أمينة النقاش :سيناء تخصنى..وتخصك

303

ضد التيار
سيناء تخصنى..وتخصك

أمينة النقاش

من شاء حظه أن يقترب من الإذاعية «مرفت رجب»، سوف يكتشف مثلى أن المسافات فى سلوكها الشخصى تضيق جدا بين ما تقول وتفعل، وبين ما تكتب، وتعمل وهى حالة مفعمة بالصدق، فضلا عن أنها نادرة بين معظم الفئات التى تمتهن مهنة الكتابة والإعلام. لا هم شخصيا لديها إلا مقرونا بما يجرى فى الشأن العام، وموصولا بدفقة هائلة من الإنصاف والتفاؤل الفطن الذى يستنبط من الأشياء معانيها الكلية دون توقف عند رؤية جزئية لها،بما يضع الأمور فى نصابها دون مبالغات أو تشوهات، تخرجها من سياقها الموضوعى الشامل.
كنت أتصور أن حالة المزج الدائم بين الشأنين العام والخاص، مقصورة فقط على الفئات التى تمارس العمل السياسى المباشر. غيرت مرفت رجب ذلك الاعتقاد، وأدخلته فى حدود يفرضها واقع بلدنا الذى يشكله تاريخ ممتد من الهزائم والانتصارات والحروب والتحديات، الطبيعية والمصنوعة، بحيث يصعب على أى وطنى على هذه الأرض الطيبة، أن يفصل بين الشأنين العام والخاص،إلا إذا اختل إدراكه.
وفى كتابها الجديد الصادر عن مركز الحضارة العربية بعنوان «سيناء تخصنى» تكشف مرفت رجب عن موهبتين جديدتين تضافان إلى مواهبها فى كتابة الدراما الإذاعية والبرامج الاخبارية فى صوت العرب والتليفزيون المصرى، وكتاباتها فى الصحف والمجلات، هما الرسم وكتابة الزجل المعروف فى شعر العامية. ويحتضن غلاف الكتاب الخارجى ثلاث لوحات من رسوماتها، تحفل بالجمال والبساطة، والمعانى التى ترتبط بموضوع الكتاب، فضلا عن نماذج من كتابتها الشعرية، التى تمتزج فيها السخرية بالتوقير، والتقريظ بالنقد اللاذع، والقسوة بالطبطبة كما هو معتاد فى شعر الزجل.
وفى الكتاب تروى المؤلفة قصة الفرصة التى واتتها لكى تنفذ تكليفا بمتابعة افتتاح الرئيس مبارك ميناء نوبيع،للبرامج الاخبارية فى التليفزيون المصرى، لتكون بذلك أول مذيعة تطأ قدماها أرض سيناء بعد تحريرها. وترصد الكاتبة العقبات التى واجهتها مع البعثة التى رافقتها من التليفزيون حتى الوصول إلى موقع الحدث، ليتبين لنا الامكانيات الضئيلة المحدودة، التى صنع بها هذا الجيل من الإعلاميين فى الإذاعة والتليفزيون مجد ماسبيرو، وتراثه المفعم بالغنى والجدية والكدح والثراء.بجانب الخبرات التى راكمها من التعلم والتجارب المتعددة، والانشغال الجاد بتطوير القدرات الذاتية بالثقافة والعلم والمعرفة.
بصور قلمية تنبض بالحياة، يقودنا الكتاب إلى سياحة ممتعة فى جماليات المكان، تمنحه روحا ومعنى، وتبرز مفاتن تضاريسه وروعة مناخه، لتكتمل صورة زاهية لسيناء الحبيبة، تضئ مفاتنها لنا، ولذاكرة الأجيال الشابة، التى جاءت يافعتها مع مشاريع تنموية جبارة تنهى عقودا من التجاهل والنسيان.
وكان المشروع الحضارى الجارى لتنمية سيناء، احتفالا بعيد تحريرها الأخير الذى اجتمعت فيه أعياد مصرية كثيرة، هو الحافز وراء استدعاء الكاتبة لحوادث الذاكرة المهنية وتسجيلها. ولهذا فهى تفتح كتابها بمقدمة تؤكد ذلك وتفسره تقول فيها: لا شىء يطبب نفسا مرهقة، مثلما يطببها، تفتح زهور خشينا أن يفوتنا رحيقها،أما وقد تفتحت زهور سيناء أمام أعيننا، ورأينا نورها يبهر المحب الواثق، وتكاد تعمى منه عيون الناقمين، فما أروعها معايدة، وما أبدع التوقيت..عيد القيامة المجيد، وعيد تحرير سيناء الغالية، وحلول شهر رمضان، وعيد افتتاح سيناء الجديدة. نشد على يد من صمم وعزم ونفذ، وعاشت سواعد أبناء مصر الأبطال.
يكمل الكتاب رسم صورة مشرقة للمكان تدفعنا للزهو به، ولنكتشف فور قراءته، أن سيناء لا تخص الكاتبة وحدها، بل هى تخصنى وتخصك وتخص كل مصرى تخاطبه مرفت رجب.
أحب على راسك يابا، ترفع إيديك لفوق، عشان كل الدنيا، تشوف كفك، وتلمس الشقوق، ومن دراعك المفرود، يملوا عينهم من العروق، هى دى الإيد اللى بنت المعابد، ونحتت التماثيل، وهى برضه نفسها الإيد اللى بتشق الطرق، وتلحم التكسير،وتعدل المايل ياعينى، إن حيروه التفكير. أحب على راسك يابا،تورى الناس إيديك،يمكن يشوفوا طوفان الحنان، وكيف ساعة الغضب، ينقلب بركان، يفضل يبخ فى حمم،، يتغير لها المشهد، ويظهر الأبطال، رافعين لك الأعلام، يغنوا لك، يا مصرى يا إنسان.

التعليقات متوقفه