آليات عودة الذهب الأبيض إلى الأسواق العالمية

792

هشام مسعد : تواصل دائم مع منظمة ” اليونيدو ” لبدء تطبيق نظام ” قطن أفضل ”

محمد عبد المجيد :تطبيق نظام الزراعة التعاقدية وتشجيع الفلاح للزراعة

مارى بشارة : دعم تمويل صناعة المنسوجات وتقديم تيسيرات جديدة

 

بعد توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال اجتماعه مع وزيري قطاع الأعمال والزراعة، قبل أيام بتطوير محاور منظومة القطن المصري من زراعة وإنتاج وصناعة ، وضح عدد من الخبراء كيفية استعادة القطن المصري عرشه .

فصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة أحد أهم القطاعات الاقتصادية والصناعية التي تضعها الدولة ضمن مخططاتها للنهوض بالصناعة الوطنية

وهو ما جعل الدولة تقوم برصد مبلغ 21 مليار جنيه لتطوير شركات الغزل والنسيج وزيادة معدلات وجودة إنتاجها من خلال إحلال وتجديد لهذه الشركات ودمج بعضها، بالإضافة إلى إنشاء أكبر مصنع غزل ونسيج في العالم بالمحلة الكبرى على مساحة 62 ألف متر بهدف دعم التصدير وزيادة تنافسية المنتج المصري خارجيا.

وسيكون هذا المصنع بمثابة البنية التحتية الأساسية لتصدير المنسوجات والملابس الجاهزة لتتماشى مع خطة الدولة لزيادة الصادرات ومضاعفتها خلال السنوات القليلة المقبلة بالتعاون مع القطاع الخاص وعودة مصر مرة أخرى لريادتها في هذا المجال .

دولة غير منتجة

ومن جانبه قال الدكتور محمد عبد المجيد، مدير معهد بحوث القطن الأسبق، إن مصر كانت تنتج 60% من أجود أقطان العالم، ويتميز القطن المصري بأنه فائق الطول والنعومة ومن أجود أقطان العالم، ولكن في الواقع أننا دولة غير منتجة للقطن الان ولكننا نحن أحد أهم الدول بل رواد في إنتاج أجود أنواع القطن على مستوى العالم،  فينتج العالم 24 مليون قنطار قطن شعر، موضحا إلى أننا نقوم بإنتاج 750 ألف طن قطن، ففي السابق كنا نقوم بزراعة مليون فدان ، عندما كان عدد السكان 20 مليون نسمة، أما الآن تقلصت مساحات القطن المزروعة نظرا للنمو السكاني.

وتابع أن زراعة القطن في الستينيات وحتى السبعينيات، كانت الدولة هي المسئولة عن القطن المصري من حيث الجمع والتسليم والتصنيع والتصدير حتى عام 1994، حيث تم إصدار ثلاثة قوانين خاصة بالقطن وهى: ” القانون رقم 141 والخاص بإنشاء بورصة للأقطان -بورصة البضاعة الحاضرة- وحتى الآن لم تنشأ، القانون رقم 210 لسنة 1994 والخاص بتنظيم تجارة القطن بالداخل، من خلال لجنة تنظيم تجارة القطن بالداخل، والقانون رقم 211 لسنة 1994 والخاص بإنشاء اتحاد مصدري الأقطان وهو موجود ومقره بالإسكندرية.

وأشار إلى أن بعد إصدار تلك القوانين جعلت تجارة القطن تجارة حرة بعد أن خرجت تجارة وزراعة القطن من تحت مظلة الدولة وأدى إلى تصدير القطن خاما كما هو من خلال التجار وليس من خلال الدولة، الأمر الذي أدى إلى اضطرار تلك الشركات القابضة لاستيراد الأقطان الأمريكية.

وطالب بسرعة تعظيم القيمة المضافة للقطن المصري، وأيضا تطبيق نظام الزراعة التعاقدية وإعلان سعر ضمان للمحصول حتى تشجع الفلاح على زراعته وتضمن له هامش ربح مجزيا، مشددا على عدم تصدير محصول القطن كمادة خام، بالإضافة إلى الحفاظ على نقاوته من الغش وعدم خلطه مع الأقطان الأخرى.

