شاكر عبد الحميد رحيل صادم للوسط الثقافي المصري والعربي.

791

إبراهيم عبد المجيد: ابن جيلي الذي يؤمن ويتبني فكرة الوحدة بين الفنون والآداب.
حسن الجوخ: أسلوبه العلمي في التناول والنظر والتدقيق في الأعمال الأدبية

تحقيق: أمل خليفة
رثاه أصدقاؤه وتلاميذه ومحبوه علي صفحات مواقع التواصل الإجتماعي بالعديد من الصفات الحميدة، وأجمع الكل على أنه النبيل الرحيم المحترم العادل المهذب المثقف الكبير والعالم الجليل غزير المعرفة واسع الثقافة أحد كبار التنويرين في العصر الحديث ،إنه المفكر وأستاذ النقد دكتور شاكر عبد الحميد الذي أثري المكتبة العربية بمؤلفاته ودراساته النقدية وترجماته الثرية عن علم نفس الإبداع.
أكد الكاتب والروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد على أن تجربة دكتور شاكر عبد الحميد هى تجربة عظيمة جدًا في تفاصيلها، قائلًا: شاكر كان من نفس جيلي هذا الجيل الذي يؤمن بالوحدة بين الفنون والآداب، بمعني وجود إتصال بين الفن بكل أنواعه، وبين الأدب بكل فروعه وبين الفنون وبعضها مثل المسرح والسينما والفن التشكيلي، وبين الآداب وبعضها علي سبيل المثال بين الشعر والقصة والرواية، أي وجود علاقة ما بين كل فن وآخر وبين كل أدب وآخر وبين الأدب والفن بشكل عام.
وأشار عبد المجيد إلى تلمذة دكتور شاكر علي يد دكتور “مصطفي سويف” مؤسس اكاديمية الفنون المصرية وأول رئيس لها، وبالفعل كان شاكر أستاذا في علم نفس الابداع أي الدراسة النفسية للإبداع الأدبي التي حضر فيها دراسته للماجيستير والدكتوراه، ولذلك كان كتابتهِ الابداعية عميقة جدًا، لدرجة أنها كانت تتناول العلاقات بين الفنون والآداب بعمق وتبحر أكاديمي شديد وغزارة ثقافية فمثلاً بجانب ” الأسس النفسية للإبداع الأدبي في القصة القصيرة” له عناوين أخري مثل “دراسات في القصة والرواية العربية” المفردات التشكيلية “الحلم والرمز والأسطورة” “عصر الصورة الإيجابيات والسلبيات” “الأدب والجنون” “الفنون البصرية وعبقرية الإدراك” “الفن والغرابة” و”الفن وتطور الثقافة الإنسانية” “الحلم والكيميا والكتابة” في عالم محمد عفيفي مطر وآخر كتاب عظيم أنجزه هو كتاب “الدخان واللهب” عن الابداع والاضطراب النفسي، وله كتابان مترجمان في الخارج أحدهما في عالم الكتب والثاني لا أتذكر مكانه الآن، هذا بالإضافة إلي ترجماته فقد قام بترجمة كتب في اطار حفاظه علي الوحدة بين الفنون منها علي سبيل المثال “الأسطورة والمعني” لكلود ليفي شتراوس، سيكولوجية فنون الأداء لجلين ويلسون ،بيولوجيا السلوك الديني لجي آر فيرمان إلخ ولديه العديد من الأبحاث في نفس المضمار.
