عريان نصيف يكتب : الفلاحون والتأسيسية والدستور

32

طويلا ومريرا كان كفاح الفلاحين المصريين علي مدي تاريخ مصر. ولم يكن هذا الكفاح فقط من أجل حقهم في الأرض والعدل والحياة الإنسانية الكريمة، ولكنه كان – أيضا- من أجل الدفاع عن حرية واستقلال وطنهم ضد أي محتل أجنبي وضد أي معتدي علي أرض وطنهم. وكان أيضا ضد كل حاكم مستبد يحاول أن يطغي علي حقوق الشعب وحريته وكرامته.

وإذا كان دور الفلاحين في مقاومة الاستعمار والعدوان مع باقي شعبهم – منذ الهكسوس حتي الصهاينة، ساطع ومشرف بما لا يمكن معه انكاره وتجاهل تضحياته الغالية، فإن القوي الرجعية – جهلا أو تجاهلا- تحاول أن تطمس نضالهم من أجل الدستور كوثيقة تسجل العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين. ولعل المشاركة المتميزة لفلاحي مصر في معركة الشعب ضد دستور صدقي باشا ومن أجل عودة دستور 1923، كفيلة باقحام المتخرصين المتبجحين.

ومن هنا وبعد ثورة 25 يناير الباسلة ، قدم الفلاحون- من خلال منظمتهم الديمقراطية المناضلة منذ ثلاثين عاما وهي «اتحاد الفلاحين المصريين» رؤيتهم المستقاة من خلال الرصد الميداني لآراء واقتراحات الفلاحين في كل محافظات مصر، مطالبين بتمثيل حقيقي للفلاحين في الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، يتناسب مع حجم الطبقة الفلاحية عددا وإنتاجا وقيمة مجتمعية.

ولكن من تمكنوا من الهيمنة علي مقدرات مصر بعد – وبفضل- ثورة 25 يناير وتضحيات شهدائها ومناضليها- تجاهلوا ذلك بإصرار متبجح، سواء بالنسبة للتمثيل الحقيقي للفلاحين ومنظماتهم في الجمعية التأسيسية ، أو بالنسبة لرؤي الفلاحين التي قدمت بوسائل مختلفة- للمسئولين.

ولذلك.. فإن الفلاحين قد أدانوا منهج إعداد الدستور من خلال لجنة لا تمثل سوي فصيل واحد غير عابئة بتغييب- أو بانسحاب- كل من عداه من ممثلي الأغلبية الساحقة من القوي الاجتماعية والسياسية والفكرية بالمجتمع المصري، وأعلنوا أيضا رفضهم لمشروع الدستور الذي أعدته هذه اللجنة الأحادية التشكيل، ليس فقط وفق اعتراضهم علي تشكيل وانفراد اللجنة، وليس فقط- أيضا- بتجاهل هذا المشروع لمطالبهم وطموحاتهم، ولكن أساسا لما أسفر عنه – بما دون فيه أو بما حجب تدوينه- من ردة وتراجع من مكتسبات وحقوق الشعب المصري كله في حاضر ومستقبل يسودهما العدل والمواطنة والكرامة الإنسانية.

التعليقات متوقفه