المستشارة تهاني الجبالي في حوار لـ “الاهالي ” : مواد الدستور الحالي عدوان علي الدستورية العليا وجعلتها «گالأسد الجريح »..

42

«قلب نظام الحگم» تهمة سخيفة لأنه محتاج «يتعدل»

حـــــوار : نسـمة تلـيمة

تتحدث معك بمنطق وتحاول الاستماع لك بنفس المنطق ، نجلس في اي مكان فتلاحظ ان من يعرفها يقترب منها بمودة ويؤكد لها انه يعجب بحديثها وجرأتها واجتهادها ،اما هي فتفضل الحديث بنصوص القانون الذي فضلت ان يكون سلاحها الوحيد في كل معاركها ،المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية التي تم عزلها من منصبها بعد اقرار الدستور الجديد والتي تقول إنها تربت في قلب المقام الاحمدي وتعتبر سلام الناس عليها “اشارات تثبيت لها ” ولما تقدم عليه دائما .

تري اننا نعيش الان في مرحلة عبثية ومريرة ارهقت الشعب المصري تؤكد انها اعتادت الاستقامة ولا تمسك العصا من المنتصف لا تبحث عن منصب وليست ذات طموح سلطوي تعتبر نفسها مواطنة صالحة مؤمنة بدورها ،

امنت بضميرها المهني ان هناك خطاأ دستوريا قامت علي الفور بمحاولة اصلاحه كما رأت فقامت برفع دعوي قضائية لاسقاط الدستور الحالي

حاورتها الأهالي وتحدثت معنا كما لم تتحدث من قبل .

< كيف ترين المشهد السياسي الان وقد مر ستة اشهر علي حكم الإخوان لمصر ؟

>> اري المشهد مرتبكا وبه الكثير من الاستقطاب الحاد وهناك حالة من الاحتقان بين الطبقات الاجتماعية وغياب للرؤية والمنهج الثوري الذي لم يكتمل بعد ليحدث التغييرات الجذرية الحقيقة التي ثار من اجلها الشعب المصري ،اعتقد ان هناك ايضا حالة من حالات الخطر الداهم علي الدولة الوطنية المصرية والبعض يتصور انه في ظل منافسة سياسية علي الدولة ،في حين ان الدولة ليست محلا لمنافسة سياسية بل هي الثابت وتحيا من خلال اليات المشهد الجماعي للوطن واري كل ذلك يحمل مخاطر كثيرة علي الامن المصري الداخلي والخارجي ونضيع نحن بهذا وقتا ثمينا في عدم وجود حوار وطني جاد وموضوعي باختصار “وطن في خطر ” هو عنوان المشهد السياسي الحالي .

< ولكن دخول القضاة للمشهد السياسي ألا يطمئنك قليلا؟

>> اولا ليس هناك للقضاة ادني دخول للمشهد السياسي لان دخولهم معناه انهم اصبحوا فصيلا سياسيا او حزبا او جماعة تمارس دورا سياسيا وهذا ليس حقيقيا هناك قضية مغلوطة تمارس ضدهم القاضي هو فقط مشارك في الشأن العام وله مجال ابداء الرأي في اي قضية اجتماعية كانت او سياسية او ثقافية وهذا احد حقوق المواطنة في الدول الديمقراطية وهذا حق منصوص عليه في المواثيق الدولية والقرارات المتصلة باستقلال القضاء ولكننا اعتدنا علي الصورة التقليدية للقاضي غير المتحدث رغم وجود قضاة اجلاء في تاريخنا تحدثوا في الشأن العام وهم علي منصات الحكم

< احد قضاة جنوب افريقيا كان له وجهة نظر مختلفة ابداها لك منذ وقت قريب فيما يخص دور القاضي كيف كانت ؟

>> بالفعل بعد ثورة يناير اتي لزيارتي قاضي قضاة جنوب افريقيا وهو معروف عالميا واسمه “آل بي سايكس” كان يدافع عن الحقوق الشخصية ويحاور بالعنصرية وتعرض لمحاولة اغتيال علي يد شاب افريقي اسود فقد فيها ذراعه الايمن وعندما دار حوار بينه وبين قاتله اقنعه بانه مخطئ واعترف الشاب بأنه حاول قتله لانه ابيض اللون واعتذر له وطالبه بالدفاع عنه سألني القاضي عن علمنا بمخاطر المرحلة الانتقالية علي الحريات وهل سنشارك كقضاة ليعرف الشعب

