عماد فؤاد يكتب:البدري فرغلي .. المناضل الموهوب

762
  • بقلم عماد فؤاد

قدم لنا المناضل الموهوب البدري فرغلي درسا في كيفية المعارضة بشرف ومصداقية، دون المساس بأركان الدولة الوطنية، وحقق مكسبا سجله التاريخ باسمه لأصحاب المعاشات، بعد قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتنفيذ حكم القضاء المتعلق بالعلاوات الخمس، ورد الأموال التي (استلفتها) الحكومة لأصحابها.

قدم البدري لنا الدرس وهو يقود معركة أصحاب المعاشات، دون أن يتلقى تمويلا من أحد سواء من الخارج أو الداخل، ودون تصريح أو مزايدة على الوطن في أي وسيلة إعلامية أجنبية أو عربية، ولم ينحرف بالمعركة إلى مطالب أخرى لحساب أجندات خاصة سواء لحزب أو جماعة أو تيار سياسي.

البدري فرغلي حدد الهدف، والوسيلة، وحقق ما أراد .

البدري فرغلي

اعتبر نفسي محظوظا لأنني من القريبين من البدري أو ” الريس” كما أناديه، معرفتي به ليست كمعرفة الملايين من المصريين، جمعتنا صداقة على مدى ثلاثين عاما أو تزيد، أتاحت لي معرفة تفاصيل كثيرة عن أحد أشهر  نواب البرلمان المصري في تاريخه، والرمز العمالي والنقابي، والقيادي البارز في حزب التجمع وتيار اليسار بشكل عام.

وقصة تأسيس اتحاد أصحاب المعاشات وحدها تكشف عن أهم ما في شخصية البدري فرغلي، وهي قدرته على الانطلاق مجددا من لحظة الانكسار.

في عام 2005 تحالف الحزب الوطني مع جماعة الإخوان الإرهابية (والمحظورة آنذاك) لضمان نجاح مرشحيهما في الانتخابات البرلمانية ، وإسقاط البدري، وبسلاح المال، والبلطجة، والتزوير، نجح المجهولان، وأسقطوا الأشهر والأجدر .. والأقوى.

لحظات بعد إعلان النتيجة، وقف البدري وسط أبناء بورسعيد في مقهى سمارة قائلا : ” لم أفقد سوي الكرسي الخشبي الذي كنت أجلس عليه في البرلمان، وكنت ومازلت وسأظل نائبكم، وموعدنا يوميا هنا “.

ومارس البدري دوره لسنوات كنائب حقيقي عمن تمت سرقة أصواتهم لحساب غيره، وبعد عدة شهور خرج على المعاش ليفقد موقعه كرئيس للجنة النقابية  لشركة بورسعيد لتداول الحاويات، عنده تصور البعض ان البدري فرغلي انتهى سياسيا، بعد فقدانه موقعيه (البرلماني والنقابي)، فاجأ الجميع بابتكاره خط إنتاج سياسي جديد، وأسس اتحاد أصحاب المعاشات، أدرك البدري بوعي شديد أن هذه الفئة بلا أية تنظيم يجمعهم، ويدافع عن مصالحهم، نظمهم في كيان واضح .. قادهم لاسترداد أموالهم في معركة استمرت لسنوات إلى أن وصل بصوتهم لرئيس الدولة، وانصفهم الرئيس صراحة كما أنصف البدري ضمنيا، وعوضه عن شقاء السنين.

البدري فرغلي لم يعد مجرد حدوتة مصرية نحكيها لأولادنا وأحفادنا لمرة واحدة، سيرته ومسيرته النضالية حواديت وحواديت تملأ مجلدات، البدري أصبح أيقونة الغلابة والمهمشين، كان يمكنه بعد أن تحول إلى نجم الموسم وكل موسم لعشرات السنين، أن يغادر طبقته الفقيرة ليس إلى الطبقة الوسطى ولكن إلى طبقة الأرستقراط، لكن ضميره السياسي والإنساني لم يسمح له بذلك، فضل البقاء مع من يستمد منهم قوته ووجوده .. واللي عايز يتأكد من كلامي ينزل بورسعيد ويوقف أي تاكسي ويقوله البدري فرغلي بس .. زي ما بتقول رمسيس أو التحرير في القاهرة،  سيأخذك السائق لكل الأماكن المحتمل أن يتواجد بها .. المقهى أو مقر حزب التجمع .. وإذا لم يجده سيأخذك إلى بيته، من يملك كل هذا الحب غير البدري فرغلي.

التعليقات متوقفه