جمال البنا في وداع مفكر مستنير

45

تقرير : عيد عبدالحليم

برحيل جمال البنا فقدت مصر واحدا من المفكرين الإسلاميين المستنيرين، الذين حاولوا قراءة الخطاب الديني – بشكل معاصر -.

وربما هذا ما آلب ضده أصحاب الفكر التقليدي نظرا لكشفه مناطق مسكوت عنها في التاريخ الإسلامي، رغم أنه كان يؤكد – دائما – علي أن القرآن الكريم هو المرجعية الوحيدة التي من خلالها يستطيع المسلم أن يستكشف بها ما يمكن أن يسمي بـ «الفهم الإيجابي للدين»، بعيدا عن تقعرات الفقهاء خاصة فقهاء السلطة أصحاب المناهج التبريرية الذين يلجأون إلي تسييس الدين لخدمة أصحاب النفوذ، ولذلك أكد البنا – خاصة في الفترة الأخيرة – من إنتاجه الفكري علي أن «الإسلام دين وأمة وليس دينا ودولة» وله مؤلف شهير تحت هذا الاسم.

وقد ظلت حرية الفكر من أهم شواغله باعتبارها من أهم وأقدس القضايا التي يجب أن يحارب في سبيلها كل من لديه معرفة عن أسباب تقدم الأمم والشعوب فعلي حد تعبيره: «الحرية هي التي تفسح المجال للمواهب والمبادرات الفردية وهي التي تظهر الأبعاد المتعددة في كل قضية في حين لا يستطيع الفرد، سوي رؤية بعد واحد، والحرية هي التي تسمح بالنقد واكتشاف الأخطاء، بل إن الإيمان الديني نفسه يزدهر وينمو ويثمر في مناخ الحرية» ومن يقرأ كتابيه «مطلبنا الأول هو الحرية» و«الإسلام وحرية الفكر» سيجد هذا البعد المترابط بجوانب اجتماعية وتاريخية تؤكد علي دور المجتمع المدني بمؤسساته المختلفة باعتبارها تحقق قوة الشعب، وهذه الحرية – من وجهة نظر البنا – يجب ألا تلحقها الرقابة لأنها هي الوسيلة الوحيدة للتعرف علي الحق وضبطه».

وهذا ما طرحه في كتابه المهم «مسئولية فشل الدولة الإسلامية في العصر الحديث».

كذلك كان «البنا» من الداعين لحرية المرأة وضرورة مشاركتها الفعالة في بناء المجتمع ظهر ذلك عبر عدة كتب كان من أشهرها كتابه عن «الحجاب»، والذي ننشر هنا فصلا منه، والذي يؤكد من خلاله علي أن الحجاب ليس فريضة كما يدعي البعض، مفندا هذا الرأي من خلال آيات القرآن الكريم، والنظرة العقلية للواقع.

للحجاب في النصوص قرآنا وسُنة وتراثا عدد من المضامين والصور أبرزها..

أولا: الحجاب القرآني

وردت كلمة الحجاب في القرآن الكريم في سبعة مواضع كالآتي:

1. «وَبَينَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَي الأعْرَافِ رِجَالٌ يعْرِفُونَ كُلاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيكُمْ لَمْ يدْخُلُوهَا وَهُمْ يطْمَعُونَ» (الأعراف 46)

2. «ياأَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيوتَ النَّبِي إِلا أَنْ يؤْذَنَ لَكُمْ إِلَي طَع مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ

3. «فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّي تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» (ص 32)

4. «وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَينِنَا وَبَينِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ» (فصلت 5)

5. «وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يرْسِلَ رَسُولا فَيوحِي بِإِذْنِهِ مَا يشَاءُ إِنَّهُ عَلِي حَكِيمٌ» (الشوري 51)

6. «وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِيـنَ لا يؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا» (الإسراء 45)

7. «فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيا» (مريم 17).

يتضح من هذا الذكر لكلمة “الحجاب” أنها لا تعني أبدا زيا، كما يتوهم الناس، وانما حجابا، قد يكون كالجبل الذي جعله الله دكا عندما تجلي له في سورة الشوري وقد تكون أغلفة علي القلوب أو حجابا بين المؤمنين والكافرين يوم القيامة أو كناية عن غروب الشمس.

وحتي في الآية التي تعلق فيها “الحجاب” بنساء الرسول فان الصياغة كلها بدءاً من”وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ” تستبعد أن يكون المضمون زيا أنهم لن يسألونهن “من وراء زي”، ولكن من وراء ستر. من نوع ما يحجب السائل عن نساء الرسول.

