د. جودة عبدالخالق يكتب:يوم الأرض العالمى

858

لقطات

يوم الأرض العالمى

جودة عبدالخالق

وافق الخميس الماضى 22 أبريل يوم الأرض العالمى «وهذا خلاف يوم الأرض للفلسطينيين الذى يوافق الثلاثين من مارس كل عام»، وهى مناسبة تحتفل بها دول العالم في نفس التاريخ منذ عام 1970، استنكارا للأضرار البيئية الكبيرة التي نتجت عن تسرب كبير للبترول الخام من أحد الحقول في قنال سانتا باربارا قرب الساحل الجنوبى لكاليفورنيا. وفى كل عام يتم اختيار تيمة للاحتفال وتصميم شعار مُوحٍ بهذه التيمة. وبالنسبة لهذا العام، تم اختيار تيمة «لنسترجع كوكبنا»، إشارة إلى أن بيئة كوكب الأرض قد تعرضت للتدمير الشديد بفعل السلوك البشرى. وان المطلوب الآن تصحيح هذا الوضع واستعادة الحيوية لهذه البيئة. كذلك فإن مناخ كوكبنا قد تعرض لضغوط حادة كانت محصلتها الزيادة المفرطة في انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وما صحبها من ارتفاع درجة الحرارة بما يهدد استمرار حياة البشر على سطح الأرض. ومن هنا كان اتفاق باريس للتغير المناخى عام 2016، الذى يستهدف تخفيض معدلات انبعاث تلك الغازات خصوصا ثانى أكسيد الكربون.

موضوع يوم الأرض العالمى هذا العام يشدد على إجراءات وقف تدهور بيئة الكوكب عن طريق مكافحة التغير المناخى، وليس من خلال التكيف مع هذا التغير. واستهدفت الاحتفالات التى تستمر أسبوعا التأكيد على المسئولية البيئية للناس، وتنمية وعيهم البيئي، وحفزهم على القيام بكل ما يمكنهم لتخضير الكوكب- ولو بزرع شجرة. وهذا العام شارك محرك  البحث Google في الاحتفال بيوم الأرض بتغيير شعاره فوضع مكانه فيديو قصير يُظهر الكبار وهم يزرعون الشجر ويعلمون الصغار، ويكبر الصغار وتكبر معهم الأشجار. وفى عدة بلاد كانت هناك فعاليات مستوحاة من تيمة يوم الأرض «لنسترجع كوكبنا». فمثلا، في الفلبين وَجَّه رئيس البلاد رودريجو دوتيرته رسالة الى مواطنيه بهذه المناسبة، ذكَّرَهم فيها «بمسئوليتنا تجاه كوكبنا»، وحثهم على انتهاز مناسبة يوم الأرض للعمل من أجل بناء اقتصادٍ مرنٍ بيئياً.

وللأسف جاء تعاملنا مع هذه المناسبة الهامة دون المستوى. فقد لقيت المناسبة بتغطية إعلامية باهتة، واهتمام رسمي ضئيل. وكأننا لا نعيش عالمنا. وتوارى الاهتمام بهذه المناسبة الخطيرة وسط صخب مسلسلات ما يسمى الدراما الرمضانية. وغابت أهمية الحدث بالنسبة لنا عن أذهان كبار مسئولينا. فلا رئيس الجمهورية وَجَّهَ، كما يفعل دائما، بضرورة اتخاذ الإجراءات والتدابير التي تترجم مغزى هذا اليوم ودلالته. ولا رئيس الوزراء انتبه الى خطورة المناسبة وأهمية الحدث بالنسبة لنا. فمصر من أكثر دول العالم تضررا من الآثار السلبية الناتجة عن التغير المناخي. وتتمثل هذه الآثار في ارتفاع مستوى سطح البحر، والفقر المائي، وتدهور الصحة العامة، وكل ذلك يؤثر سلبا أيضاً على أمنها الغذائي.

كما أن مصر تتعرض لتهديد وجودى بمناسبة إنشاء سد النهضة الأثيوبى. ولم يهتم بالمناسبة من مسئولينا إلا وزيرة شئون البيئة، التي أشارت في بيان الكترونى لها على صفحة الوزارة إلى “إمكانية المشاركة بأنشطة… تسهم في إنقاذ الطبيعة”. مثل ترشيد استهلاك الطاقة، وزراعة النباتات والأشجار، وترشيد استهلاك الماء والطعام وإعادة التدوير، وغيرها.

وبمناسبة يوم الأرض العالمى، أود أن أنبه إلى مشكلة بيئية شديدة الخطورة، ألا وهى إفراط مجتمعنا في استخدام البلاستيك في حياتنا اليومية. فمعلوم أن البلاستيك يلحق ضررا شديدا بصحة الإنسان وبالبيئة. بالنسبة للإنسان، يزيد البلاستيك من احتمالات الإصابة بالزهايمر وبعض أنواع السرطان. وعلى صعيد البيئة، يتسبب البلاستيك في تلويث الهواء والماء والتربة خصوصا مع صعوبة تحلله؛ إذ يستغرق من مائة الى ألف عام لكى يتحلل. وتتسبب المواد البلاستيكية التي تلقى في البحر في قتل ملايين الكائنات البحرية سنويا وخنق الشعاب المرجانية. ورغم إصدار قانون شؤون البيئة رقم 4 لسنة 2009 وإنشاء جهاز شؤون البيئة لكى يشرف على تطبيق القانون، إلا أن هذا غير كاف للتعامل مع هذا الملف الخطير. ولا بد من سن تشريع يحظر استخدام البلاستيك حظرا تاما، كما فعلت دول كثيرة متقدمة ونامية «مثل مالطة». إن الكفاح من أجل البيئة هو لب القضية ومربط الفرس.

حكمة اليوم: “إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليزْرَعَها”.  «حديث شريف»

التعليقات متوقفه