واجبته بأن لدي قناعة بالمشاركة ولكن زملائي يعتقدون ان القاضي يفقد مصداقيته عندما يتحدث فقال لي “سايكس” إن القاضي الدستوري يفقد مصداقيته حين تتعرض الدولة والقانون والحريات العامة للخطر ولا يتحدث ” المشرع الدستوري

< هل توقعتي قرار استبعادك من الدستورية العليا ؟

>> لم اتوقع اطلاقا لانني مقتنعة بأن القاضي غير قابل للعزل وهذا هو عنوان استقلال القضاء ودولة القانون ومن ينتهج هذا النهج ويعزل قاضي يخرج عن الشرعية وانا الحقيقة لم اكن اتصور ان المشرع الدستوري سيقع في هذا الخطأ لان النص الاساسي “القضاة مستقلون غير قابلون للعزل ولا يخضعون الا لسلطة القانون ” وهو مايتناقض مع الدستور الحالي ولهذا اعتبره البعض “نصا انتقاميا وليس انتقاليا ” لانه وقف عند عدد محدد من القضاة وللعلم كانت لجنة المناقشة وعلي رأسها د.تيمور فوزي رئيس هيئة النيابة الادارية السابق في الهيئة التأسيسية ناقش ذلك واهمية وجود عدد احتياطي من القضاة في الدستورية لكن لم يؤخذ بالمناقشة .

< وماذا عن الدعوي القضائية التي قمتي برفعها لاسقاط الدستور ؟

>> ماسبق كان هو مابنيت عليه طعني بأنه لا يمكن لنص دستوري ان يتناقض مع نص اخر وانه يجب في القارئة التفسيرية ان يمنع ذلك لان القراءة الظاهرية للنص نتج عنها عزل 7قضاة من الدستورية واعتبار ماحدث اعتداء علي السلطة القضائية وهي حالة ممتدة منذ الاعلان الدستوري “الكارثي ” الذي اصدرته الرئاسة مرورا بما حدث للنائب العام وحصار الدستورية العليا .

بداية غير سليمة

< ولكن ما الاليات القانونية التي بنيت عليها الدعوة ؟

>> اعتقد ان الدعوة التي رفعتها هي حالة فريدة كما قال بعض الفقهاء الدستوريين وستكون محل دراسة في الفقه الدستوري لانها لم تحدث في مصر ولا في اي دولة اخري وسيتم النظر في الطعن مثل اي طعن اخر بالنسبة للمطلب الاساسي للوثيقة المسماة الدستور فقلت إنني حاولت تتبع وصولها للاستفتاء وموافقة الشعب عليها فوجدت ان مسارها نفسه بدأ بداية غير سليمة ووضعت وتم البت فيها خلال 24 ساعة بجانب الحدية التي وصلت اليها من اراقة دماء كل هذه الاحداث كانت مؤثرة بشكل ما لان عنوان الدساتير هو التوافق الوطني حينما يوافق الجميع ،بجانب ان القارءة الدستورية للمادة 60للاعلان الدستوري الاول تقول إن الوثيقة تصبح نافذة في حالة موافقة الشعب والكتلة التصويتية للشعب 52مليون مواطن شارك في الاستفتاء فقط 16 مليونا وكسور في حين وافق علي الدستور 10ملايين فقط اي بما يوازي 22%فقط من الشعب وهو مايعني انعدام الشرعية للدستور الحالي

< هل قمتي برفع الدعوي من منطلق تضررك ايضا من الوثيقة ؟

>> بالطبع انا رفعت الدعوي من منطلق ضميري كمواطنة وقاضية مصرية واعتبره واجبا دستوريا بالاضافة الي توثيق تاريخي مهم للاجيال القادمة ولانها سابقة تشكل عدوانا علي القضاء بجانب ان لي مصلحة شخصية خصني بها الحدث وقد لا يتوافر الحق لاخرين قمت بذلك بملء ارادتي وقدمت الطلب الاحتياطي وهو عدم دستورية الاجراءات والقرارات الصادرة بناءا علي تفسير الظاهر الذي قاموا بتفسيره