من هذا يتضح أن القرآن الكريم لا يستخدم كلمة “حجاب” بمعني زي، وأن تفسيرها بهذا المعني تفسير خاطئ وأن تعبير “تحجبت” لا يستقيم. مع المعني القرآني لكلمة حجاب الا اذا كان الخطأ المشهور أولي من الصواب المهجور.

علي أن الملابسات التي أدت إلي هذا الحجاب الذي فصل ما بين زوجات الرسول، وعامة الناس بقدر ما تؤكد معني “الستر” بقدر ما توضح وجاهة الاجراء. فقد كانت “حجرات” الرسول في المسجد. وكان المسجد هو ملتقي النشاط العام ففيه تقام الصلوات وتعلن الأخبار والتوجيهات النبوية، ويحضر الوفود وينشد الشعراء. وعلي حوافيه يقيم في “صفه” بعض فقراء المسلمين الذين ليس لهم ملاذ خاص ويوجد فيه الكرام البررة من الصحابة كما قد يوجد فيه المنافقون والذين في قلوبهم مرض والأعراب الجفاة ، وقد لا يتورع أحد هؤلاء من أن يبول في المسجد ! .. في هذا المسجد بنيت تسع حجرات لزوجات الرسول خمس بنيت بالجريد المغطي بالتراب والأربع الأخري من الحجر وكان علي كل منها ستر وقيل ان لحجرة عائشة باب.

وجاء في سيرة بن هشام: “كانت بيوته عليه السلام تسعة، بعضها من جريد مطين بالطين وسقفها جريد، وبعضها من حجارة مرصوصة بعضها فوق بعض مسقفة بالجريد أيضا.

وقال الحسن ابن أبي الحسن: كنت أدخل بيوت النبي عليه السلام وأنا غلام مراهق فأنال السقف بيدي.

وكانت لحجراته عليه السلام أكسية من شعر مربوطة في خشب عرعر. وفي تاريخ البخاري: أن بابه عليه السلام كان يقرع بالاظافير، أي لا حلق له.

ولما توفيت أزواجه عليه السلام خلطت البيوت والحجر بالمسجد، وذلك في زمن عبدالملك، فلما ورد كتابه بذلك ضج أهل المدينة بالبكاء كيوم وفاته عليه السلام.

وكان سريره خشبات مشدودة بالليف بيعت زمن بني أمية فاشتراها رجل بأربعة آلاف درهم” انتهي.

وليس من الصعب أن نتصور سذاجة هذه الحجرات، وخلوها من المتاع المألوف، وأنها في المسجد، الذي هو الملتقي العام حيث يوجد بتعبير عمر “البر والفاجر” وكان منهم من يجلسون أمام حجرات زوجات الرسول ويكلمونهن أو يظهرون صورا من التطفل. وكان بعض العرب لا يعرف الاستئذان أو يري فيه ذلة، كما حدث مع عيينة بن حصن عندما دخل علي الرسول وكانت عائشة إلي جنبه دون استئذان فلما عاتبه الرسول “أين الاذن يا عيينة ” قال هذا ببساطة انه لا يذكر انه استأذن مرة واحدة في حياته.. ثم سأل الرسول عمن يجانبه فقال له هذه عائشة، فسأل الرسول أن يأخذها ويعطيه زوجته.. وهي لا تقل جمالا. فأفهمه الرسول أن هذا لا يجوز، وعجبت عائشة من جلافة الرجل وسألت الرسول عنه فقال لها انه أمير قومه.. وكان الرسول يطلق عليه “الاحمق المطاع” وهذه الواقعة – وقد تكون هناك وقائع أخري مثلها – تبرر مطلب عمر بن الخطاب، من الرسول أن يحجب نساءه، واستمر الحال دون حجاب حتي حدثت واقعة معينة. قعندما أعرس الرسول بزينب بنت جحش أقام طبقا للتقليد الإسلامي وليمة دعا اليها بعض الناس وكانوا يأتون جماعات يأكلون ثم ينصرفون، ولكن ثلاثة ظلوا يتحدثون بعد أن أكلوا في الوقت الذي كان الرسول يريد أن يدخل حجرته ولما كان الرسول شديد الحياء فقد تركهم ثم عاد بعد فترة فوجدهم لا يزالون في حديثهم فتركهم وعاد بعد أن بدءوا في الانصراف. وكان أنس بن مالك يقوم بخدمته فلم يكد الرسول يدخل حجرته حتي اسدل الستار دون أنس. فقد أنزل الله تعالي تلك الآيات التي اعتبرها الفقهاء “آية الحجاب” واعتبروا نزولها فيصلا بين عهدين وهي:

«ياأَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيوتَ النَّبِي إِلا أَنْ يؤْذَنَ لَكُمْ إِلَي طَعَامٍ غَي فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ

