لماذا تراجع المسرح المصري؟

28

شهدت الحركة المسرحية في عام 2012 تخلي الدولة عن المسرح وشهدت أيضا الكثير من الاضطرابات ما بين تغييرات القيادات والخلل في منظومة الاختيار، وغياب المهرجانات المسرحية وتصاعد أزمة الميزانيات وتأثيرها علي إنتاج العروض واختفاء مسرح القطاع الخاص بشكل شبه تام، وفي نفس الوقت استطاع المسرح المستقل بعد سنوات من النضال تحقيق شيء من الاستقرار وشارك في موسمه هذا العام 37 عرضا مسرحيا، هذا إلي جانب ظهور تيار مسرحي جديد ضعيف فنيا لكنه مدعوم سياسيا!

ففي السنوات الماضية كانت الدولة ترعي المسرح بشكل جيد فكان المسرح يحصل علي ما يسمي بالتعزيزات المالية إلي جانب الميزانية الأساسية في شهر يناير من كل عام، لكن هذا العام اعتذرت المالية عن منح المسرح هذه التعزيزات إلي جانب أنهم طالبوا بضرورة تخفيض الميزانية بنسبة 20% فضلا عن المطالبة بعدم صرف زيادات للعاملين بالبيت الفني، فمن الواضح أن الدولة تنظر نظرة غير ذات أهمية للمسرح والثقافة وبالطبع هناك ظروف عامة مرت بها مصر جعلت المسارح تعمل تحت الحصار فإلي جانب الحصار المادي كان هناك حصار معنوي، ففي عام 2012 شهد أيضا مسرح القطاع الخاص حالة اختفاء غير مسبوقة حيث توقفت جميع مسارح القطاع الخاص عن العمل باستثناء مسرح جلال الشرقاوي.

فقد صرح المؤلف المسرحي «فيصل ندا» بأن المسرح المصري قد مات منذ سنوات طويلة وفي غرفة الإنعاش ويرجع السبب إلي حدوث عملية تجريف للثقافة وعدم اهتمام وزارة الثقافة بالمسرح.

حيث أوضح «فيصل ندا» أن السبب في ذلك هو تعرض المسرح إلي مشاكل كثيرة منها ارتفاع أجور الفنانين، ارتفاع تكلفة الإعلانات، صعوبة المواصلات لكي يأتي المشاهد لك، سوء الحالة الاقتصادية، بالإضافة إلي كثرة القنوات الفضائية التي أصبح متاحاً من خلالها أن تري كل شيء.

وأضاف «ندا» أن أسباب أزمة المسرح نتيجة لعدم وجود التربية المسرحية بمعني يجب أن يعود المسرح المدرسي والجامعي لكي يؤدي دوره ويؤدي رسالته ولابد أن تكون لوزارة الثقافة نظرة في رعاية المسرح ولدينا حاليا مسارح كثيرة ومجهزة لكن ليس لدينا مسرحيات وليس لدينا جمهور يعني حتي مسارح الدولة لا تصمد يوماً أو يومين فأصبح العمل في مسرح الدولة مجرد سبوبة فقط وليس عملا فنيا.

مضيفا أن مسرح الدولة كان من المفترض ذا دور مهم ورؤية ثقافية في حل هذه الأزمات لكن وزير الثقافة السابق فاروق حسني لم يهتم بالمسرح ولا السينما بل اهتم فقط بالإيثار.

وقال الفنان «أحمد بدير» إن أزمة مسارح القطاع الخاص ترجع إلي أسباب كثيرة أهمها ارتفاع تكلفته وارتفاع أجور الفنانين والتي تؤدي في النهاية إلي ارتفاع أسعار التذاكر التي لا تستطيع الأسر البسيطة شراءها وبالتالي أصيب منتجو المسارح الخاصة بالإحباط وأيضا النجوم الذين شعروا بأنهم يقدمون العروض لأنفسهم مثل فرق كرة القدم التي تلعب مباراة بدون جمهور.

وأضاف «بدير» أن تدهور السياحة كان لها دور كبير في تدهور المسارح الخاصة لأنها كانت تقوم في مواسم السياحة وكان السياح العرب هم من يغطون تكاليف الإنتاج ومع غيابهم خيم الضباب علي المسارح الخاصة وأصبحت بدون ملامح.

وقال أيضا إن زحام المرور ووجود المسارح في أماكن غير صالحة للاستخدام الآدمي، كان له تأثير كبير علي المسارح لأنه تسبب في إهدار الكثير من الوقت للجمهور، الذي يذهب إلي المسارح.

وأكد «بدير» أن أزمة المسارح الخاصة أصبحت صعبة للغاية ومحزنة ومن المستحيل حلها قائلا «لا حياة لمن تنادي» لأن الدراما والسينما قضيت بشكل كبير علي المسرح لأنهما وسيلة سهلة الوصول إلي الجمهور وبدون تكاليف وهو السبب في هروب النجوم إلي الدراما والسينما بحثا عن الجمهور، وأصبح المسرح بجميع أنواعه مهيأ إلي السقوط من حافة الجبل.

وقال الفنان «سعيد صالح» إن حال المسرح «لا يسر عدو ولا حبيب» بعد إصابته بسكتة قلبية، وذلك بسبب اختفاء النص الجيد فلا توجد حاليا خريطة في أي مجال فني وليس المسرح فقط، والبلد يعيش في حالة عشوائية التي تشهد تقديم أعمال تافهة سواء في المسرح أو السينما أو التليفزيون، ومنذ تقاعد سمير خفاجة، أعظم منتجي المسرح، وهناك حالة تراجع كاملة للمسرح الخاص.

وأضاف «سعيد صالح» أن الإنتاج يتحمل مسئولية غياب المسرح الخاص لأنه ينفق علي كل جوانب العمل المسرحي من مؤلفين ومخرجين وممثلين وديكورات فالعملية كلها مكلفة جدا وتحتاج لميزانيات ضخمة حتي يخرج العمل في النهاية بشكل جيد.

التعليقات متوقفه