تفسير جديد

< تكررين كثيرا جملة “قاموا بتفسيره ” هل هناك تفسير آخر للمواد الخاصة بعزل قضاة الدستورية ؟

>> نعم انا فسرتها بطريقة مخالفة قلت في العريضة إنه قد لايقع المشرع الدستوري في تناقض بأن يقرر في متن الدستور باب السلطة القضائية “استقلال القضاة ” ثم يعزل 7قضاة ولهذا فقد يعني ان النية هي امكانية تقاعد احد القضاة او اذن بالمفهوم المباشر وهو الاحتياطي للدائرة الاصلية لانه لايمكن عزلهم بهذه البساطة حتي بالمنطق اذا مرض احدهم سيكون انعقادها باطلا فلابد من وجود احتياطي .

< هل تشعرين بوجود شخصنة للنص ؟

>> نعم لان التنبيه داخل التأسيسية لخطورة ان يكون العدد 11 دون احتياطي وجهت بالرفض القاطع لانني انا رقم 12 ولهذا انا المستهدفة خاصة مع وجود حالة من الاستعداء داخل المجتمع لي من قبل هذه التيارات لذا اصبحت سهلا شخصنتها ولكني في النهاية ادافع عن الحق العام في عدم قانونية عزل القضاة .

< لماذا تأخرتي في الدعوة وفي المؤتمر الصحفي عن الميعاد الذي قمتي بتحديده هل عرضتي علي احد القضاة الانضمام لك في الدعوي ؟

>> لا لم اعرض عليهم شيئا وتركتهم وشأنهم لانه حق شخصي لكنني قمت بعرض الدعوي علي مجموعة من الفقهاء القانونيين ووافقوا عليها بل شرفني 32 فقيها كهيئة دفاع وستكون سابقة علي المستوي القانوني .

< ماحقيقة عرض انضمامك لمحكمة النقض ورفضك للعرض ؟

>> بالفعل تم عرض انضمامي لمحكمة النقض لكني لن اذكر اسم من قدم لي العرض لانني لن اوثق هذا ولكني رفضت رفضا قاطعا مع احترامي لقيمة كل هيئة قضائية ولانني احترم تاريخي المهني ومشاركتي عشر سنوات في الدستورية العليا كقاض انا لم اتقدم بطلب من البداية لاكون قاضية ولن اقبل شغل منصب اخر لانني لا ابحث عن وظيفة .

الصدام

< لماذا في رأيك حدث الصدام بين السلطة التنفيذية والقضائية ؟

>> لاصرار السلطة التنفيذية متمثلة في رئيس الجمهورية علي الخروج عن الشرعية الدستورية والقانونية في بعض قررارته والتي تكررت منذ حكم حل مجلس الشعب وحتي عزل النائب العام بالعزل المباشر في الاعلان الدستوري الذي عصف بالسلطة القضائية .

< هل هناك حملة لتشويه القضاء المصري ؟

>> بالفعل هناك استهداف منذ فترة طويلة لتشويه القضاة وهز ثقة المواطنين فيهم وللاسف كانت خطة ممنهجة للنيل من مصداقية القضاء

< لماذا في رأيك .. وماوجه الفائدة ؟

>> اعتقد ان هناك من يري ان القضاء عقبة امام مشروعه تبرر له تجاوزه والصدام معه وهو ماسيتكرر في دوائر اخري وسيكون تحديا اما الدولة الوطنية المصرية المهددة من اليمين الديني باجنحته المتعددة .

