مزلقانات الموت بالإسكندرية تحاصر المواطنين

38

تحقيق : أحمد عبد العزيز

مازالت تمثل مزلقانات السكك الحديدية، مصائد لأرواح مواطنين أبرياء، رغم وقوع مئات الحوادث جاء أخرها الحادث المريب بمحافظة أسيوط، والذي راح ضحيته أكثر من 50 طفلاً، وسط توقعات من عدد من الخبراء والمهتمين بأنه لن يكون الحادث الأخير في ظل استمرار الفساد داخل مؤسسات الدولة ولاسيما وزارة النقل، فضلاً عن وجود تقارير رقابية وحقوقية حذرت من سوء حالة “المزلقانات” بسبب انعدام وسائل الأمان والحماية، إضافة عن ضعف الصيانة والتدريب.

الإسكندرية كواحدة من احدي محافظات مصر، لم تخل من حوادث المزلقانات علي الرغم من امتلاكها شبكة واسعة من خطوط السكك الحديدية والقطارات، تقوم بتشغيلها الهيئة القومية لسكك حديد مصر، من خلال خطوط داخلية “قطار أبو قير” ويبلغ طولها 22 كم، يربط بين أقصي شرق الإسكندرية حيث منطقة أبو قير، بوسط المدينة، وكذلك خطوط خارجية، تربط الإسكندرية بمحافظة مطروح ومحافظات الدلتا والقاهرة.

حيث تشهد مزلقانات السكة الحديد بالإسكندرية، بشكل شبه متكرر حوادث اصطدام بالمواطنين أو السيارات، نظراً لسوء حالة المزلقانات الداخلية للمحافظة، خاصة مزلقان القباري والذي يعتبر أحد أخطر المزلقانات بسبب وجوده داخل منطقة سكنية، ومرور سيارات النقل من وإلي ميناء الإسكندرية، وتكرار حوادث الوفيات بصفة شبه دائمة، فضلاً عن مزلقان محرم بك والذي يقطع طريق المحمودية، ويتسبب في وفاة الكثيرين، وكذلك مزلقان العامرية الذي يقع بالقرب من مجمع مدارس العامرية.

وأكد عبد الرحمن الجوهري؛ ناشط سياسي بالإسكندرية، أن تجمع عشرات من النشطاء السياسيين، لوقف حركة القطارات بالمحافظة احتجاجاً علي حادث أسيوط، والمطالبة بإقالة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء و محاسبة المسئولين، جاء كرد فعل طبيعي، خاصة في ظل الشعور الدائم بالتقصير من الدولة تجاه هيئة السكة الحديد وغياب التطوير بها، وعدم دخولها ضمن دائرة اهتمام الرئيس المنتخب للبلاد.

بينما استنكر عدد من سائقي القطارات في حديثهم لـ”الأهالي” تقاعس وزارة النقل عن إصلاح المزلقانات رغم تصريح عدد من مسئوليها عبر وسائل إعلامية عن وجود 216 مزلقانا بمنطقة غرب الدلتا والتي تضم محافظات “الإسكندرية والبحيرة ومرسي مطروح وجزءا من محافظة كفر الشيخ”، يمثل معظمها خطورة علي حياة المواطنين.

وقال السائقون إن عدم تطوير “المزلقانات” لا يعد كابوسا للأهالي فقط، ولكن للعاملين وسائقي القطارات باعتبارهما المتهمين الرئيسيين في أي حادثة ومن الممكن أن يكونا ضمن الضحايا أيضا، مشيرين إلي أن نسبة كبيرة من المزلقانات متهالكة ولم تجر لها أي عمليات لصيانتها منذ سنوات عدة وتفتقر لأبسط عوامل الأمان وتتم إدارتها بطرق بدائية ولا توجد بها بوابات حديدية بل إن معظمها يعتمد بشكل مباشر علي العامل الموجود الذي يعجز بمفرده عن تنظيم حركة المرور.

واشتكي العاملون بالهيئة، من ضعف المرتبات والتي لا تتلاءم مع الارتفاع المستمر للأسعار، فضلاً عن تجاهل الوزراء المتتالين للنقل والمواصلات ورؤساء هيئات السكك الحديدية السابقين لمطالب زيادة الأجور والحوافز رغم الإضرابات والاعتصامات المتتالية التي نظمت قبل وبعد الثورة.