ركيزة أساسية

كما قال الدكتور هشام مسعد، مدير معهد بحوث القطن ، إن معهد بحوث القطن يملك خطة لتطوير صناعات القطن في مصر من خلال التركيز على مزارع القطن كركيزة أساسية في سلسلة قيمة القطن، وأيضا تنمية الظروف والبيئة المحيطة، مبينا أنه في السنة الماضية عمل المعهد كمركز للمزارعين وساهم في نشر أفضل ممارسات الإنتاج، والتقليل من استخدام المياه والمبيدات والأسمدة.

وأوضح أن المعهد في تواصل دائم مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ” اليونيدو ” ومبادرة قطن أفضل ويعطى الأولوية للمساعدة والتعاون معهما لبدء تطبيق نظام ” قطن أفضل ” في مصر حتى تغطية جميع مناطق إنتاج القطن في مصر بنظام المبادرة والتوسع في الخريطة الإقليمية لاحقا .

وأشار إلى أن المبادرة بدأت من الموسم الماضي وهى مبادرة دولية ومقر المنظمة في جنيف ولندن وعدد الدول المشتركة بها ٢١ دولة ، وعدد المزارعين بها ٢ مليون تنتج 5٫1 مليون طن وتمثل ١٩% من حجم الإنتاج العالمي .

وأوضح أن هذه المبادرة ترعاها ماركات عالمية وهى في توسع مستمر وأهميتها لمصر أنها تفتح مجالا موازيا للطرق العادية للتصدير، لأن تلك الماركات تشترط إنتاج القطن تحت مبادئ تلك المبادرة، كما أن أكبر شركتين في مصر ” النيل الحديثة و الكان لتجارة الأقطان “، سجلتا فيها رسميا سعيا لإنتاج قطن في إطار هذه المبادرة.

توفير احتياجات المزارعين

أما حسين أبو صدام ، نقيب الفلاحين، فقال إن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى المستمرة بالنهوض بالقطن المصري،  تعيد للذهب الأبيض مكانته، وتطوير منظومة القطن في مصر والتوجه لزيادة المساحات المزروعة منه، لتلبية الاحتياجات الصناعية والتجارية، لافتا إلى ضرورة عودة زيادة المساحات المزروعة من القطن تستوجب تحفيز وتشجيع الفلاحين علي زراعته مرة أخري .

وأضاف أن المساحات المزروعة من القطن بدأت تتناقص، بعد الانتعاشة التي حدثت عقب توجيه الرئيس قبل زراعة موسم 2018، ووضع الحكومة سعر ضمان لقنطار القطن بوجه بحري 2700جنيه وسعر2500 لقنطار القطن لوجه قبلي، والذي زادت عقب ذلك مساحة زراعة القطن إلي 336 ألف فدان بعد سنوات عديدة من تقلص المساحات المزروعة منه .

وأوضح أن المساحة المزروعة نقصت نحو 100 ألف فدان عام2019 فوصلت 236 ألف فدان فقط نتيجة لعدم وفاء الحكومة بالشراء بسعر الضمان، وعدم الالتفات لما حذرنا منه من عزوف الفلاحين عن زراعة القطن لتدني أسعاره وتعرضهم لخسائر كبيرة، بسبب بيعهم المحصول بأسعار تقل عن ثمن تكلفة زراعته وتحقق لهم هامش ربح مجزيا، بالإضافة إلى تقلص المساحة المزروعة للعام الثاني على التوالي بموسم2020 الي180 ألف فدان فقط نتيجة لنفس الأسباب مع اتجاه وزارة قطاع الأعمال لإتباع نظام المزايدة الذي ثبت فشله لارتباطه بالسعر العالمي لمتوسط سعر القطن انديكس A الأقل سعرا و تجاهله نص المادة 29من الدستور التي تلزم الدولة بشراء المحاصيل الأساسية بهامش ربح .

وتابع أن محصول القطن أحد المحاصيل المهمة والإستراتيجية، حيث يساعد علي خفض نسبة البطالة، لأنه محصول كثيف العمالة متعدد الاستخدامات، بالإضافة إلي أنه المحصول الأهم عالميا ومحليا في إنتاج المنسوجات، كما أنه يساعد في إنتاج الأعلاف من سيقانه و أوراقه وكسبة بذرته بعد عصرها و إنتاج الزيت من بذوره، موضحا أن القطن يضخ مبالغ ضخمة من العملة الصعبة لخزينة الدولة في حالة تصديره لأنه يتمتع بسمعة عالمية جيدة .

