تفاصيل مراحل ملء خزان سد النهضة..خبراء يردون على سؤال:ماذا ينتظر مصر بعد القمة الأفريقية المصغرة ؟!

علاء الظواهرى:  ضرورة الوصول إلى اتفاق بشأن معدلات حجز المياه

463

محمد نصر علام: حل النقاط الخلافية بشأن الملء حتى لا تفقد مصر كهرباء السد العالي..*نادر نور الدين: لن تنجح أى مفاوضات مقبلة وإثيوبيا تركز على سدود ثلاثة جديدة..*عباس شراقى: أى اتفاق قادم سيعطى شرعية التخزين لأديس أبابا 

مازالت إثيوبيا تثير القلق والتوتر وكذلك الغموض فى ملف سد النهضة ،الذي يمثل منذ فترة قضية حيوية بالنسبة لأديس أبابا،حيث تحتاج له لتحقيق التنمية الاقتصادية بينما هو سبب فى خوف دولتى المصب من مسألة التأثير على كمية المياه،فتعتبره مصر التي تعتمد على مياه النيل بنسبة 90% لتأمين مياه الري والشرب،تهديداً حيوياً لها،كما يبدي السودان مخاوف مماثلة،كل ذلك رغم كل محاولات القاهرة للتوصل لاتفاق عادل ومنصف لجميع الأطراف وقانونيا شاملا،فرغم البيان الصادر عن الاتحاد الأفريقى بشأن القمة المصغرة الأخيرة والذى رحب بتقرير خبراء الاتحاد حول المفاوضات الثلاثية بين الدول الثلاث” مصر والسودان واثيوبيا” فيما يخص السد،والذى يعكس تقدما نوعيا فى المسار التفاوضى وفقا لرؤية مكتب جمعية رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي ،حيث عرض خيارات لحل القضايا القانونية والتقنية العالقة، إلا أن أديس أبابا بتصريحاتها الاستفزازية المتتالية سواء على المستوى الوزارى أو مستوى رئيس الوزراء، أثبتت افتقادها للحنكة السياسية والالتزام بأدنى قواعد الدبلوماسية، الأمر الذى ظهر فى آخر تصريحاتها التى أعلنتها وزارة الخارجية بأنها لا تريد اتفاقاً يكبلها ويقيد حركتها وترغب في اتفاق غير ملزم حول السد، على الرغم من استمرار المفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الإفريقي الذى يحاول التواصل مع جميع الأطراف للتحضير للمحادثات المقبلة، من أجل التوصل لاتفاق ملزم حول الملء والتشغيل، بالإضافة الى محاولة إرساء اتفاقية شاملة حول مياه النيل مستقبلاً بين الدول الثلاث.

وقد أكد عضو فريق التفاوض المصري، دكتور علاء الظواهري، إنه لا يوجد تفسير لـ”حالة الانقلاب الواضحة ” من جانب إثيوبيا، واصفا تصريحات وزير الخارجية، غيدو أندارجاشيو، وقوله “النيل لنا” وإن مياهه لن تتدفق خارج البلاد، بـ “الغريبة والمستفزة”، مشيرا إلى أن هذه التصريحات “كلام لا يقوله سياسي”، مُعتبرًا أن أديس أبابا تعطي “وعودًا وهمية” خلال المفاوضات، فى محاولة دفع مصر إلى الانسحاب، رغم أن القاهرة كانت تنتظر دعوة الاتحاد الإفريقي إلى استئناف المفاوضات خلال أيام وفق قواعد جديدة، ولكن إثيوبيا أطاحت بالأسس التي كانت ستبدأ بموجبها الجولة الجديدة، محاولة دفع المفاوضات نحو الهاوية.

وأوضح عضو لجنة التفاوض أن هناك فترة 6 أشهر على الأقل حتى يمكن لإثيوبيا توليد الكهرباء، عبر توربينين، بعد أن أغلقت إحدي بوابات السد أمام تدفق المياه، وهو ما ساهم في انخفاض منسوبها في السودان، مشددا على ضرورة الوصول إلى اتفاق بشأن معدلات حجز المياه، مضيفا أن التخزين الأول للسد بحوالي 5 مليارات متر مكعب، الذي جرى خلال يوليو الجاري، سيتضح تأثيره في مصر في غضون 18 إلي 21 يومًا.

