكبها متطرفون إسلاميون.

و  سابقاً منذ عام 2009 لعام 2018 ,قتل 313 شخص في الولايات المتحدة من قبل متطرفون يمينيون , 80% من هذه الجرائم ارتكبها أنصار التفوق العرقي للبيض و 19 % منها من يمينيون معادون للحكومة و 3% منها من النشطاء المناهضين للإجهاض لأسباب دينية.

للإرهاب اليميني العنصري تاريخ طويل في الولايات المتحدة, من ممارسة التمييز ضد الاقليات حتي اغتيال النشطاء و السياسيين اليساريين و سرقة أعمال الأميركيين من ذوي الأصول غير الأوروبية.

و لا تقف الشرطة الأمريكية محايدة وسط هذا الاستقطاب, حيث شهدت الولايات المتحدة حوادث اعتداء مختلفة من قبل الشرطة علي الاقليات (فبعض الأجهزة الشرطية في الولايات متهمة بتبنيها الاتجاهات العنصرية), انتهت بواقعة مقتل جوروج فلويد علي يد شرطي أمريكي و انتشر مقطع الفيديو علي وسائل التواصل الاجتماعي.

 

واقعة مقتل جورج فلويد التي فجرت الأحداث

و من هنا ببرز دور حركة أنتيفا التي يعتبر كثيرين أنها القائد الفعلي للتظاهرات التي انتشرت في عموم الولايات المتحدة. و هي حركة ذات سلوك عنيف و شعارات واضحة و جريئة ضد ممارسات أقصي اليمين العنيفة بدورها تجاه الأقليات.

قوام الحركة و اتجاهات أعضائها

من الصعب معرفة عدد المنتسبين إلى الحركة, حيث يعلن أعضائها أنها حركة سرية بلا قادة معلنين أو رسميين, و هي تنتظم في مجموعات محلية. و يتفق جميع أعضائها علي قضية مركزية و هي مناهضة أقصي اليمين.

و يحشد أعضاء الحركة أنفسهم ضد الأفعال التي يرونها تميزية, سلطوية و عنصرية تجاه أي عرقية  في المجتمع الأمريكي . يميل معظم أعضائها لتمييز أنفسهم كيساريين معادين للفاشية, علي الرغم من أن بعض المنظمات اليسارية الأمريكية تعتبرها حركة مُشتتة للحراك الاجتماعي. بينما تتقاسم هذه الحركات مع حركة انتيفا العمل في حملات موسعة مثل حملة Black Lives Matter أو أحتلوا ول ستريت.

أهداف الحركة

يميز أعضاء الحركة أنفسهم كرد فعل علي التوجهات الفاشية و العنصرية لأقصي اليمين الأمريكي, و تسعي إلى تنظيم الفئات المضطهدة و الأقليات من خلال التظاهرات و الاضرابات و الاحتجاجات في مواجهة القوي الفاشية المنظمة التي تمارس العنصرية و التمييز.

هي رد فعل دفاعي في مواجهة حركات الفاشية التي أخذت طابعاً عنيفاً, فقد ازدادت الاعتداءات ذات الطابع العنيف ضد الأقليات و النشطاء في أمريكا بشكل ملحوظ و منظم. و لذلك يري أعضاء الحركة أن ردود أفعال العنيفة ضد أعدائهم هي أفعال مبررة.

كما يشارك العديد من أعضاء أنتيفا في فعاليات أكثر سلمية في تنظيم المجتمع, لكنهم يتفقون جميعاً علي أن استخدام العنف هو فعل ضروري إذا سمح للحركات الفاشية و العنصرية أن تتحرك بحرية و تفعل ما تريد مؤيدة في ذلك من السياسيين و الحكام.

يري أعضاء الحركة أن السبيل الوحيد لايقاف الممارسات العنصرية و الفاشية هو العنف و التخويف المضاد للعنف الذي يمارسه اليمين المتطرف علي نحو منظم.

كيف بدأت الحركة؟

القمصان البنية في ألمانيا

اللفظ أنتيفا antifa  هو اختصار ل anti fascist  ضد الفاشية, و هو لفظ استخدم لأول مرة علي لافتات الأحزاب اليسارية الألمانية التي اشتبكت مع حركة القمصان البنية (الجناح العسكري للحزب النازي) قبل صعود هتلر للسلطة.

 

و في الولايات المتحدة أقتبسته الحركات اليسارية لأول مرة عام 1946 , و لكن شهدت الحركة ذورتها و تحولها إلى كيان حقيقي بعد انتخاب ترامب عام 2016.

و أول مجموعة سمت نفسها بهذا الأسم هي مجموعة نشأت في مدينة روز سيتي بولاية ميشيجان, و التي تأسست عام 2007. و لدي هذه المجموعة متابعين كثر علي وسائل التواصل الاجتماعي حيث تعمل علي “فضح” رموز اليمين و إظهار مخططاتهم”.

عام 2017 هو العام الذي أعلنت فيه الحركة عن نفسها من خلال حدثاً جلل, حيث أقتحموا أحد فعاليات مجموعات أقصي اليمين في جامعة كاليفورنيا و اعتدوا بالضرب علي قائد هذه المجموعة فألغيت الفعالية. و أشتبكوا مع تظاهرات أصحاب التفوق الأبيض في شاروتسفيل و قاموا بفض تظاهراتهم.

تكتيكات الحركة و ما يميزها عن أي حركة أخري

شعار الحركة الرئيسي هو “مناهضة الرأسمالية و العنصرية” و هي قد تتشابه في ذلك مع بعض الحركات الأناركية حيث يرتدي أعضائها الأقنعة و الرداء الأسود, و لكن الهدف الرئيسي من الحركة ليس تحقيق برنامج استراتيجي محدد و بعيد المدي مثل إنهاء الدولة في الحالة الأناركية  بقدر ما هو السعي نحو تنظيم المضطهدين لمواجهة العنف اليميني و التصدي له بعنف مماثل و في بعض الأحيان أكثر شراسة.

 

وجهت للحركة الكثير من الانتقاذات من اليمين و اليسار علي حد سواء

من المفهوم أن ينتقد اليمين هذه الحركة حيث يتناقض معها و مع الأساس التي قامت عليه, و لكن ظهرت أصوات يسارية لتدين العنف الذي تمارسه الحركة لاعتبارات كثيرة. فمن بين هؤلاء النقاد من يري أن هذا النوع من الحراك يقضي علي أي مشروع سياسي يساري و يوصم اليسار بالعنف.

و منهم من يعتقد أن هذا النهج سيؤدي إلى انفجار موجات عنف واسعة من عدة أطراف لا يمكن احتواءها و قد تؤدي لصراع غير متكافيء يكون لليمين فيه اليد العليا.

مصادر و قراءات:

https://www.adl.org/media/12480/download

https://www.cato.org/blog/gao-weighs-countering-violent-extremism

https://www.nytimes.com/article/what-antifa-trump.html

https://www.csis.org/analysis/rise-far-right-extremism-united-states

التعليقات متوقفه