د. جودة عبدالخالق يكتب:25 يناير: ثورة أم مؤامرة أم نكبة؟

1٬014

لقطات
25 يناير: ثورة أم مؤامرة أم نكبة؟

*د.جودة عبدالخالق

رغم أن أمس الأول (الإثنين) صادف الذكرى العاشرة لثورة يناير المجيدة والذكرى ال69 لعيد الشرطة، الإ أن المسئولين والإعلام سلطوا الضوء الساطع على عيد الشرطة واكتفوا بكلمتين عن ثورة يناير من باب “جبر الخواطر”. وبهذه المناسبة أود تهئئتكم وكل المصريين بعيد 25 يناير. ولا أقول عيد الشرطة أو عيد الثورة. إن 25 يناير هو العيد الجامع لكل هذه المناسبات، بل أكثر. ففي 25 يناير 1952 هَبَّ رجالُ الشرطة البواسل في الإسماعيلية دفاعا عن تراب الوطن وكرامة المصريين وهم يصيحون في المحتل الانجليزى: “إرحل”. وفي 25 يناير 2011 هبَّ المصريون عن بكرة أبيهم دفاعا عن حريتهم وكرامتهم وهم يصرخون في نظام مبارك: “إرحل”. إذن القضية في جوهرها واحدة في الحالتين. وبالتالى، أقترح أن نسميه “عيد 25 يناير”. فما رأيكم أيها القراء الأعزاء؟
أعرف أن البعض قد يختلفون مع هذه الرؤية. ولا بأس؛ فخلاف الرأي لا يُفسِد للود قضية. ولكن حتى يكون نقاشنا موضوعيا، لا بد من التمييز الواعى بين فريقين من المختلفين. فريق يعتبر 25 يناير مؤامرة، والآخر يرى أنها نكبة. وهذا أمر طبيعى؛ فالجَمَال في عين الرائى كما يقول المثل. فؤلئك الذين يرون أنها مؤامرة هم أعداء الثورة من قوى الثورة المضادة. هم كل المستفيدين والضالعين في فساد نظام مبارك: أعضاء الحزب الوطنى، ورجال الأعمال المرتبطون بالسلطة في علاقة زواج غير شرعى بين المال والسياسة، والبيروقراط والتكنوقراط الذين سَخَّروا مهاراتهم لخدمة السلطة، والسماسرة والمتربحون على حساب الشعب، والكُتَّاب والمفكرون ورجال الدين الذين قاموا بدور المحلل لاستبداد النظام واستغلاله. كل هؤلاء في المعسكر المضاد للثورة. ومن الطبيعى أن يروا فيها مؤامرة على مصالحهم، بل تهديدا لوجودهم ذاته.
ومن يرون أنها نكبة هم كل من تضرر من عواقب اختطاف الثورة، وليس من الثورة نفسها. هم كل من فقد وظيفته ومصدر رزقه، وعناصر الطبقة المتوسطة الذين اعتصرهم الغلاء، والعمال والفلاحون ضحايا ما يسمى اقتصاد السوق الحر، والمفكرون المستقلون والمثقفون العُضْويِون الذين عانوا من القمع وكبت الحريات العامة على يد الثورة المضادة بدعوى “الحفاظ على الدولة”. هؤلاء جميعا بدرجات متفاوتة هم ضحايا اختطاف أو سرقة الثورة بواسطة عناصر الثورة المضادة. والوضع المتأزم لكل هؤلاء لا يعود إلى الثورة، بل هو نتاج لسرقة الثورة. لكن قوى الثورة المضادة تسعى إلى استقطابهم واستمالتهم الى معسكر الثورة المضادة رغم أنهم أصلا من ضحاياها. وهذا يتم من خلال عملية جهنمية لتزييف الوعى على نطاق واسع، يلعب فيها الإعلام دورا مشبوها.
لقد سُرِقَتْ ثورة يناير مرتين حتى الآن. السرقة الأولى كانت على يد “الإخوان المسلمون”، والسرقة الثانية قامت بها عناصر نظام مبارك. وهذه الأخيرة هي التي تسيطر حاليا على البرلمان والحكومة والاعلام. وهي تطبق نفس سياسات نظام مبارك، و لكن مع درجة أكبر من البطش بذوى الآراء والتوجهات المخالفة بادعاء الحفاظ على الدولة الوطنية. ولذلك فهم يرون أن ثورة يناير كانت مؤامرة. بل إنهم بالفعل حاولوا دفن تاريخ تلك الثورة، وأهالوا عليه التراب بالفعل في ميدان التحرير بدعوى التطوير. ولكن التاريخ لا يفنى أبدا، والثورات لا تموت وإن تعرضت للسرقة مرحليا. هذا أحد قوانين الحركة كما تكشف عنها دراسة تاريخ الثورات. وهذا ما حدث للثورات الكبرى في التاريخ الحديث: الثورة الانجليزية والأمريكية والفرنسة والروسية. وثورة يناير ليست استثناء. هي الآن في مرحلة الانكسار، لكنى على يقين لا يتزعزع بأن مرحلة الانتصار قادمة لا محالة- طال الوقت أو قصر.
حكمة اليوم: (لشاعر الشباب أبوالقاسم الشابى)
إذا الشعب يوما أراد الحياة … فلا بد أن يستجيب القدر

 

تعليق 1
  1. الديوانى يقول

    احدث ٢٥ يناير سواء فى ١٩٥٢ او ٢٠١١ او ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لا تحتاج ان تكون “أعياد” او “ثورة” لتذكرها
    اضافة تلك الاوصاف (“ثورة” ، “انتفاضة” او “عيد”) تستخدم لترويج وجهة نظر معينة من تلك الاحداث وبالطبع ستتغير وجهة النظر مع تغيير النظام الحاكم. هذه الاحداث التى تمر بها الشعوب تعتبر جزء من الذاكرة القومية ويجب “تذكرها” والإشادة به للاجيال الجديدة ولكن ليس كل حدث هام يحتاج ان يصبح “يوم قومي” او اجازة حكومية او حتى “الاحتفال” به. كل دولة لها عيد قومي واحد تحتفل به برفع الاعلام والموسيقى العسكرية ويعبر هذا اليوم عن المواطنة لهذا الشعب. فى حقبة من تاريخ مصر كان يوم “الجلوس على العرش” هو اليوم القومي الذي تغير مرتين ؛ مصر كدولة “ملكية” تم فيها تنصيب ملكين فقط، فواد الاول (فواد الثانى لم يتم تتويجه”) والملك فاروق. ٢٣ يوليو اصبح يوم العيد القومي لمصر على الرغم انه لم يكن اليوم الذي اصبحت فيه مصر جمهورية. بالطبع الطبقات الارستوقراطية او من تبقى منهم والذين استهدفتهم تلك “الثورة” لا “يحتفلون” بهذا اليوم وربما يعتبروه يوم “موامرة او نكبة”. بجانب العيد القومي ، كثير من دول العالم لها يوم قومي “تتذكر” فيه الذي دفعوا ارواحهم دفاعا عن الوطن فى حروبها (فى زي عسكري). على سبيل المثال “تتذكر” الولايات المتحدة فى يوم رسمي الذين ضحوا بارواحهم فى حروبها الكثيرة فى الاسبوع الاخير من كل عام وتتذكر اليها يوم ١١ سبتمبر من كل عام فى الأبرياء الذين سقطوا ضحايا الارهاب فى ٢٠٠١ ولكنه ليس يوم رسمي ولا تعتبرهم “شهداء”.

التعليقات متوقفه