وأكد أن الحكومة بذلت في الفترة الأخيرة بعض الجهود لعودة زراعة القطن منها استنباط أصناف جديدة من التقاوي عالية الإنتاجية ومبكرة النضج، تصل إنتاجيتها الي10قناطير للفدان مع بعض الجهود ، لإدخال الماكينات الآلية لجني المحصول حيث يلتهم الجني اليدوي أكثر من ثلث عوائد المحصول، ففدان القطن يحتاج نحو 50عاملا لجمعه بمبلغ يصل إلى 5آلاف جنيه، كما تتجه الحكومة لتطوير محالج ومغازل القطن وتشجيع المصانع المحلية، لاستخدام القطن المصري بديلا عن المستورد الذي حل محله في السنوات الأخيرة .

وطالب بتوفير احتياجات مزارعي القطن من تسويق ووضع سعر ضمان مناسب وتوفير المبيدات اللازمة بكميات كافية وأسعار مناسبة وتوفير آلات الجني الآلي بكميات كافية وأسعار مناسبة، مع الاهتمام بالعلماء والباحثين ماديا ومعنويا في مجال استنباط أصناف جديدة من الأقطان عالية الإنتاجية والمتطورة، لتشجيعهم علي الاستمرار في جهودهم الكريمة بهذا المجال مع تعديل التشريعات والقرارات التي تعرقل نجاح منظومة تطوير زراعة القطن.

تحديات

ومن جانبها أكدت مارى لويس بشارة، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة ، أن زيادة الصادرات في مختلف القطاعات ومضاعفتها خلال السنوات القليلة القادمة، والنهوض بالصناعة الوطنية وتعزيز قدرتها التنافسية في مختلف الصناعات، أحد أهم أهداف الدولة خلال الفترة المقبلة، ومن أهم هذه القطاعات يأتي قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة ، والتي تسعى الدولة لتطوير مصانعها القومية للمشاركة بجانب القطاع الخاص من أجل تحقيق هذا الهدف.

وأشارت إلى أن هناك تحديات كثيرة تواجه قطاع صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة متمثلة في ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة المصروفات التي تشكل عبئا على الصناعة وتزيد من تكلفة الدقيقة التشغيلية داخل المصانع، مما يجعل القطاع ومنتجاته خارج المنافسة الخارجية وتحد من القدرة التنافسية للصناعة الوطنية .

وتابعت أن المجلس وضع خطة للنهوض بصادرات القطاع ومواجهة التحديات في ظل أزمة كورونا، أهمها ضرورة تفعيل مبادرات تدعم القطاع وتساعد في حماية الصناعة وقت الأزمات وترفع معدلاتها وتدعم التوسعات الاستثمارية للشركات تقدم بها المجلس للبنك المركزي تتمثل في تفعيل مبادرات تمويلية ممثلة في مبادرة إطلاق مبادرة تسهيل ائتماني بسعر عائد 5% تستفيد منها كل المشروعات الصناعية بالإضافة إلى دعم تسهيل ائتماني على الدولار بنسبة 1% .

وقالت إن قطاع الصباغة والتجهيز يعانى عدة مشكلات منها تهالك المعدات ، مما يؤثر على المنتج النهائي ويؤدى إلى استيراد كميات مهولة من الخامات لمصانع الملابس المصدرة والمغذية للسوق المحلية ، والتي تعتمد بنسبة 80% على واردات خاماتها ومستلزمات المنتج الرئيسي من الصين وتركيا ودول الشرق الأوسط و تأجيل أقساط التسهيلات الائتمانية لمدة 6 أشهر، كما كان معمولا به في بداية جائحة كورونا ، نظرا لتأثر القطاع بتداعياتها السلبية حتى الآن

ارتفاع التكاليف

وأضافت أنه من ضمن التحديات التي تؤثر على ارتفاع تكاليف الإنتاج هي أسعار الغاز الحالية حيث تصل إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية مما يحمل القطاع أعباء مالية، وبالتالي فإن الحل لهذه المشكلة يتمثل في تخفيض أسعار الغاز لتصبح 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، لتقليل سعر دقيقة الإنتاج لتحقيق هدف منافسة الصادرات المصرية مع دول العالم المستحوذة على صادرات المنسوجات والملابس وتثبيت سعر الكهرباء لمدة عامين لتجنب زيادة الأسعار، بالإضافة إلى فرض رسوم استثمارية على شراء بعض المعدات الموفرة للطاقة والحل يكمن في إلغاء الرسوم الاستثمارية على هذه المعدات حتى تقل التكاليف والمصروفات الخاصة بالمصانع، وكذلك ضرورة إعطاء مهلة ٦ أشهر للمصانع لسداد فواتير الكهرباء والمياه والغاز والتأمينات الاجتماعية بدون فوائد ، نظرا للظروف الصعبة التي مر بها القطاع خلال العام الماضي ومستمرة حتى الآن .