< البعض يري ان هناك ثأرا شخصيا بين الاخوان وتهاني الجبالي حتي هتافاتهم معادية لك فما رأيك ؟

>> اولا اعتبر دوري وموقفي وتأثيري في الرأي العام الحمد لله جيدا ويحمل مصداقية ويصدقني الناس لانني بلا مصلحة تذكر اما الاخوان فانا امثل لهم شكلا وموضوعا هزيمة ثقافية لان الصورة النمطية التي يؤمنون بها والنموذج الامثل ليس انا ،فجيلي ناضل من اجل حريته وتعليمه ومشاركته في الحياة العامة وهناك من يريد تهميش المرأة وجعلها تابعا له ولتعليماته واومره بالاضافة انني عبء عليهم لوضوح رؤيتهم امامي

< احد الفقهاء الدستوريين اكد لي ان هناك اتجاها قويا لالغاء المحكمة الدستورية العليا هل هذا صحيح ؟

>> بالفعل كان هناك اتجاه لالغائها ووتحويلها لمجلس استشاري ولكن بالفعل مايحدث هو شبه الغاء لها لان مواد الدستور حملت عدوانا علي الدستورية العليا وجعلها جهة قضائية عادية مثل اي جهة بعد ان كانت هيئة قضائية مستقلة وجعل اختيار اعضائها ورئيسها في قبضة رئيس الجمهورية اي استقلال اذن يتحدثون عنه؟

بالاضافة الي تقليل صلاحياتها واختصاصتها بما يصيب المواطن المصري في مقتل لانه يمنعه من التقاضي امام قاضيه الدستوري في حالة وجود عوار دستوري ومن الطبيعي انه حين تتحول هيأتها ستتغير طبيعتها فهي مثل “الاسد الجريح الان”

قبل الاختراق

< “أخونة القضاء أم ترهيبه ” أيهما يحدث الآن ؟

>> نعيش مرحلة ترهيب وترقيع ومحاولة لي ذراع القضاء للدخول لبيت الطاعة وهو ماسبق محاولات الاختراق التي تبدو علي السطح الان من خلال بعض الاسماء والشخصيات التي كنا نعتقد انهم مستقلون ولكن اكتشفنا انهم كانوا خلايا نائمة للاخوان المسلمين

< ومارأيك في الهيئة الاستشارية القانونية للرئيس ؟

>> ما يمارسونه لن يقرأه التاريخ بحروف مشرفة ويهدرون دلوة القانون .

< هل من حق الدستورية العليا تقييم الدستور ؟

>> الفكرة ان هناك مدرستين في القضاء الدستوري في العالم احداهما مدرسة تقليدية تنظر للامر علي اعتبار ان الدستورية العليا هي حارس علي الدستور حتي تغيره ارادة الشعب ولكن هناك تطورا كبيرا في المدرسة الاخري من منطلق مقولة ” الدستور هو ما نقول إنه دستورا ” كما قالت المحكمة العليا في امريكا واعتقد ان الاقرب الي ديننا وحضارتنا المدرسة الحديثة لانها ترفض ان يعبث احد بالثابت.

< هل تلقيت تهديدات ؟

>> بالفعل تلقيت تهديدات بالقتل يوم محاصرة الدستورية العليا عندما فشلنا في الدخول ورغم ذلك ذهبت ،للاسف كل ذلك نتيجة اننا نعيش في مرحلة لم تصل للرشد في الادارة نحتاج الي تذكير انفسنا اننا شركاء في الوطن وان الدولة المصرية ليست وجهة نظر ولن نصنع دولة بديلة

< تتحدثين كثيرا عن مصطلح دولة بديلة …أحتاج منك الي تفسير ؟

>> مايمكننا ان نسميه اضعافا لدولة القانون واهلاكا للسلطة القضائية ومصطلحا مجهولا بعنوان “هيكلة الداخلية ” في حين نسمع عن دمج ميليشيات مسلحة للداخلية ايضا الهيمنة علي الازهر وكأنه عنوان الجماعة وليس عنوان الوطن كل هذا يمثل مؤشرا لدولة بديلة .

< كيف ترين الدعوات إلي التظاهر ضد حكم الإخوان في 25يناير القادم .؟

>> اي دعوات سلمية هي حق للمواطن ودعوي منعه بمبرر الاستقرار امر مرفوض لان الشعب المصري انتزع حريته بدماء الشهداء وهي حقوق دستورية في المقام الاول فلا يحاجينا احد بدعوي الاستقرار.

< الحديث عن قلب نظام الحكم وهي التهمة الدارجة الان كيف ترينها ؟

>> اعتقد اننا نحتاج الي “ان نعدله فقط وليس قلبه” رغم اعتبار انها تهمة يظلمون بها انفسهم.

التعليقات متوقفه