كانت الآية 53 من سورة الاحزاب ردا يتناسب مع خصوصية الواقعة، وما اتسم تصرف البعض من فجاجة فنزلت فوراً، قوية، صريحة، تعلم الناس آداب اللياقة والاستئذان وأصول الزيارة. فنصت أولا علي عدم دخول بيوت النبي الا أن يؤذن لهم فاذا أذن لهم لتناول طعام فعليهم تناوله ثم الانصراف دون الجلوس “ومطارحة القول” وتبادل الأحاديث. وخصت الآية الزوجات بحماية خاصة تحجبهم عن الأعين الفضولية، كما تضمنت الآية تأديبا آخر هو أن ليس لهم أن يؤذؤا الرسول ولا أن ينكحوا أزواجه من بعده ولعل هؤلاء الذين كانوا يتطارحون الحديث في مناسبة زواج قد تطرق بعضهم إلي مثل هذه الفكرة، أو أن الآية وجدت المناسبة بعد أن فكرة بعضهم في هذا.. خاصة وأن الآيات من 50 حتي 53 كانت عن نساء الرسول، وحرمت احدي هذه الآيات 52 علي الرسول أن يتزوج بعدهن أو أن يبدل بهن من أزواج.

وهذه الآية التي أطلقوا عليها آية الحجاب واعتبروها نصا قاطعا في وضع النقاب وعدم الخروج ليست في حقيقة الحال الا تعليما للمسلمين آداب الزيارة والاستئذان وهي من هذه الناحية مقبولة للجميع، وتسري علي الجميع. فما يسوغ أن يدخل أي واحد علي أي واحد آخر دون استئذان. وقد حدد القرآن آداب الزيارة في الآيات 27 و28 و29 من سورة النور وكذلك الآيات 58 و59 من السورة نفسها.

الآية المشهورة إذن – آية الحجاب – ليست في حقيقتها الا قطعة من الآداب يمكن أن يتضمنها أي كتاب عن آداب اللياقة والاتيكيت.

وفي الوقت نفسه فان الاقرار في البيوت – حتي بالنسبة لزوجات الرسول، ما كان يمنع محاورتهن ومخاطبتهن، وقد كانت عائشة تسمع من وراء حجابها أبا هريرة وهو يسرد أحاديثه سردا بطريقة تخالف طريقة الرسول، كما نعلم أن من الصحابة والتابعين من كانوا يسألونها وتجيب عليهم، وكانوا يستمعون صوت سواكها وهي تساك. مما يعني أن الحجاب لم يكن مصمتا، وأنه كان “ينقر بالاظافير”.

وجاء في الأدب المفرد للامام البخاري.. “حدثنا عبدالله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني عبدالرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن عوف بن الحارث بن الطفيل وهو ابن أخي عائشة لأمها أن عائشة رضي الله عنها حدثت أن عبدالله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فقالت أهو قال هذا قالوا نعم قالت عائشة فهو لله نذران لا أكلم ابن الزبير كلمة أبدا فاستشفع ابن الزبير بالمهاجرين حين طالت هجرتها اياه فقالت والله لا أشفع فيه أحدا أبدا ولا أحنث نذري أبدا فلما طال علي ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبدالرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بني زهرة فقال لهما أنشدكما الله الا دخلتما علي عائشة فانها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين عليه بأرديتهما حتي استأذنا علي عائشة فقالا السلام علي النبي ورحمة الله وبركاته أندخل فقالت عائشة ادخلوا قالا كلنا يا أم المؤمنين قالت نعم أدخلوا كلكم ولا تعلم عائشة أن معهما ابن الزبير فلما دخلوا دخل ابن الزبير في الحجاب واعتنق عائشة وطفق يناشدها يبكي وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدان عائشة الا كلمته وقبلت منه ويقولان قد علمت أن رسول الله r نهي عما قد عملت من الهجر وأنه لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالي قال فلما أكثروا التذكير والتحريج طفقت تذكرهم وتبكي وتقول اني قد نذرت والنذر شديد فلم يزالوا بها حتي كلمت ابن الزبير ثم اعتقت بنذرها أربعين رقبة”.

علي أن في القرآن الكريم عددا من الآيات لم تتحدث عن حجاب علي وجه التعيين، ولكن عن آداب العلاقة ما بين الرجل والمرأة. وهي الآيات التي يستشهدون بها علي الحجاب والنقاب ومنع الاختلاط الخ… ومن هنا فمن الخير أن نثبتها حتي تكون تحت عين القارئ وليأخذ الفكرة الكاملة عنها.

وجاءت هذه الآيات في سورتي النور والاحزاب ويلحظ أن الطابع العام لهما هو تعليم المؤمنين الآداب والسلوكيات سوا ما كان منها بين الرجل والمرأة أو بين المؤمنين والرسول.

