أمينة النقاش تكتب:حين يصبح الإرهاب حقا من حقوق الإنسان!..لاحياء فمن تنادى

820

ضد التيار
حين يصبح الإرهاب حقا من حقوق الإنسان!..لاحياء فمن تنادى

أمينة النقاش
ليس هناك خطأ فى الجملة السابقة ، فهى تحوير لبيت الشعر العربى القديم الذى يسخر من إضاعة الجهد مع من لا رجاء فيه. وأصل البيت يقول :لقد اسمعت لوناديت حيا ،ولكن لاحياة لمن تنادى ، ولونار نفخت بها أضاءت ، ولكن أنت تنفخ فى الرماد .والجملة وبيت الشعر ينطبقان تماما على تحرك إدارة الرئيس الأمريكى بايدن لفتح أرشيف مخابراتها ،لتستيف عرائض إدانة لمصر والسعودية ودولة الإمارات فى ملف حقوق الإنسان . ولا يخفى عن إدراك متابع فطن علاقة ذلك التحرك بتحريضات قوى الضغط داخل الحزب الديمقراطى وخارجه ، وجماعة الإخوان المتنفذة فى إدارته، والمؤسسات البحثية والحقوقية ، التى تنعم بأموالها .و بعد أيام قليلة ،لم تتأخر واشنطن عن التوقيع على البيان المشترك االصادر عن 31 دولة أوروبية ، وتمت قراءته أمام اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى جنيف الجمعة الماضى، وتنتقد فيه أوضاع حقوق الإنسان فى مصر ، على الرغم من أنها ليست عضوا بالمجلس الدولى ، ولا تمتلك به سوى صفة مراقب.ليس هذا فقط ، بل أيضا التجاهل المتعمد لردود الحكومة المصرية على تلك الاتهامات المرسلة ،بتطبيق قانون الإرهاب على المعارضين . فقد استجابت لنحو 300ملاحظة من بين 341ملاحظة للمجلس الدولى ، بعضها يتعلق بفروق ثقافية بين الدول ،مثل حقوق المثليين والغاء عقوبة الإعدام ، التى طالما تحفظت عليها الدول الإسلامية .فضلا عن الخلط المقصود بين الحق فى مكافحة الإرهاب،والدفاع عن مرتكبيه وتدليعهم باسم “نشطاء”، وكأن العمل الإرهابى أضحى حقا من حقوق الإنسان!
قبل أيام رأيت فيلما تسجليا عن السجون فى أمريكا ، كشف أن الولايات المتحدة بالرغم من أنها دولة بمثابة قارة ، لا تتسم بالكثافة السكانية العالية ،حيث يبلغ عدد سكانها نحو 330 نسمة ،فهى تمتلك أكبر عدد من السجون فى العالم ، وان بسجونها نحو ثلث النساء السجينات على المستوى الدولى ، وأن ظروف السجناء المعيشية مزرية .ولايملك سوى الأثرياء فقط، الفرص لتوكيل محامين للدفاع عن قضاياهم ، للارتفاع الهائل فى تكاليفها .والسلطات الفيدرالية تكيد للمواطنين، وتوقع بهم وتتهمهم بأبشع التهم، ومنها القتل لمجرد الشبهات ،لكى ترفع عن كاهلها الاتهام بالتراخى عن البحث والتحرى، وانعدام الكفاءة المهنية .وأن المحاكم تصدر أحكاما قاسية لمجرد بؤس هيئة المتهم، وشكل ملابسه المتواضع، وطبعا لونه.
وما جرى فى سجن أبو غريب ولايزال يجرى فى معتقل جوانتانامو،ليس بعيدا عن السجل المخزى لحقوق الإنسان فى الولايات المتحدة الأمريكية فى معظم إداراتها ، لافرق فى ذلك بين الجمهوريين والديمقراطيين .
وصرعة حقوق الإنسان التى انتابت الرئيس الديمقراطى ، ودفعته للافراج عن تقرير مخابراتى عن مقتل خاشقجى ،يحفل بالاتهامات المبهمة لولى عهد الممملكة السعودية الأمير محمد بن سلمان، ولا يقدم أدلة علي ثبوتها ، تجاهلت وهو يوقع على قرارات الغاء أوامر سلفه ترامب ،وعده الانتخابى بإغلاق معتقل جوانتانامو. كما تغاضت عن الغزو الاستعمارى للعراق بالتحالف مع الدول الغربية بمزاعم امتلاكه لسلاح نووى وأكاذيب ومصالح شركات رجال السلطة ،كما كشف ذلك بوضوح الفيلم الأمريكى “نائب”عن ديك شينى نائب الرئيس الأسبق بوش الأبن .
أما مانتج عن الغزو من تحطيم جيش العراق ومؤسساته وسرقة نفطه وآثاره ومقتل نحو نصف مليون من مواطنيه، وهجرة عدة ملايين من سكانه ،وإشعال حرب طائفية ومذهبية بعد تمدد داعش وتعزز النفوذ الإيرانى به ، فليس من حقوق الإنسان ، بل من حقوق قوى استعمارية غاشمة ،تحل مشاكلها الداخلية ،بالتجاوز على حقوق الآخرين !
“صرعة “بايدن وحلفائه الغربيين الحقوقية ، لا حياء فيها ، ولا علاقة لها بالمبادئ السامية لحقوق الإنسان ،التى أرستها المواثيق الدولية ، حين أكدت أنه لايحق لأي دولة ،ان تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر ، ولأى سبب كان ، فى الشئون الداخلية والخارجية لأي دولة أخرى . بل هى جزء من معركة داخلية ، لا أفق لإنتهائها ،لتصفية حسابات الديمقراطيين مع إدارة ترامب ، ومنعه من إعادة ترشيح نفسه. و هى صرعة تحشد ضد ولى العهد السعودى، بينما يقود ثورة اصلاحية لتحديث المملكة ، وتطوير اقتصادها تماشيا مع مرحلة ،مابعد نضوب النفط ، و بينما دولة الإمارات العربية يحط مسبارها “الأمل “على كوكب المريخ ،لتوظف المعرفة والتكنولوجيا والعلم لخدمة تقدمها الاقتصادى .
أما مصر فتمضى قدما فى مشروعها التحديثى والحضارى ، بعد أن استوعبت شعبا وجيشا ودولة ،دروس الفوضى المدمرة التى عممتها واشنطن بمساندة غربية فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفغانستان، وهى باتت تملك من القدرة والقوة، ما يحق معه لنوابها ،أن يذكروا الدول الغربية ،بأن من كان بيته من زجاج ،لا يقذف الآخرين بالحجارة .

التعليقات متوقفه