وأوضح أسامة عبد التواب، مسئول احدي الجمعيات الأهلية، أنه رغم السبب الرئيسي الذي أنشئت من أجله المزلقانات، والمتمثل في توفير معابر آمنة لسائقي السيارات والمارة، إلا أنها في الفترة الأخيرة تحولت إلي كابوس مرعب لمن يحاول استخدامها، مشيراً إلي أن “المزلقانات” تعاني من عجز كامل في الإمكانيات الفنية اللازمة لحماية الأرواح، لافتاً إلي أن حوادث القطارات المتتابعة هي نتاج لفشل الإدارة وانعدام الصيانة والتدريب التي تستوجب تغييرا شاملا ومحاسبة للمسئولين.

وكشف “عبد التواب” أن من العوامل الكارثية، ترك المزلقانات بدون خفراء أو رقابة أو إشراف أو متابعة، مما سيطر عليها الفوضي والإهمال، فضلاً عن إنشاء مزلقانات عشوائية نتيجة البناء المخالف بالقرب من خطوط القطارات، مشيراً إلي أن البوابات الحديدية إن وجدت فهي بدائية وأغلبها يربط بواسطة سلسلة حديدية أو حبل وبعضها لا توجد به إشارة مرور، وكثير من الصافرات التي تحذر من اقتراب القطار إلي “المزلقان” معطلة وغالبا ما يكون الاعتماد علي العامل الموجود وقدرته علي تنظيم الحركة.

واستنكر عماد مصطفي؛ محام، اعتماد المزلقانات علي أحد عاملي التأمين فقط، وهو إما العامل البشري أو أجهزة الإنذار، وهو ما كان أحد أسباب حادث أسيوط، والذي أثبتت التحريات غياب خفير المزلقان وقت وقوع الحادث، فضلاً عن اعتماد هيئة السكك الحديدية علي عامل المزلقان وتليفون داخلي للربط ما بين عامل التحويلة وعامل المزلقان، في الوقت الذي تستخدم فيه الدول الأخري التكنولوجيا.

وشدد “عماد” علي ضرورة إيجاد مجلس يسمي مجلس السلامة علي الطرق، يكون منوطاً به بحث موضوع المزلقانات والنقاط السوداء في كل محافظة بالتنسيق مع الجمعيات الأهلية والمحافظة.

وحذر صلاح أحمد؛ أحد سكان المحافظة، من وقوع كارثة محققة علي مزلقان فيكتوريا وسيدي بشر، في ظل عدم وجود حاجز حديدي عليهما رغم الكثافة المرورية الكبيرة، مشيراً إلي أن عدداً من المزلقانات بالإسكندرية لا توجد بها حواجز حديدية ويوجد بها عامل تابع للهيئة، لا يستطيع السيطرة علي العمل المروري علي المزلقان.

وقال أحمد شعبان؛ عضو مجلس الشوري السابق، أن حادث قطار أسيوط يفتح الباب لملف قطارات السكة الحديد، والإهمال الكبير الذي انتشر فيها، والذي خلف عدداً من الحوادث ليست بالقليلة راح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم.

من جهته أكد مصدر مسئول بهيئة السكك الحديدية بالإسكندرية، أن السبب الرئيسي في تكرار حوادث السكة الحديد، هو تعثر عملية التطوير نتيجة وجود بعض المعوقات الإدارية والمادية والإشغالات الموجودة في “المزلقانات”، مشيراً إلي وجود جزء من المسئولية يقع علي المواطن المصري، الذي لا يهتم بالوسائل التحذيرية بالمزلقان أو تعليمات عامل المزلقان أور رجل الشرطة.

وأوضح “المصدر” -الذي رفض ذكر اسمه- أن خطة تطوير المزلقانات علي مستوي الجمهورية والبالغ عددها أكثر من 1200 مزلقان، تبدأ بالأكثر أهمية من حيث الكثافة أو الخطورة، مؤكدا أن وضع السكك الحديدية قد تطور عن ذي قبل.

التعليقات متوقفه