تأثيرات جديدة

ووفقا لخبراء مياه، فإنه من المتوقع أن يؤدي انخفاض حصة مصر من المياه إلى انخفاض منسوب المياه في بحيرة ناصر خلف السد، ما يعني عدم القدرة على إنتاج الكهرباء من محطة توليد كهرباء السد العالي، الذي يعمل بطاقة 2100 ميجا وات يوميا من الكهرباء، وكان دكتور “محمد  نصر الدين علام” ، وزير الري والموارد المائية الأسبق، قد سبق وأن حذر من تأثير سد النهضة على السد العالي، مشددا على ضرورة التوصل لاتفاق مع إثيوبيا وحل النقاط الخلافية بشأن ملء السد، حتى لا تفقد مصر كهرباء السد العالي، كما حذر خبراء بمعهد ماساتشوستس الدولى للتكنولوجيا، من الآثار السلبية لسد النهصة الإثيوبي على السد العالي، لذا اقترحوا أن تتم إدارة سد النهضة والسد العالى واحتياطى السودان من المياه بالتنسيق بين الدول الثلاث، للحماية من الجفاف.

وفى رأيه، يرى دكتور “نادر نور الدين”، أستاذ أستاذ الأراضي والموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن اى مفاوضات قادمة حول السد الاثيوبي الحالي، لن تنجح، لأن أديس أبابا تركز على السدود الثلاثة القادمة التي ستبنى إجباريا على النيل الأزرق بسبب حمل الطمي الهائل في مياه النيل الأزرق والبالغة ١٣٦.٥ مليون طن  طمي سنويا كفيلة بردم هذا السد خلال خمسين عاما وتقلل توليد الكهرباء دوريا، ولابد من إنشاء سدود قبله لتعمل كمصائد للطمي وبالمرة يكون لها بحيرة تخزين وتولد كهرباء وهي سدود تم تسميتها بالفعل وهي مندايا وكارادوبي ومابل، وبالتالي اي اتفاق على السد الاول سينطبق على باقي السدود وهم لايريدون ذلك،والحل ان نتفاوض على المياه وليس على السدود بحيث تضمن إثيوبيا حدا ادني من المياه يبلغ ٤٠ مليارا متر مكعب سنويا تخرج من الحدود الاثيوببة في سنوات الفيضان العالي والمتوسط وان تضمن حدا ادني ٣٢ مليارا في سنوات الجفاف العجاف “بدلا من ٤٩ مليارا هي متوسط تدفقات النيل الأزرق”، ولاينطبق هذا الاتفاق على هذا السد فقط بل يطبق بشكل دائم وبعدها فليبنوا مايشاؤون من السدود طالما ضمنوا لنا حدا ادني من المياه يخرج من حدودهم لمصر والسودان بشكل دائم.

التخزين الأول

وأوضح ” نادر”، أن الـ  الخمسة مليارات التي قامت أديس أبابا بتخزينها هذا العام، تتعرض للتبخر قبل يونيه وبداية موسم الأمطار من العام القادم ، لان منطقة بني شنجول التي بها السد شديدة الحرارة صيفا وقليلة الأمطار لذلك ستستمر إثيوبيا في تعويض مايتبخر من هذه المليارات الخمسة طوال موسم الأمطار الحالي وحتى نوفمبر وديسمبر،خصما من مياه مصر والسودان لتحافظ على مستوى هذه الخمسة مليارات بدون نقص حتى موسم الأمطار القادم، بمعنى أنه من الممكن بإضافة التبخير والتسرب العميق من قاع البحيرة والرشح والنشع يصل الخصم من مياه النيل هذا العام إلي عشرة مليارات، ولن يبدأ توليد الكهرباء من أول توربينين منخفضين في السد قبل يوليه أو أغسطس من العام القادم بعد أن يضاف إليها عشرة مليارات على الأقل خصما جديدا في العام القادم ليصل المخزون الي ١٥ مليار متر مكعب صافي فيمكنه توليد الكهرباء من أول توربينين منخفضين، موضحا ان خصم الخمسة مليارات هذا العام استغرق عشرة ايام فقط وليس ثلاثة اسابيع كما يدعي البعض.