وشددت أن هناك بعض التحديات والمعوقات المتعلقة بتأخر صرف المساندة التصديرية وعدم تحديد مدة زمنية من قبل الصندوق لاعتماد أوراق الشركات المستحقة وضرورة صياغة واعتماد برنامج مساندة الصادرات الجديد على مشحونات ١ يوليو ٢٠٢٠ وإضافة برنامج المساندة التصديرية لمستلزمات الملابس الجاهزة من 1 يوليه ٢٠٢٠، كما كان معمولا به في السنوات السابقة قبل عام ٢٠١٩، أو اعتماد مقترح برنامج المساندة الجديدة الذي أرسله المجلس ديسمبر الماضي، ووضع آلية عاجلة لصرف ملفات الدعم، التي تقدم في غضون أسبوعين كحد أقصى من تاريخ تقديم الملف حتى يتمكن المصدرون من إدراج تلك النسب في إيراداتهم ويحسن من معدلات التدفقات النقدية لهم ويدعم قدرتهم على المنافسة الخارجية، بالإضافة إلى ضرورة زيادة المساندة التصديرية المخصصة لصادرات الملابس الجاهزة بنسبة 50% خلال العامين٢٠٢١/٢٠٢٠ ، نظرا لتفشى فيروس كورونا .

وتابعت أنه مثلما حدث وقت الأزمة المالية العالمية وإدراج برنامج مستلزمات الملابس الجاهزة لبرنامج المساندة التصديرية الجديد بداية من 1يوليو 2020 وإعادة النظر في الرسوم المفروضة على المجمعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة ومستلزمات الملابس بمنطقة المطورين الجنوبية بالعاشر من رمضان واعتماد آلية واضحة لاحتساب الهالك والفاقد في الصناعات النسجية .

وأشارت إلى أن الأعباء الفائقة التي تتحملها وزارة المالية للقطاع لا يستطيع القطاع تحملها وتحقيق أرقام صادرات جيدة خاصة في الوقت الراهن وتفشى أزمة كورونا من خلال فرض رسوم جمركية وارتفاع قيمة الضرائب المستحقة مثل ضريبة القيمة المضافة والضريبة العقارية مع طول مدة الفحص الضريبي، بالإضافة إلى غرامات التأخير، التي فرضتها المالية نتيجة تأخر مأموريات الضرائب في إنهاء مراجعة ضرائب الدخل عن أعوام سابقة وتم الانتهاء منها مؤخرا للدخول في نظام الميكنة الجديد، وبالتالي تم تقدير غرامات تأخير على المصانع تصل في مبلغها قيمة الأصل، بالإضافة إلى ارتفاع الرسوم المفروضة على عملية التخليص الجمركي وفرض رسوم إضافية على كل شهادة يتم استخلاصها ومنها تحصيل ضريبة جمارك وتحصيل ضريبة مبيعات ورسوم النافذة الواحدة، وأيضا رسوم الأرضيات نتيجة تأخر الإفراج، حيث تتكلف مصاريف الإفراج الجمركي للشهادة الواحدة 2500 جنيه سواء كان واردا أساسيا أو مؤقتا.

وأوضحت أن هناك بعض المشكلات في قانون الجمارك رقم 207 لسنة 2020 الخاصة بزيادة قيمة الغرامات للأخطاء غير المقصودة المبالغة في رسوم النافذة الواحدة وإعادة التصدير خلال سنة ونصف السنة من تاريخ الإفراج، لافتة إلى أن ارتفاع المصروفات والرسوم المبالغ فيها في كل اتجاه يجعل المصنع يبيع بدون أي هامش ربح لمجرد الحفاظ على استمرارية العمل وهذا يتعارض مع النهضة الصناعية التي تنشدها الدولة .

التعليقات متوقفه