ويلحظ في هذه الآيات:

أمر بغض النظر موجه للمؤمنين وللمؤمنات علي السواء وهذا يفترض ضمنا وجود امرأة لا تضع نقابا، ولا تحبس في قعر بيتها اذ لو كان الأمر كذلك لما كان هناك معني لغض البصر، فما من نظر إلي شبح أسود أو شخص ملثم، وكيف يتأتي النظر وراء الجدران. وقد يدل علي هذا أيضا أن غض النظر ووجه المرأة مكشوف أمر طبيعي لأن الرجل لا يضع نقابا، ولا يتستر وراء الجدران.

1- تضمنت الآية (31 من سورة الأحزاب). نهيا عن أن يبدي النساء زينتهن إلا ما ظهر منها وهذا الاستثناء يجّوز ظهور الزينة الظاهرة. ولا يعنينا كثيرا تفسير المفسرين لأنه ما من شك أن القرآن الكريم أراد بهذه الصياغة أن توجد مجالا للاجتهادات لا بد وأن يتفاوت الذي بدوره يخضع لتفاعل الضرورات والتطورات وللقيم الإسلامية، وفي رضا النفس والقل مقنع، ولو أراد القرآن حسما أو تحديدا لذكر التحديد.

2- نص (الآية 53) علي أن يضرب النساء بخمرهن علي جيوبهن فهنا نص علي تغطية فتحة الصدر في الثوب.

3- تضمنت الآية توجيها بأن لا يبدين زينتهن إلا لاثني عشر فئة ضمت الأزواج وآباء الزوجات وأباء الأزواج والأبناء وأبناء الأزواج واخوانهن وأبناء اخوانهن وأبناء اخواتهن ونسائهن وما ملكت إيمانهن والتابعين غير ذوي الأربعة من الرجال والأطفال الذين لم يطلعوا علي عورات النساء.

هذا المجتمع الذي ضم فئات من الأقارب، كما ضم الصديقات أو الخدم (ما ملكت أيمانكم) والمسنين من الرجال والأطفال الصغار تستطيع المرأة أن تبدي زينتها أمامهم، ولم يحدد القرآن مضمون زينة، ولكن السياق يجعلها تقارب ما تبديه المرأة أمام زوجها والأقارب الأدنين الذين هم محارم.

اننا عندما نأخذ هذه الآيات علي ظاهرها، وما يوحي به سياقها فيمكن القول إنها تفتح ثغرة كبيرة في سد الحجاب، لأنها ليست فحسب تبيح الاختلاط بل أيضا ابداء الزينة لمجموعات يمكن أن يصل عددهن لمائة.

وقد رجعت إلي التفاسير المعتمدة ابن جرير الطبري، وابن كثير، والرازي لأعرف ماذا قالوا أمام هذه القضية فوجدتهم يعيدون ويزيدون في شكليات وجزئيات وتفاصيل فما هي الزينة وما هي الزينة الظاهرة والباطنة وتعريف كل فئة من الفئات المستثناه دون أن يعرضوا لما يمكن للمرأة أن تبديه أمام هذه المجموعة المخصوصة التي أباح الله لها الاختلاط، وأباح لها ابداء الزينة أمامها، ولكنهم تجاهلوا هذه النقطة وركزوا الحديث علي الزينة الظاهرة التي يجوز إبداؤها للأغراب وهي الوجه والكفين.. وتجاهلوا طويلاً التفرقة الهامة والمميزة للفئات المستثناة فلما ألجأتهم الضرورة أمام النصوص جاء حديثهم ملتبساً، غامضاً لا يكاد يبين، ومتعارضاً، وكأنه عز عليهم التفرقة فجاءوا بأقوال تطمسها كما هو ظاهر بوجه خاص في تفسير الطبري الذي عرض عدداً كبيراً من الآراء المتعارضة والمتداخلة. منها أن الزينة التي تبدي لهذه الفئات هي “الخلخال والقرط والدملج، وما أمرت بتغطيته بخمارها – وكأنه لا يريد أن يقول الجيب أو الصدر – وما وراء ما أبيح لها كشفه وإبرازه في الصلاة وللأجنبين من الناس. والذراعين إلي فوق ذلك إلا لبعولتهن. وقيل هذا ما فوق الذراع وقيل ما فوق الجيب وقيل قرطاها وقلادتها وسوارها. فأما خلخالاها ومعضداها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها وقيل الطوق والقرطين (تفسير بن حرير الطبري الصفحات 93، 94، 95 من الجزء 18 الطبعة الأولي بولاق سنة 1328 وقد اختصرنا ذكر السند وبعض الإضافات رحمة بالقراء).

التعليقات متوقفه