اما رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الإفريقية، دكتور “عباس شراقى”،الخبير الدولى فى موارد المياه، فيقول إنه حتى الآن لم يحدث الاتفاق على مراحل الملء الخاصة بخزان السد، ولكن من المتوقع إذا تم ستكون المراحل كالآتى:” 5 مليار م٣ هذا العام، و١٣.٥ مليار م٣ العام القادم، إضافة إلى المرحلة الثالثة، والتى تشمل ١٠ مليارات كل سنة حتى يصل إلى الملء الكامل، أما فى سنوات الجفاف فلها تفاصيل تعتمد على كمية الأمطار ومنسوب بحيرة ناصر، موضحا أن هذه الأرقام تم التوافق عليها، أما إذا لم يحدث توافق، فالملء سيكون خلال ٤ سنوات حسب الإنجازات الانشائية فى جسم السد، مضيفا أنه من الناحية الانشائية السد لايستطيع استقبال مياه أكثر من ٥ مليارات م٣ طبقا لارتفاع السد حاليا عند منسوب ٥٦٥م، وسوف يزداد بعد انتهاء الفيضان الى ٥٩٥م وبالتالى يخزن ١٨.٥ مليار م٣،العام التالى يرفعوا السد أكثر وهكذا، مؤكدا أن بحيرة سد النهضة امتدت إلى حوالي 35 كم بمتوسط عرض 3 كم وعمق 45م، وتتدفق مياه الفيضان من الممر الأوسط بعرض 280 م بعد ضم الممر القديم 120 الى الكتلة الوسطى الغربية 160 م،كما أن التصريف اليومى ببحيرة السد يصل خلال الأسابيع المقبلة إلى أكثر من 500 مليون متر مكعب يوميا.

فيضان

وأما عن حدوث فيضانات في السودان، فأكد ” شراقى”،أنه من المتوقع حدوث فيضانات بالسودان فى منتصف أغسطس،مشيرا الى ان قرار إعلان إثيوبيا ملء المرحلة الأولى من سد النهضة، يخالف كل نتائج المفاوضات واجتماعات القمة مع الاتحاد الأفريقى ومجلس الأمن، وبناء عليه إذا عادت المفاوضات وتم أى اتفاق فسوف يعطى إثيوبيا شرعية التخزين.

فيما أصدر رئيس الوزراء،”عبدالله حمدوك”، قرارًا بتشكيل لجنة عليا لمتابعة الملف، برئاسته، وعضوية كل من وزير شؤون مجلس الوزراء، ووزير العدل، ووزير الري والموارد المائية “عضوا ومقررا”، ووزير الخارجية المكلف، ومدير عام جهاز المخابرات العامة، ومدير هيئة الاستخبارات العسكرية، وأوكل إلى اللجنة مهام متابعة ملف التفاوض لتعزيز مصالح السودان الاستراتيجية، بجانب وضع المواجهات ذات الصلة بالتركيز على وزارة الري والموارد المائية لتعظيم الفوائد المتوقعة وتقليل الإسقاطات السالبة، والاطلاع على الوثائق التي تعين اللجنة على أداء مهامها، على أن يحق للجنة في سبيل تنفيذ المهام الموكلة إليها تشكيل فرق عمل لمساعدتها في أداء أعمالها.

بينما رحب رئيس الوزراء الإثيوبي،”آبي أحمد” ،بامتلاء خزان السد الذي تبنيه بلاده على النيل إلى المستوى المطلوب، ووصفه بأنه حدث “تاريخي”،حيث قال فى بيان قرئ على التلفزيون الحكومي “إن نهاية المرحلة الأولى من الملء هي لحظة تاريخية تشهد لالتزام الإثيوبيين نهضة بلدنا”، أتى ذلك بعد أن أعلنت إثيوبيا، أن الخزان امتلأ تحت تأثير الأمطار الموسمية حتى وصل إلى المستوى المتوقع للسنة الأولى وتجمعت فيه كمية كافية من المياه لاختبار توربينتين في ما يعد خطوة حاسمة لبدء السد بإنتاج الكهرباء، في حين طالبت مصر والسودان بالتوصل إلى اتفاق شامل حول السد،وعلى وجه الخصوص كيفية إدارته قبل بدء التعبئة.

التعليقات متوقفه