وأستطرد عبد المجيد قائلًا: شاكر عبد الحميد كان لديه طريق مختلف متعمق فيه ولديه المئات من الأبحاث منشورة في مجلات مصرية وعربية وعالمية لم تجتمع حتي الآن في كتاب بالاضافة لكتبه فهو لديه ما يقرب الأربعين كتابا ، وهذه كانت ميزة عظيمة، كما إن له حوالي ما يقرب عشرة كتب مترجمة غير الكتب التي لم تصدر بعد وحوالي ثمان وعشرين كتابا، فكانت تجربته عظيمة جدًا، فهو لم يشغل نفسه بشيء غيرها ،فرغم توليه العديد من المناصب، أستاذ جامعي، وعميد، وأمين عام المجلس الأعلي للثقافة ووزير وخلافه، إلا إنه لم يكن مشغولا بالحصول على المناصب، ولكن كان كل إخلاصه مُنصبا علي مشروعه الابداعي في جزئية الوحدة بين الفنون.
“النقد الحديث”
وفي نفس السياق أضاف الكاتب والناقد حسن الجوخ قائلًا: يعد دكتور شاكر عبد الحميد أحد أعمدة النقد الحديث نظرًا لألمامه الواعي بنظريات علم النفس وبعض النظريات الفلسفية، وهو من الشخصيات الجادة التي تأخذ نفسها بكل جدية فيما تتناوله من أعمال أدبية أو فلسفية أو منهجية. هذا الرجل يعتبر موسوعة شبه متكاملة لنظريات علم النفس سواء علم نفس الإبداع أو علم نفس التربية أو علم نفس الشخصية بشكل عام، و رغم إنه تربي ونشأ في الجامعات المصرية إلا إن أسلوبه العلمي في التناول والنظر والتدقيق في الأعمال الأدبية أو غيرها يعتبر سابقا لعصره وربما يضارع بعض الجامعات العالمية، رغم إنه لم يخرج إلى الجامعات العالمية، ولم يسافر في بعثات علمية إلى الخارج، ولو خصصت جائزة “معتبرة” في علم النفس لحصل عليها دكتور شاكر عبد الحميد بجدارة.
وأستطرد الجوخ قائلاً: دكتور شاكر عبد الحميد كان من الشخصيات الدمثة الأخلاق المتواضعة إلي أبعد حد المبتسم دائمًا. الذي يتميز بروح إنسانية عالية وتواضع ربما لم يكن لأحد غيره من أساتذة الجامعة. رحم الله الصديق الناقد والدارس الواعي الدكتور شاكر عبد الحميد.
“مثقف متميز”
وفي نفس السياق قال الناقد الدكتور مدحت الجيار ان المرحوم الدكتور شاكر عبد الحميد أحد المثقفين المصريين المتميزين، وتميز أكثر داخل تخصصه في علم النفس حيث تخصص في علم نفس الابداع ليربط ما بين ما يعرفه في علم النفس وما يعرفه في الفنون والآداب، وله كتب كثيرة جدًا تغطي مجموعة كبيرة جدًا من الكُتاب ومجموعة كبيرة من الفنانين التشكيلين وأضاف إليها كتباته عن أدب الأطفال في مراحل عمرية مختلفة، وفن الأطفال.
وأضاف الجيار قائلاً: إن الدكتور شاكر عبد الحميد هو أحد أساتذة الجامعات المصرية الذين تميزوا بالدقة وبالارتباط الشديد بأعماله وتلاميذه فأشرف على العشرات من الرسائل الجامعية وشارك في كل المؤتمرات والندوات التي اقيمت في مصر وفي غيرها من البلدان العربية.
فهو موسوعة وهو أحد حلقات سلسلة مهمة من علماء النفس المصريين والعرب وخاصة من مدرسة أستاذنا الدكتور مصطفي سويف التي تخرج فيها دكتور شاكر عبد الحميد.
وأكد دكتور مدحت علي أن رأي دكتور شاكر عبد الحميد حول النقد وضرورة ألا يكون نقدا سلطويا أو أبويا بل يكون دور النقد في المقام الأول في تفسير النص وإبراز جمالياته قائلاً: بالطبع رأيه سليم بمعني ان الناقد لابد أن يتواصل مع علاقات النص من الداخل والخارج دون أن يحكم حكما سياسيا أو حكما اقتصاديا، ولكن عليه أن يحكم حكمًا فنيًا أو أدبيًا في العلاقات الموجودة داخل النص.

التعليقات متوقفه